ريما الحندءة
15-01-2009, 09:30
لعل حسن المنطق أو سوءه، هما العاملان الرئيسيان في الاتفاق بين الناس أو الاختلاف، فكثير من الأشياء يتوقف قبولنا لها أو رفضنا إياها على الطريقة التي تطرح بها أمامنا والصورة التي تعرض فيها علينا، وأذكر أنه كانت لي زميلة أوتيت من اللباقة ما كان يجعلها قادرة على أن (تسوق) علي كثيراً من المقترحات، التي ربما لو جاءتني مطروحة بشكل مختلف لما قبلتها.
حسن المنطق يخلق حالة نفسية بديعة تهيئ الذهن لتقبل ما قد يكون صعباً قبوله، وهو في بعض الأحيان لا يقتضي أكثر من مجرد التلاعب بالألفاظ كأن تقول: «لعلي لم أوضح جيداً ما أريد قوله»، بدلاً من أن تقول: «إنك لا تفهم ما أقول»، فالعبارة الأولى تضع اللوم على الذات، أما الثانية فتضع اللوم على الآخر، وهذا وحده يجعل المتلقي لا يمانع في أن يستمع بصدر رحب إلى ما تريد طرحه.
لكن اللباقة في القول أو حسن المنطق على ما قد يظهر فيهما من بساطة، هما في الواقع ليسا كذلك، فليس بالأمر الهين أن يكون الإنسان لبقاً مجيداً للحوار، فهذه السمة هي بالدرجة الأولى هبة فطرية من الله سبحانه، إلا أن ما لا يؤخذ كله لا يترك جله، وإذا لم يكن الإنسان في فطرته ممن أوتوا اللباقة وحسن المنطق، فلا أقل من محاولة تدريب الذات على ذلك، فالإنسان لا يكفيه أن يقول إني مخلص، أو إن نيتي طيبة، أو إني أهدف إلى الصالح العام، أو غير ذلك من المبررات التي تجعله يرتكز على أن الحق معه ومن ثم لا حاجة له إلى الكياسة أو اللباقة عند عرض أفكاره.
لو مضينا نتتبع كثيراً من الخلافات التي تنشب بين الناس، سواء في النطاق الضيق داخل الأسرة أو داخل بيئة العمل، أو على نطاق أوسع مثل ما يحدث عند التفاوض حول الاتفاقيات الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، لوجدنا أن كثيراً من العوائق كان بالإمكان هزيمتها والتغلب عليها لو أن المتفاوضين ملكوا قدراً أكبر من الكياسة وحسن المنطق. وهو أمر لا بد من توفره في جميع الأطراف، لأن وجوده لدى طرف واحد، هو وإن كان أفضل من عدمه، إلا أنه لا يكفي، فاتخاذ القرارات المشتركة وعقد الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية، في حاجة إلى لباقة وكياسة جميع الأطراف.
لعل بعضا منكم يتوقع مني الآن أن أرشده إلى كيفية اكتساب هذه المهارة، حسناً، أمامكم كثير من الكتابات النفسية حول أساليب التعامل، وهناك كثير من الدورات التدريبية المتاحة في هذا المجال، ولكن قبل هذا وذاك، من المهم مراقبة الذات ومحاسبتها باستمرار على ما قد يبدو منها نابياً أو غير لائق في حق الآخرين.
منقول
حسن المنطق يخلق حالة نفسية بديعة تهيئ الذهن لتقبل ما قد يكون صعباً قبوله، وهو في بعض الأحيان لا يقتضي أكثر من مجرد التلاعب بالألفاظ كأن تقول: «لعلي لم أوضح جيداً ما أريد قوله»، بدلاً من أن تقول: «إنك لا تفهم ما أقول»، فالعبارة الأولى تضع اللوم على الذات، أما الثانية فتضع اللوم على الآخر، وهذا وحده يجعل المتلقي لا يمانع في أن يستمع بصدر رحب إلى ما تريد طرحه.
لكن اللباقة في القول أو حسن المنطق على ما قد يظهر فيهما من بساطة، هما في الواقع ليسا كذلك، فليس بالأمر الهين أن يكون الإنسان لبقاً مجيداً للحوار، فهذه السمة هي بالدرجة الأولى هبة فطرية من الله سبحانه، إلا أن ما لا يؤخذ كله لا يترك جله، وإذا لم يكن الإنسان في فطرته ممن أوتوا اللباقة وحسن المنطق، فلا أقل من محاولة تدريب الذات على ذلك، فالإنسان لا يكفيه أن يقول إني مخلص، أو إن نيتي طيبة، أو إني أهدف إلى الصالح العام، أو غير ذلك من المبررات التي تجعله يرتكز على أن الحق معه ومن ثم لا حاجة له إلى الكياسة أو اللباقة عند عرض أفكاره.
لو مضينا نتتبع كثيراً من الخلافات التي تنشب بين الناس، سواء في النطاق الضيق داخل الأسرة أو داخل بيئة العمل، أو على نطاق أوسع مثل ما يحدث عند التفاوض حول الاتفاقيات الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، لوجدنا أن كثيراً من العوائق كان بالإمكان هزيمتها والتغلب عليها لو أن المتفاوضين ملكوا قدراً أكبر من الكياسة وحسن المنطق. وهو أمر لا بد من توفره في جميع الأطراف، لأن وجوده لدى طرف واحد، هو وإن كان أفضل من عدمه، إلا أنه لا يكفي، فاتخاذ القرارات المشتركة وعقد الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية، في حاجة إلى لباقة وكياسة جميع الأطراف.
لعل بعضا منكم يتوقع مني الآن أن أرشده إلى كيفية اكتساب هذه المهارة، حسناً، أمامكم كثير من الكتابات النفسية حول أساليب التعامل، وهناك كثير من الدورات التدريبية المتاحة في هذا المجال، ولكن قبل هذا وذاك، من المهم مراقبة الذات ومحاسبتها باستمرار على ما قد يبدو منها نابياً أو غير لائق في حق الآخرين.
منقول