كامل السوالقة
01-11-2008, 10:27
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن لله سبحانه وتعالى سنناً عظيمة في هذا الكون تجري على العباد والبلاد* تحت كل سماء وفوق كل أرض* سنن لاتتخلف* وفقه هذه السنن يعين المسلم الذي ينشد الحقيقة والخيرية للوصول إلى أهدافه وغاياته* وتحقق له الطمأنينة والأمن في هذه الحياة* وما بعد هذه الحياة* كما أن فقهها والعمل بمقتضاها يحقق النصر والتفوق* والغلبة والظهور على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمعات.
وإن غياب فقه هذه السنن يؤول بصاحبه أو بأصحابه إلى الفوضى* والاضطراب والتأخر* والقلق والهزيمة*والتراجع* واليأس* والقنوط* ومن هنا فإن دراسة هذه السنن واستنباطها من القرآن الكريم* والسنة المطهرة* ودراسة المنهج السليم في تطبيقها على أرض الواقع تعين في رسم منهج المسلم وهو يسير في دربه إلى الله تعالى* وينشد العلو والتقدم في هذه الحياة.
*****
من السنن المهم فقهها: سنة التدافع بين الحق والباطل* والحق هو: الواجب والصحيح والثابت شرعاً اعتقاداً وقولاً وفعلاً* والباطل: ضده فهما ضدان يتدافعان* فكل حق ضده باطل* وكل باطل ضده حق ولا يجتمع الضدان* والتدافع بينهما يعني محاولة غلبة كل منهما للآخر* وهذا يتمثل بمدافعة أصحابهما لأنهما اللذان يحملونـها.
وهذا التدافع أمر لا بد من وقوعه فلا يمكن بقاء أحدهـما إلا ويغالبه الآخر.
يقول تعالى مقرراً هذه السنة الكونية: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)(1).
والله جل وعلا وهو يقرر هذه الحقيقة فهو مع الحق مؤيداً ونصيراً* يقول تعالى: (ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته) (2)* ويقول سبحانه: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) (3)* ويقول سبحانه: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (4).
*****
ومـما يستقي من الآيات: أن النتيجة الحتمية للحق* ولكن لا تكون هذه النتيجة إلا إذا اجتمعت عوامل العمل بالحق.
*****
ومن هنا أمر الله تعالى في آيات متعددة المؤمنين أن يعملوا بهذه العوامل ومن أهـمها:
1- إيمان أهل الحق به* قال تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمين) (5)* وقال سبحانه: (وأن الله مع المؤمنين) (6)* وقال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم) (7).
2- العمل بالأسباب المادية بالضوابط الشرعية* يقول تعالى في شأن الجهاد: (وأعدوا لهم ما ستطعتم من قوة) (8)* وهكذا كل حق يحتاج إلى مباشرة أسبابه* فالدعوة تحتاج إلى العلم* وإلى الامكانات المادية المناسبة بما يقيم شأنها فلا يتصور -مثلاً- عمل مشروع دعوي يراد به نفع الآخرين بدون عمل الأسباب الممكنة المؤدية إلى نجاحه* كما هو الشأن في جميع شؤون الحياة.
3- تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره* واجتناب نواهيه فهي سبب كل خير ودفع كل شر* قال تعالى في شأن العلم: (واتقوا الله ويعلمكم الله) (9)* وقال تعالى: (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) (10)* وقال تعالى في بيان شيء من تفضل الله تعالى على المسلمين في غزوة بدر: (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (11).
4- التحلي بالصبر* وإعماله في كل عمل* فبدون الصبر تتخلف النتائج الإيجابية*وتضعف* ويحصل الاستعجال* وتكون العواقب وخيمة* وقد جاء ذكر الصبر في القرآن الكريم في أكثر من تسعين موضعاً* كل ذلك لعظم هذه السمة وعظم أثرها* وبناء على ذلك فلا ينتصر أصحاب الحق بدون أن يصبروا ويصابروا.
5- الاكثار من ذكر الله تعالى* فمن ذكر الله تعالى ذكره الله وأيّده وأعانه* وأحاطه بعنايته ورعايته* قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)* وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (12).
6- الثبات على الحق والتواصي على ذلك* وهذا يعني عدم الاضطراب في الإيمان بالحق* أو العمل به* أو التردد* أوعدم الاستقرار على منهج واضح يسير عليه صاحب الحق.. كل هذه من نوافي الثبات وزعزعة صاحب الحق وإضعافه.
*****
وبعد: فالتدافع بين الحق والباطل سنّة من سنن الله تعالى يجب الايمان لها والتعامل معها وفق شرعه الله تعالى.
ولذلك جاء مبدأ الدعوة* والأمر بالمعروف* والنهي عن المنكر* والاصلاح* والنصيحة* وقول الحق* والتعاون على البر والتقوى* والنهي عن التعاون عن الاثم والعدوان* ونفع الآخرين* والاحسان إليهم.
هذه المبادئ كلها تصب في نصرة الحق ومدافعته للباطل* وعلى هذا: مما يزين المسلم الحصيف العمل بهذه المبادئ والعظيمة* والعمل بها* وأخذ نصيب وافر منها لينضم في سلك أهل الحق* ومدافعته بالباطل* فيكون عند الله تعال من أهل اليمين.
*****
ومع هذا كله لنعلم أن مدافعة الباطل يحفها عوائق من أهـمـها:
1- تسويل الشيطان لإضعاف النفوس عن قول الحق والعمل به* وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله تعالى في مواضع عديدة* قال سبحانه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (13).
2- المقاصد المنحرفة في قول الحق والعمل به كقصد الرياء* والسمعة* أو أمر من أمور الدنيا فـ(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)* وكثيراً ما تحبط المشاريع* ويهزم أهل الحق بانحراف المقاصد.
3- العجب بالنفس والغرور سواء بما أعطى الله العبد من القدرات والمواهب* أو بما أنعم عليه من النعم* ويتبع ذلك ازدراء الناس واحتقارهم وغمط حقوقهم واستنقاص مشاريعهم* كل هذا من حواجز الانتصار* وموانع الوصول إلى النتائج الإيجابية في نصرة الحق.
4- النزاع والاختلاف والفرقة وهي من أعظم الآفات* وأشد الأمراض وأقوى العوائق لنصرة الحق* قال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (14)* ولا يقولن قائل إن الخلاف رحمة* فالخلاف في الأصول* والمجمع عليها* كل ذلك شر -كما وضحته في مقالات سابقة-.
*****
ومما سبق تتجلى لنا سنة الله تعالى في التدافع بين الحق والباطل فإدراك هذه السنة* والعمل بما يوافقها من عوامل نصرة الحق* ودفع الباطل* والوصول إلى الأهداف الايجابية والبناءه.
ومن هنا على المسلم والفرد* والمؤسسة أن تبني مشاريعها وفق هذه السنّة وغيرها من السنن لتطمئن إلى الوصول إلى ماترجوه من كل خير.
حقق الله الآمال وسدد الخطـى
والله من وراء القصد
(1)-سورة البقرة: (251).
(2)-سورة الشورى: (24).
(3)-سورة الأنبياء: (18).
(4)-سورة الإسراء: (81).
(5)-سورة الروم: (47).
(6)-سورة الأنفال: (19).
(7)-سورة محمد: (7).
(8)-سورة الأنفال: (60).
(9)-سورة البقرة: (282).
(10)-سورة الأنفال: (29).
(11)-سورة آل عمران: (125).
(12)-سورة الأنفال: (45).
(13)-سورة فاطر: (6).
(14)-سورة الأنفال: (46).
:067::067::067:
http://img204.imageshack.us/img204/9472/472706qlnbdzducrre0.gif
فإن لله سبحانه وتعالى سنناً عظيمة في هذا الكون تجري على العباد والبلاد* تحت كل سماء وفوق كل أرض* سنن لاتتخلف* وفقه هذه السنن يعين المسلم الذي ينشد الحقيقة والخيرية للوصول إلى أهدافه وغاياته* وتحقق له الطمأنينة والأمن في هذه الحياة* وما بعد هذه الحياة* كما أن فقهها والعمل بمقتضاها يحقق النصر والتفوق* والغلبة والظهور على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمعات.
وإن غياب فقه هذه السنن يؤول بصاحبه أو بأصحابه إلى الفوضى* والاضطراب والتأخر* والقلق والهزيمة*والتراجع* واليأس* والقنوط* ومن هنا فإن دراسة هذه السنن واستنباطها من القرآن الكريم* والسنة المطهرة* ودراسة المنهج السليم في تطبيقها على أرض الواقع تعين في رسم منهج المسلم وهو يسير في دربه إلى الله تعالى* وينشد العلو والتقدم في هذه الحياة.
*****
من السنن المهم فقهها: سنة التدافع بين الحق والباطل* والحق هو: الواجب والصحيح والثابت شرعاً اعتقاداً وقولاً وفعلاً* والباطل: ضده فهما ضدان يتدافعان* فكل حق ضده باطل* وكل باطل ضده حق ولا يجتمع الضدان* والتدافع بينهما يعني محاولة غلبة كل منهما للآخر* وهذا يتمثل بمدافعة أصحابهما لأنهما اللذان يحملونـها.
وهذا التدافع أمر لا بد من وقوعه فلا يمكن بقاء أحدهـما إلا ويغالبه الآخر.
يقول تعالى مقرراً هذه السنة الكونية: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)(1).
والله جل وعلا وهو يقرر هذه الحقيقة فهو مع الحق مؤيداً ونصيراً* يقول تعالى: (ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته) (2)* ويقول سبحانه: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) (3)* ويقول سبحانه: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (4).
*****
ومـما يستقي من الآيات: أن النتيجة الحتمية للحق* ولكن لا تكون هذه النتيجة إلا إذا اجتمعت عوامل العمل بالحق.
*****
ومن هنا أمر الله تعالى في آيات متعددة المؤمنين أن يعملوا بهذه العوامل ومن أهـمها:
1- إيمان أهل الحق به* قال تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمين) (5)* وقال سبحانه: (وأن الله مع المؤمنين) (6)* وقال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم) (7).
2- العمل بالأسباب المادية بالضوابط الشرعية* يقول تعالى في شأن الجهاد: (وأعدوا لهم ما ستطعتم من قوة) (8)* وهكذا كل حق يحتاج إلى مباشرة أسبابه* فالدعوة تحتاج إلى العلم* وإلى الامكانات المادية المناسبة بما يقيم شأنها فلا يتصور -مثلاً- عمل مشروع دعوي يراد به نفع الآخرين بدون عمل الأسباب الممكنة المؤدية إلى نجاحه* كما هو الشأن في جميع شؤون الحياة.
3- تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره* واجتناب نواهيه فهي سبب كل خير ودفع كل شر* قال تعالى في شأن العلم: (واتقوا الله ويعلمكم الله) (9)* وقال تعالى: (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) (10)* وقال تعالى في بيان شيء من تفضل الله تعالى على المسلمين في غزوة بدر: (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (11).
4- التحلي بالصبر* وإعماله في كل عمل* فبدون الصبر تتخلف النتائج الإيجابية*وتضعف* ويحصل الاستعجال* وتكون العواقب وخيمة* وقد جاء ذكر الصبر في القرآن الكريم في أكثر من تسعين موضعاً* كل ذلك لعظم هذه السمة وعظم أثرها* وبناء على ذلك فلا ينتصر أصحاب الحق بدون أن يصبروا ويصابروا.
5- الاكثار من ذكر الله تعالى* فمن ذكر الله تعالى ذكره الله وأيّده وأعانه* وأحاطه بعنايته ورعايته* قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)* وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (12).
6- الثبات على الحق والتواصي على ذلك* وهذا يعني عدم الاضطراب في الإيمان بالحق* أو العمل به* أو التردد* أوعدم الاستقرار على منهج واضح يسير عليه صاحب الحق.. كل هذه من نوافي الثبات وزعزعة صاحب الحق وإضعافه.
*****
وبعد: فالتدافع بين الحق والباطل سنّة من سنن الله تعالى يجب الايمان لها والتعامل معها وفق شرعه الله تعالى.
ولذلك جاء مبدأ الدعوة* والأمر بالمعروف* والنهي عن المنكر* والاصلاح* والنصيحة* وقول الحق* والتعاون على البر والتقوى* والنهي عن التعاون عن الاثم والعدوان* ونفع الآخرين* والاحسان إليهم.
هذه المبادئ كلها تصب في نصرة الحق ومدافعته للباطل* وعلى هذا: مما يزين المسلم الحصيف العمل بهذه المبادئ والعظيمة* والعمل بها* وأخذ نصيب وافر منها لينضم في سلك أهل الحق* ومدافعته بالباطل* فيكون عند الله تعال من أهل اليمين.
*****
ومع هذا كله لنعلم أن مدافعة الباطل يحفها عوائق من أهـمـها:
1- تسويل الشيطان لإضعاف النفوس عن قول الحق والعمل به* وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله تعالى في مواضع عديدة* قال سبحانه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (13).
2- المقاصد المنحرفة في قول الحق والعمل به كقصد الرياء* والسمعة* أو أمر من أمور الدنيا فـ(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)* وكثيراً ما تحبط المشاريع* ويهزم أهل الحق بانحراف المقاصد.
3- العجب بالنفس والغرور سواء بما أعطى الله العبد من القدرات والمواهب* أو بما أنعم عليه من النعم* ويتبع ذلك ازدراء الناس واحتقارهم وغمط حقوقهم واستنقاص مشاريعهم* كل هذا من حواجز الانتصار* وموانع الوصول إلى النتائج الإيجابية في نصرة الحق.
4- النزاع والاختلاف والفرقة وهي من أعظم الآفات* وأشد الأمراض وأقوى العوائق لنصرة الحق* قال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (14)* ولا يقولن قائل إن الخلاف رحمة* فالخلاف في الأصول* والمجمع عليها* كل ذلك شر -كما وضحته في مقالات سابقة-.
*****
ومما سبق تتجلى لنا سنة الله تعالى في التدافع بين الحق والباطل فإدراك هذه السنة* والعمل بما يوافقها من عوامل نصرة الحق* ودفع الباطل* والوصول إلى الأهداف الايجابية والبناءه.
ومن هنا على المسلم والفرد* والمؤسسة أن تبني مشاريعها وفق هذه السنّة وغيرها من السنن لتطمئن إلى الوصول إلى ماترجوه من كل خير.
حقق الله الآمال وسدد الخطـى
والله من وراء القصد
(1)-سورة البقرة: (251).
(2)-سورة الشورى: (24).
(3)-سورة الأنبياء: (18).
(4)-سورة الإسراء: (81).
(5)-سورة الروم: (47).
(6)-سورة الأنفال: (19).
(7)-سورة محمد: (7).
(8)-سورة الأنفال: (60).
(9)-سورة البقرة: (282).
(10)-سورة الأنفال: (29).
(11)-سورة آل عمران: (125).
(12)-سورة الأنفال: (45).
(13)-سورة فاطر: (6).
(14)-سورة الأنفال: (46).
:067::067::067:
http://img204.imageshack.us/img204/9472/472706qlnbdzducrre0.gif