م.محمود الحجاج
01-10-2008, 19:00
ياليلة العيد آنستينا .... ليلة عيد 1980
"العيد لنا.. العيد للأطفال. العيد للوفاء أهلي- أهلكم- موتاي- موتاكم- أحلامي- أحلامكم."
يوم وقفة عيد الفطر المبارك.
المدينة تعج كخلية نحل في عز نشاطها. الساعة تقارب العاشرة والنصف ليلاً. أنوار المدينة تعلن الفرح.
وتعلن أن هذا المساء ليس كغيره من الأمسيات العادية. المآذن. الأراجيح. أنوار الاعلانات أصحاب المحلات التجارية الذين ربما سيبقون إلى ساعات الفجر الأولى. ليهل صباح العيد.
فمنذ مئات السنين يوزع المقتدرون من الناس السكر والأرز والصابون على كل المحتاجين في الحي، وعلى ذوي القربى، والأيتام، فيتساوى الناس في ذلك النهار، فليس هناك غني ولا فقير، وليس هناك جائع ومتخم، كل الناس سواسية، في اللهفة على صباح العيد في صنع الحلويات ومن أشهرها المعمول، في التآخي وفي المساواة.
في صباح العيد - فجر العيد- تلبس المقابر ثيابها الخضراء.. حتى الموتى يحتفلون أيضاً ويضحكون مع الأحباء، ويبكون عليهم، كما يبكي الأحباء على موتاهم ويأخذون أغصان الآس الخضراء ليؤكدوا أن الوفاء موجود في هذا العالم وليعلنوا أن الحي يخاف من سيف الحق، وهو متذكر واجباته في الحياة والموت.
في العيد، تفتح أبواب البيوت على مصراعيها ، يزور الناس بعضهم، يزور الجيران الجيران، ويزور القريب القريب وتوزع العيديات، فينطلق الفرح من عيون الأطفال، ويقفزون كالقلوب التي هزها الفرح في أراجيح المدينة وساحاتها.
العيد لنا، العيد للأطفال، العيد للوفاء، أهلي أهلكم، موتاي موتاكم أحلامي أحلامكم.
نحن في عام 1980 ... !!!؟؟
هل ترى مازالت الأعياد أعياداً وهل مازلنا نغص بالبكاء صباح العيد، نبتهج بالفرح.
وماذا حصل للناس يا ترى هل مازالوا يحبون هل مازالوا يوزعون السكر والأرز والصابون.
هل مازالوا يتزاورون بحب، لا كواجب فقط.
أم أنهم نسوا كل شيء ورأوا العيد مجرد عطلة رسمية لمدة أربعة أيام، يرحلون فيها عن البلد، أو يغلقون أبوابهم دون الزوار.
وهل مازال الأحباء يزورون قبور موتاهم أو أنهم نسوهم في غمرة صخب التيارات العصرية المرعبة.
وهل مازالت نساء المدينة يصنعن الحلويات وينظفن منازلهن.
أجل، أجل كل شيء موجود، الكرم، الوفاء والسعادة والحزن.
كلها.. مازالت موجودة بالرغم من أننا تغيرنا كثيراً حتى الأسف.
ا .. لا تستغربوا اخفضوا أبصاركم معي ولنشعر بالخزي لأن في مجتمعنا من الفقراء من يبحثون في القمامة ويأكلون منها.
لقد شاهدت، مرتين أو أكثر رجالاً مسنين ونساء شاردات يبحثون في القمامة ويأكلون منها فشعرت بالفجيعة، ولا شك أن بعضكم أو كلكم شاهد مثلي هؤلاء الناس، الذين يأخذون التنكات الفارغة وقناني الويسكي التي رماها أصحابها بعد أن سكروا، يأخذون علب المرتديلا والجانبون ليبيعوها، ربما ليطعموا جياعاً أو ليربوا أيتاماً.
الحياة قاسية جداً، جداً أيها العيد.
وربما شاهدتم من يلم بقايا الخبز، ليس لأخذها من جديد إلى الأفران بل لغمسها في الطعام القديم ، إنهم جياع.
ماهذا يا إلهي، أين أكياس الأرز والصابون، أين الزكاة
خرج رجل من بيته صباحاً، بعد أن أعطته زوجته كيسين من القمامة ليتخلص منها، وبحسب انضباط المواطنين بأوامر المحافظة ذهب الرجل رأساً ليضع القمامة في الحاويه وماكان يقترب ويرى الأكياس حتى صرخ صرخة كبيرة..
ميت، ميت في القمامة.
وجاء الناس وتجمع الأولاد.. وجاءت الشرطة وأخذ الرجل، وجرى تحقيق طويل خوفاً من جريمة قتل.
تحقيق عن الرجل الذي وجد ميتاً في حاوية القمامة أول أيام عيد الفطر المبارك في .... (مدينة الكرم والوفاء والأمجاد).
وطوى التحقيق بعد أن اتضح أن (الرجل مات مسموماً بعلبة فاسدة بعد أن أكل من القمامة).
ما رأيكم ألسنا كلنا مجرمين (قتلة أنا... وأنتم والجوع، والمدينة).
كلنا قتلنا هذا الرجل الفقير ونحن مسؤولون عن قتله ولو بشكل غير مباشر.
أين الحارات القديمة وأكياس الأرز والسكر والصابون أين الزكاة .. وهل كان الميت مجنوناً .. إنساناً من نمط خاص ومؤلم، إنسان نصفه ملاك ونصفه الآخر معتوه.
وهل هذا الارتفاع المذهل في الأسعار إلا تحطيماً للفقراء، وهل الإقبال المذهل على شراء الثياب الغالية (المنسوبة) (الماركات) إلا دليلاً على صغر العقول وتشوه القلوب.
لا بأس، فليفرح المقتدر بثروته، فهي نعمة من نعم الله.
ولكن..
العدالة، المساواة الفقراء الجوع الجار المريض
أنا لا أقول شيئاً من عندي.. لكن ... كلها سمعت صباح العيد عن رجل مات في حاوية القمامة لأنه كان جائعاً
نحن في اول ايام عيد الفطر 2008 ..!! ؟؟
"العيد لنا.. العيد للأطفال. العيد للوفاء أهلي- أهلكم- موتاي- موتاكم- أحلامي- أحلامكم."
يوم وقفة عيد الفطر المبارك.
المدينة تعج كخلية نحل في عز نشاطها. الساعة تقارب العاشرة والنصف ليلاً. أنوار المدينة تعلن الفرح.
وتعلن أن هذا المساء ليس كغيره من الأمسيات العادية. المآذن. الأراجيح. أنوار الاعلانات أصحاب المحلات التجارية الذين ربما سيبقون إلى ساعات الفجر الأولى. ليهل صباح العيد.
فمنذ مئات السنين يوزع المقتدرون من الناس السكر والأرز والصابون على كل المحتاجين في الحي، وعلى ذوي القربى، والأيتام، فيتساوى الناس في ذلك النهار، فليس هناك غني ولا فقير، وليس هناك جائع ومتخم، كل الناس سواسية، في اللهفة على صباح العيد في صنع الحلويات ومن أشهرها المعمول، في التآخي وفي المساواة.
في صباح العيد - فجر العيد- تلبس المقابر ثيابها الخضراء.. حتى الموتى يحتفلون أيضاً ويضحكون مع الأحباء، ويبكون عليهم، كما يبكي الأحباء على موتاهم ويأخذون أغصان الآس الخضراء ليؤكدوا أن الوفاء موجود في هذا العالم وليعلنوا أن الحي يخاف من سيف الحق، وهو متذكر واجباته في الحياة والموت.
في العيد، تفتح أبواب البيوت على مصراعيها ، يزور الناس بعضهم، يزور الجيران الجيران، ويزور القريب القريب وتوزع العيديات، فينطلق الفرح من عيون الأطفال، ويقفزون كالقلوب التي هزها الفرح في أراجيح المدينة وساحاتها.
العيد لنا، العيد للأطفال، العيد للوفاء، أهلي أهلكم، موتاي موتاكم أحلامي أحلامكم.
نحن في عام 1980 ... !!!؟؟
هل ترى مازالت الأعياد أعياداً وهل مازلنا نغص بالبكاء صباح العيد، نبتهج بالفرح.
وماذا حصل للناس يا ترى هل مازالوا يحبون هل مازالوا يوزعون السكر والأرز والصابون.
هل مازالوا يتزاورون بحب، لا كواجب فقط.
أم أنهم نسوا كل شيء ورأوا العيد مجرد عطلة رسمية لمدة أربعة أيام، يرحلون فيها عن البلد، أو يغلقون أبوابهم دون الزوار.
وهل مازال الأحباء يزورون قبور موتاهم أو أنهم نسوهم في غمرة صخب التيارات العصرية المرعبة.
وهل مازالت نساء المدينة يصنعن الحلويات وينظفن منازلهن.
أجل، أجل كل شيء موجود، الكرم، الوفاء والسعادة والحزن.
كلها.. مازالت موجودة بالرغم من أننا تغيرنا كثيراً حتى الأسف.
ا .. لا تستغربوا اخفضوا أبصاركم معي ولنشعر بالخزي لأن في مجتمعنا من الفقراء من يبحثون في القمامة ويأكلون منها.
لقد شاهدت، مرتين أو أكثر رجالاً مسنين ونساء شاردات يبحثون في القمامة ويأكلون منها فشعرت بالفجيعة، ولا شك أن بعضكم أو كلكم شاهد مثلي هؤلاء الناس، الذين يأخذون التنكات الفارغة وقناني الويسكي التي رماها أصحابها بعد أن سكروا، يأخذون علب المرتديلا والجانبون ليبيعوها، ربما ليطعموا جياعاً أو ليربوا أيتاماً.
الحياة قاسية جداً، جداً أيها العيد.
وربما شاهدتم من يلم بقايا الخبز، ليس لأخذها من جديد إلى الأفران بل لغمسها في الطعام القديم ، إنهم جياع.
ماهذا يا إلهي، أين أكياس الأرز والصابون، أين الزكاة
خرج رجل من بيته صباحاً، بعد أن أعطته زوجته كيسين من القمامة ليتخلص منها، وبحسب انضباط المواطنين بأوامر المحافظة ذهب الرجل رأساً ليضع القمامة في الحاويه وماكان يقترب ويرى الأكياس حتى صرخ صرخة كبيرة..
ميت، ميت في القمامة.
وجاء الناس وتجمع الأولاد.. وجاءت الشرطة وأخذ الرجل، وجرى تحقيق طويل خوفاً من جريمة قتل.
تحقيق عن الرجل الذي وجد ميتاً في حاوية القمامة أول أيام عيد الفطر المبارك في .... (مدينة الكرم والوفاء والأمجاد).
وطوى التحقيق بعد أن اتضح أن (الرجل مات مسموماً بعلبة فاسدة بعد أن أكل من القمامة).
ما رأيكم ألسنا كلنا مجرمين (قتلة أنا... وأنتم والجوع، والمدينة).
كلنا قتلنا هذا الرجل الفقير ونحن مسؤولون عن قتله ولو بشكل غير مباشر.
أين الحارات القديمة وأكياس الأرز والسكر والصابون أين الزكاة .. وهل كان الميت مجنوناً .. إنساناً من نمط خاص ومؤلم، إنسان نصفه ملاك ونصفه الآخر معتوه.
وهل هذا الارتفاع المذهل في الأسعار إلا تحطيماً للفقراء، وهل الإقبال المذهل على شراء الثياب الغالية (المنسوبة) (الماركات) إلا دليلاً على صغر العقول وتشوه القلوب.
لا بأس، فليفرح المقتدر بثروته، فهي نعمة من نعم الله.
ولكن..
العدالة، المساواة الفقراء الجوع الجار المريض
أنا لا أقول شيئاً من عندي.. لكن ... كلها سمعت صباح العيد عن رجل مات في حاوية القمامة لأنه كان جائعاً
نحن في اول ايام عيد الفطر 2008 ..!! ؟؟