المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدالة الإسلام


أنيسة
02-04-2023, 13:51
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (النساء:135)
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة:8).
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90).
لما كان للعدل المكانة السامية والمنزلة العالية، رأينا الشريعة المطهرة تأمر به وتُعلي من شأنه وتحث عليه، وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم العدل من المنجيات حين قال: (وأما المنجيات: فالعدل في الرضا والغضب..)
والعدل مقصد إسلامي في كل نواحي الحياة، ومن تلك المجالات التي ينبغي فيها الحرص على تحري العدل والعمل به:
- الولاية على الناس:
فيجب أن نتبع فيها قواعد العدل، ومن العدل فيها: إعطاء المستحقين ومنع غيرهم، وإتاحة الفرص لجميع الأفراد بحسب كفاياتهم، وإسناد الأعمال إلى أهلها القادرين على القيام بها.
ولهذا كان من الذين يظلهم الله في ظله: "إمامٌ عادل". وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يعدلون في ولايتهم بالمكانة العالية والمنزلة الرفيعة عند الله تعالى حين قال: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن -عز وجل- وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا)، ووعدهم صلى الله عليه وسلم بإجابة دعوتهم إن عدلوا في حكمهم وسياستهم لرعيتهم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم).
- العدل في القضاء:
ويكون بالفصل بين الخصماء على أساس العدل لا على المحاباة، والتسوية بين الخصوم في مجلس القضاء، يقول الله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء:58)، وقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكمتم فاعدلوا..).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار..).
- العدل في الشهادة:
ويكون العدل فيها بأن يشهد بما رأى أو سمع ولا يكتم الشهادة، {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (البقرة:283).
ويشهد بالحق فلا يحمله على مخالفة الحق قرابة أو حب أو بغض لقوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا..} (الأنعام:152)، ولا يشهد بما يخالف الواقع، فإن شهد بما يخالف ذلك فهو شاهد زور، وقد عدّ النبي شهادة الزور من أكبر الكبائر.
- العدل في معاملة الزوجات:
بأن يعطي كلاً منهنَّ نصيبها من النفقة والسكن والمبيت، وقد حذر النبي صَلى الله عليه وسلم من ترك العدل بين الزوجات: (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهنَّ جاء يوم القيامة وشِقُّه مائل).
- العدل في معاملة الأولاد:
وذلك بأن يسوي بينهم في العطية والتربية، وغير ذلك مما يملكه الإنسان، قال صَلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
ولما جاء والد النعمان بن بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهده على عطيته للنعمان من ماله قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان؟) قال: لا، قال: (فأَشْهِد على هذا غيري، قال: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟) قال: بلى، قال: (فلا إذاً)
إن هذه المجالات التي سبق الإشارة إليها ليست إلا نماذج وأمثلة لما يكون فيه العدل، وإلا فإن المسلم مطالب بالعدل في أموره كلها، بل إنه مطالب بالعدل حتى مع أعدائه.
حين أرسل النبي صَلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم، أرادوا رشوته، فقال: "والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليّ ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض".
إننا كمسلمين حين نلتزم بالعدل خلقًا وسلوكًا ومنهج حياة، فإننا نشيع الأمن والطمأنينة، ونعمل على رفاهية مجتمعاتنا.
كما إننا بالعدل نبين للآخرين عظمة الإسلام وسموه، فيرغبون في التعرف على هذا الدين والدخول فيه.