الجنوبية
30-03-2023, 08:29
الوقفة الأولى : قال النبي ﷺ كما في الصحيحين : " من صام رمضان إيماناً، واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " ، إيماناً أي: اعتقاداً بحق فرضيته - فرضية الصوم - فلا يكون ذلك من باب الموافقة للناس، أو العادة، وأما " احتسابا " فهو أن يطلب الأجر من الله وأن يحتسب الثواب، وذلك بأن يصومه عن معنى الرغبة في ثوابه، طيبة نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه.
الوقفة الثانية : النبي ﷺ يقول: " الصيام جُنة، وحصن حصين من النار " ، فهذه الجملة في كلام المصطفى ﷺ يتبعها أمور في مضامينها، فإن الأسباب التي توصل إلى النار يكون الصوم جُنةً منها ، فالمراد أن هذا الصوم سترة من النار، لما فيه من الإمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات، فمن كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساتراً له من النار، ومن ثَمّ كان الصوم جُنة.
الوقفة الثالثة : قول النبي ﷺ : فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يسخط، فإن سابه أحدٌ، أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم "
والرفث يدخل فيه الكلام البذيء، الكلام الفاحش، وأما السخط فيدخل فيه الخصام، والصياح، وكثير من الناس ينفرط صبره، وتتغير أخلاقه مع الصوم؛ لأنه قد فطم من بعض مألوفاته، وشهواته، ولذاته، فإذا كلمه أحد أو وقع له شيء مما لا يروق له فإنه لا يتورع من إطلاق لسانه، ورفع صوته، والمخاصمة، فيتكلم بكلام لا يليق بحال من الأحوال أن يصدر من الصائم، ولا من غير الصائم، ومن ذلك العدوان على الناس، وأذية المسلمين، قال - صلى الله عليه وسلم - :" من لم يدع قول الزور، والجهل، والعمل به فليس لله حاجةٌ بأن يدع طعامه، وشرابه. "
الوقفة الرابعة : التقوى، والتربية، والأخلاق، في قوله " إني امرؤ صائم " فيكون لهذا الصوم أثر في التربية، وتزكية النفس ، في الحديث: " رُبّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع - يعني: لا أجر له، ولا أثر - ورُب قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر "
فيكون هذا الشهر ترويضا لهذه الشهوات الجسمانية، تروض به النفوس الجامحة، ويحصل به فطام عن شهوات البطن، والفرج، وليس ذلك فحسب، بل واللسان كما دلت عليه الأحاديث الأخرى .
فينبغي أن ننظر هل حققنا ذلك على الوجه الصحيح، أم أن الإمساك صار فقط عن الطعام، والشراب، والجماع، إذ إن الصوم ليس بإمساكٍ عن بعض الشهوات، ثم هو انفلات في باقي الشهوات، واللذات، ليس الصيام بإمساك عن الطعام، والشراب في النهار، ثم ينهمك الإنسان في جميع شهواته في الليل، ليس الصيام أن تجوع البطون، وأن تكون الأكباد ظامئةً في النهار، وتكون الأعضاء في حال من الفتور تنقبض معها الأسارير، ويظهر معها من سوء الخلق، وبذاءة اللسان ما يظهر، ليس هذا هو مقصود الشارع،
فصوم هذا الشهر مدرسة عملية تربى فيها النفوس على أمور من الإيمان، والتقوى، والأخلاق، والفضائل من السخاء، والبذل، والشعور بالآخرين، وتربية الأمانة في نفس الإنسان، ومراقبة الله وحده دون ما سواه، والإقبال على سائر الطاعات، وما يصحب ذلك من الاشتغال بالقرآن، وتدبره، فيجتمع للإنسان من ألوان الهدايات، والأنوار ما يحصل به الزكاء، والكمالات، وهذا من فضل الله ونعمه على عباده أن يسّر لهم هذا الشهر في كل عام، فالنفوس يحصل لها شيء من الشرود، والغفلة مع معافسة الشهوات، ومطالب الحياة بأنواعها، ثم بعد ذلك يأتي هذا الشهر ليصقلها، وليعيدها إلى جادتها، وطريقها الصحيح، فتستقيم على أمر الله - تبارك، وتعالى - وتحصل لها الذكرى، وتحصل لها اليقظة، ويكون للإنسان من الفكر، وحياة القلب ما يحمله على طاعة مولاه، والكف عن كل ما لا يليق، ولذلك نجد في قلوبنا في هذا الشهر من الرغبة في الخير ما لا نجده في غيره، وهذا لا يستطيع أحد أن يدفعه عن نفسه، كل أهل الإيمان يجدون ذلك لكن على تفاوت، فمن البداية فلنكثِّر هذه المعاني، ولنملأ النفوس بالإيمان، ومعاني الإيمان؛ لتحصل لنا هذه التقوى.
الوقفة الخامسة : رمضان والطعام والإعلام ، إن من مقاصد الصيام أن يتقلّل الناس من الطعام، والشراب، ويشتغلون بالصيام، والقيام، وقراءة القرآن، فليس لديهم أوقات يذهبون بها إلى الأسواق، فلا يصح أن تنعكس القضية، ويتحول رمضان إلى موسم للتسوق، وتكديس الأطعمة، وكأن البيوت خاوية من الطعام، والشراب، بل المراد تجويع البطون وتذكّر الفقراء ؛ من أجل أن تشبع الجوارح فلا تمتد إلى الحرام ، أمّا أن يتحول رمضان إلى شهر الموائد إلى شهر التخمة، هذا لا يمكن أن يتحقق معه مقصود الشارع،
وأما البرامج الرمضانية، والقنوات - وما أدراك ما البرامج، والقنوات - فحدث، ولا حرج، والذي يظهر - والله تعالى أعلم - مع طول التأمل، والتعجب من حال هؤلاء، وشأن هؤلاء في رمضان أن الشياطين المردة لما صُفدت، وكلت المهمة إلى هؤلاء المردة من الإنس، فقاموا بالمهمة على أتم الوجوه، وأكملها، فصاروا يعدون البرامج الرمضانية الهابطة التي تصادر معاني التقوى، والفضيلة، والإيمان في نفوس المجتمع، فيستعدون قبل رمضان بمدة طويلة، وينفقون الأموال الطائلة من أجل إشغال الناس، وصرفهم عما قصده الشارع، وأراده لهم، وعمد آخرون إلى أشياء أخرى من المسابقات، والفوازير، ووضعوا على ذلك ألوان الجوائز؛ من أجل أن يشغلوا هؤلاء الناس عن مقاصد هذا الشهر الفضيل
ولكن الموفق من عرف حقيقة الصوم، وأقبل على القرآن، وما ينفعه، ويرفعه عند الله - تبارك، وتعالى - لو نظرنا إلى حالنا في هذا الشهر الكريم فإن بعضنا قد لا يزداد في هذا الشهر من العبادة، والطاعة فلا ترى من بعضنا مزيداً من الإقبال على المساجد، والتبكير إلى الصلوات مثلاً، أو قراءة القرآن، ولربما ازداد النوم في هذا الشهر الكريم، وازداد السهر في لياليه على أمور لا طائل تحتها، وازدادت الغفلة، واللهو بجميع صنوفها، وأشكالها، هذه حال الكثيرين منا في رمضان، ولا حول ولا قوة الا بالله .
وأخيرا ... ينبغي علينا أن نعزم، أن يكون رمضان هذا العام متميزاً في عباداتنا، في صومنا، وفي استغلال الأوقات فيه ، بأن نجعل لنا ورداً لا ينقص، من قراءة القرآن، وكذلك صلاة التراويح والقيام ، وهكذا الصدقات، يحرص الإنسان عليها، ولا يسوِّف، يكثر من الصدقة، من البر، من المعروف، ويتقلل من الطعام، والشراب، ويتخفف من الأشغال، والصوارف التي تصرفه عن طاعة الله .
أسأل الله - تبارك، وتعالى - أن يتقبل منا، ومنكم الصيام، والقيام، وأن ينصر دينه، ويعز كلمته. .... اللهم آمين
الوقفة الثانية : النبي ﷺ يقول: " الصيام جُنة، وحصن حصين من النار " ، فهذه الجملة في كلام المصطفى ﷺ يتبعها أمور في مضامينها، فإن الأسباب التي توصل إلى النار يكون الصوم جُنةً منها ، فالمراد أن هذا الصوم سترة من النار، لما فيه من الإمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات، فمن كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساتراً له من النار، ومن ثَمّ كان الصوم جُنة.
الوقفة الثالثة : قول النبي ﷺ : فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يسخط، فإن سابه أحدٌ، أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم "
والرفث يدخل فيه الكلام البذيء، الكلام الفاحش، وأما السخط فيدخل فيه الخصام، والصياح، وكثير من الناس ينفرط صبره، وتتغير أخلاقه مع الصوم؛ لأنه قد فطم من بعض مألوفاته، وشهواته، ولذاته، فإذا كلمه أحد أو وقع له شيء مما لا يروق له فإنه لا يتورع من إطلاق لسانه، ورفع صوته، والمخاصمة، فيتكلم بكلام لا يليق بحال من الأحوال أن يصدر من الصائم، ولا من غير الصائم، ومن ذلك العدوان على الناس، وأذية المسلمين، قال - صلى الله عليه وسلم - :" من لم يدع قول الزور، والجهل، والعمل به فليس لله حاجةٌ بأن يدع طعامه، وشرابه. "
الوقفة الرابعة : التقوى، والتربية، والأخلاق، في قوله " إني امرؤ صائم " فيكون لهذا الصوم أثر في التربية، وتزكية النفس ، في الحديث: " رُبّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع - يعني: لا أجر له، ولا أثر - ورُب قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر "
فيكون هذا الشهر ترويضا لهذه الشهوات الجسمانية، تروض به النفوس الجامحة، ويحصل به فطام عن شهوات البطن، والفرج، وليس ذلك فحسب، بل واللسان كما دلت عليه الأحاديث الأخرى .
فينبغي أن ننظر هل حققنا ذلك على الوجه الصحيح، أم أن الإمساك صار فقط عن الطعام، والشراب، والجماع، إذ إن الصوم ليس بإمساكٍ عن بعض الشهوات، ثم هو انفلات في باقي الشهوات، واللذات، ليس الصيام بإمساك عن الطعام، والشراب في النهار، ثم ينهمك الإنسان في جميع شهواته في الليل، ليس الصيام أن تجوع البطون، وأن تكون الأكباد ظامئةً في النهار، وتكون الأعضاء في حال من الفتور تنقبض معها الأسارير، ويظهر معها من سوء الخلق، وبذاءة اللسان ما يظهر، ليس هذا هو مقصود الشارع،
فصوم هذا الشهر مدرسة عملية تربى فيها النفوس على أمور من الإيمان، والتقوى، والأخلاق، والفضائل من السخاء، والبذل، والشعور بالآخرين، وتربية الأمانة في نفس الإنسان، ومراقبة الله وحده دون ما سواه، والإقبال على سائر الطاعات، وما يصحب ذلك من الاشتغال بالقرآن، وتدبره، فيجتمع للإنسان من ألوان الهدايات، والأنوار ما يحصل به الزكاء، والكمالات، وهذا من فضل الله ونعمه على عباده أن يسّر لهم هذا الشهر في كل عام، فالنفوس يحصل لها شيء من الشرود، والغفلة مع معافسة الشهوات، ومطالب الحياة بأنواعها، ثم بعد ذلك يأتي هذا الشهر ليصقلها، وليعيدها إلى جادتها، وطريقها الصحيح، فتستقيم على أمر الله - تبارك، وتعالى - وتحصل لها الذكرى، وتحصل لها اليقظة، ويكون للإنسان من الفكر، وحياة القلب ما يحمله على طاعة مولاه، والكف عن كل ما لا يليق، ولذلك نجد في قلوبنا في هذا الشهر من الرغبة في الخير ما لا نجده في غيره، وهذا لا يستطيع أحد أن يدفعه عن نفسه، كل أهل الإيمان يجدون ذلك لكن على تفاوت، فمن البداية فلنكثِّر هذه المعاني، ولنملأ النفوس بالإيمان، ومعاني الإيمان؛ لتحصل لنا هذه التقوى.
الوقفة الخامسة : رمضان والطعام والإعلام ، إن من مقاصد الصيام أن يتقلّل الناس من الطعام، والشراب، ويشتغلون بالصيام، والقيام، وقراءة القرآن، فليس لديهم أوقات يذهبون بها إلى الأسواق، فلا يصح أن تنعكس القضية، ويتحول رمضان إلى موسم للتسوق، وتكديس الأطعمة، وكأن البيوت خاوية من الطعام، والشراب، بل المراد تجويع البطون وتذكّر الفقراء ؛ من أجل أن تشبع الجوارح فلا تمتد إلى الحرام ، أمّا أن يتحول رمضان إلى شهر الموائد إلى شهر التخمة، هذا لا يمكن أن يتحقق معه مقصود الشارع،
وأما البرامج الرمضانية، والقنوات - وما أدراك ما البرامج، والقنوات - فحدث، ولا حرج، والذي يظهر - والله تعالى أعلم - مع طول التأمل، والتعجب من حال هؤلاء، وشأن هؤلاء في رمضان أن الشياطين المردة لما صُفدت، وكلت المهمة إلى هؤلاء المردة من الإنس، فقاموا بالمهمة على أتم الوجوه، وأكملها، فصاروا يعدون البرامج الرمضانية الهابطة التي تصادر معاني التقوى، والفضيلة، والإيمان في نفوس المجتمع، فيستعدون قبل رمضان بمدة طويلة، وينفقون الأموال الطائلة من أجل إشغال الناس، وصرفهم عما قصده الشارع، وأراده لهم، وعمد آخرون إلى أشياء أخرى من المسابقات، والفوازير، ووضعوا على ذلك ألوان الجوائز؛ من أجل أن يشغلوا هؤلاء الناس عن مقاصد هذا الشهر الفضيل
ولكن الموفق من عرف حقيقة الصوم، وأقبل على القرآن، وما ينفعه، ويرفعه عند الله - تبارك، وتعالى - لو نظرنا إلى حالنا في هذا الشهر الكريم فإن بعضنا قد لا يزداد في هذا الشهر من العبادة، والطاعة فلا ترى من بعضنا مزيداً من الإقبال على المساجد، والتبكير إلى الصلوات مثلاً، أو قراءة القرآن، ولربما ازداد النوم في هذا الشهر الكريم، وازداد السهر في لياليه على أمور لا طائل تحتها، وازدادت الغفلة، واللهو بجميع صنوفها، وأشكالها، هذه حال الكثيرين منا في رمضان، ولا حول ولا قوة الا بالله .
وأخيرا ... ينبغي علينا أن نعزم، أن يكون رمضان هذا العام متميزاً في عباداتنا، في صومنا، وفي استغلال الأوقات فيه ، بأن نجعل لنا ورداً لا ينقص، من قراءة القرآن، وكذلك صلاة التراويح والقيام ، وهكذا الصدقات، يحرص الإنسان عليها، ولا يسوِّف، يكثر من الصدقة، من البر، من المعروف، ويتقلل من الطعام، والشراب، ويتخفف من الأشغال، والصوارف التي تصرفه عن طاعة الله .
أسأل الله - تبارك، وتعالى - أن يتقبل منا، ومنكم الصيام، والقيام، وأن ينصر دينه، ويعز كلمته. .... اللهم آمين