سنان
16-01-2013, 08:05
http://www.assabeel.net/images/stories/2013/01/12/17.jpg
قالت:
أنا أم لطفلين ذكور: الأول عمره 3 سنوات ونصف, والثاني عمره سنتان و3 أشهر, هم ولله الحمد نشيطون جدا وأذكياء وكل تصرفاتهم تشير لذكاء وإبداع, كما أنهم يحفظون بعضا من القرآن الكريم، فطفلي البكر يحفظ 13 آية من سورة الرحمن والمعوذتين والفاتحة والعصر وسورة الأعلى, أما الصغير فيحفظ من خلال استماعه لأخيه فيردد قليلا مما حفظ من سورة الرحمن والفاتحة.
وأحمد الله كثيرا إذ استجاب دعائي لأولادي وأنا حامل بهم أن يكونوا ذرية صالحة، ومن حفظة كتاب الله، والله لأني أجتهد في تعليمهم آداب الإسلام من خلال تحفيظهم أدعية النوم والطعام وغيرها، وأحرص حرصا شديدا على قراءة كل استشاراتكم المتعلقة بتربية الأطفال تربية إسلامية, ودائما أبحث عن كل ما هو جديد ويتعلق بالتربية.
وألقى بفضل الله ثمرة جهودي معهم في حفظ القرآن، غير أن ذلك من وجهة نظر والدتي ليس كافيا، ودائما تنتقدني، لأن أولادي كثيروا الحركة والعبث والتخريب, ولا يطيعون الأوامر, رغم أني أحاول إقناعها أن سلوكهم هذا هو من طبيعة هذه السن وأنهم بحاجة للحركة واللعب، وأن اللعب ينمي مهاراتهم ويوسع مداركهم، إلا أنها تعيب علي أسلوبي في التربية، وتظن أن التربية في الانصياع للأوامر فقط والضرب وحرمان الأطفال من حقهم في اللعب أو الحركة، وتعتقد أن الطفل الطبيعي الطفل الهادئ الذي لا يتحرك أو يشارك الآخرين!
ولا أخفي عنكم أنني صرت أقسو على أطفالي وأضربهم بشدة كي أرضيها لأنها تعاني من القولون العصبي وتتضايق إن لم أسمع كلامها، وأنا حريصة على رضاها، أرشدوني كيف أربي أطفالي تربية إسلامية دون عنف أو تأثر بأفكار الآخرين؟ خاصة أن أطفالي أصبحوا يضربون بعضهم بعنف.
كما أنني صرت أتضايق من عدم قدرتي على ضبطهم عند خروجي من البيت فهم لا يستجيبون لأي أمر، ويبدؤون بالعبث واللعب مما يسبب لي الإحراج, أرجوكم أرشدوني كيف السبيل لضبط سلوكهم المزعج؟ وكيف أجعلهم يطيعونني ووالدهم دون اللجوء للعنف؟ وكيف أتمكن من تربيتهم على الاحترام والطاعة دون عناد وعناء, أريدهم أن يطيعوني لا عن خوف وإنما تربية!
يجيب الدكتور أحمد الفرجابي المستشار التربوي بالقول:
إن أسلوب الضرب والعنف الذي تربينا عليه لا يصلح لأطفالنا في هذا الزمان؛ لأنه كما قال علي رضي الله عنه: *{أدّبوا أولادكم لزمانٍ غير زمانكم*} وليس من الضروري أن يكون أسلوب الأجداد صالحاً، حتى لو قالوا أننا نرى آثار تربيتنا؛ وذلك لأنهم لا يشاهدوا الجوانب السلبية في جيل اليوم الذي فيه ضعفٌ ظاهر وترددٌ واضح وإحجام عن الإبداع، واستسلام للذل وقبول للهوان، ونفور من الحوار.
ولا شك أن منهج الإسلام هو الحكم، وهدى رسولنا صلى الله عليه وسلم هو المرجع، وما ضرب صلى الله عليه وسلم بيده امرأة ولا طفلاً، وكان صلى الله عليه وسلم يُلاعب الصبيان ويمسح على رؤوسهم ، وربما جعله الصبيان هدفاً ينتهي عنده سباقهم، فيسقط هذا على صدره وذاك على ظهره، فيضحك ويهش في وجوههم، وكان يغرس فيهم عناصر الثقة فيسلم عليهم، ويستأذنهم في أن يسقي الأشياخ كما فعل مع ابن عباس، ويردفهم على دابته، ويخصهم بنصائحه وتوجيهاته، ويعيش همومهم، فيقول: (يا أبا عمر ما فعل النغير؟) يسأله عن طائرٍ كان يلعب به.
وما كان يربيهم على الخوف كما هي تربية الأجداد، ولذلك لما جاء عمر رضي الله عنه وهرب الصبيان إلا عبد الله بن الزبير الفارس المغوار والبطل الشجاع، وقف الفاروق ليسأل عن سبب عدم هروبه مع أقرانه؟ فقال في ثبات الشجعان: لم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك، ولم أُخطئ في شيء حتى أهرب منك.
ويمر الفاروق أيضاً إلى جوار حديقة فيهرب الصبيان ولا يُلام من يهاب فاروق الأمة الذي كان الشيطان ينفر من طريقه ، لكن الفاروق لاحظ أن طفلاً واحداً لم يهرب، فسأله عن السبب؟ فقال: لم أُخطئ ، فسأله عن التمر الذي معه؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لقد جمعته مما رمت به الريح، فتركه يمضي، لكن الطفل طلب من الفاروق أن يرافقه إلى المنزل حتى لا يأخذ الصبيان ما جمعه من التمر، فحقق له رغبته وأوصله إلى داره.
ولا يخفى عليك أن العنف يولد العنف، ويحرص الطفل المعاقب على أن ينتقم من أخيه الأصغر، أو يعبر عن رفضه بمزيدٍ من الإزعاج والتخريب، وقد يكون دافعه لكل ذلك رغبته في لفت النظر والاهتمام، والحاجة إلى مزيد من العطف والحب، أو لشعوره بعدم العدل.
وشريعتنا العظيمة تأمرنا بطاعة الوالد وبالرفق بالأطفال والإحسان إليهم، وما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه، وسوف تكون آثار العقوبة خطيرة إذا لم نراعِ شروطها ومقدارها ووسائلها.
ولا داعي من الانزعاج أكثر من اللازم من إزعاج الأطفال في الخارج، فهذا أمرٌ ينبغي أن يتقبله الجميع بصدرٍ رحب، وإذا جعلنا همنا رضا الله وليس كلام الناس وتعليقاتهم فسوف ننجح في تربيتنا.
ومن الوسائل المفيدة في ضبط الأطفال ربط خروجهم بالتزام بالأدب والهدوء، والاتفاق معهم على أشياء أساسية، كأن تقول لهم مثلاً: إذا أعجبكم شيء في بيوت الناس فلا تمدوا أيديكم إليه، ولكن اطلبوا منا أن نأتي لكم بمثله عندما تأتي الظروف المناسبة...وهكذا.
ولا شك أن للمجتمع دور في التربية وفي تحمل التبعات والآثار المترتبة على لعب الأطفال ومشاركاتهم .
ولا يخفى عليك من أسباب فقدان السيطرة على الأبناء عند الخروج، ومنها ما يلي:
1- عدم اشباعهم من الجرعة العاطفية.
2- التقييد الشديد لحركة وحرية الطفل.
3- الخوف الشديد على الطفل، لدرجة أن بعض الأمهات إذا ذهب ابنها إلى حجرةٍ أخرى ذهبت خلقه.
4- المساكن الضيقة التي يعيش فيها الناس في هذا الزمان، مع ضيق مساحات الميادين والحدائق وبُعدها أحياناً .
وبالله التوفيق
قالت:
أنا أم لطفلين ذكور: الأول عمره 3 سنوات ونصف, والثاني عمره سنتان و3 أشهر, هم ولله الحمد نشيطون جدا وأذكياء وكل تصرفاتهم تشير لذكاء وإبداع, كما أنهم يحفظون بعضا من القرآن الكريم، فطفلي البكر يحفظ 13 آية من سورة الرحمن والمعوذتين والفاتحة والعصر وسورة الأعلى, أما الصغير فيحفظ من خلال استماعه لأخيه فيردد قليلا مما حفظ من سورة الرحمن والفاتحة.
وأحمد الله كثيرا إذ استجاب دعائي لأولادي وأنا حامل بهم أن يكونوا ذرية صالحة، ومن حفظة كتاب الله، والله لأني أجتهد في تعليمهم آداب الإسلام من خلال تحفيظهم أدعية النوم والطعام وغيرها، وأحرص حرصا شديدا على قراءة كل استشاراتكم المتعلقة بتربية الأطفال تربية إسلامية, ودائما أبحث عن كل ما هو جديد ويتعلق بالتربية.
وألقى بفضل الله ثمرة جهودي معهم في حفظ القرآن، غير أن ذلك من وجهة نظر والدتي ليس كافيا، ودائما تنتقدني، لأن أولادي كثيروا الحركة والعبث والتخريب, ولا يطيعون الأوامر, رغم أني أحاول إقناعها أن سلوكهم هذا هو من طبيعة هذه السن وأنهم بحاجة للحركة واللعب، وأن اللعب ينمي مهاراتهم ويوسع مداركهم، إلا أنها تعيب علي أسلوبي في التربية، وتظن أن التربية في الانصياع للأوامر فقط والضرب وحرمان الأطفال من حقهم في اللعب أو الحركة، وتعتقد أن الطفل الطبيعي الطفل الهادئ الذي لا يتحرك أو يشارك الآخرين!
ولا أخفي عنكم أنني صرت أقسو على أطفالي وأضربهم بشدة كي أرضيها لأنها تعاني من القولون العصبي وتتضايق إن لم أسمع كلامها، وأنا حريصة على رضاها، أرشدوني كيف أربي أطفالي تربية إسلامية دون عنف أو تأثر بأفكار الآخرين؟ خاصة أن أطفالي أصبحوا يضربون بعضهم بعنف.
كما أنني صرت أتضايق من عدم قدرتي على ضبطهم عند خروجي من البيت فهم لا يستجيبون لأي أمر، ويبدؤون بالعبث واللعب مما يسبب لي الإحراج, أرجوكم أرشدوني كيف السبيل لضبط سلوكهم المزعج؟ وكيف أجعلهم يطيعونني ووالدهم دون اللجوء للعنف؟ وكيف أتمكن من تربيتهم على الاحترام والطاعة دون عناد وعناء, أريدهم أن يطيعوني لا عن خوف وإنما تربية!
يجيب الدكتور أحمد الفرجابي المستشار التربوي بالقول:
إن أسلوب الضرب والعنف الذي تربينا عليه لا يصلح لأطفالنا في هذا الزمان؛ لأنه كما قال علي رضي الله عنه: *{أدّبوا أولادكم لزمانٍ غير زمانكم*} وليس من الضروري أن يكون أسلوب الأجداد صالحاً، حتى لو قالوا أننا نرى آثار تربيتنا؛ وذلك لأنهم لا يشاهدوا الجوانب السلبية في جيل اليوم الذي فيه ضعفٌ ظاهر وترددٌ واضح وإحجام عن الإبداع، واستسلام للذل وقبول للهوان، ونفور من الحوار.
ولا شك أن منهج الإسلام هو الحكم، وهدى رسولنا صلى الله عليه وسلم هو المرجع، وما ضرب صلى الله عليه وسلم بيده امرأة ولا طفلاً، وكان صلى الله عليه وسلم يُلاعب الصبيان ويمسح على رؤوسهم ، وربما جعله الصبيان هدفاً ينتهي عنده سباقهم، فيسقط هذا على صدره وذاك على ظهره، فيضحك ويهش في وجوههم، وكان يغرس فيهم عناصر الثقة فيسلم عليهم، ويستأذنهم في أن يسقي الأشياخ كما فعل مع ابن عباس، ويردفهم على دابته، ويخصهم بنصائحه وتوجيهاته، ويعيش همومهم، فيقول: (يا أبا عمر ما فعل النغير؟) يسأله عن طائرٍ كان يلعب به.
وما كان يربيهم على الخوف كما هي تربية الأجداد، ولذلك لما جاء عمر رضي الله عنه وهرب الصبيان إلا عبد الله بن الزبير الفارس المغوار والبطل الشجاع، وقف الفاروق ليسأل عن سبب عدم هروبه مع أقرانه؟ فقال في ثبات الشجعان: لم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك، ولم أُخطئ في شيء حتى أهرب منك.
ويمر الفاروق أيضاً إلى جوار حديقة فيهرب الصبيان ولا يُلام من يهاب فاروق الأمة الذي كان الشيطان ينفر من طريقه ، لكن الفاروق لاحظ أن طفلاً واحداً لم يهرب، فسأله عن السبب؟ فقال: لم أُخطئ ، فسأله عن التمر الذي معه؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لقد جمعته مما رمت به الريح، فتركه يمضي، لكن الطفل طلب من الفاروق أن يرافقه إلى المنزل حتى لا يأخذ الصبيان ما جمعه من التمر، فحقق له رغبته وأوصله إلى داره.
ولا يخفى عليك أن العنف يولد العنف، ويحرص الطفل المعاقب على أن ينتقم من أخيه الأصغر، أو يعبر عن رفضه بمزيدٍ من الإزعاج والتخريب، وقد يكون دافعه لكل ذلك رغبته في لفت النظر والاهتمام، والحاجة إلى مزيد من العطف والحب، أو لشعوره بعدم العدل.
وشريعتنا العظيمة تأمرنا بطاعة الوالد وبالرفق بالأطفال والإحسان إليهم، وما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه، وسوف تكون آثار العقوبة خطيرة إذا لم نراعِ شروطها ومقدارها ووسائلها.
ولا داعي من الانزعاج أكثر من اللازم من إزعاج الأطفال في الخارج، فهذا أمرٌ ينبغي أن يتقبله الجميع بصدرٍ رحب، وإذا جعلنا همنا رضا الله وليس كلام الناس وتعليقاتهم فسوف ننجح في تربيتنا.
ومن الوسائل المفيدة في ضبط الأطفال ربط خروجهم بالتزام بالأدب والهدوء، والاتفاق معهم على أشياء أساسية، كأن تقول لهم مثلاً: إذا أعجبكم شيء في بيوت الناس فلا تمدوا أيديكم إليه، ولكن اطلبوا منا أن نأتي لكم بمثله عندما تأتي الظروف المناسبة...وهكذا.
ولا شك أن للمجتمع دور في التربية وفي تحمل التبعات والآثار المترتبة على لعب الأطفال ومشاركاتهم .
ولا يخفى عليك من أسباب فقدان السيطرة على الأبناء عند الخروج، ومنها ما يلي:
1- عدم اشباعهم من الجرعة العاطفية.
2- التقييد الشديد لحركة وحرية الطفل.
3- الخوف الشديد على الطفل، لدرجة أن بعض الأمهات إذا ذهب ابنها إلى حجرةٍ أخرى ذهبت خلقه.
4- المساكن الضيقة التي يعيش فيها الناس في هذا الزمان، مع ضيق مساحات الميادين والحدائق وبُعدها أحياناً .
وبالله التوفيق