المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وزير حربية الحكومة الشريفية.. مات جندياً


م.محمود الحجاج
22-07-2008, 07:12
اثر إعلان الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران عام 1916 انضم العديد من المتطوعين السوريين الى الثورة التي اطلق رصاصتها الاولى شريف مكة الحسين بن علي. ودخلت قوات الثورة دمشق في 30 أيلول 1918 وواصلت زحفها وحررت المدن السورية , ورغم اعلان قيام الدولة العربية على أسس وطنية وقومية , الا ان الحلفاء اعلنوا عام 1919 عن وضع سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي .
على إثر الاحتلال الفرنسي قامت العديد من الثورات في سورية مثل ‘’ ثورة الشوف ‘’ و’’ ثورة العرقوب - أحمد مريود ‘’ وأنزل الثوار خسائر كبيرة بالفرنسيين. وفي الساحل السوري قام الشيخ صالح العلي بالثورة على الفرنسيين عام 1921 وفي الشمال قام المجاهد إبراهيم هنانو بمقاومة الاحتلال الفرنسي. كما قامت في حوران ثورة عارمة ضد المستعمر قاومت الوجود الفرنسي مطالبة بالوحدة العربية. في نيسان / ابريل عام 1922 قامت مظاهرات صاخبة تندد بالاحتلال الفرنسي وتطالب بالحرية والاستقلال و احتجاجاً على إصدار صك الانتداب.
في عام 1925 انطلقت شرارة الثورة من قرية ‘’ الكفر’’ في جبل العرب بقيادة سلطان باشا الأطرش وكانت بداية لثورة عارمة في جميع أرجاء سورية. في عام 1941 جرى إعلان استقلال سورية لكن القوات الفرنسية قامت في 29 أيار عام 1945 بقصف مدينة دمشق للضغط على الوطنيين لتشكيل وزارة تنصاع لرغبات سلطات الاحتلال إلا أن تنامي الحركة الوطنية والقومية وعاصفة الاستياء التي أثيرت ضد فرنسا في هيئة الأمم المتحدة دفعت الفرنسيين إلى سحب قواتهم وتم الجلاء في السابع عشر من نيسان عام 1946.
معركة ميسلون - الاسباب
تلقى الملك فيصل بن الحسين إنذار الجنرال الفرنسي غورو , بحل الجيش العربي , وتسليم السكك الحديدية الى السلطات الفرنسية , وقبول تداول ورق النقد الفرنسي السوري وغير ذلك من مطالب شكلت بمجملها خطوات تأمرية على استقلال البلاد وثروتها ، ولم تجد الحكومة السورية بدا من الاذعان لهذه الشروط خاصة حل الجيش العربي , وذلك في ظل الاختلال الكبير والواضح في موازين القوى , وعارض وزير الحربية يوسف العظمة هذه المطالب واعلن عن البدء في التجنيد الاجباري لمقاومة الاحتلال.
وبينما كان الجيش العربي المرابط على الحدود يتراجع على ضوء الاتفاق مع الفرنسيين , كان الجيش الفرنسي يتقدم بأمر الجنرال غورو, ولما سئل هذا عن الامر، أجاب بأن برقية الملك فيصل بالموافقة على بنود الانذار وصلت إليه بعد أن كانت المدة المضروبة قد انتهت. كانت الجيوش الفرنسية تتحشد على الحدود السورية- اللبنانية، وبدأت الصحافة تعبىء الجماهير وتحرضها، فقامت المظاهرات تندد بالاستعمار في المدن السورية، وفي 11 تموز/ يوليو عام 1920 أعلم الجنرال غورو ‘’قائد الجيوش الفرنسية’’ نوري السعيد موفد الملك فيصل، بأنه اعد إنذاراً رسمياً، وبأنه لن يسمح لفيصل بالسفر إلى أوربا ما لم يقبل هذه الشروط التي أطلق عليها ‘’إنذار غورو’’.
وتقدمت الجيوش الفرنسية في 12 تموز واحتلت محطة ‘’رياق’’، وأثارت هذه الأخبار هياجاً كبيراً في دمشق، وفي المحافل الحكومية، وبين جماهير الشعب. وعلى إثر ذلك عقد الملك فيصل مجلساً حضره كبار الزعماء ووزير الحربية، وقابل ممثلي الأحزاب السياسية في العاصمة، واستدعى القطعات العسكرية، وعقد اجتماعا شعبيا حث فيه على مقاومة الجيوش الفرنسية. وفي 13 تموز أعلنت الحكومة من على منبر المؤتمر السوري العام إلى الأمة والعالم بياناً تشرح ما يجري على الواقع. وفي 14 تموز وصل’’ إنذار غورو’’ إلى فيصل على شكل مذكرة.
الاستعدادات العسكرية
طلبت الحكومة من يوسف العظمة إصدار بلاغات رسمية عن التحركات العسكرية، وقام العظمة بالترتيبات العسكرية، وشكل جبهة مجدل عنجر وأودعها لقيادة الأمير زيد ، وعين لرئاسة أركان جيشها ياسين الهاشمي.وأجمعت آراء العسكريين والسياسيين آنذاك على أن هذا الجيش لا يصمد أمام العدو أكثر من ساعتين، لأن الفرنسيين أتوا بقوة كبيرة.أخذت الجيوش الفرنسية في صباح 21 من تموز تتقدم من ‘’ شتورا وزحلة ‘’ نحو’’ مجدل عنجر’’، ودخلت’’ وادي الحرير’’، ثم اتجهت نحو العاصمة دمشق دون أن تصادف أية مقاومة بسبب تسريح الجيش السوري.
وفتح باب التطوع ، فبلغ عدد المتطوعين عشرة آلاف مواطن خلال أيام . وانطلق يوسف العظمة بصحبته ياسين الجابي إلى القصر الملكي، ليستأذن الملك في ذهابه إلى ميسلون. قال: ‘’ أتيت لأتلقى أوامر جلالتكم. فأجابه الملك:’’ بارك الله فيك اذا أنت مسافر إلى ميسلون’’.خرج يوسف العظمة ليتولى قيادة الجبهة في ميسلون.
المعركة الحاسمة
خرج يوسف العظمة بحوالي 3000 جندي إلى ميسلون، ولم تضم قواته دبابات أو طائرات أو تجهيزات ثقيلة، واشتبك مع القوات الفرنسية في صباح يوم 24 تموز 1920في معركة غير متكافئة، دامت ساعات، اشتركت فيها الطائرات الفرنسية والدبابات والمدافع الثقيلة.
وعلى الرغم من ذلك فقد استبسل المجاهدون في الدفاع. وكان العظمة قد جعل على رأس ‘’ وادي القرن ‘’ في طريق المهاجمين ألغاما خفية، فلما بلغ ميسلون ورأى العدو مقبلا أمر بإطلاقها، فلم تنفجر، فأسرع إليها يبحث، فإذا بأسلاكها قد قطعت. واستشهد العظمة في المعركة التي كانت نتيجتها متوقعة خاضها دفاعًا عن شرفه العسكري وشرف بلاده، فانتهت حياته وحياة الدولة التي تولى الدفاع عنها.ولم يبق أمام الجيش الفرنسي ما يحول دون احتلال دمشق في اليوم نفسه.
بطل في مواجهة جيش
إن المقارنة بين الجيوش الفرنسية والقوات العربية فيها من المفارقة أكثر بكثير من الحسابات الميدانية المبالغ فيها، تكاد أن تكون ضرباً من المستحيل، ومع ذلك فقد ضرب البطل يوسف العظمة المثل الأعلى في البطولة والشهادة والفداء، وشق الطريق التحرري بروحه ودمه وأرواح ودماء رجاله الأبطال، وكل رجال وأبطال الثورة السورية بعد ذلك إلى النصر والاستقلال الوطني وجلاء القوات الأجنبية عن سوريا الوطن نهائيا.اختلفت المصادر العربية والفرنسية حول تقرير عدد القوات العربية التي اشتركت في معركة ميسلون، ويذكر البعض أنها كانت 2300 مجندا ، بينما يذكر البعض رقما آخر يقدر بـ 674 من الجنود النظاميين. وجاء في مذكرات فيصل إلى لويد جورج بأن العدد كان 2000 من السوريين مع مئتين من البدو اشتركوا في المعركة.
ويقول بعض المؤرخين ي إن يوسف العظمة خرج بـ4000 جندي و100 هجان، وتبعهم جيش من الأهالي والعربان ما بين 4 و5 آلاف. ويذكر غورو في تقريره أن المعركة كانت حامية، ودامت ثماني ساعات، وكان استعمال المدفعية يكاد يكون مستحيلاً في الأرض الوعرة، لكن الدبابات والطائرات والرشاشات قصفت كأنها في معركة من الحرب العالمية ، وكان لها الدور الكبير في النصر، وانتهت المعركة الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر بهزيمة الأعداء الذين خسروا خسارة كبيرة.
وحدد القنصل البريطاني في بيروت الخسائر بألفين بين قتيل وجريح ومفقود بالنسبة للسوريين، و800 بالنسبة للفرنسيين. أما فيصل فيحددها بـ1500 رجل، ويحددها بعض المؤرخين بناء على آراء القادة السوريين بـ400 قتيل وأسر 125-150 شخصاً. وجاء في ‘’الكتاب الذهبي لجيش الشرق’’، وهو أحد المصادر الفرنسية، أن عدد القتلى الفرنسيين بلغ 42 قتيلاً و152 جريحاً، منهم ضابطان و14 مفقوداً.
الشهيد يوسف العظمة سيرة بطل
يوسف العظمة ، من الوزراء، ومن كبار الشهداء في سبيل استقلال سورية. ولد وتعلم في دمشق، وأكمل دروسه في المدرسة الحربية بالآستانة سنة 1906. وتنقل في الأعمال العسكرية بين دمشق ولبنان والآستانة. وأرسل إلى ألمانيا للتمرن عملياً على الفنون العسكرية، فمكث سنتين، وعاد إلى الآستانة فعين كاتبا للمفوضية العثمانية في مصر. ونشبت الحرب العالمية فهرع إلى الجيش متطوعاً، وعين رئيساً لأركان حرب الفرقة العشرين ثم الخامسة والعشرين. وكان مقر هذه الفرقة، في بلغاريا، ثم في النمسا، ثم في رومانية.
وعاد إلى الآستانة فرافق أنور باشا , ناظر الحربية العثمانية , في رحلاته إلى الأناضول وسورية والعراق. ثم عين رئيسا لأركان حرب الجيش العثماني المرابط في قفقاسية، فرئيسا لأركان حرب الجيش الأول بالآستانة. ولما وضعت الحرب أوزارها عاد إلى دمشق، فاختاره الملك فيصل مرافقا له، ثم عينه معتمدا عربيا في بيروت. فرئيسا لأركان الحرب العامة برتبة قائم مقام في سورية. ثم ولي وزارة الحربية عام 1920 بعد إعلان فيصل ملكا بدمشق، فنظم جيشاً وطنياً يناهز عدده عشرة آلاف جندي.
بقي العظمة في منصبه إلى أن تلقى الملك فيصل إنذار الجنرال غورو الفرنسي، الذي احتل الساحل السوري بعد الحرب العالمية، في ظل هذه الأجواء استنجد فيصل بالمواطنين السوريين لتأليف جيش أهلي يقوم مقام الجيش المنفض، في الدفاع عن البلاد ، وتقدم الوزير يوسف العظمة يقود جمهور المتطوعين على غير نظام، وإلى جانبهم عدد يسير من الضباط والجنود. وكان قد جعل على رأس ‘’ وادي القرن’’ في طريق المهاجمين الغاما خفية، فلما بلغ ميسلون ورأى العدو مقبلاً أمر بإطلاقها، فلم تنفجر، فأسرع إليها يبحث، فإذا بأسلاكها قد قطعت، فعلم أن القضاء نفذ، فلم يسعه إلا أن ارتقى ذروة ينظر منها إلى دبابات الفرنسيين زاحفة نحوه، وجماهيرالوطنيين من أبناء البلاد بين قتيل وشريد، فعمد إلى بندقيته , وهي آخر ما بقي لديه من قوة , فلم يزل يطلق نيرانها على العدو، حتى أصابته قنبلة، تلقاها بصدر رحب.
ففاضت روحه في أشرف موقف ، وقبره إلى اليوم رمز التضحية الوطنية الخالد، تحمل إليه الأكاليل كل عام من مختلف الديارالسورية. ولا يزال ضريح البطل الشهيد يوسف العظمة في ميسلون، في المكان الذي استشهد فيه على بُعد بضعة أمتار من طريق دمشق- بيروت، وقد سمح الفرنسيون لزوجته بعد دفنه أن تكتب على قبره، وعلى لوحة خشبية، العبارة التالية: ‘’هذا وزير حربية الحكومة الشريفية، مات جندياً بشجاعة’’.
ذكرى الماضى وعبر الحاضر
وفي الذكرى الثامنة والثمانين لمعركة ميسلون ، من الواجب الوطني إعطاء هذه المناسبة المجيدة حقها، وعدم المرور عليها كمناسبة عادية روتينية، لقد سجل التاريخ الوطني لسورية مئات المعارك ، وشهدت المدن والقرى والسهول والوهاد معارك طاحنة ضد الفرنسيين وضد العدو الإسرائيلي، لكن ‘’ معركة ميسلون’’ كانت المحطة الأولى لانطلاق الثورة السورية الكبرى التي وقعت بين عامي1925 و1927 والثورات التي تلتها. والتي انتهت باستقلال سوريا واندحار الاستعمار الفرنسيين عن سوريا ولبنان وبلاد الشام الى غير رجعة .
بين تموز 1920وذكرى بطولات ميسلون , وتموز 2007 واندحار الجيش الاسرائيلي في لبنان والذي اثبتت التجربة انه قابل للهزيمة , مضت 88 عاما , مدة طويلة قالت فيها الجماهيرالعربية الكثير , وقال التاريخ فيها : إن الشعوب المناضلة من أجل تحررها واستقلالها وحرية شعوبها، هي المنتصرة في نهاية المواجهة الحتمية مع الاحتلال

كامل السوالقة
22-07-2008, 09:56
ين هم هولا الرجالات الذين سطرو التاريخ

jfree_omar
22-07-2008, 12:59
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
شكر لهذا السرد التاريخي

ابو قنوة
23-07-2008, 12:48
حتى لا يقولو انهم احتلوها دون حرب
اين هذا من احتلال النجف وكلاب ابن العلقمي تقابل وعاع بوش قائلة ستي يس ..امام علي نو
لا قامت لهم قائمة ولا رفعت لهم راية .