المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سقط فأرتفع


أنيسة
17-10-2011, 17:07
http://up.arab-x.com/Feb10/8sg06239.gif


في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على رجل مريض يزوره؛ فلما رآه يتلوى من الألم دعا له قائلاً: "لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَقَالَ الرجل معترضاً: كَلَّا.. بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ؛ فقَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‏فَنَعَمْ إِذَن".

هنا أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يضيء الجانب الحَسَن من الأمر، ويُلفت نظر الشيخ بأن هناك ثمّة فائدة لمرضه وألمه وشقائه... وأن تفاءلوا بالخير تجدوه؛ لكن الرجل المريض لم يشأ؛ إلا أن يرى أسوأ ما في الأمر، ويقف عنده لا يبرحه.

إن أمر الله قائم، ومن الفطنة التي تبعث السعادة والسرور أن نتعامل مع قضاء الله تعاملاً إيجابياً؛ فالعجب كل العجب لأمر المؤمن ... إن أصابه ضراء صبر و إن أصابه سراء شكر.. فالتعامل هنا للمؤمن ايجابي في كلتا الأحوال.

وتحكي كتب التاريخ أن يوليوس قيصر تعثّر أثناء نزوله من سفينة على شواطئ إفريقيا ووقع على الأرض، ومثل هذا المشهد قادر على بثّ الوهن بين الجنود واعتباره نذير شؤم؛ لكن يوليوس قيصر -المعروف بسرعة بديهته وموهبته في الارتجال- فتح ذراعيه كاملتين، ثم احتضن الأرض وقبّلها؛ وذلك كرمز للاشتياق للفتح والانتصار؛ فتبسّم جنوده واستبشروا خيراً....

فنحن المسؤولون لنتحكم بردات أفعالنا وليس للتحكم هي بنا.

إن المرء منا لا يملك مصباحاً سحرياً يسيّر له الأمور وفق ما يشتهي، إنه في مصيدة الأقدار، تتلقاه الحياة حيناً بالعنف والقسوة، وحيناً آخر بالفرج واليسر، وعليه أن يتعامل مع جميع الحالات بشكل أمثل، وصدَق نبينا -صلى الله عليه وسلم- وهو يعطينا الخلاصة قائلاً "إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط".

إن من أهم القوانين التي نحتاج إلى أن نقف عندها كثيراً لفهم واقعنا بشكل أفضل؛ ذلك الذي يقول: لا تدع الأشياء التي ليس لك يدٌ في تغييرها، تأخذك عن الأشياء التي لك يد في تغييرها.

المرض، فقدان حبيب أو قريب، الكوارث الكونية؛ الخوف من المستقبل كلها من أقدار الله التي تحتاج منا إلى تسليم مطلق، ولا يجب للذكي أن يقف عندها متحسراً، أو باكياً، أو حانقاً.
بينما الخسارة المادية أو الدراسية أو الحياتية بشكل عام؛ هو ما يجب أن نطمح في تغييره، وإعادة النظر في كيفية تحسينه وجعله أفضل؛ بل ونصل الليل بالنهار من أجل أن نمحوه تماماً.

وفي كل الأحوال قال الله في الآية العظيمة المنسية: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة : 155]الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ [البقرة : 156]}

"هيلين كيلر"، الصماء العمياء البكماء، لم تقف عند حدود إعاقتها تبكي وتولول؛ وإنما تعدّت تلك الإعاقة، وحذفت من تفكيرها كونها امرأة مريضة؛ فكانت رقماً مهماً في التاريخ، ومعادلة يصعب تكرارها.... طه حسين كان أعمى، الرافعي كان أصمّ، العقاد لم يُكمل تعليمه؛ لكنهم بدلاً من الشكوى والتذمر حوّلوا دفة عقولهم، إلى بذل المزيد من الجهد لصنع واقع أفضل وأجمل، وقد كان.

للأسف الشديد لدى معظمنا ميل عجيب للشكوى من الأشياء التي ليس بمقدورنا تغييرها، مع إهمال تامّ للأشياء التي يمكننا أن نعوّض فيها ذلك العجز أو الخلل، معظمنا يشكو من فساد إداري، وأخلاقي، ووظيفي، ويتألّم من عالم تحكمه قوانين المصلحة والجشع والنفاق، ولا نراه في المقابل يبذل جهداً في دائرة التأثير القريبة، والتي يمكنه أن يغير فيها فعلاً.

ركّز اهتمامك وجهدك فيما يمكنك تغييره، أما امتحان القدر فسلّم له تسليماً مطلقاً، وابتسم، وذكّر نفسك بسلوى النبي للعجوز الناقم.. وتعلّم من فطنة يوليوس قيصر؛ إذ سقط فارتفع...

م/ن


http://up.arab-x.com/Feb10/8sg06239.gif

بطوش
17-10-2011, 19:12
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يارب العالمين
مشكور اختي انيسه ونور الله قلبك بنور الايمان

أنيسة
17-10-2011, 20:07
سلمت و دمت أخي الغالي بطوش بارك الله فيك
جزاك الله الجنة و نعيمها و متعك بالصحة و العافية و اسعد كل ايامك و نور دربك للصلاح و الإيمان الصادق

محارة الاردن
18-10-2011, 00:57
اذا قلت لك ان الامل كل الامل في متصفحك اختي فلن ابالغ
والله انني احيانا استشعر الجنه وريحها وانا افرأما تكتبين
حبيبتي انيسه شكرا لك ودمتي بكل الود

أنيسة
18-10-2011, 10:59
يعيشك و يسعدك حبيبتي الغالية محارتي الطيوبة
الأمل و كل الأمل في مرورك و حضورك أنت سيدتي الفاضلة في تواجدك الشرف الكبير
لك مني أختي التحفونة كل الشكر و الإحترام و التقدير

م.محمود الحجاج
18-10-2011, 19:01
يالله ..
ليتك تحلو والحياه مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
اذا جد منك الوجد فالكل هين وفوق الذي فوق التراب تراب

أنيسة
18-10-2011, 19:19
كل الشكر و الإحترام و التقدير لشخصك الكريم سيدي الفاضل أبو معمر
بارك الله فيك جزاك الله كل الخير على مرورك و حضورك المشرّف

كامل السوالقة
19-10-2011, 10:36
اخي التحفونه مبدعه صاحبة قلم فذ
يربي يعشك يا مزيانة الصدي على ما تنقليه لنا
دمت بودختي الغاليه

أنيسة
20-10-2011, 14:39
يعيشك و يخليك أخي التحفون كامل مشكور برشاااا على روعة مرورك و جمال حضورك
بارك الله فيك جزاك الله الجنة و نعيمها