المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل المساجد


بطوش
05-08-2011, 02:25
فضل المساجد وفضل من يعمرها جـ 1

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :-

كثيرة هي المساجد ، وما ينفق على بناءها وزخرفتها أكثر ، ولكن للأسف قلّ ما يمتلئ صف واحد أو صفان فيها لصلاة الفريضة في غير يوم الجمعة وشهر رمضان .
ونظرا لعزوف الكثيرين عن الصلاة فيها ، ووقوع الكثيرين ممن يصلون بها في مخالفات شرعية ، وشركية وبدعية – إلا ما رحم ربي - ، ناهيك عن الصخب والفوضى والقذارة ، في كثير من بيوت الله - تبارك وتعالى - ، وخاصة في رمضان ، - إلا ما شاء الله - ، أقدم هذا البحث المكوّن من جزئين .
الجزء الأول منه يدور حول : فضل المساجد ، وفضل من يَعْمرُها .
وأما الجزء الثاني منه فيدور حول : " آداب الذهاب إلى المساجد " بأدلة صحيحة وحسنة واردة في الكتاب العزيز ، والسنة النبوية المطهرة ، وأرجو من الله العليّ القدير أن يكتب لهذا البحث القبول ليكون بإذن الله – تعالى - حافزا ودافعا قويا لتحريك الرغبة في النفوس المؤمنة بالله – تعالى - إلى الإقبال على بيوت الله " المساجد " ، وإلى لقاء ربها في أحب البلاد إليه ، والمسابقة إلى الخيرات ، وترك الفتور والتراخي والكسل ، لتدرك الأجور العظيمة التي أعدها الله – تبارك وتعالى - إلى عمار المساجد .

فضل المساجد و فضل من يعمرها

1 : ـ المساجد أحب البقاع إلى الله - تعالى – : عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - : " أنَ رجلا قال : يا رسول الله ! أي البلدان أحب إلى الله ؟ وأي البلدان أبغض إلى الله ؟ " قال : لا أدري , حتى أسأل جبريل - عليه اليلام , فأتاه جبريل , فأخبره : أن أحسن البقاع إلى الله المساجد , وأبغض البقاع إلى الله الأسواق ) رواه (حم , والبزار واللفظ له والحاكم وقال صحيح الإسناد ) [ صحيح الترغيب 320 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ) ( صحيح ) انظر : [ مختصر مسلم 241 ] .

2 : ــ أعلى الله – تبارك وتعالى - شأن المساجد واهتمّ بها ، وشهد بالإيمان لمن يعمرها : قال الله تعالى :- { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [ التوبة 17 ــ 18 ] .

3 : ــ رفع الله قدر المساجد ، فأضاف اسمها إلى اسمه – سبحانه - تشريفا وتكريما لها ولشأن من يعمرها وذلك في كتاب الله – تبارك وتعالى – بقوله – سبحانه : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [ التوبة 18 ] .
وفي سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بقوله في الحديث الذي رواه مسلم عن جابر– رضي الله عنه – مرفوعا : ( إن إبراهيم حرم بيتَ الله وأمّنَه ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقلع عضاهها ولا يصاد صيدها ) (حديث صحيح) انظر : [ صحيح الجامع حديث رقم : 1521 ] . ‌
إن بيت الله الذي حرمه إبراهيم وأمّنَه هو " المسجد الحرام " أول بيت وضع للناس في البلد الحرام " مكة المكرمة " ، باركه الله – تبارك وتعالى - وأمّنه . فتبوأ مكان الصدارة على المساجد كلها ، وجعل الصلاة فيه بمئة الف صلاة .
المسجد الحرام إنه دعوة أبينا إبراهيم ، كانت له مكانة عظمى عند العرب قبل بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، من دخله كان آمنا ، وها هي النفوس تهفو إليه وتشتاق بعد آلاف السنين ،.
قال الله – تعالى - : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } [ آل عمران96 ــ 97 ] .
ثم بُنيَ المسجد الأقصى بعد بناء المسجد الحرام بأربعين عاما . فعن أبي ذر– رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال : ( المسجد الحرام ) . قلت : ثم أي ؟ قال : ( المسجد الأقصى ) قلت : كم بينهما ؟ قال : ( أربعون سنة ) متفق عليه . وكان في صدر الإسلام أولى القبلتين ، ثم جاء الأمر من الله – تعالى – بتحويل القبلة إلى الكعبة . أسأل الله - تعالى - أن يرده إلى المسلمين ردا جميلا بإذنه - سبحانه - .

وعندما حلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بدارالهجرة النبوية : " المدينة المنورة " بدأ ببناء بيت لله – تعالى - " المسجد النبوي " قبل أن يبنيَ بيتا لنفسه . فكان من المساجد الثلاثة التي اختصّها الله – تعالى - دون سواها وذلك بأن تشدّ إليها الرحال ( المسجد الحرام ) و ( المسجد الأقصى ) و ( المسجد النبوي ).

بناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وصحبه الكرام - رضوان الله عليهم - أجمعين من جذوع النخل والحجارة والسقف من الجريد ، وهذا في نظر الناس يبدو بناءً بسيطا جدا مقارنة بما هي عليه المساجد في أيامنا .
نعم ، لكن الله جعل الله فيه خيرا كثيرا ، فالصلاة فيه بألف صلاة ، وجعله روضة رحبة لنشر العلم والإيمان ، وتلقي الوحي وتبليغه ، فيه تعلم المسلمون أمور دينهم .
فخرّج رجالاً من خيرة الناس إنهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ، وتربى فيه أجيالا قوية عزائمهم ، راسخة عقائدهم ، فكان منهم علماء أجلاء ، دعاة إلى الله – تبارك وتعالى - ، هداة مهتدين ، ملأوا الدنيا خيرا وعلمًا ونورا وفتوحات . قال الله تعالى :- { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [ النور 36 – 37 ] .

4 : ــ حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أمته على بناء المساجد ، وبيّن عظيم أجرها ، فتمكـّـنَ حبها في قلوب المؤمنين ، وبذلوا الجهد والمال في بناءها ، وتوسعتها ، والمحافظة عليها ، والدفاع عنها : ولما لها من مكانة عظيمة في نفوسهم ، أيقنوا بدورها الريادي فسعوا إليها . فعن عثمان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ) ( متفق عليه ).
وعن أبي ذر - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ) ( صحيح ) رواه البزار واللفظ له والطبراني في الصغير وابن حبان في صحيحه. انظر : [ صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 296 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته : علما علمه ونشره ، وولدا صالحا تركه ، ومصحفا ورثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو نهرا أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته ) ( حسن ) رواه ابن ماجة بإسناد حسن والبيهقي ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه . انظر : [ صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 296 ].

5 : ــ أكرم الله المؤذنين والأئمة بكرامات خاصة في الدنيا والآخرة ودعا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فمن المساجد انطلقت دعوة الحق ، ومنها رُفع " صوت الأذان " عاليا مدويا خمس مرات في اليوم والليلة ، مرددا كلمة التوحيد، ومذكرا بدعوة التوحيد ، ليجمتع المسلمون في المساجد إلى ما فيه حياة قلوبهم وصلاحهم وفلاحهم في دنياهم وأخراهم .

1/5 : أكرم الله المؤذنين وجعلهم أمناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم : فعن أبي محذورة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أمناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم هم المؤذنون ) (حديث حسن) انظر : [ صحيح الجامع رقم : 1403 ] .

2/5 : الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن : فعن عائشة - رضي الله عنها – قالت : " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : ( الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن فأرشدَ الله الأئمة وعفا عن المؤذنين ) ( صحيح ) رواه ابن حبان في صحيحه. انظر : [ صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 239 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ( الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين ) ( صحيح ) رواه أبو داود والترمذي . وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما إلا أنهما قالا : ( فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين ) ولابن خزيمة رواية كرواية أبي داود وفي أخرى له قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( المؤذنون أمناء ، والأئمة ضمناء ، اللهم اغفر للمؤذنين وسدد الأئمة ) ( ثلاث مرات ) انظر : [ صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 237 ] .

3/5 : إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم ، والمؤذن يُغفر له مدى صوته : فعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم ، والمؤذن يُغفر له مدى صوته ، ويُصدقه من سمعه من رَطب ويابس ، وله مثل أجر من صلى معه ) (حديث صحيح) انظر : [ صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 248 ] .

4/5 : المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة : فعن معاوية - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة ) رواه مسلم
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة ) (حديث صحيح) انظر : [ صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 رقم 248 ] .

5/5 : عظم أجر المؤذنين المحتسبين : وعن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - قال : " قلت يا رسول الله ! اجعلني إمام قومي " ، فقال : أنت إمامهم ، واقتد بأضعفهم ، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) ( صحيح ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي . انظر : [ مشكاة المصابيح جـ 1 رقم 668 ] .
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها ، ويبعث الجمعة زهراء منيرة لأهلها ، فيحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها ، تضيء لهم يمشون في ضوءها ، ألوانهم كالثلج بياضا ، رياحهم تسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلانِ ما يطرقون تعجبا حتى يدخلوا الجنة ، لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون) (حديث صحيح) انظر : [ صحيح الجامع انظر حديث رقم: 1872 ] .

6 : ــ من السبعة الذين يظلهم الله في ظله , يوم لا ظل إلا ظله رجل قلبه معلق بالمساجد : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : ( سبعة يظلهم الله في ظله , يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل , وشاب نسا في عبادة الله - عز وجل - , ورجل قلبه معلق بالمساجد , ورجلان تحابا في الله , اجتمعا على ذلك , وتفرقا عليه , ورجل دعته امراة ذات منصب وجمال , فقال : إني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة فأخفاها فلا تعلم شماله ما تنفق يمينه , ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) (متفق عليه) .

7 : ــ تكريم الله – تعالى - لزوار المساجد : عن سلمان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( من توضأ وجاء إلى المسجد فهو زائر الله - عز وجل - ، وحقٌ على المَزورِ أن يُكرم الزائر ) [الصحيحة 1169] .

8 : ــ المسجد بيت كل مؤمن : وعنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( المسجدُ بيت كل مؤمن ) (حديث حسن) [ صحيح الجامع - 6702 ] .

9 : ــ المسجد بيت كل تقي ، وكرامات إثر كرامات : فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : ( المسجد بيت كل تقي ، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالرَوْحِ والرحمة ، والجواز على الصراط إلى رضوان الله ، إلى الجنة ) [ صحيح الترغيب جـ1 رقم 325 ] .

10 : ــ يفرح الله تعالى ويتبشبش لمن توطَـّن المساجد : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما توطَن رجل المساجد إلا تبشبش الله - تعالى - إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم ) [ صحيح الترغيب والترهيب رقم 322 ] .

11 : ــ المشائين في الظلم إلى المساجد ، لهم البشرى بالنور التام يوم القيامة : عن بريدة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد ، بالنور التام يوم القيامة ) رواه ( د ، ت ) [صحيح الجامع 2823] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( إن الله ليضيء للذين يتخللون إلى المساجد في الظلم ، بنور ساطع يوم القيامة ) حديث حسن رواه الطبراني في الأوسط . [ صحيح الترغيب والترهيب رقم 312 ] .

12 : ــ أعد الله لمن غدا إلى المسجد أو راح ، نزلا في الجنة كلما غدا أو راح : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : (من غدا إلى المسجد أو راح أعدّ الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح ) [ متفق عليه ] .
النُزل : هو ما يُهيأ للضيف من كرامة عند قدومه .

13 : ــ خطوات من يعمر مساجد الله إحداها تحط خطيئة ًً والأخرى ترفع درجة : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة ًً والأخرى ترفع درجة ) [ مختصر مسلم 243 ] .
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( إذا توضا أحدكم فأحسن وضوءه ، ثم خرج إلى المسجد لاينزعه إلا الصلاة ، لم تزل رجله اليسرى تمحو عنه سيئة ، وتكتب له اليمنى حسنة ، حتى يدخل المسجد ، ولو يعلم الناس ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبْواً ) [ صحيح الجامع 441 ] .

14 : ــ عمار المساجد هم جيران الله - تبارك وتعالى - ، ينادي عليهم يوم القيامة : أين جيراني ؟ : عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لينادي يوم القيامة : أين جيراني ؟ أين جيراني ؟ قال : فتقول الملائكة : ربنا ومن ينبغي أن يجاورك ؟ فيقول : أين عمار المساجد ) حديث صحيح . انظر : [السلسلة الصحيحة 6/512 رقم 2728] .

15: ــ ضمان من الله - تبارك وتعالى – لمن عَمَرَ مساجد الله إن عاشوا رُزِقوا وكُفوا ، وإن ماتوا أدخلهم الله الجنة : فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي ، وإن مات أدخله الله الجنة : من دخل بيته فسلَم , فهو ضامن على الله , ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله , ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله ) رواه ( د , حب ) [ صحيح الترغيب والترهيب رقم 316 ] .

16 : ــ صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – على المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد بعد وفاتها : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنها بعد أيام ، فقيل له : إنها ماتت ، فقال : فهلا آذنتموني ؟ ) فأتى قبرها فصلى عليها " . [ رواه الخاري صحيح الترغيب 272 ] .
وهذا يدل على تكريم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن أكرم بيت الله - تبارك وتعالى - .

17 : ــ صلاة الجماعة فرض عين على الرجال في المساجد إلا من عذر : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( والذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال . " وفي رواية " : لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء ) ( صحيح ) رواه البخاري ولمسلم نحوه .

18 : ــ كان يُعَدّّ من يتخلف عن الصلاة في المسجد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وصحبه الكرام منافقا معلوم النفاق : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ، ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقدم ، ثم أمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) (متفق عليه) . أخرجه البخاري ( 1 / 170 ) ومسلم ( 2 / 123 ) والسياق له .
وزاد أحمد ( 2 / 466 و 472 ) في رواية بعد قوله ( حبوا ) : ( ولو علم أحدكم أنه إذا وجد عرقا من شاة سمينة أو مرماتين حسنتين لأتيتموهما أجمعين ) . وإسناده صحيح .
وفي هذا تحذير ووعيد شديد لمن تخلف عن الصلاة في المساجد ، وآثر المتاع الدنيوي الزائل على ما هو خير وأبقى .

19 : ــ تركُ الصلاة في المساجد ، تركٌ لسنن الهدى التي شرعها الله - تعالى - ، وسبب من أسباب الضلال : فعن عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - موقوفا قال : ( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن ، فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته ، لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل ، يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) . أخرجه مسلم ( 2 / 124 ) انظر : [ إرواء الغليل جـ 2 رقم 488 ] .

20 : ــ بيّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين مما يدل على بعد المسلمين في آخر الزمان عن سنن الهدى - إلا من رحم - : فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين ] ( صحيح ) انظر : [ السلسلة الصحيحة 2/ 292 رقم 649 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ) رواه البخاري ومسلم .

21 : ــ نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن تتخذ المساجد قبورا ومزارات يُتبرك بها ، ويستغاث ويستعان بأصحابها من دون الله ، ويشد إليهم الرحال : فعن السيدة عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين قالا : لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم – ، طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه ، فقال : وهو كذلك : ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . " يحذر ما صنعوا " (متفق عليه ) انظر : [ مختصر مسلم 255 ] .
لعنوا لأنهم بفعلهم هذا حادوا عن التوحيد والإتباع إلى الشرك والإبتداع ، وفي لعنهم تحذير ووعيد شديد لأمة التوحيد أن يفعلوا كما فعل من ضلّ قبلهم ، والله - تعالى – يقول : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } [ الجن 18] .

للأسف قلدهم كثير من المسلمين . عظَموا الأنبياء والأولياء والصالحين في قبورهم , فاستغاثوا واستعانوا بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله , وهم أموات ، وتركوا الحي الذي لا يموت " الله - تبارك وتعالى - " , وتبرَكوا بقبورهم وآثارهم , والله - تعالى - يقول : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } [ النحل 53 ] .

هؤلاء هانت عليهم أنفسهم فهانوا على الله ، وهانوا على الناس - إلا من رحم - ، ومن يهن الله فما له من مكرم .

فها نحن نسمع ما يدمي الفؤاد ، عن مساجد تعددت فيها الجماعات ، لا تصلي فرقة خلف أختها ، وقد عجّت بالمهاترات والخلافات ، وضاق بعض الناس بهم ذرعا ، مما تسبب في صدودهم عنها رجاء السلامة.
ومساجد تدمّر وتنتهك حرماتها تبعا للأهواء والعصبيات ، ومساجد حوّلها أعداء الله إلى بارات وخمارات وإسطبلات - عليهم من الله تعالى - ما يستحقون .
ومساجد يشار إلى من يرتادها بأصابع الريبة والإتهام ، ومنها ما يمنع فيها ذكر الله وإقام الصلاة .
والله - تعالى - يقول : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ سورة البقرة 114] .

أسأل الله تعالى العافية ، والثبات على كلمة التوحيد ، ودعوة التوحيد ، وأن يعيد للإسلام مجده وماضيه التليد ، وليس ذلك على الله ببعيد .