ريما الحندءة
30-06-2008, 12:54
الخليفة عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، ويرجع نسبه من امه إلى عمر بن الخطاب حيث كانت امه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة عمر بن عبد العزيز. ولدعمر بالمدينة المنورة وبعض الكتب تقول انه ولد بحلوان مصر عندما كان ابوه اميرا عليها .. بويع بالخلافة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي في الناس بالصلاة، فاجتمع الناس إلى المسجد، فلما اكتملت جموعهم، قام فيهم خطيبًا، فحمد الله ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال: أيها الناس إني قد ابتليت بهذا الأمر على غير رأي مني فيه ولا طلب له... ولا مشورة من المسلمين، وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم خليفة ترضونه. فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك، فَلِ أمرنا باليمن والبركة. فأخذ يحض الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في الآخرة، ثم قال لهم: " أيها الناس من أطاع الله وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له على أحد، أيها الناس أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم " ثم نزل عن المنبر.
انه اعظم درس للبشرية فى كيفية حكم الناس فأين طغاة العالم من عمر بن عبد العزيز ؟؟.
** عمر بن عبد العزيز تولى الخلافة الاسلامية عام (717م – 720م ) وكانت حدود الدولة فى عهده تمتد من حدود السند شرقا الى الاندلس والرباط غربا ورغم ذلك استطاع ان ينشر العدل فى ربوع تلك الدولة المترامية الاطراف ..فى الوقت الذى يعجز حكام ورؤساء الدول العربية والاسلامية اليوم عن ادارة ممالكهم ودولهم الصغيرة التى تشبه دول ملوك الطوائف فى انقسامها وتجزئتها وتناحرها وتصارعها على الحكم والسلطان .. واصبحنا نرى قصور الرؤساء والملوك العرب تعج بمئات الموظفين والمستشارين فى كافة التخصصات يتقاضون الرواتب والاجور الخيالية نظير استشارة هنا او كلمة هناك او خبرة تعين الحاكم على التملص من ازمة هنا او وعد هناك اعطاه لشعبه ولم يف به ورغم هذا الزخم من طابور المعاونين للحكام والذى يطلق عليهم اسم (البطانة او الحاشية ) نرى عملية تسيير امور الدولة تقع فى عثرات متوالية وازمات تعصف بالشعوب وحال الامة من سىء الى اسوأ وتتفاقم المشكلات وتزداد معاناة الشعوب نتيجة تدهور الاوضاع وانتشار ظاهرة الفقر والجهل والمرض والحرمان من الامن والامان ولقمة العيش فأصاب بالدهشة واتساءل كيف استطاع عمر بن عبد العزيز حكم دولة بحجم الدولة الاسلامية فى ذلك الوقت دون خبراء اقتصاديين او اعلاميين او مستشارين فى الشؤون السياسية بينما ملوك طوائف هذا العصر غارقون فى شبر ميه كما يقول المثل ويومهم مشحون بالبروتوكولات واللقاءات والسفر هنا وهناك ؟!!!! عمر بن عبد العزيز حكم ما يقرب من سنتين ونصف فقط ورغم قصر المدة الزمنية الا ان انجازاته فاقت الخيال لا تعد ولا تحصى حتى ان المؤرخين اعتبروه خامس الخلفاء الراشدين لما كان فى عهده من عدل ورحمة بالمسلمين ..عهد شبه بعهد الخلفاء الراشدين عهد الزهد والحق فى حين ان هناك طغاة حكموا عقودا من السنوات ولم يتركوا لنا انجازا واحدا لهم يذكرهم به التاريخ .. لم يكن عمر يعلم ان امته سوف يأتى عليها زمنا تشهد فيه كل تلك المآسى على يد طغاة اتخذوا من السياسة والحكم وسيلة لقهر الشعوب وكسر انفها وتحويلها الى قطعان من الغنم او الماشية تساق بالعصا او الحديد والنار .. عمرالذى اعطى الامة مثالا ونموذجا مشرفا فى الزهد والعزوف عن الخلافة التى لم يسعى اليها يوما بل تولاها كارها لم يك يعلم ان هذا الدرس الذى توج سيرته فى صفحات التاريخ سيطوى بمرور الزمن وسيطوى زمن الرجال ويصبح ميكافيللى وارائه هو النموذج الذى يحتذى به حكامنا ورجال السياسة فى العالم .. ولم يك يعلم ان مبادىء العدل والمساواة التى كانت اساس الملك ستستبدل بمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة ) لتصبح دهاليزالسياسة والحكم عامرة بالافاعى تبث السموم لتلقطها الشعوب أوتلعقها لتموت قهرا وظلما وان الحاكم الذى يتلوى كالأفعى ..المتلون كالحرباء سيكون نموذجا يحتذى به اهل السياسية ويقال عنه انه سياسى محنك وكان الحنكة هى ذلك المكر والدهاء الذى دعى اليها ميكافيللى فى كتابه (الامير) .. ففقد الساسة قيمهم وضمائرهم وهم يتبعون هذا الفيلسوف المجرد من الاخلاق ولايعرف له مبدأ سوى ما نادى به ..وعندما ينادى العلمانيون بفصل الدين عن الدولة وكانهم ينادوا بفصل القيم عن الحكم ويجردوا الحاكم والسلطة من الرحمة والضمير وكأن الدين شىء منفصل عن حياتنا اليومية ..وكأن الدين ليس تلك القيم والمبادىء التى دعت اليها كل الاديان السماوية !!! فكيف يحكم شخصا دولة بلا قيم ولا اخلاق او ضمير ؟ هاهو عمر الزاهد العابد المجد الذى عمل ليل نهار لم يغمض له جفن عن اهتمامات ومصالح رعيته يحكم ويعدل ويساوى بين الناس ويحسن معاملة اهل الكتاب من غير المسلمين وحتى المجوس فيكسب حب الناس له ويشهد المؤرخون لعصره بأنه عهد الامن والاستقرار .. حاور الخوارج والعلويين الذين عرفوا بخروجهم على اهل الحكم الأموي وثوراتهم فى عهد الخلفاء الامويين ممن سبقوا عمر بن عبد العزيز فتفوق عليهم بعلمه وادبه واسلوبه المتميز فى الحوار.. كان عهده عهد فتح جديد للاسلام قدم اليه ملوك الارض يقبلون على دخول الاسلام دون حروب تذكر فى عهده لانه نادى للدين الاسلامى بالنصيحة والموعظة الحسنة .
**عمر بن عبد العزيز اشتهرت خلافته بأنها الفترة التى عم العدل و الرخاء ارجاء الدولة الاموية حتى ان الرجل كان ليخرج الزكاة من امواله فيبحث عن الفقراء فلا يجد من في حاجة اليها فى الوقت الذي بلغ الفقر مبلغه في الامة اليوم وانتشر كالنار في الهشيم فأين عهد النظام المصري مثلا من عهد عمر وقد بلغ نسبة الفقراء في مصر وحدها 14 مليون يعيشون تحت خط الفقر طبقا لآخر احصائية خرج بها تقرير الامم المتحدة عن التنمية البشرية بين هذا العدد اربعة ملايين لايجدون قوت يومهم لتبقى مصر في المركز 111بين دول العالم الاكثر فقرا ؟؟ ورغم ذلك يدعي الحزب الحاكم في مصر انه حقق انجازات على الارض على مدى ثلاث عقود هي فترة حكمه للبلاد وان سياسته تعتمد بالاساس على رعاية محدودي الدخل بل قل انهم من معدومي الدخل .. ورغم ذلك فهي كلها اكاذيب يطلقها الحزب في الهواء للتغطية على فشله وفشل حكوماته. كان عمر رحمه الله قد جمع جماعة من الفقهاء والعلماء وقال لهم: " إني قد دعوتكم لأمر هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي، فما ترون فيها؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين: إن ذلك أمرًا كان في غير ولايتك، وإن وزر هذه المظالم على من غصبها " ، فلم يرتح عمر إلى قولهم وأخذ بقول جماعة آخرين منهم ابنه (عبد الملك ) الذي قال له: أرى أن تردها إلى أصحابها ما دمت قد عرفت أمرها، وإنك إن لم تفعل كنت شريكا للذين أخذوها ظلما. فاستراح عمر لهذا الرأي وقام يرد المظالم إلى أهلها.. وبدأ بنفسه وباهل بيته ورد الاموال منهم الى بيت مال المسلمين .. في الوقت الذي تتدفق الاموال بين يدي الطغاة واولادهم وزوجاتهم ويحرم منها اهل البلاد .. ها هو عبد الملك بن عمر يفتي لابيه برد المظالم .. وهاهم ابناء الطغاة في بلداننا العربية يسعى كلا منهم ليرث الارض بمن عليها !!
**عمر بن عبد العزيز عندما توفي لم يكن في سجنه رجل واحد. وقد عفا عن كل السجناء الذين سجنهم الوليد بن عبدالملك و رجالُ الحجاج بن يوسف الثقفي فأين انت يا عمر لترى الاوطان وقد تحولت الى سجون ومعتقلات وبدت كالسلخانات تساق اليها الذبائح ليسلخ جلدها وتتلقى كافة صنوف العذاب تحت سمع وبصر الحاكم دون رحمة او شفقة او حتى اعتذار ؟ . وفي عهده إنتشر العلم وكثرت المساجد التي تعلم القرآن، ووسع العمل داخل دولته ( البنية التحتية للدولة ) كالشوارع والطرقات والممرات الآمنة و دور المياه ودور الطعام (التكايا) و المدارس ونسخ الكتب والترجمة والتعريب ونقل العلم ..والإستفادة من خبرات العلماء وعلمهم بينما الان اهمل العلم والتعليم وحلت فضائيات العري والكليبات محل المدارس .. وسلطت الاضواء على عوالم الهز والرقص كنجوم في سماء الفن .. وانحسرت تلك الاضواء عن علماء اجلاء فتغيرت المفاهيم والاحلام والامال والعقول واصبح حلم كل شاب وفتاة هو ان يصبح نجما في سماء الفن متجاهلا محراب العلم واهميته في تكوين شخصية الفرد وبأن العلم افضل وسيلة للتقرب الى الله فعابد عالم خيرا من عابد جاهل عند الله .
** عمر بن عبد العزيز ترفَّع عن أبهة الحكم ومباهج السلطة، وكان أشد الناس حرصا على اموال المسلمين ومصالحهم ، دقَّق في اختيار الولاة وعمل على محاسبتهم ان هم ظلموا الرعية ، وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل اعتمد عمرعلى الفقهاء وقربهم ، وجعل للقاضي منزلة ممتازة ومستقلة وكانت الدولة في رأيه لا تصلح إلا بأركانها الأربعة : الوالي ، والقاضي ، وصاحب بيت المال ، والخليفة وفي هذا يقول : ( إن للسلطان أركاناً لا يثبت إلا بها ، فالوالي ركن ، والقاضي ركن ، وصاحب بيت المال ركن ، والركن الرابع أنا )
بينما نرى اليوم من يتول امر الشعوب أشد الناس حرصا على سكن القصور حتى لو كان الملايين من شعبه تتخذ المقابر مأوى لها وسكن .. ونرى امتزاج المال العام بالخاص وتدخل السياسة في القضاء واهل الثقة الموالين للحاكم هم افضل من اهل الخبرة .. واهل المال افضل من الفقراء ... عمر الذي قيل عنه أنه طلب رجلاً يشتري له كساء بثمانية دراهم ، فاشتراه له فأتاه به فوضع يده عليه وقال : ما ألينه وأعجبه ، فضحك الرجل الذي اشتراه لما سمع فقال له عمر : إني لأحسبك أحمقاً أتضحك من غير شيء ؟ قال : ما ذاك بي ولكنك أمرتني قبل ولايتك أن أشتري لك مطرف خز ، فاشتريت لك مطرفاً بثمانمائة درهم ، فوضعت يدك عليه فقلت : ما أخشنه ، وأنت اليوم تستلين كساء بثمانية دراهم ، فتعجبت من ذلك وأضحكني ! فقال عمر : ما أحسب رجلاً يبتاع كساء بثمانمائة درهم يخاف الله عز وجل ، ثم قال : يا هذا إن لي نفساً تواقة للمعالي ، فكلما حصلت على مكانة طلبت أكبر منها ، حصلت على الإمارة فتاقت إلى الخلافة وأدركت الخلافة فتاقت نفسي إلى ما هو أكبر من ذلك وهي الجنة ! ! فأين اصحاب رباطات العنق والبدل الانيقة من عمر وثوبه البسيط ؟؟ تعلموا من عمر بن عبد العزيز يا طغاة العالم وخافوا يوما خافه بن عبد العزيز وقال عنه ( كل يوم أخافه دون يوم القيامة لا وقيته) ويروى أن زوجة الخليفة عمر بن عبد العزيز دخلت عليه يوماً وهو جالس في مصلاه واضعاً يده على خده ودموعه تسيل على خديه فقالت له : مالك ؟ فقال لها : ويحك يا فاطمة قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع ، واليتيم المكسور ، والأرملة الوحيدة والمظلوم والمقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد ، فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة وإن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت .ان ما اذكره قليل من كثير فى سيرة عمر بن عبد العزيز الذي لو رأى بأم عينه اليوم ما يفعله الطغاة بنا نحن الشعوب التى اذلها الاستبداد والفقر والحرمان ورأى حال الامة من سوء الى سوء لبكى حالنا وبكى امة الاسلام والعروبة ..!!! فمن يقرأ سيرة عمر ليتعلم كيف يكون الرجال ؟؟
انه اعظم درس للبشرية فى كيفية حكم الناس فأين طغاة العالم من عمر بن عبد العزيز ؟؟.
** عمر بن عبد العزيز تولى الخلافة الاسلامية عام (717م – 720م ) وكانت حدود الدولة فى عهده تمتد من حدود السند شرقا الى الاندلس والرباط غربا ورغم ذلك استطاع ان ينشر العدل فى ربوع تلك الدولة المترامية الاطراف ..فى الوقت الذى يعجز حكام ورؤساء الدول العربية والاسلامية اليوم عن ادارة ممالكهم ودولهم الصغيرة التى تشبه دول ملوك الطوائف فى انقسامها وتجزئتها وتناحرها وتصارعها على الحكم والسلطان .. واصبحنا نرى قصور الرؤساء والملوك العرب تعج بمئات الموظفين والمستشارين فى كافة التخصصات يتقاضون الرواتب والاجور الخيالية نظير استشارة هنا او كلمة هناك او خبرة تعين الحاكم على التملص من ازمة هنا او وعد هناك اعطاه لشعبه ولم يف به ورغم هذا الزخم من طابور المعاونين للحكام والذى يطلق عليهم اسم (البطانة او الحاشية ) نرى عملية تسيير امور الدولة تقع فى عثرات متوالية وازمات تعصف بالشعوب وحال الامة من سىء الى اسوأ وتتفاقم المشكلات وتزداد معاناة الشعوب نتيجة تدهور الاوضاع وانتشار ظاهرة الفقر والجهل والمرض والحرمان من الامن والامان ولقمة العيش فأصاب بالدهشة واتساءل كيف استطاع عمر بن عبد العزيز حكم دولة بحجم الدولة الاسلامية فى ذلك الوقت دون خبراء اقتصاديين او اعلاميين او مستشارين فى الشؤون السياسية بينما ملوك طوائف هذا العصر غارقون فى شبر ميه كما يقول المثل ويومهم مشحون بالبروتوكولات واللقاءات والسفر هنا وهناك ؟!!!! عمر بن عبد العزيز حكم ما يقرب من سنتين ونصف فقط ورغم قصر المدة الزمنية الا ان انجازاته فاقت الخيال لا تعد ولا تحصى حتى ان المؤرخين اعتبروه خامس الخلفاء الراشدين لما كان فى عهده من عدل ورحمة بالمسلمين ..عهد شبه بعهد الخلفاء الراشدين عهد الزهد والحق فى حين ان هناك طغاة حكموا عقودا من السنوات ولم يتركوا لنا انجازا واحدا لهم يذكرهم به التاريخ .. لم يكن عمر يعلم ان امته سوف يأتى عليها زمنا تشهد فيه كل تلك المآسى على يد طغاة اتخذوا من السياسة والحكم وسيلة لقهر الشعوب وكسر انفها وتحويلها الى قطعان من الغنم او الماشية تساق بالعصا او الحديد والنار .. عمرالذى اعطى الامة مثالا ونموذجا مشرفا فى الزهد والعزوف عن الخلافة التى لم يسعى اليها يوما بل تولاها كارها لم يك يعلم ان هذا الدرس الذى توج سيرته فى صفحات التاريخ سيطوى بمرور الزمن وسيطوى زمن الرجال ويصبح ميكافيللى وارائه هو النموذج الذى يحتذى به حكامنا ورجال السياسة فى العالم .. ولم يك يعلم ان مبادىء العدل والمساواة التى كانت اساس الملك ستستبدل بمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة ) لتصبح دهاليزالسياسة والحكم عامرة بالافاعى تبث السموم لتلقطها الشعوب أوتلعقها لتموت قهرا وظلما وان الحاكم الذى يتلوى كالأفعى ..المتلون كالحرباء سيكون نموذجا يحتذى به اهل السياسية ويقال عنه انه سياسى محنك وكان الحنكة هى ذلك المكر والدهاء الذى دعى اليها ميكافيللى فى كتابه (الامير) .. ففقد الساسة قيمهم وضمائرهم وهم يتبعون هذا الفيلسوف المجرد من الاخلاق ولايعرف له مبدأ سوى ما نادى به ..وعندما ينادى العلمانيون بفصل الدين عن الدولة وكانهم ينادوا بفصل القيم عن الحكم ويجردوا الحاكم والسلطة من الرحمة والضمير وكأن الدين شىء منفصل عن حياتنا اليومية ..وكأن الدين ليس تلك القيم والمبادىء التى دعت اليها كل الاديان السماوية !!! فكيف يحكم شخصا دولة بلا قيم ولا اخلاق او ضمير ؟ هاهو عمر الزاهد العابد المجد الذى عمل ليل نهار لم يغمض له جفن عن اهتمامات ومصالح رعيته يحكم ويعدل ويساوى بين الناس ويحسن معاملة اهل الكتاب من غير المسلمين وحتى المجوس فيكسب حب الناس له ويشهد المؤرخون لعصره بأنه عهد الامن والاستقرار .. حاور الخوارج والعلويين الذين عرفوا بخروجهم على اهل الحكم الأموي وثوراتهم فى عهد الخلفاء الامويين ممن سبقوا عمر بن عبد العزيز فتفوق عليهم بعلمه وادبه واسلوبه المتميز فى الحوار.. كان عهده عهد فتح جديد للاسلام قدم اليه ملوك الارض يقبلون على دخول الاسلام دون حروب تذكر فى عهده لانه نادى للدين الاسلامى بالنصيحة والموعظة الحسنة .
**عمر بن عبد العزيز اشتهرت خلافته بأنها الفترة التى عم العدل و الرخاء ارجاء الدولة الاموية حتى ان الرجل كان ليخرج الزكاة من امواله فيبحث عن الفقراء فلا يجد من في حاجة اليها فى الوقت الذي بلغ الفقر مبلغه في الامة اليوم وانتشر كالنار في الهشيم فأين عهد النظام المصري مثلا من عهد عمر وقد بلغ نسبة الفقراء في مصر وحدها 14 مليون يعيشون تحت خط الفقر طبقا لآخر احصائية خرج بها تقرير الامم المتحدة عن التنمية البشرية بين هذا العدد اربعة ملايين لايجدون قوت يومهم لتبقى مصر في المركز 111بين دول العالم الاكثر فقرا ؟؟ ورغم ذلك يدعي الحزب الحاكم في مصر انه حقق انجازات على الارض على مدى ثلاث عقود هي فترة حكمه للبلاد وان سياسته تعتمد بالاساس على رعاية محدودي الدخل بل قل انهم من معدومي الدخل .. ورغم ذلك فهي كلها اكاذيب يطلقها الحزب في الهواء للتغطية على فشله وفشل حكوماته. كان عمر رحمه الله قد جمع جماعة من الفقهاء والعلماء وقال لهم: " إني قد دعوتكم لأمر هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي، فما ترون فيها؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين: إن ذلك أمرًا كان في غير ولايتك، وإن وزر هذه المظالم على من غصبها " ، فلم يرتح عمر إلى قولهم وأخذ بقول جماعة آخرين منهم ابنه (عبد الملك ) الذي قال له: أرى أن تردها إلى أصحابها ما دمت قد عرفت أمرها، وإنك إن لم تفعل كنت شريكا للذين أخذوها ظلما. فاستراح عمر لهذا الرأي وقام يرد المظالم إلى أهلها.. وبدأ بنفسه وباهل بيته ورد الاموال منهم الى بيت مال المسلمين .. في الوقت الذي تتدفق الاموال بين يدي الطغاة واولادهم وزوجاتهم ويحرم منها اهل البلاد .. ها هو عبد الملك بن عمر يفتي لابيه برد المظالم .. وهاهم ابناء الطغاة في بلداننا العربية يسعى كلا منهم ليرث الارض بمن عليها !!
**عمر بن عبد العزيز عندما توفي لم يكن في سجنه رجل واحد. وقد عفا عن كل السجناء الذين سجنهم الوليد بن عبدالملك و رجالُ الحجاج بن يوسف الثقفي فأين انت يا عمر لترى الاوطان وقد تحولت الى سجون ومعتقلات وبدت كالسلخانات تساق اليها الذبائح ليسلخ جلدها وتتلقى كافة صنوف العذاب تحت سمع وبصر الحاكم دون رحمة او شفقة او حتى اعتذار ؟ . وفي عهده إنتشر العلم وكثرت المساجد التي تعلم القرآن، ووسع العمل داخل دولته ( البنية التحتية للدولة ) كالشوارع والطرقات والممرات الآمنة و دور المياه ودور الطعام (التكايا) و المدارس ونسخ الكتب والترجمة والتعريب ونقل العلم ..والإستفادة من خبرات العلماء وعلمهم بينما الان اهمل العلم والتعليم وحلت فضائيات العري والكليبات محل المدارس .. وسلطت الاضواء على عوالم الهز والرقص كنجوم في سماء الفن .. وانحسرت تلك الاضواء عن علماء اجلاء فتغيرت المفاهيم والاحلام والامال والعقول واصبح حلم كل شاب وفتاة هو ان يصبح نجما في سماء الفن متجاهلا محراب العلم واهميته في تكوين شخصية الفرد وبأن العلم افضل وسيلة للتقرب الى الله فعابد عالم خيرا من عابد جاهل عند الله .
** عمر بن عبد العزيز ترفَّع عن أبهة الحكم ومباهج السلطة، وكان أشد الناس حرصا على اموال المسلمين ومصالحهم ، دقَّق في اختيار الولاة وعمل على محاسبتهم ان هم ظلموا الرعية ، وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل اعتمد عمرعلى الفقهاء وقربهم ، وجعل للقاضي منزلة ممتازة ومستقلة وكانت الدولة في رأيه لا تصلح إلا بأركانها الأربعة : الوالي ، والقاضي ، وصاحب بيت المال ، والخليفة وفي هذا يقول : ( إن للسلطان أركاناً لا يثبت إلا بها ، فالوالي ركن ، والقاضي ركن ، وصاحب بيت المال ركن ، والركن الرابع أنا )
بينما نرى اليوم من يتول امر الشعوب أشد الناس حرصا على سكن القصور حتى لو كان الملايين من شعبه تتخذ المقابر مأوى لها وسكن .. ونرى امتزاج المال العام بالخاص وتدخل السياسة في القضاء واهل الثقة الموالين للحاكم هم افضل من اهل الخبرة .. واهل المال افضل من الفقراء ... عمر الذي قيل عنه أنه طلب رجلاً يشتري له كساء بثمانية دراهم ، فاشتراه له فأتاه به فوضع يده عليه وقال : ما ألينه وأعجبه ، فضحك الرجل الذي اشتراه لما سمع فقال له عمر : إني لأحسبك أحمقاً أتضحك من غير شيء ؟ قال : ما ذاك بي ولكنك أمرتني قبل ولايتك أن أشتري لك مطرف خز ، فاشتريت لك مطرفاً بثمانمائة درهم ، فوضعت يدك عليه فقلت : ما أخشنه ، وأنت اليوم تستلين كساء بثمانية دراهم ، فتعجبت من ذلك وأضحكني ! فقال عمر : ما أحسب رجلاً يبتاع كساء بثمانمائة درهم يخاف الله عز وجل ، ثم قال : يا هذا إن لي نفساً تواقة للمعالي ، فكلما حصلت على مكانة طلبت أكبر منها ، حصلت على الإمارة فتاقت إلى الخلافة وأدركت الخلافة فتاقت نفسي إلى ما هو أكبر من ذلك وهي الجنة ! ! فأين اصحاب رباطات العنق والبدل الانيقة من عمر وثوبه البسيط ؟؟ تعلموا من عمر بن عبد العزيز يا طغاة العالم وخافوا يوما خافه بن عبد العزيز وقال عنه ( كل يوم أخافه دون يوم القيامة لا وقيته) ويروى أن زوجة الخليفة عمر بن عبد العزيز دخلت عليه يوماً وهو جالس في مصلاه واضعاً يده على خده ودموعه تسيل على خديه فقالت له : مالك ؟ فقال لها : ويحك يا فاطمة قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع ، واليتيم المكسور ، والأرملة الوحيدة والمظلوم والمقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد ، فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة وإن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت .ان ما اذكره قليل من كثير فى سيرة عمر بن عبد العزيز الذي لو رأى بأم عينه اليوم ما يفعله الطغاة بنا نحن الشعوب التى اذلها الاستبداد والفقر والحرمان ورأى حال الامة من سوء الى سوء لبكى حالنا وبكى امة الاسلام والعروبة ..!!! فمن يقرأ سيرة عمر ليتعلم كيف يكون الرجال ؟؟