أنيسة
10-07-2011, 13:43
أتدري أين سكناه..؟!
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
أتدري أين سكناهُ
وهل عيناك تُثبِتُهُ
أخوك يعيشُ كالتاريخ
بلا لُغَةٍ تًصَافِحُهُ
لئن ضاقت به الدُّنْيَا
وتسمو دونَمَا مَنّ
وترفع دونَهُ حِمْلاً
لئن ضاقت به الدنيا
وتُسْدِلُ حوله سِترًا
ترى أخْراكَ مُثْمِرةً
لئن ضاقت به الدنيا
أخوكَ وأين مسعَاهُ؟
إذا فاتتك عيناهُ؟
في جنبيْكَ مَسْراهُ
وتدْمَعُ حينَ تلقاهُ
فصدرُكَ أنتَ مأواهُ
تُخفِّفَ عنه بلوَاهُ
إذا كَلَّتُ ذِرَاعَاهُ
فصَدْرُكَ أنتَ مأواهُ
إذا الشَّيْطَانُ أغْواهُ
فقد أخصبَتْ دُنْياهُ
فصدرك أنت مأواهُ
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
مفسدات الاخـــــــــوة
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فالمحبة بين المؤمنين والتآلف والتآخي شأن عظيم وخطر جليل
فقد جعل الله عز وجل الأخوة سمة المؤمنين في الدنيا والآخرة
قال تعالى:
]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[
[الحجرات: 10]
وقال جل وعلا:
]وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ
إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ[
[الحجر:47].
والأخوة بين المؤمنين نعمة كبيرة ومنة عظيمة من الله تعالى:
]وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[
[آل عمران: 103]
]هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ.
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ[
[الأنفال: 62، 63].
وهذه الأخوة الحاصلة بين المؤمنين سببها الإيمان والعقيدة
فهي أخوة قائمة على (الحب في الله)
الذي هو أوثق عرى الإيمان، قال
صلى الله عليه وسلم
: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله
والحب في الله، والبغض في الله عز وجل))
ومن ثم فأخُوَّة المؤمنين أرفع أخوة
وأسمى علاقة يمكن أن توجد بين البشر
فأخُوَّةُ المؤمنين تزري بأخُوَّةِ الأشقاء
ورابطة العقيدة أقوى من رابطة النسب
ولما قال نوح عليه السلام:
]رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ
وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ[
[هود: 45]
قال له ربه جل وعلا:
]يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ
فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ[
[هود: 46].
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
وما أجمل قول الشاعر:
فقلتُ: أخي، قالوا: أخٌ من قرابة *** نسيبي في رأيي وعزمي وهمَّتي
فقلت لهم: إن الشُّكُول أقاربُ *** وإن فرّقَتْنا في الأصولِ المناسِب
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
ونظرًا لأهمية هذه الرابطة بين المؤمنين
فقد رتب الله جل وعلا عليها عظيم الفضل
وجزيل الأجر والثواب وقرب أهلها وأحبهم
فمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
((رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه))
.
وفي الحديث القدسي:
((المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء))
، وفي الحديث القدسي أيضًا أن الله تعالى قال:
((حقت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين ف
وحقت محبتي للمتناصحين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيهَّ
وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ))
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم
((أن رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد()
الله تعالى على مدرجته() ملكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟
قال: أريد أخًا لي في هذه القرية.
قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها() عليه؟
قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى.
قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه))
وقال صلى الله عليه وسلم:
((ما تحاب رجلان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدَّهما حبًا لصاحبه))
.
وعن عبدة بن أبي لبابة أنه لقي مجاهدًا رحمه الله .
فأخذ مجاهد بيده فقال:
إذا التقى المتحابان في الله فأخذ أحدهما بيد صاحبه
وضحك إليه تحاتت خطاياهما كما تحات ورق الشجر.
قال عبدة: فقلت له: إن هذا ليسير ـ يعني المصافحة والتبسم ـ
فقال: لا تقل ذلك، فإن الله يقول:
]لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[
[الأنفال: 63]
قال عبدة: فعرفت أنه أفقه مني().
وعن الوليد بن أبي مغيث عن مجاهد قال:
إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما
قال: قلت لمجاهد: بمصافحة يغفر لهما؟
قال مجاهد: أما سمعته يقول:
]لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[
[الأنفال: 63].
فقال الوليد لمجاهد: أنت أعلم مني().
ولمثل هذه الإخوة كان صلى الله عليه وسلم
يعمل
(وهو يربي أصحابه رضوان الله عليهم ثلاثة عشر عامًا في مكة
وسنوات في المدينة بعد ذلك...
ولم يكن يقول في نفسه وهو في مكة:
إلى متى نربي تلك المشاعر دون أن "نعمل"
لأنه كان يعلم يقينًا بما علمه ربه أن هذا من العمل الأساسي المطلوب
لإنشاء القاعدة المؤمنة التي وُجِّه صلى الله عليه وسلم لإنشائها...
وأن هذه الأخوة فوق أنها ضرورية لإقامة القاعدة المؤمنة
التي هي نواة الأمة المسلمة، فهي جزء من
"التحقيق السلوكي"
للا إله إلا الله...
فليست لا إله إلا الله وجدانًا قلبيًا عميقًا فحسب
بل هي التزام بما أنزل الله
ومن ثم فكل ما جاء من عند الله فالالتزام به
هو من مقتضيات
لا إله إلا الله.
وقد أحب الله هذه الأخوة وامتدحها وأوجبها على المؤمنين،
وأنزل فيها آيات كثيرة لعل من أبرزها ـ آيات الحجرات ـ:
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ
عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ
وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ
بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ[
[سورة الحجرات: 11، 12].
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
بالقرآن... بالمصاحبة... بالمعايشة... بالتوجيه المستمر...
بالقدوة في شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم ...
بالحب الذي يفيض من قلبه الكبير إليهم...
بالاهتمام بكل فرد منهم كأنه هو الأثير عنده...
بالممارسة العملية للمشاعر الإيمانية داخل الجماعة...
بهذه الوسائل مجتمعة ربّى رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الجماعة المتآخية التي صنعت بتآخيها الأعاجيب
وأقام ذلك البنيان المتين المترابط، الذي يشد بعضه بعضًا فيقويه...
وفي غربة الإسلام الثانية نحتاج إلى مثل ما احتاج إليه الأمر في الغربة الأولى...
إن لم يكن على ذات المستوى السابق فعلى أقرب المستويات إليه...
ذلك أن الضغوط الجاهلية تفتت كل ترابط ما لم يكن وثيق الرباط
إلى الحد الذي يتحمل كل الضغوط
ويبقى وثيقًا رغم كل الضغوط...
كم يستغرق هذا الأمر؟ لا أدرى! ولكني أعلم يقينًا أنه مطلوب...
وأن القاعدة التي يقع عليها عبء مواجهة الجاهلية
بكل كيدها ينبغي أن تحقق في سلوكها العملي هذا الخلق من أخلاقيات
لا إله إلا الله لتصبح جديرة برعاية الله...
ولكي تستطيع أن تمضي في الطريق متآخية متساندة مترابطة
وهي تتعرض للأهوال)
.http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
والداعية إلى الله تعالى أحوج الناس إلى أن يكون محبوبًا مألوفًا
حتى تنفذ دعوته إلى القلوب ويدوم أخذ أصحابه عنه
ومن ثم كان من الضرورة بمكان
أن يتقي ما يعكر صفو العلاقة بينه وبين من التفوا حوله
حتى تبقى الأخوة بينه وبينهم عميقة قوية
مما يعين على تعاونهم معه وانتفاعهم به وقبولهم منه.
ومن جهة أخرى فحاجة كل منا وحاجة الإنسان عامة
إلى الصاحب والحبيب من الحاجات الأساسية
والمطالب النفسية التي لا تنكر حتى يتمكن من قطع مسيرته في هذه الحياة
فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه()
فإن إخوان الصدق زينة في الرخاء وعصمة في البلاء()
فإن رؤيتهم تفرح القلب وتريح النفس وتزيل الغم.
وصدق عمر رضي الله عنه إذ يقول:
لقاء الإخوان جلاء الأحزان().
وقال بعض السلف: روح العاقل في لقاء الإخوان().
وسئل سفيان رحمه الله: ما ماء العيش؟ قال: لقاء الإخوان.
وقيل لمحمد بن المنكدر: ما بقي من لذتك؟
قال: التقاء الإخوان وإدخال السرور عليهم().
وقيل لبعض الحكماء:
ما العيش؟ قال: إقبال الزمان، وعز السلطان، وكثرة الإخوان().
وقيل:
حلية المرء كثرة إخوانه().
ورحم الله الحسن إذ يقول: إخواننا أحب إلينا من أهلينا
إخواننا يذكروننا بالآخرة، وأهلونا يذكروننا بالدنيا().
وأي طعم للحياة بدون الأحبة؟!
وما أرق قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه الحسن:
يا بني، الغريب من ليس له حبيب().
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
مازال للحديث بقية
تابعونا فى الجزء الثاني
انتظرونا
http://www.m.v90v.com/data/media/17/df2711.gif
م/ن للأمانة
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
أتدري أين سكناهُ
وهل عيناك تُثبِتُهُ
أخوك يعيشُ كالتاريخ
بلا لُغَةٍ تًصَافِحُهُ
لئن ضاقت به الدُّنْيَا
وتسمو دونَمَا مَنّ
وترفع دونَهُ حِمْلاً
لئن ضاقت به الدنيا
وتُسْدِلُ حوله سِترًا
ترى أخْراكَ مُثْمِرةً
لئن ضاقت به الدنيا
أخوكَ وأين مسعَاهُ؟
إذا فاتتك عيناهُ؟
في جنبيْكَ مَسْراهُ
وتدْمَعُ حينَ تلقاهُ
فصدرُكَ أنتَ مأواهُ
تُخفِّفَ عنه بلوَاهُ
إذا كَلَّتُ ذِرَاعَاهُ
فصَدْرُكَ أنتَ مأواهُ
إذا الشَّيْطَانُ أغْواهُ
فقد أخصبَتْ دُنْياهُ
فصدرك أنت مأواهُ
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
مفسدات الاخـــــــــوة
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فالمحبة بين المؤمنين والتآلف والتآخي شأن عظيم وخطر جليل
فقد جعل الله عز وجل الأخوة سمة المؤمنين في الدنيا والآخرة
قال تعالى:
]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[
[الحجرات: 10]
وقال جل وعلا:
]وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ
إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ[
[الحجر:47].
والأخوة بين المؤمنين نعمة كبيرة ومنة عظيمة من الله تعالى:
]وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[
[آل عمران: 103]
]هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ.
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ[
[الأنفال: 62، 63].
وهذه الأخوة الحاصلة بين المؤمنين سببها الإيمان والعقيدة
فهي أخوة قائمة على (الحب في الله)
الذي هو أوثق عرى الإيمان، قال
صلى الله عليه وسلم
: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله
والحب في الله، والبغض في الله عز وجل))
ومن ثم فأخُوَّة المؤمنين أرفع أخوة
وأسمى علاقة يمكن أن توجد بين البشر
فأخُوَّةُ المؤمنين تزري بأخُوَّةِ الأشقاء
ورابطة العقيدة أقوى من رابطة النسب
ولما قال نوح عليه السلام:
]رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ
وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ[
[هود: 45]
قال له ربه جل وعلا:
]يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ
فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ[
[هود: 46].
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
وما أجمل قول الشاعر:
فقلتُ: أخي، قالوا: أخٌ من قرابة *** نسيبي في رأيي وعزمي وهمَّتي
فقلت لهم: إن الشُّكُول أقاربُ *** وإن فرّقَتْنا في الأصولِ المناسِب
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
ونظرًا لأهمية هذه الرابطة بين المؤمنين
فقد رتب الله جل وعلا عليها عظيم الفضل
وجزيل الأجر والثواب وقرب أهلها وأحبهم
فمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
((رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه))
.
وفي الحديث القدسي:
((المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء))
، وفي الحديث القدسي أيضًا أن الله تعالى قال:
((حقت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين ف
وحقت محبتي للمتناصحين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيهَّ
وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ))
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم
((أن رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد()
الله تعالى على مدرجته() ملكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟
قال: أريد أخًا لي في هذه القرية.
قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها() عليه؟
قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى.
قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه))
وقال صلى الله عليه وسلم:
((ما تحاب رجلان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدَّهما حبًا لصاحبه))
.
وعن عبدة بن أبي لبابة أنه لقي مجاهدًا رحمه الله .
فأخذ مجاهد بيده فقال:
إذا التقى المتحابان في الله فأخذ أحدهما بيد صاحبه
وضحك إليه تحاتت خطاياهما كما تحات ورق الشجر.
قال عبدة: فقلت له: إن هذا ليسير ـ يعني المصافحة والتبسم ـ
فقال: لا تقل ذلك، فإن الله يقول:
]لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[
[الأنفال: 63]
قال عبدة: فعرفت أنه أفقه مني().
وعن الوليد بن أبي مغيث عن مجاهد قال:
إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما
قال: قلت لمجاهد: بمصافحة يغفر لهما؟
قال مجاهد: أما سمعته يقول:
]لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[
[الأنفال: 63].
فقال الوليد لمجاهد: أنت أعلم مني().
ولمثل هذه الإخوة كان صلى الله عليه وسلم
يعمل
(وهو يربي أصحابه رضوان الله عليهم ثلاثة عشر عامًا في مكة
وسنوات في المدينة بعد ذلك...
ولم يكن يقول في نفسه وهو في مكة:
إلى متى نربي تلك المشاعر دون أن "نعمل"
لأنه كان يعلم يقينًا بما علمه ربه أن هذا من العمل الأساسي المطلوب
لإنشاء القاعدة المؤمنة التي وُجِّه صلى الله عليه وسلم لإنشائها...
وأن هذه الأخوة فوق أنها ضرورية لإقامة القاعدة المؤمنة
التي هي نواة الأمة المسلمة، فهي جزء من
"التحقيق السلوكي"
للا إله إلا الله...
فليست لا إله إلا الله وجدانًا قلبيًا عميقًا فحسب
بل هي التزام بما أنزل الله
ومن ثم فكل ما جاء من عند الله فالالتزام به
هو من مقتضيات
لا إله إلا الله.
وقد أحب الله هذه الأخوة وامتدحها وأوجبها على المؤمنين،
وأنزل فيها آيات كثيرة لعل من أبرزها ـ آيات الحجرات ـ:
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ
عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ
عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ
وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ
بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ[
[سورة الحجرات: 11، 12].
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
بالقرآن... بالمصاحبة... بالمعايشة... بالتوجيه المستمر...
بالقدوة في شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم ...
بالحب الذي يفيض من قلبه الكبير إليهم...
بالاهتمام بكل فرد منهم كأنه هو الأثير عنده...
بالممارسة العملية للمشاعر الإيمانية داخل الجماعة...
بهذه الوسائل مجتمعة ربّى رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الجماعة المتآخية التي صنعت بتآخيها الأعاجيب
وأقام ذلك البنيان المتين المترابط، الذي يشد بعضه بعضًا فيقويه...
وفي غربة الإسلام الثانية نحتاج إلى مثل ما احتاج إليه الأمر في الغربة الأولى...
إن لم يكن على ذات المستوى السابق فعلى أقرب المستويات إليه...
ذلك أن الضغوط الجاهلية تفتت كل ترابط ما لم يكن وثيق الرباط
إلى الحد الذي يتحمل كل الضغوط
ويبقى وثيقًا رغم كل الضغوط...
كم يستغرق هذا الأمر؟ لا أدرى! ولكني أعلم يقينًا أنه مطلوب...
وأن القاعدة التي يقع عليها عبء مواجهة الجاهلية
بكل كيدها ينبغي أن تحقق في سلوكها العملي هذا الخلق من أخلاقيات
لا إله إلا الله لتصبح جديرة برعاية الله...
ولكي تستطيع أن تمضي في الطريق متآخية متساندة مترابطة
وهي تتعرض للأهوال)
.http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
والداعية إلى الله تعالى أحوج الناس إلى أن يكون محبوبًا مألوفًا
حتى تنفذ دعوته إلى القلوب ويدوم أخذ أصحابه عنه
ومن ثم كان من الضرورة بمكان
أن يتقي ما يعكر صفو العلاقة بينه وبين من التفوا حوله
حتى تبقى الأخوة بينه وبينهم عميقة قوية
مما يعين على تعاونهم معه وانتفاعهم به وقبولهم منه.
ومن جهة أخرى فحاجة كل منا وحاجة الإنسان عامة
إلى الصاحب والحبيب من الحاجات الأساسية
والمطالب النفسية التي لا تنكر حتى يتمكن من قطع مسيرته في هذه الحياة
فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه()
فإن إخوان الصدق زينة في الرخاء وعصمة في البلاء()
فإن رؤيتهم تفرح القلب وتريح النفس وتزيل الغم.
وصدق عمر رضي الله عنه إذ يقول:
لقاء الإخوان جلاء الأحزان().
وقال بعض السلف: روح العاقل في لقاء الإخوان().
وسئل سفيان رحمه الله: ما ماء العيش؟ قال: لقاء الإخوان.
وقيل لمحمد بن المنكدر: ما بقي من لذتك؟
قال: التقاء الإخوان وإدخال السرور عليهم().
وقيل لبعض الحكماء:
ما العيش؟ قال: إقبال الزمان، وعز السلطان، وكثرة الإخوان().
وقيل:
حلية المرء كثرة إخوانه().
ورحم الله الحسن إذ يقول: إخواننا أحب إلينا من أهلينا
إخواننا يذكروننا بالآخرة، وأهلونا يذكروننا بالدنيا().
وأي طعم للحياة بدون الأحبة؟!
وما أرق قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه الحسن:
يا بني، الغريب من ليس له حبيب().
http://www.m.v90v.com/data/media/17/141.gif
مازال للحديث بقية
تابعونا فى الجزء الثاني
انتظرونا
http://www.m.v90v.com/data/media/17/df2711.gif
م/ن للأمانة