المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل هذا الفساد ؟!


عفراء
23-04-2011, 12:48
حازم مبيضين
نتوقف عند خبر عن صفقات فساد لتهريب النفط العراقي, بلغت الرشاوى المدفوعة لتنفيذها تسعة ملايين دولار, لاندري بعد من قبضها ومن صرفها, وتستدعي حادثة الاعتداء على مكتب الصحفي جهاد أبو بيدر, على خلفية نشره خبراً يتعلق بمكافحة الفساد, التوقف عند الأحاديث الشفوية المطاطة عن حرية الإعلام وحريات الصحفيين, وهي حادثة كنا نظن أنها ستحظى بمتابعة أكثر تشدداً من قبل المسؤولين, بدل محاولة لفلفة الموضوع, من خلال تبويس اللحى الذي لم يعد مجدياً حيال التهديد بالقتل, ولكن الواضح أن الفساد يمتلك أنياباً حادة ما تزال جاهزة للنهش, ويمتلك أسلحة جاهزة للإجهاز على كل الإصلاحيين بغض النظر عن النتائج.
يتشارك غالبة الاردنيين في الثقة بأن سفر السيد خالد شاهين للعلاج كان أمرا دبر بليل, وأن نفوذ هذا الرجل كاد يمتد إلى الجامعات حين قدم نفسه راعياً للعلم, ومع ذلك فهو يحظى اليوم برعاية صحية عصية على المواطنين العاديين, رغم أنه كان يقضي محكوميته بالسجن في منتجع فاخر, وهو مطلوب للقضاء في قضية فساد أخرى.
سكن كريم لم يكن كريماً كم أراد له مطلق المبادرة, وتحول بفعل الفساد إلى منجم للنهب, أوغل فيه المقاولون الذين لم يكتفوا بالربح الحلال من المشروع, فتقاولوا مع مسؤولين تربوا على الفساد لينتقصوا من هيبة المشروع, وليتحول بعد أن كان يستهدف مساعدة الفقراء, إلى مأساة ماثلة في كل البيوت وإلى سيولة حرام انصبت في جيوب الفاسدين.
في الفوسفات تم منح عطاء بطريقة التلزيم لمتعهد واحد فقط, وهناك بينات أخرى تشير إلى تجاوزات بتلزيم عطاءات أخرى يتم التحقق منها حالياً, تبلغ قيمة كل منها عشرة وتسعة ملايين دينار على التوالي.
واحدة من كبريات الشركات التي تمتص من المواطنين قوت أطفالهم, تتهرب من دفع التزاماتها الضريبية لخزينة الدولة, والتي نص عليها القانون الذي يحميها, ولعلنا سنكتشف قريباً أن شركات أخرى من المجموعة التي تمتلك هذه الشركة, وهي مجموعة عابرة للنشاطات الاقتصادية تهربت بالملايين, والمؤكد أن ذلك لايمكن أن يتم دون تواطؤ من جهة ما متنفذة وقادرة.
المدير العام لواحدة من كبريات الشركات " موارد " يقبع اليوم خلف القضبان, ولا ندري كم من الأسماء الكبيرة ستلحق به, على خلفية فساد بالملايين, في بلد شحت موارده ويتحمل من الديون ما لاطاقة للأجيال القادمة على تسديدها, وهو الذي كان مؤتمناً مثله مثل كل الفاسدين الذين ستكشفهم الأيام القادمه.
المنحة النفطية الكويتية التي لا يدري أحد أين ذهبت أموالها, وهي قضية نوقشت في مجلس النواب الكويتي, لنتبين أن مسؤولاً أردنياً كبيراً وجه رسالة خطية لوزير النفط الكويتي، طلب فيها أن تبيع الكويت مقدار المنحة النفطية، التي كانت مخصصة للأردن، وإيداع قيمتها النقدية في حساب رجل تركي.
الوزير الذي قضى في موقعه فترة لاتزيد عن السنة, ليخرج منها فيبني عمارة ضخمة في أغلى شوارع العاصمة, مع أنه لم يكن معروفاً عنه الثراء الفاحش الذي يمكنه من ذلك قبل حمله لقب معالي, والمسؤول الذي أهدي بعض الإعلاميين سيارات وشققاً, فاسد ومفسد, والذين قبلوا هذه الرشوة فقدوا القدرة على فتح عيونهم على فساد هذا المسؤول.
نتفرج ومعنا الحكومة على كل هذا الخراب العميم الذي تصعب الإحاطة بالمدى الذي وصل إليه في نخر أسس الدولة والمجتمع, ومطلوب منا أن نهتز طرباً على وقع الأغاني " الوطنية " المنطلقة من سيارات يلوح ركابها بالكوفيات الحمراء وترفرف على مقدماتها الرايات, وكأن راكبيها قد فرغوا للتو من تحرير القدس, ومطلوب منا أن نصطحب أطفالنا لمشاهدة هذه المواكب لننمي فيهم الروح الوطنية.
محزن حد الفجيعة " فزعة " البعض لأبناء عشائرهم الموصومين بالفساد, على خلفية باهتة من التضامن العشائري المغيب للشعور الوطني والانتماء الحقيقي للوطن, كبديل عن الإنتماء الضيق الأفق للعشيرة, ولاندري كيف يكون موقف العشيرة حين يعترف إبنها أنه كان فاسداً, وأنه نهب أموال المواطنين وتصرف بمقدرات الوطن.
لايكفي الحجز على حرية الفاسدين في سجون خاصة بالاثرياء, أو في منتجعات خاصة بهم, فهم أخطر على المجتمع والدولة من لص سطا على دكان, أو اثنين تشاجرا في السوق, أو شاب مخمور عائد إلى بيته ليلاً بعد أن ثمل ودفع ثمن ذلك من ماله الخاص, أو سائق تورط في دهس مواطن لم يلتزم بقطع الشارع في الموقع المخصص لذلك.
تتنوع أشكال الفساد وترتدي لبوساً مختلفاً في كل موقع, ويمكن بكل بساطة اعتباره فاسداً كل مسؤول يتصرف في موقعه, وكأنه ورثه عن أبيه, فلا يعين غير أقاربه ليكونوا عيوناً له في كل زاوية, ويعتبر أن كل تعيين خارج هذا الإطار منحة يستحق عليها الولاء المطلق, والموظف الذي لايقوم بعمله بأمانة فاسد يجب محاسبته, لأن الفساد حين يستشري هنا فانه ينسحب على المجتمع ليفسده, فالموظف المرتشي يفسد أيضاً المواطن الذي يقدم له الرشوة.
هيئة مكافحة الفساد يجب أن لا تكون تابعة للسلطة التنفيذية, ولا لأي سلطة, يجب أن تكون مستقلة بالكامل, وأن يعين رئيسها وأعضاء الهيئة بموافقة مجلس النواب, على أن يتعذر على أي جهة إنهاء عمل قيادة الهيئة قبل انقضاء فترة تحدد مسبقاً, وتكون كل قراراتها محصنة بالقانون, ويمنع أي كان من التدخل في شؤونها وتحقيقاتها, وهي في هذا الاطار تحتاج ميزانية مستقلة وكافية, مثلما يحتاج من يقدم لها أوراقاً تثبت حادثة فساد إلى حماية كاملة.
يتفجر الفساد في وجه المواطن المسكين, وإلى حد فقدانه الثقة بكل ما هو موجود, وتلك هي الطامة الكبرى, وهذا ما يحتم على مفاصل القرار النظر إليه بجدية حتى لاتضيع البوصلة ونفقد القدرة على تحديد الاتجاهات.

شذى الورد
23-04-2011, 13:12
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .