المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكومات كافأت الفاسدين واللصوص بمناصب وزارية ومواقع حساسة


م.محمود الحجاج
27-03-2011, 22:49
لم يخرج الحديث في الفساد عن باب المفاهيم , اي انه لم يصل بعد الى التطبيق الواقعي ولم يقع حتى اللحظة في باب الاصلاح , هكذا يرى جلالة الملك في رسالته الاخيرة لرئيس الوزراء , فالملك كان واضحا ً جداً هذه المرة بضرورة ملاحقة الفاسدين والاطاحة بهم ومحاكمتهم وايقاع القصاص الذي يستحقونه .

ماذا تريد الحكومة لتبدأ الحملة بشكل جدي وهي تعلم ان حجم الفساد في دولة صغيرة كالاردن يدعو للذعر والصدمة ؟ هذا اذا ما تأكد لدينا بأن حجم الإختلاسات والسرقات خلال العقد الاخير بلغ عدة مليارات من الدنانير ذهبت الى جيوب البعض ممن وجدوا في هذا الوطن مرتعا ً خصباً لنزواتهم وأيديهم التي طالت كل شيئ دون رقيب أو حسيب وأمام مرأى ومسمع الحكومات المتعاقبة , لابل ان بعض هذه الحكومات كانت تكافئ هؤلاء بمناصب وزارية واخرى حساسة لينهشوا في جسد هذا الوطن ما شاؤوا , ويسرقوا خيراته وينهبوا مقدراته إلى أن جعلونا على ( الحديدة ) .

لم يعد الامر بحاجة الى اللفلفة او التحايل , فالشعب واعٍ ووصل الى مرحلة عالية من الادراك والاستيعاب والفهم , وهو اليوم بحاجة الى تسمية الاشياء بمسمياتها , واذا كانت الحكومة تشعر بالحرج او الخجل من اعلان اسماء كبار المفسدين واللصوص والحرامية فليتركوا الشعب يفعل ذلك , وهاهو فعلا ً بدأ بذلك , ومالكم الا العودة الى حملة ( جايين ) في اعتصامها الاخير , واعلانها عن بعض الاسماء. ندرك ان قائمة الفساد كبيرة , وربما يصاب المواطن بالهلع لو تم الاعلان عنها بشفافية ووضوح , لا يهم الهلع الذي سيصيبنا , سيكون مؤقتا ً , وسنصحو سريعا ً على واقع لا يصدق , فحجم السرقات وعمليات النهب المستمرة يصل الى حدود من الخرافة , فإلى متى تسكت الحكومة عن ذلك , ولماذا لا تنفذ فورا ً ما امر به الملك تجاه هذه الحفنة المارقة التي حولت الوطن الى مجرد مزرعة يرتعون فيها وينهبون خيراتها؟ القائمة الكبيرة تضم رؤساء حكومات ووزراء ومدراء مؤسسات هامة واصحاب نفوذ كنا نرتعد من ذكر اسمائهم , وقد حان الوقت للكشف عن هؤلاء وتقديمهم للقضاء والعمل الفوري على تجميد اموالهم , فهؤلاء ليسوا بافضل من حسني مبارك ولا زين العابدين بن علي و أقاربه وأنسبائه , فمصر وتونس اتخذتا القرار بتجميد كل اموال ازلام النظام ولصوصه , وعلينا تدارك الوقت والاسراع في ذلك , فمن حق الشعب الاردني ان يعرف هؤلاء ويكشفهم , ومن حقه أيضا ً إعادة كل الاموال التي سرقت , والتي باستطاعتها تحويل الاردن الى واحة من الرخاء الاقتصادي وجعلها سويسرا الشرق , المهم ان نبدأ وان لا نبقى ندور في خانة المفاهيم لأننا ( دٌخنا) من ذلك , وكأن الحكومة تتلاعب بنا وبأعصابنا , لابل وتحاول استغفالنا , وتعمل على تضييع الوقت وتمييع الامور وهي تراهن على ذاكرتنا المثقوبة .

يقول احدهم ان قائمة اسماء المفسدين ( بتخوّف ) ! هذا صحيح لان من سرق المليارات هم من علية القوم وليسوا من صغار الشعب , لأن المواطن العادي ليست لديه القدرة على سرقة مليون او عشرات الملايين , واذا سرق فربما يكون الهدف اطعام افراد اسرته الذين اصابهم الجوع حيث شبع هؤلاء الاوغاد ممن سرقوا قوته وحرموا اطفاله ابسط حقوقهم , وفي النهاية يحاكم هذا المواطن الغلبان , ويبقى اللص الكبير حرا ً طليقا ً ومستمرا ً في فساده وإفساده وفوق كل ذلك يطلقون عليه لقب ( شاطر ) ! وصلنا الى مرحلة لا مهادنة فيها , وسيكون للاعلام دور كبير في هذا الاتجاه , واجزم بأن هذا الاعلام سيكون مصدرا ً هاما ً لدائرة مكافحة الفساد , وفي شيحان سنفتح ابوابنا لإستقبال أية وثائق تتعلق بفساد هنا او هناك ولن نتردد في نشرها بعد التحقق منها وتزويد المكافحة بنسخ منها , ونؤكد بأن ذلك من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر , فدعونا نقضي على هذا المنكر الذي عاث فساداً وخرابا ً وتدميرا ً بالوطن ومقدراته . الحديث في الفساد يطول , ولا نريده ان يبقى مجرد حديث فحسب , فهناك قضايا متعددة وكبيرة وضخمة من عمليات بيع اراضي الدولة والتساؤل حول كيفية بيعها ولمن ذهبت وقيمة الاموال المدفوعة واين ذهبت هذه الاموال وصولا ً الى مشروع سكن كريم الذي بلغت تكلفته ما يقارب الربع مليار دينار , وحجم السرقات فيه يكاد يصل الى نصف هذا المبلغ , وما بينهما مئات القضايا التي تصيبنا بالصداع وربما الصرع.؟

قبل شهور وقف رئيسان سابقان للجمهورية في كوريا الجنوبية وبملابس السجن في المحكمة بتهم تتعلق بالفساد وتم الحكم عليهما بالسجن المؤبد , ورئيس فرنسا السابق جاك شيراك يحاكم اليوم بتهمة فساد صغيرة وهي تعيين واحد وعشرين موظفا ً في بلدية باريس حينما كان عمدة لها , وفي بلدية الزرقاء وحدها تم تعيين اكثر من ثمانين شخصا ً بوظيفة مأمور مقسم والحاجة هي فقط لستة موظفين , وتم اكتشاف مئات عمال النظافة الذين يتقاضون رواتبهم وهم في بيوتهم , هذه فقط مقارنة بسيطة مع بلدية باريس التي يقطنها اكثر من خمسة عشر مليونا ً ! للتذكير فقط .. قبل اكثر من عشرين عاما ً كتبت ٌ عن الفساد في احدى الدوائر الهامة بالدولة وعلى مدى ثلاث حلقات وبالوثائق والادلة الدامغة , وتم رفع قضية ضدي والصحيفة التي كنت اعمل بها , ورغم كل الوثائق التي ابرزتها امام المحكمة الا اننا خسرنا القضية ودفعنا تعويضا ً مقداره اثنا عشر الف دينار .

انهم حيتان البلد ومصاصو دمائه , فهل نستطيع مناطحتهم خلال الفترة القادمة ام انهم سيطيحون بنا ارضا ً ؟
د. محمد ابوبكر