نكهة القهوة
27-03-2011, 22:44
9/27
16_12_2009
المرحوم باذنه تعالى الحاج ....
~~
علا .. بدنا نروح بدري .. رايحة معنا ؟
يلا يلا ئايمة ..
سأغسل وجهي فقط ، لن أتأخر أسناني لـِمَ انظفها !؟
سآخذ عمر نعم .. أريده أن .. سآخذه !
ماما ؟ " روح باي ؟ "
في الطريق .. في النفق الذي نجتازه ويحمل مسمى : الدنيا
تأملت الأماكن القريبة .. وبعض البعيدة ، ليس ثمة سوى وجهه وراء أضلعي !
أدرك بأنها شهدت بعض خطواته ، هل فعلا تشتاق الينا الأماكن ؟
أمارس محاولة متعبة من التماسك !
الحياة تستطيع كل القسوة .. تبدو غير مقنعة ، تستدرجنا لطقوسها المجنونة
تزدحم بنا .. على اختلاف القلوب التي نحملها
وتنهينا كلنا إلى مكان واحد !
على القلب أن يكون كبيرا ليتسع للصبر ! متى انتهينا لن نستطيع محاولة أخرى !
فعلى غرابة طرح الحياة .. وعلى اقناع قسوتها ، لا تزال هذه الحياة كل شيء : ممكنة !
لا نستطيع ابدا ان ندير ظهرنا اليها !
وان كانت تمنحنا العزاء الحقيقي .. تمنحنا مساحة قليلة من المَــرَض !
في سرّي : سلام عليكم دار قوم مؤمنون .. أنتم السابقون ونحن اللاحقون
دعوني أعترف لكم ، وللمرة الأولى .. وربما للمرة الأخيرة
ان المسافة بين الحياة .. وفقد الحياة !
دوامة ورتابة تضيق وتضيق عندما تصير بحجم الفشل !
ليصبح حجم ما نحبه ونلهث اليه .. في حجم ما لا نحبه ونريده ان يذهب !!
اعترف لكم : الغرفة الضيقة التي نسكنها في داخلنا
عليها ان تكون دربا لمرجا اخضرا للغير
حتى تنير لنا المكان الأخير !
بصوت لا بد وأستطيعه :
حنان ؟ في أي قطعة ؟
قرب مقبرة الأطفال .. انسيتِ ؟
بلا وعي قلت : هو كان كالأطفال ..
كان والدي مدينة !
مدينة لها أجنحة !! كالدهشة طيبة وبساطة وكرم
كان رجلا ، له قلب طفل !
يدخل الى وحدته المعتادة ممارسا ابجدية التأمل والصمت بكل وقار
دائما كان يكتفي بالقراءة !
يقرأ الوجوه ..
يقرأ المواقف ..
ويقرأ الطبيعة والحائط !!
لا يلفظ عن التقويم ورقة يوم إلا يصلي الخمس وما حولها و.. كان مسلما قولا وفعلا !
كلامه قليل جدا !
وقلبه كبير جدا جدا !
لهذا الرجل اجنحة تضرب النوافذ لتخرج للحرية لا يعود للمقعد الا مضطرا !!
حبسه المرض لسنوات شعرت بأنها قاتلته .. وفعلت !
امي التي حمدت الله انني لم اشهد وفاته .. لم تكن داعمه لذهابي لهذه الزياره ولا التي سبقتها العام الماضي
الام تعتقد باستمرار بأن أطفالها وان كانوا أطول منها !
تعتقد باستمرار بأنهم صغار .. ضعاف ، بحاجة لرعايتها من كل شيء !
آه يا أمي !
أسأل الله أن لا أقوم بمثل هذه الزيارة لكِ أبدا !!
يومي قبل يومك !
كادت أصابعي تخرج من يدي !
صار الحديث علي صعب جدا !
هناك قرب القبر الأخضر ..نعم تذكرت !
القبور الصغيرة الآمنة ، كانت سبب ارتعاشي ، فالطقس البارد استأذن احساسي واختفى ! منذ خرجت لزيارته
البيئة التي احاطتني وأثرت بي ، كانت بيئة من المشاعر .. من احساس اقتحمتني لتفقدني الرغبة حتى في رؤية عمان في مساء ممطر !!
ماما " ئينو جدّو " ؟ رفع عمر عينيه بهدوء واغمضهما بهدوء ، قرأ على وجهي ما ألزمه الصمت !
نظرت اليه .. ثم لتلك المربعات الصغيرة ، روح الطفولة واحدة .. وان كانت تتوزع على أجساد عديدة !
هو هنا ماما .. وابتسمت !
أمسكت بيده الصغيرة
تأكدت بأن جيبي يحمل القلم الأسود ، وتوجهت اليه !
أوصيته : " ئوول سلام عليكم جدو ! ولا تمشي ماما او تؤعود هون جدو نايم ! "
قريبة جدا جدا من الأرض التي تحمله ، وضعت يدي المرتجفة على الصخر ، سألت الله له المغفرة والرحمة
وتحدثت اليه .. سألته ان يسامحني
تأخرت كثيرا في الحضور !
تأخرت كثيرا أن أقول له : أنا أحبك !!
فقدت أصابعي القدرة على السفر على كل هذا السد !
فقدته !
بحاجة ان اراه ،
اشتقت اليه كثيرا !
علا .. ادعيلو ، ادعيلو ..
لم نعد نلتقي متى نشاء !
امسكت بالقلم .. وكتبت على اللون الباهت :
9/27
16_12_2009
المرحوم باذنه تعالى الحاج ....
هي المرة الثانية التي احقد بها على جبروت الحت والتعرية .. لم تصر أن تجعل الكتابة باهته على الشاهد !
والله وكأنها تنحت على روحي وتعريها من السلام !
عندما يكون هناك عجز فقط منتظر من التراب !
نفقد آخر ما لدينا من قوة !
نبدأ رحلتنا الآنية من الانسانية الخاليه تماما الا من التوحيد !
لحظة رأيت القبر المرة الأولى ، اكتشفت بأن مسافة الحياة : حاجز من تراب !
نتمرد ما نستطيع على محطات الجنون
نختار .. نختار .. لا نختار .. نقبل نرفض ..
نقيم بيوتا من احلام
من اوهام
من قصائد
ومن احجار
نفعل كل ما نستطيعه ، ثم ، يفصلنا عن كل شيء : تراب !
ليس سهلا أن نقهر من سد من تراب ، ونحن نظن بأننا أقوى من الأيام !
كيف استطيع ان ازيله لألقي بنفسي بين ذراعيه من جديد طفلة ؟
لا أستطيع !
أعطاني كل شيء .. هذا الرجل ، أعطاني
الكرامة .. المبدأ .. الهدف .. الوطن والحرية ، أعطاني أسمى المعاني
له وحده من كل رجال الأرض ، أقدم كامل الحب بلا اي نقص !
مرة أخيره أجعل الكتابة واضحة على الشاهد
أترك لحزني بعض الوقت ليعود ثابتا
اقف على قدمي
في اللحظة التي أردت أن أشده الى صدري
حملت عمر ووضعت رأسه ملاصقا لعنقي
وهمست : الى اللقاء .. الله يرحمك يابا
سلام عليكو جدو !
قبلت صغيري على رأسه ، ولم أجسر أن أنظر للقبر مودعة ،
أحمل اسمه .. وأحمله هنا في قلبي .
16_12_2009
المرحوم باذنه تعالى الحاج ....
~~
علا .. بدنا نروح بدري .. رايحة معنا ؟
يلا يلا ئايمة ..
سأغسل وجهي فقط ، لن أتأخر أسناني لـِمَ انظفها !؟
سآخذ عمر نعم .. أريده أن .. سآخذه !
ماما ؟ " روح باي ؟ "
في الطريق .. في النفق الذي نجتازه ويحمل مسمى : الدنيا
تأملت الأماكن القريبة .. وبعض البعيدة ، ليس ثمة سوى وجهه وراء أضلعي !
أدرك بأنها شهدت بعض خطواته ، هل فعلا تشتاق الينا الأماكن ؟
أمارس محاولة متعبة من التماسك !
الحياة تستطيع كل القسوة .. تبدو غير مقنعة ، تستدرجنا لطقوسها المجنونة
تزدحم بنا .. على اختلاف القلوب التي نحملها
وتنهينا كلنا إلى مكان واحد !
على القلب أن يكون كبيرا ليتسع للصبر ! متى انتهينا لن نستطيع محاولة أخرى !
فعلى غرابة طرح الحياة .. وعلى اقناع قسوتها ، لا تزال هذه الحياة كل شيء : ممكنة !
لا نستطيع ابدا ان ندير ظهرنا اليها !
وان كانت تمنحنا العزاء الحقيقي .. تمنحنا مساحة قليلة من المَــرَض !
في سرّي : سلام عليكم دار قوم مؤمنون .. أنتم السابقون ونحن اللاحقون
دعوني أعترف لكم ، وللمرة الأولى .. وربما للمرة الأخيرة
ان المسافة بين الحياة .. وفقد الحياة !
دوامة ورتابة تضيق وتضيق عندما تصير بحجم الفشل !
ليصبح حجم ما نحبه ونلهث اليه .. في حجم ما لا نحبه ونريده ان يذهب !!
اعترف لكم : الغرفة الضيقة التي نسكنها في داخلنا
عليها ان تكون دربا لمرجا اخضرا للغير
حتى تنير لنا المكان الأخير !
بصوت لا بد وأستطيعه :
حنان ؟ في أي قطعة ؟
قرب مقبرة الأطفال .. انسيتِ ؟
بلا وعي قلت : هو كان كالأطفال ..
كان والدي مدينة !
مدينة لها أجنحة !! كالدهشة طيبة وبساطة وكرم
كان رجلا ، له قلب طفل !
يدخل الى وحدته المعتادة ممارسا ابجدية التأمل والصمت بكل وقار
دائما كان يكتفي بالقراءة !
يقرأ الوجوه ..
يقرأ المواقف ..
ويقرأ الطبيعة والحائط !!
لا يلفظ عن التقويم ورقة يوم إلا يصلي الخمس وما حولها و.. كان مسلما قولا وفعلا !
كلامه قليل جدا !
وقلبه كبير جدا جدا !
لهذا الرجل اجنحة تضرب النوافذ لتخرج للحرية لا يعود للمقعد الا مضطرا !!
حبسه المرض لسنوات شعرت بأنها قاتلته .. وفعلت !
امي التي حمدت الله انني لم اشهد وفاته .. لم تكن داعمه لذهابي لهذه الزياره ولا التي سبقتها العام الماضي
الام تعتقد باستمرار بأن أطفالها وان كانوا أطول منها !
تعتقد باستمرار بأنهم صغار .. ضعاف ، بحاجة لرعايتها من كل شيء !
آه يا أمي !
أسأل الله أن لا أقوم بمثل هذه الزيارة لكِ أبدا !!
يومي قبل يومك !
كادت أصابعي تخرج من يدي !
صار الحديث علي صعب جدا !
هناك قرب القبر الأخضر ..نعم تذكرت !
القبور الصغيرة الآمنة ، كانت سبب ارتعاشي ، فالطقس البارد استأذن احساسي واختفى ! منذ خرجت لزيارته
البيئة التي احاطتني وأثرت بي ، كانت بيئة من المشاعر .. من احساس اقتحمتني لتفقدني الرغبة حتى في رؤية عمان في مساء ممطر !!
ماما " ئينو جدّو " ؟ رفع عمر عينيه بهدوء واغمضهما بهدوء ، قرأ على وجهي ما ألزمه الصمت !
نظرت اليه .. ثم لتلك المربعات الصغيرة ، روح الطفولة واحدة .. وان كانت تتوزع على أجساد عديدة !
هو هنا ماما .. وابتسمت !
أمسكت بيده الصغيرة
تأكدت بأن جيبي يحمل القلم الأسود ، وتوجهت اليه !
أوصيته : " ئوول سلام عليكم جدو ! ولا تمشي ماما او تؤعود هون جدو نايم ! "
قريبة جدا جدا من الأرض التي تحمله ، وضعت يدي المرتجفة على الصخر ، سألت الله له المغفرة والرحمة
وتحدثت اليه .. سألته ان يسامحني
تأخرت كثيرا في الحضور !
تأخرت كثيرا أن أقول له : أنا أحبك !!
فقدت أصابعي القدرة على السفر على كل هذا السد !
فقدته !
بحاجة ان اراه ،
اشتقت اليه كثيرا !
علا .. ادعيلو ، ادعيلو ..
لم نعد نلتقي متى نشاء !
امسكت بالقلم .. وكتبت على اللون الباهت :
9/27
16_12_2009
المرحوم باذنه تعالى الحاج ....
هي المرة الثانية التي احقد بها على جبروت الحت والتعرية .. لم تصر أن تجعل الكتابة باهته على الشاهد !
والله وكأنها تنحت على روحي وتعريها من السلام !
عندما يكون هناك عجز فقط منتظر من التراب !
نفقد آخر ما لدينا من قوة !
نبدأ رحلتنا الآنية من الانسانية الخاليه تماما الا من التوحيد !
لحظة رأيت القبر المرة الأولى ، اكتشفت بأن مسافة الحياة : حاجز من تراب !
نتمرد ما نستطيع على محطات الجنون
نختار .. نختار .. لا نختار .. نقبل نرفض ..
نقيم بيوتا من احلام
من اوهام
من قصائد
ومن احجار
نفعل كل ما نستطيعه ، ثم ، يفصلنا عن كل شيء : تراب !
ليس سهلا أن نقهر من سد من تراب ، ونحن نظن بأننا أقوى من الأيام !
كيف استطيع ان ازيله لألقي بنفسي بين ذراعيه من جديد طفلة ؟
لا أستطيع !
أعطاني كل شيء .. هذا الرجل ، أعطاني
الكرامة .. المبدأ .. الهدف .. الوطن والحرية ، أعطاني أسمى المعاني
له وحده من كل رجال الأرض ، أقدم كامل الحب بلا اي نقص !
مرة أخيره أجعل الكتابة واضحة على الشاهد
أترك لحزني بعض الوقت ليعود ثابتا
اقف على قدمي
في اللحظة التي أردت أن أشده الى صدري
حملت عمر ووضعت رأسه ملاصقا لعنقي
وهمست : الى اللقاء .. الله يرحمك يابا
سلام عليكو جدو !
قبلت صغيري على رأسه ، ولم أجسر أن أنظر للقبر مودعة ،
أحمل اسمه .. وأحمله هنا في قلبي .