ابو قنوة
24-02-2011, 14:05
أن «النكـتـة ثـورة صـغيـرة» ... قـال المـصـريـون الـكثيـر مـنـهـا
وسام متى
يروى عن الرئيس الراحل جمال عبد الــناصر أن أحــد مساعديه نقل إليه نكتة كانت تتـناقلها ألسن المصــريين خلال أزمة الأرز في الستينيات، عن مواطن مصري من سكان القاهرة علم أن الأرز متوافر في الاسكندرية، فاستقل القطار إلى هناك عله يتمـكن من شراء حاجته، لكن «الكمسري» طلب منه النزول في طنـطا لأنّ «طابور» المواطنين الذين يريدون شراء الأرز يبدأ من تلك المدينة الواقعة على بعد نحو مـئة كيلومتر من الاسكندرية. يومها تألم عبد الناصر وأمر المسـؤولين بإيجاد حل لهذه الأزمة... وهذا ما كان.
تعكس هذه الواقعة حقيقتين أساسيتين: الأولى، أن الشعب المصري لا يفقد روح الطرافة حتى في أحلك الظروف التي يمر بها، وهو ما يتبدّى في النكات والشعارات الساخرة التي رافقت «انتفاضة 25 يناير». والثانية، تأثر المسؤولين المصريين بالأحاديث الساخرة التي يتناقلها المصريون ليعبروا فيها عن واقعهم الصعب، وهو ما يؤكده المقربون من عبد الناصر وسلفه أنور السادات.
ليست السخرية السياسية ظاهرة جديدة على الشعب المصري، إذ يرى الباحثون أنها تعود إلى أيام الفراعنة، وهو ما تؤكده خبيرة الشؤون المصرية في متحف لندن كارول أندور في دراسة خلصت إلى أن أول نكتة سياسية مدوّنة في العالم كانت في مصر، وتتحدث عن فرعون كان يرغب في الصيد فلم يوفق، فألقى برجل في النيل لكي يصطاده.
وطوال الحكم المزمن لمبارك، حفل الشارع المصري بالنكات الساخرة، التي نظر إليها البعض على أنها مجرّد «تنفيس للاحتقان»، فيما رأى فيها آخرون نذيراً للثورة انطلاقاً من مقولة للكاتب البريطاني جورج أورويل بأن «النكتة ثورة صغيرة»، وأخرى لمؤسس المدرسة التحليلية في علم النفس سيغموند فرويد الذي رأى في النكتة «محاولة لقمع القمع».
ومع بدء العد العكــسي لانطلاق «انتــفاضة 25 يناير» تفجّر إبداع الطرافة عند المصريين، حيث امتلأت صفحات الفيسبوك بالرسومات الطريفة، ومن بينها صورة للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يقول لمبارك «ما تتأخرش عليّ يا كبير... الوحدة وحشة»، ونكات أخرى من بينها «بن علي يتصل بالإذاعة السعودية ويهدي مبارك أغنية مستنياك».
لكن بعد انطلاق الثورة امتلأت شوارع مصر والصفحات الداعمة للثورة على موقع «فيسبوك» بسيل من النكات التي استهدفت الرئيس المخلوع ورموز نظامه البائد. ومن أطرف ما رفع من لافتات في ميدان التحرير من بينها «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب البقر»، و«إرحل بقا... ايدي وجعتني» (رفعها شاب تبدو عليه ملامح التعب)، و«إرحل بقا... كتفي وجعني» (رفعها رجل يحمل ابنه على كتفيه)، و«انجر عشان أحلق»، و«امشي بقى عايزة استحمى»، و«غور بقى... الولية عاوزة تولد والولد مش عايز يشوفك»، وكلمة «إرحل» بالخط الهيروغليفي «عشان يفهم الفرعون»، وأخرى باللغة العبرية «ما بيفهمش عربي... قولها له بالعبري»، فيما رفع آخرون شعارات لافتات كتب عليها «مبارك يتحدى الملل»، و«رابطة نجاري مصر تسأل الأسطى مبارك... ما نوع الغراء الذي تستخدمه؟!».
ومع اقتراب «يوم الحسم»، رفعت لافتات تحمل نوعاً من التحدي: «إرحل قبل ما يجولك الصعايدة»، و«لو ما استمحتش النهارده في بيتي حاستحمى الجمعة في قصر الرئاسة»، و«خليك قاعد... إحنا حنجيلك»، و«ارحل... مراتي وحشتني... متزوج منذ 20 يوماً»، وصورة لمبارك كتب عليها «النظام يريد إسقاط الشعب»، ولافتات كتب عليها «لو هوّ رخم... إحنا أرخم»، و«إذا مش عاوز جدة فيه الرياض والدمام والصين... الصين حلوة يا ريّس»، و«لو مش عايز ترحل... رحّلنا إحنا بقى»، فيما تناقل آخرون نكتة تقول إن «اوباما طلب من مبارك أن يوجه رسالة الوداع للشعب، فما كان عليه إلا أن أجاب: هوّ الشعب رايح فين؟».
ورداً على حديث نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان عن «أجندات خارجية» للمتظاهرين في ميدان التحرير، رفع البعض لافتات مثل «يا عمر سليمان أنا بطلت الأجندة وجبت كشكول سلك»، و«عمر سليمان أجندته حمرا»، فيما قال آخرون إنهم سينزلون إلى ميدان التحرير «للحصول على أجندة»، لكنهم اشترطوا أن «تحوي خريطة العالم والأعياد الرسمية ورموز الاتصال بدول العالم»، ودعوة عبر الانترنت تقول: «انزلوا يا رجالة... بفرّقوا أجندات في التحرير».
كذلك لم تخل الردود على شائعات النظام، بأن المتظاهرين يحصلون على وجبات يومية من سلسلة مطاعم «كنتاكي»، من إبداعات ساخرة، إذ رد أحدهم عليها بالقول «كنتاكي قافل يا حمير»، فيما أعد آخر صورة لشعار «كنتاكي» وتحته عبارة «الإسلام هو الحل»، في إشارة إلى شعار جماعة «الإخوان المسلمين»، في حين قام بتحضير وجبات طعام شعبية من بينها البيض والجبنة والخبز المدعم تحت شعار «كنتاكي أهو!»، فيما تولى آخرون توزيع «الكنتاكي المصري»، أي البطاطس المشوية.
ومن الإبداعات الأخرى، تخصيص سلال لرمي النفايات العضوية وغير العضوية للحفاظ على نظافة ميدان التحرير، وقد كتب عليها أسماء مبارك وابنه جمال وعدد من رموز النظام، فيما رفعت لافتة فوق مكان مخصص لإلقاء النفايات كتب عليها «هنا المقر الجديد للحزب الوطني».
وبعدما تمكن المتظاهرون من حصار مقر مجلس الشعب رفعوا فوقه لافتة كتب عليها «مغلق حتى إسقاط النظام»، أما اللافتة المخصصة لمرور النواب فاستبدلت فيها عبارة «مخصص للنواب» بـ«مخصص للحرامية»، فيما رفع أحدهم رسماً كاريكاتورياً يظهر مبارك أمام قارئة الكف وهي تقول له «قدامك سكة سفر».
وقابل المصريون أيضاً غزوة «بلطجية النظام» على ميدان التحرير بنكات من بينها «مبارك يسأل: طمني يا سليمان كم عدد المؤيدين لنا، فأجابه نائب الرئيس: اطمن يا افندم، عندنا 300 بلطجي و200 جمل و400 حمار جاهزين للتحرك»، فيما استبدل البعض صراخ «امسك حرامي» بـ«امسك شرطة».
ومن بين النكات الأخرى التي تناقلتها ألسن المصريين وصفحات الانترنت أن «مبارك مات وقابل عبد الناصر والسادات، فسألاه: سم أو منصة، فهز برأسه وأجاب: لأ فيسبوك»، وأخرى عن محاكمة رجل الأعمال النافذ أحمد عز حيث «سألوه: من أين لك هذا، فقال: هذا من فضل ربي، ورد عليه الشيطان قائلاً: آه يا واطي يا ناكر الجميل»، وأخرى أن «مبارك شوهد يهتف للمتظاهرين: مش حامشي همّ يمشوا».
ولم تفارق روح النكتة المصريين حتى بعد انتصار الثورة، فقد رفع أحدهم لافتة كتب عليها «ارجع يا ريّس... كنا بنهزّر معاك» مع توقيع «الكاميرا الخفية»، ما دفع بالبعض إلى التعليق «اسكت يا عم أحـسن يصدّق»، و«ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه»، وهي العبارة التي يستخدمها المصريون لكي لا يحضر العفريت، و«باي باي مبارك... موبايلات بقى!»، فيما تناقلت أجهزة الهاتف الخلوي «البيان رقم 4» للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وفيه «لو ما تركتوش ميدان التحرير حتى يوم غد حنرجعلـكم مبارك»، وأخرى جاء فيها «من ميدان التحرير إلى الأخوة الأشقاء العرب: في حد مضايقكم تاني نخلعه قبل ما نترك الميدان؟»، فيما علق البعض عبر صفحات «فيسبوك»: «التلفزيون الرسمي المصري: كل الناس السعيدة في العالم بأسره مدفوعة من جهات أجنبية، ومطاعم كنتاكي كلها نفد من عندها الأكل»، في حين وجه آخرون دعوة للتظاهر يوم الجمعة المقبل تحت شعار «ارجع بقى وحشتنا».
وتوقع أحدهم «جيلا جديدا من أفلام الثورة»: ثرثرة جوه التحـرير (في إشارة إلى ثرثرة فوق النيل)، وأبي فوق الدبابة (أبي فوق الشـجرة)، وسلام يا حُسني (سلام يا صاحبي)، وليلة سقوط النظام (ليلة سقـوط بغداد)، وهيّ ثورة (هيّ فوضى)، واعزلني شُكراً (كلمـني شكراً)، والتحــرير رايح جاي (صعيدي رايح جاي)، وإحنا بتوع التحرير (إحنا بتوع الأوتوبيس)، ومُذكرات ثائرة (مذكرات تلميذة)، وأخويا ثائر وأنا منـدس (أخويا هايص وأنا لايص)، وجوازة في التحرير، واحترس من الفيسبوك (احترس من الخط). أما من اواخر السخريات، فهي: «شوهد مبارك يحاول الفرار الى غزة عبر نفق».
لعل من المستحيل على أي باحث أن يجمع كل الطرائف التي تناقلها المصريون خلال الأيام الثمانية عشر الأخيرة. لكن يبدو أن تأريخ الثورة المصرية من خلال نكاتها، يشكل وسيلة حيوية لدراسة حركة شعبية اتسمت منذ البداية بالعفوية والسخرية الذكية.
وسام متى
يروى عن الرئيس الراحل جمال عبد الــناصر أن أحــد مساعديه نقل إليه نكتة كانت تتـناقلها ألسن المصــريين خلال أزمة الأرز في الستينيات، عن مواطن مصري من سكان القاهرة علم أن الأرز متوافر في الاسكندرية، فاستقل القطار إلى هناك عله يتمـكن من شراء حاجته، لكن «الكمسري» طلب منه النزول في طنـطا لأنّ «طابور» المواطنين الذين يريدون شراء الأرز يبدأ من تلك المدينة الواقعة على بعد نحو مـئة كيلومتر من الاسكندرية. يومها تألم عبد الناصر وأمر المسـؤولين بإيجاد حل لهذه الأزمة... وهذا ما كان.
تعكس هذه الواقعة حقيقتين أساسيتين: الأولى، أن الشعب المصري لا يفقد روح الطرافة حتى في أحلك الظروف التي يمر بها، وهو ما يتبدّى في النكات والشعارات الساخرة التي رافقت «انتفاضة 25 يناير». والثانية، تأثر المسؤولين المصريين بالأحاديث الساخرة التي يتناقلها المصريون ليعبروا فيها عن واقعهم الصعب، وهو ما يؤكده المقربون من عبد الناصر وسلفه أنور السادات.
ليست السخرية السياسية ظاهرة جديدة على الشعب المصري، إذ يرى الباحثون أنها تعود إلى أيام الفراعنة، وهو ما تؤكده خبيرة الشؤون المصرية في متحف لندن كارول أندور في دراسة خلصت إلى أن أول نكتة سياسية مدوّنة في العالم كانت في مصر، وتتحدث عن فرعون كان يرغب في الصيد فلم يوفق، فألقى برجل في النيل لكي يصطاده.
وطوال الحكم المزمن لمبارك، حفل الشارع المصري بالنكات الساخرة، التي نظر إليها البعض على أنها مجرّد «تنفيس للاحتقان»، فيما رأى فيها آخرون نذيراً للثورة انطلاقاً من مقولة للكاتب البريطاني جورج أورويل بأن «النكتة ثورة صغيرة»، وأخرى لمؤسس المدرسة التحليلية في علم النفس سيغموند فرويد الذي رأى في النكتة «محاولة لقمع القمع».
ومع بدء العد العكــسي لانطلاق «انتــفاضة 25 يناير» تفجّر إبداع الطرافة عند المصريين، حيث امتلأت صفحات الفيسبوك بالرسومات الطريفة، ومن بينها صورة للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يقول لمبارك «ما تتأخرش عليّ يا كبير... الوحدة وحشة»، ونكات أخرى من بينها «بن علي يتصل بالإذاعة السعودية ويهدي مبارك أغنية مستنياك».
لكن بعد انطلاق الثورة امتلأت شوارع مصر والصفحات الداعمة للثورة على موقع «فيسبوك» بسيل من النكات التي استهدفت الرئيس المخلوع ورموز نظامه البائد. ومن أطرف ما رفع من لافتات في ميدان التحرير من بينها «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب البقر»، و«إرحل بقا... ايدي وجعتني» (رفعها شاب تبدو عليه ملامح التعب)، و«إرحل بقا... كتفي وجعني» (رفعها رجل يحمل ابنه على كتفيه)، و«انجر عشان أحلق»، و«امشي بقى عايزة استحمى»، و«غور بقى... الولية عاوزة تولد والولد مش عايز يشوفك»، وكلمة «إرحل» بالخط الهيروغليفي «عشان يفهم الفرعون»، وأخرى باللغة العبرية «ما بيفهمش عربي... قولها له بالعبري»، فيما رفع آخرون شعارات لافتات كتب عليها «مبارك يتحدى الملل»، و«رابطة نجاري مصر تسأل الأسطى مبارك... ما نوع الغراء الذي تستخدمه؟!».
ومع اقتراب «يوم الحسم»، رفعت لافتات تحمل نوعاً من التحدي: «إرحل قبل ما يجولك الصعايدة»، و«لو ما استمحتش النهارده في بيتي حاستحمى الجمعة في قصر الرئاسة»، و«خليك قاعد... إحنا حنجيلك»، و«ارحل... مراتي وحشتني... متزوج منذ 20 يوماً»، وصورة لمبارك كتب عليها «النظام يريد إسقاط الشعب»، ولافتات كتب عليها «لو هوّ رخم... إحنا أرخم»، و«إذا مش عاوز جدة فيه الرياض والدمام والصين... الصين حلوة يا ريّس»، و«لو مش عايز ترحل... رحّلنا إحنا بقى»، فيما تناقل آخرون نكتة تقول إن «اوباما طلب من مبارك أن يوجه رسالة الوداع للشعب، فما كان عليه إلا أن أجاب: هوّ الشعب رايح فين؟».
ورداً على حديث نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان عن «أجندات خارجية» للمتظاهرين في ميدان التحرير، رفع البعض لافتات مثل «يا عمر سليمان أنا بطلت الأجندة وجبت كشكول سلك»، و«عمر سليمان أجندته حمرا»، فيما قال آخرون إنهم سينزلون إلى ميدان التحرير «للحصول على أجندة»، لكنهم اشترطوا أن «تحوي خريطة العالم والأعياد الرسمية ورموز الاتصال بدول العالم»، ودعوة عبر الانترنت تقول: «انزلوا يا رجالة... بفرّقوا أجندات في التحرير».
كذلك لم تخل الردود على شائعات النظام، بأن المتظاهرين يحصلون على وجبات يومية من سلسلة مطاعم «كنتاكي»، من إبداعات ساخرة، إذ رد أحدهم عليها بالقول «كنتاكي قافل يا حمير»، فيما أعد آخر صورة لشعار «كنتاكي» وتحته عبارة «الإسلام هو الحل»، في إشارة إلى شعار جماعة «الإخوان المسلمين»، في حين قام بتحضير وجبات طعام شعبية من بينها البيض والجبنة والخبز المدعم تحت شعار «كنتاكي أهو!»، فيما تولى آخرون توزيع «الكنتاكي المصري»، أي البطاطس المشوية.
ومن الإبداعات الأخرى، تخصيص سلال لرمي النفايات العضوية وغير العضوية للحفاظ على نظافة ميدان التحرير، وقد كتب عليها أسماء مبارك وابنه جمال وعدد من رموز النظام، فيما رفعت لافتة فوق مكان مخصص لإلقاء النفايات كتب عليها «هنا المقر الجديد للحزب الوطني».
وبعدما تمكن المتظاهرون من حصار مقر مجلس الشعب رفعوا فوقه لافتة كتب عليها «مغلق حتى إسقاط النظام»، أما اللافتة المخصصة لمرور النواب فاستبدلت فيها عبارة «مخصص للنواب» بـ«مخصص للحرامية»، فيما رفع أحدهم رسماً كاريكاتورياً يظهر مبارك أمام قارئة الكف وهي تقول له «قدامك سكة سفر».
وقابل المصريون أيضاً غزوة «بلطجية النظام» على ميدان التحرير بنكات من بينها «مبارك يسأل: طمني يا سليمان كم عدد المؤيدين لنا، فأجابه نائب الرئيس: اطمن يا افندم، عندنا 300 بلطجي و200 جمل و400 حمار جاهزين للتحرك»، فيما استبدل البعض صراخ «امسك حرامي» بـ«امسك شرطة».
ومن بين النكات الأخرى التي تناقلتها ألسن المصريين وصفحات الانترنت أن «مبارك مات وقابل عبد الناصر والسادات، فسألاه: سم أو منصة، فهز برأسه وأجاب: لأ فيسبوك»، وأخرى عن محاكمة رجل الأعمال النافذ أحمد عز حيث «سألوه: من أين لك هذا، فقال: هذا من فضل ربي، ورد عليه الشيطان قائلاً: آه يا واطي يا ناكر الجميل»، وأخرى أن «مبارك شوهد يهتف للمتظاهرين: مش حامشي همّ يمشوا».
ولم تفارق روح النكتة المصريين حتى بعد انتصار الثورة، فقد رفع أحدهم لافتة كتب عليها «ارجع يا ريّس... كنا بنهزّر معاك» مع توقيع «الكاميرا الخفية»، ما دفع بالبعض إلى التعليق «اسكت يا عم أحـسن يصدّق»، و«ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه»، وهي العبارة التي يستخدمها المصريون لكي لا يحضر العفريت، و«باي باي مبارك... موبايلات بقى!»، فيما تناقلت أجهزة الهاتف الخلوي «البيان رقم 4» للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وفيه «لو ما تركتوش ميدان التحرير حتى يوم غد حنرجعلـكم مبارك»، وأخرى جاء فيها «من ميدان التحرير إلى الأخوة الأشقاء العرب: في حد مضايقكم تاني نخلعه قبل ما نترك الميدان؟»، فيما علق البعض عبر صفحات «فيسبوك»: «التلفزيون الرسمي المصري: كل الناس السعيدة في العالم بأسره مدفوعة من جهات أجنبية، ومطاعم كنتاكي كلها نفد من عندها الأكل»، في حين وجه آخرون دعوة للتظاهر يوم الجمعة المقبل تحت شعار «ارجع بقى وحشتنا».
وتوقع أحدهم «جيلا جديدا من أفلام الثورة»: ثرثرة جوه التحـرير (في إشارة إلى ثرثرة فوق النيل)، وأبي فوق الدبابة (أبي فوق الشـجرة)، وسلام يا حُسني (سلام يا صاحبي)، وليلة سقوط النظام (ليلة سقـوط بغداد)، وهيّ ثورة (هيّ فوضى)، واعزلني شُكراً (كلمـني شكراً)، والتحــرير رايح جاي (صعيدي رايح جاي)، وإحنا بتوع التحرير (إحنا بتوع الأوتوبيس)، ومُذكرات ثائرة (مذكرات تلميذة)، وأخويا ثائر وأنا منـدس (أخويا هايص وأنا لايص)، وجوازة في التحرير، واحترس من الفيسبوك (احترس من الخط). أما من اواخر السخريات، فهي: «شوهد مبارك يحاول الفرار الى غزة عبر نفق».
لعل من المستحيل على أي باحث أن يجمع كل الطرائف التي تناقلها المصريون خلال الأيام الثمانية عشر الأخيرة. لكن يبدو أن تأريخ الثورة المصرية من خلال نكاتها، يشكل وسيلة حيوية لدراسة حركة شعبية اتسمت منذ البداية بالعفوية والسخرية الذكية.