أنيسة
09-01-2011, 11:11
http://www.balagh.com/najah/images/51011.jpg
* د. ياسر عبدالكريم بكار
الأفكار والمعتقدات الخاطئة تتنوع لتلمس جوانب حياتنا كلها. وتبدأ من نظرتنا لأنفسنا وما نحكم به عليها في كل لحظة: "أنت إنسان فاشل، كيف ستنجح وأنت المتعثر منذ أيامك الأولى في الدراسة، كيف ستنجح وأنت الذي فشلت في كذا وكذا.. أي مستقبل ينتظر مَن عاش في مثل الظروف التي عشت فيها.. كل مَن حولي ينظرون إليَّ نظرة إحتقار وامتهان.. أنا أقل مستوى منهم"، أو "كيف تعتقدين أن بإمكانكِ أن تكوني إمرأة صالحة وأنتِ التي فعلت وفعلت.. أين أنتِ من تلك المرأة التي فعلت وفعلت..". وعلى ذات المنوال نصوغ عن أنفسنا أفكاراً لا تنتهي: "هذه طبيعتي منذ الصغر ولا يمكن أن أتغير، لا أستطيع فعل ذلك، هذا مستحيل، صعب، غير ممكن، بعيد المنال".. وهكذا عشرات المعتقدات عن أنفسنا التي لم نحاول أن نختبرها على الأقل، ولا أن نكلف أنفسنا التأكد من صحتها. والنتيجة: عجز وخنوع وشعور باليأس وإنعدام الأمل.
تنال هذه الأفكار والمعتقدات الخاطئة أيضاً من نظرتنا إلى العالم من حولنا. لقد عاش فئة كبيرة من الناس، ومازالوا، أسرى لفكرة (المؤامرة) في تفسير كل ما يحدث للعرب والمسلمين.
تكمن أهمية المعتقدات في أنّ الله سبحانه وتعالى زوّد الإنسان بقدرات هائلة، وإمكانيات لا محدودة، فما الذي يحبسنا عن الإستفادة منها؟ من أهم العوائق هي قناعاتنا عن أنفسنا. فمَن ينظر إلى نفسه بأنّه فاشل فلا تتوقع منه الكثير.. ولهذا قال أحد المفكرين: (أنت تؤمن به) فما تعتقد بأنك قادر على القيام بفعله فسوف تفعله. وما تعتقد أنك غير قادر على إنجازه فسوف تعجز عن أدائه لا محالة.
- من أين تتشكل هذه القناعات؟
لا ترتكز القناعات عادةً على حقيقة واقعية. فهي تتشكل من ركام الذكريات، حيث الصراعات القديمة، وتعليقات الأبوين القاسية، وانتقادات معلم غير مسؤول، ومن خبرات الماضي وتجاربه، حين كنّا أشخاصاً أضعف وأقل حكمة وخبرة. ولكن بما أن تلك التأملات نابعة منّا نحن، فهل يوجد مصدر أكثر منّا مصداقية!. ولذا فنتعامل معها وكأنّها حقيقة مطلقة، ونتركها تسرق أعمارنا دون أن نراجعها أو نفحصها من جديد.
جاءني شاب في أواسط الثلاثينات من عمره. كان محبطاً ضيق الصدر وقال: "أنا فعلت وسويت. أنا إنسان غير صالح ولا أستحق الحياة.. قلت له هل أنت متزوج؟ قال: نعم. هل لديك أطفال؟ قال: نعم، عندي طفل عمره ثلاثة أعوام. وكيف زواجك؟ قال: تمام.. والعمل؟ قال: الحمد لله مستقر.. تصلي؟ قال الحمد لله.. وهكذا جعلت أسأله عن أشياء تدل على نجاحاته وإنجازاته.. ثمّ قلت له: لماذا تتناسى أنك صاحب نجاحات كثيرة، فأنت متزوج ولديك طفل ومحافظ على زواجك بينما فشل الكثير بالقيام بذلك. أنت مستقر في عملك بينما يطرد العشرات من أعمالهم يومياً، وأنت.. وأنت وهكذا جعلته يصرف انتباهه إلى ما حققه وأنجزه.. ويقلل التفكير بما عجز عن التحكم فيه وعما فشل في إنجازه.
لابدّ أن ننتبه إلى أنّ العقل بطبيعته في وضعية معيّنة لديه ذاكرة انتقائية يعطي أهمية لأخطائنا فيستنتج منها معتقدات ثابتة.. ويقلل أهمية إنجازاتنا ويهمشها. هذا أمر، والأمر الثاني أنّه عند ارتكابنا أي خطئ يسعى العقل إلى تعميمه. فقد تفشل في إمتحان ما فتقول: (لقد رسبت في الإمتحان.. لقد فشلت.. أنا إنسان فاشل). بينما لا يمثل هذا الإمتحان سوى حدث أو جزء صغير من حياتك.
بعض المعتقدات أيها القارئ الكريم تأخذ شكلاً آخر، ولها أثر خطير في تثبيط الهمة وتعطيل التغيير بشكل واضح. ومنها: (أنا كبرت على التغيير، أنا ولدت هكذا ولا يمكن أن أتغيّر، التغيير يحتاج إلى مستوى علمي معيّن..) وهكذا.
لقد وصلت إلى ما أريد أن أقوله بالتحديد: تذكر أن: حياتنا صنع أفكارنا.
لقد حان الوقت لكي تضع كل الأفكار التي تعتقد بها منذ أمد طويل على مائدة البحث والمراجعة. أبدأ بالشك بكل ما تعتقد به عن نفسك، وعن العالم من حولك. هل تذكر تلك الأحلام التي راودتك أيام الشباب المبكر؟. لم تفت الفرصة لتحقيقها. لقد حان الوقت لأن تخطو الخطوة الأولى. أتريد أن أدلك عليها: غيّر ما تعتقده عن نفسك وسيتغيّر العالم من حولك. تخلص من الخبرات السلبية التي عشتها يوماً، وبنيت على أساسها تصوراً عن نفسك أو عن الأشياء من حولك. فتلك لها ظروفها وأنت اليوم شخص آخر بظروف أخرى. دعني أكرر: البداية من هنا، من أعماقك، مما تعتقده عن نفسك. واسمع هذه المقولة ثانية:
أنت ما تؤمن به. فإن كنت تعتقد بأنك عاجز وفاشل فأنت محق، وإن كنت تؤمن بأنك ناجح ومتفوق فأنت محق أيضاً.
دعوني أختم بهذه القصة، فقد روي أن شاباً غفا في حصة الرياضيات ولم يستيقظ إلا عند سماع جرس إنتهاء الحصة. وعندما نظر إلى (السبورة) رأي مسألتين ظن أنهما الواجب فكتبهما على دفتره ومضى. قضى هذا الشاب يومه كله ولم يستطع حل المسألتين، ولكنه حاول طوال الأسبوع إلى أن نجح في إيجاد حل لإحداهما. فلما رآها المدرس أصيب بالذهول. ذلك لأنّه ذكر المسألتين على إفتراض أنّه لا يوجد حل لهما!!. وصدقوني لو كان الطالب يعلم ذلك لما نجح في حل المسألة. ولكنه عندما اعتقد أن عليه حلها نجح في ذلك.
ما رأيك أن نواصل مسيرة التغيير نحو الخطوة الأصعب، فأهداف حياتنا التي كتبناها قبل قليل ستبقى حبراً على ورق ما لم نبدأ بـ..
المصدر: كتاب القرار في يديك
مما راق لي و أعجبني
* د. ياسر عبدالكريم بكار
الأفكار والمعتقدات الخاطئة تتنوع لتلمس جوانب حياتنا كلها. وتبدأ من نظرتنا لأنفسنا وما نحكم به عليها في كل لحظة: "أنت إنسان فاشل، كيف ستنجح وأنت المتعثر منذ أيامك الأولى في الدراسة، كيف ستنجح وأنت الذي فشلت في كذا وكذا.. أي مستقبل ينتظر مَن عاش في مثل الظروف التي عشت فيها.. كل مَن حولي ينظرون إليَّ نظرة إحتقار وامتهان.. أنا أقل مستوى منهم"، أو "كيف تعتقدين أن بإمكانكِ أن تكوني إمرأة صالحة وأنتِ التي فعلت وفعلت.. أين أنتِ من تلك المرأة التي فعلت وفعلت..". وعلى ذات المنوال نصوغ عن أنفسنا أفكاراً لا تنتهي: "هذه طبيعتي منذ الصغر ولا يمكن أن أتغير، لا أستطيع فعل ذلك، هذا مستحيل، صعب، غير ممكن، بعيد المنال".. وهكذا عشرات المعتقدات عن أنفسنا التي لم نحاول أن نختبرها على الأقل، ولا أن نكلف أنفسنا التأكد من صحتها. والنتيجة: عجز وخنوع وشعور باليأس وإنعدام الأمل.
تنال هذه الأفكار والمعتقدات الخاطئة أيضاً من نظرتنا إلى العالم من حولنا. لقد عاش فئة كبيرة من الناس، ومازالوا، أسرى لفكرة (المؤامرة) في تفسير كل ما يحدث للعرب والمسلمين.
تكمن أهمية المعتقدات في أنّ الله سبحانه وتعالى زوّد الإنسان بقدرات هائلة، وإمكانيات لا محدودة، فما الذي يحبسنا عن الإستفادة منها؟ من أهم العوائق هي قناعاتنا عن أنفسنا. فمَن ينظر إلى نفسه بأنّه فاشل فلا تتوقع منه الكثير.. ولهذا قال أحد المفكرين: (أنت تؤمن به) فما تعتقد بأنك قادر على القيام بفعله فسوف تفعله. وما تعتقد أنك غير قادر على إنجازه فسوف تعجز عن أدائه لا محالة.
- من أين تتشكل هذه القناعات؟
لا ترتكز القناعات عادةً على حقيقة واقعية. فهي تتشكل من ركام الذكريات، حيث الصراعات القديمة، وتعليقات الأبوين القاسية، وانتقادات معلم غير مسؤول، ومن خبرات الماضي وتجاربه، حين كنّا أشخاصاً أضعف وأقل حكمة وخبرة. ولكن بما أن تلك التأملات نابعة منّا نحن، فهل يوجد مصدر أكثر منّا مصداقية!. ولذا فنتعامل معها وكأنّها حقيقة مطلقة، ونتركها تسرق أعمارنا دون أن نراجعها أو نفحصها من جديد.
جاءني شاب في أواسط الثلاثينات من عمره. كان محبطاً ضيق الصدر وقال: "أنا فعلت وسويت. أنا إنسان غير صالح ولا أستحق الحياة.. قلت له هل أنت متزوج؟ قال: نعم. هل لديك أطفال؟ قال: نعم، عندي طفل عمره ثلاثة أعوام. وكيف زواجك؟ قال: تمام.. والعمل؟ قال: الحمد لله مستقر.. تصلي؟ قال الحمد لله.. وهكذا جعلت أسأله عن أشياء تدل على نجاحاته وإنجازاته.. ثمّ قلت له: لماذا تتناسى أنك صاحب نجاحات كثيرة، فأنت متزوج ولديك طفل ومحافظ على زواجك بينما فشل الكثير بالقيام بذلك. أنت مستقر في عملك بينما يطرد العشرات من أعمالهم يومياً، وأنت.. وأنت وهكذا جعلته يصرف انتباهه إلى ما حققه وأنجزه.. ويقلل التفكير بما عجز عن التحكم فيه وعما فشل في إنجازه.
لابدّ أن ننتبه إلى أنّ العقل بطبيعته في وضعية معيّنة لديه ذاكرة انتقائية يعطي أهمية لأخطائنا فيستنتج منها معتقدات ثابتة.. ويقلل أهمية إنجازاتنا ويهمشها. هذا أمر، والأمر الثاني أنّه عند ارتكابنا أي خطئ يسعى العقل إلى تعميمه. فقد تفشل في إمتحان ما فتقول: (لقد رسبت في الإمتحان.. لقد فشلت.. أنا إنسان فاشل). بينما لا يمثل هذا الإمتحان سوى حدث أو جزء صغير من حياتك.
بعض المعتقدات أيها القارئ الكريم تأخذ شكلاً آخر، ولها أثر خطير في تثبيط الهمة وتعطيل التغيير بشكل واضح. ومنها: (أنا كبرت على التغيير، أنا ولدت هكذا ولا يمكن أن أتغيّر، التغيير يحتاج إلى مستوى علمي معيّن..) وهكذا.
لقد وصلت إلى ما أريد أن أقوله بالتحديد: تذكر أن: حياتنا صنع أفكارنا.
لقد حان الوقت لكي تضع كل الأفكار التي تعتقد بها منذ أمد طويل على مائدة البحث والمراجعة. أبدأ بالشك بكل ما تعتقد به عن نفسك، وعن العالم من حولك. هل تذكر تلك الأحلام التي راودتك أيام الشباب المبكر؟. لم تفت الفرصة لتحقيقها. لقد حان الوقت لأن تخطو الخطوة الأولى. أتريد أن أدلك عليها: غيّر ما تعتقده عن نفسك وسيتغيّر العالم من حولك. تخلص من الخبرات السلبية التي عشتها يوماً، وبنيت على أساسها تصوراً عن نفسك أو عن الأشياء من حولك. فتلك لها ظروفها وأنت اليوم شخص آخر بظروف أخرى. دعني أكرر: البداية من هنا، من أعماقك، مما تعتقده عن نفسك. واسمع هذه المقولة ثانية:
أنت ما تؤمن به. فإن كنت تعتقد بأنك عاجز وفاشل فأنت محق، وإن كنت تؤمن بأنك ناجح ومتفوق فأنت محق أيضاً.
دعوني أختم بهذه القصة، فقد روي أن شاباً غفا في حصة الرياضيات ولم يستيقظ إلا عند سماع جرس إنتهاء الحصة. وعندما نظر إلى (السبورة) رأي مسألتين ظن أنهما الواجب فكتبهما على دفتره ومضى. قضى هذا الشاب يومه كله ولم يستطع حل المسألتين، ولكنه حاول طوال الأسبوع إلى أن نجح في إيجاد حل لإحداهما. فلما رآها المدرس أصيب بالذهول. ذلك لأنّه ذكر المسألتين على إفتراض أنّه لا يوجد حل لهما!!. وصدقوني لو كان الطالب يعلم ذلك لما نجح في حل المسألة. ولكنه عندما اعتقد أن عليه حلها نجح في ذلك.
ما رأيك أن نواصل مسيرة التغيير نحو الخطوة الأصعب، فأهداف حياتنا التي كتبناها قبل قليل ستبقى حبراً على ورق ما لم نبدأ بـ..
المصدر: كتاب القرار في يديك
مما راق لي و أعجبني