ابو قنوة
28-12-2010, 14:06
حدث في تونس
كانت الاحتجاجاتالتي انطلقت يوم الجمعة 17 ديسمبر الجاري بعد أن عمد شاب من الجهة يدعى محمد البوعزيزي إلى إحراق نفسه احتجاجا على تعرّضه للصفع من قبل احد أفراد شرطة البلدية الذي حاول منعه من بيع الخضروات والحبوب بأحد شوارع المدينة.
ويبلغ محمد البوعزيزي 26 عاما من العمر، وهو متحصل على شهادة عليا في الإعلامية لكنه لم يتمكن من إيجاد شغل فعمد إلى بيع الخضروات والحبوب في عربة متجولة. ويعيل البوعزيزي عائلة كبيرة العدد تتكون من تسعة أفراد، أحدهم معاق، وهو عائلهم الوحيد بعد وفاة والده.
وقال شهود عيان في اتصال مع "إسلام اون لاين": "استشاط الرجل غضبا بسبب الاعتداء الذي تعرض له وتحول إلى مقر المحافظة ليشتكي سوء حاله وسوء تصرف الأعوان معه، لكن المسؤولين رفضوا سماعه، وفي بعض الروايات التي لم تتأكد صحتها من مصادر مستقلة، قيل أن المحافظ نفسه رفض استقباله، وهو ما دفعه إلى سكب البنزين على جسده وإضرام النار في نفسه".
ونقل الشاب إلى مستشفى الحروق البليغة التخصصي القريب من العاصمة حيث يرقد إلى الآن وهو في حالة حرجة جدا بعد أن تبين أن الحروق التي أصيب بها هي حروق من الدرجة الثالثة.
وإثر انتشار الخبر تجمع أقارب البوعزيزي أمام المحافظة وانضمت إليهم أعداد كبيرة من المواطنين، وطالب المجتمعون بمقابلة المحافظ لإبلاغه احتجاجاتهم على ما جرى. وسرعان ما تحول هذا التجمع إلى حركة احتجاجية مدنية وسلمية دامت قرابة 7 ساعات رفع المواطنون خلالها شعارات تطالب بمعاقبة المتسببين في الحادثة، ورشق بعضهم الواجهة الأمامية للولاية بالموز والبرتقال الذي كان يبيعه البوعزيزي في عربته.
منعطف درامي
وفي اليوم الموالي الموافق لــ17ديسمبر الجاري وبعد أن شاع خبر يفيد بوفاة الشاب تجمعت أعداد كبيرة من الأهالي وفعاليات المجتمع المدني بشكل عفوي أمام المحافظة ورشقوها بالحجارة.
وبدل العمل على تخفيض حدة الغضب لدى المواطنين، قامت السلطة باستقدام تعزيزات أمنية أمعنت في استعمال العنف تجاه المحتجين، فتحول التجمع بفعل ذلك إلى مواجهات عنيفة شملت اغلب شوارع وأزقة وأحياء المدينة، حيث التجأ المتظاهرون للاحتماء من القنابل المسيلة للدموع. وتواصل هذا العنف إلى ساعة متأخرة من الليل ونتجت عنه عديد الإصابات والاختناقات والإيقافات في صفوف المواطنين، وكان هذا منطلقا لسلسلة من الاحتجاجات شملت عددا من المدن التابعة للمحافظة.
وعرفت الأحداث منعطفا دراميا في مدينة بوزيان التي شهدت أعنف المواجهات بين قوات الأمن وميليشيات الحزب الحاكم من جهة والشبان الغاضبين من أصحاب الشهائد العليا من جهة ثانية، بعد ان استعمل أعوان الأمن الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين وهو ما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل وعدد من الجرحى في صفوف الشبان المحتجين بعضهم في حالة خطرة.
وقالت السلطة التونسية إن لجوء أعوان الأمن إلى إطلاق النار على المحتجين يدخل "في نطاق الدفاع الشرعي عن النفس". وأضافت وزارة الداخلية في بيان صادر عنها أن مجموعات من الأفراد عمدت ظهر يوم الجمعة 24 ديسمبر الجاري إلى إحداث شغب في مدينة منزل بوزيان قامت خلالها بحرق قاطرة لأحد القطارات وأضرمت النار في ثلاث سيارات للحرس الوطني قبل أن تهاجم مركز الحرس بالمدينة.
وقد سعت قوات الحرس الوطني إلى صدهم عن ذلك بتوجيه عديد التحذيرات لهم وبإطلاق النار في الهواء، لكن هذه المجموعات واصلت محاولتها اقتحام المركز مستخدمة الزجاجات الحارقة مما اضطر بعض أفراد الحرس إلى استعمال السلاح. وقد أدى ذلك إلى مقتل احد المهاجمين وجرح اثنين آخرين فيما أصيب عدد من رجال الحرس الوطني بحروق من بينهم اثنان يوجدان في حالة غيبوبة، مثلما ذكر بيان الداخلية التونسية.
لكن لجنة المتابعة ودعم أهالي سيدي بوزيد التي تشكلت بعد انطلاق الأحداث شككت في هذه الرواية وقالت إن الشبان المحتجين كانوا يرفعون أيديهم في الهواء علامة على سلمية احتجاجاهم، وتلقوا الرصاص في صدورهم التي كانت عارية ولم يتسن التأكد من صحة الروايتين من طرف مستقل.
وفي إطار هذه السلسلة الجديدة من الاحتجاجات عمد الشاب حسين ناجي وهو من حاملي الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل إلى الانتحار بعد تسلقه عمودا كهربائيا احتجاجا على أوضاعه الاجتماعية السيئة وعلى القمع الذي سلطته القوى الأمنية على الأهالي.
ونقل شهود عيان عن هذا الشاب قوله في كلمة ألقاها قبل انتحاره "اذهبوا إلى منزلنا وانظروا إلى الحالة المزرية التي نعيشها ... نحن 3 إخوة ليس لدينا إلا سروالا واحدا نرتديه".
كما حاول شاب آخر ويدعا "الهاشمي علياني الانتحار يوم 23 ديسمبر الجاري بعد أن تسلق عمودا كهربائيا إلا أن الأهالي أنقذوه بعد أن قطعوا التيار الكهربائي عن المدينة، وهو ما دفع ببعض الرموز السياسية المعارضة إلى التحذير من تطور الأحداث واتساع الحريق على حد تعبيرهم.
منطقة "محرومة"
يذكر أن محافظة سيدي بوزيد تعد نحو 430 ألف ساكن وهي منطقة فلاحية وتعتبر خزان البلاد من الخضر والحبوب إذ تساهم بنسبة تقدر بنحو 43 في المائة من مجمل الإنتاج الوطني من هذه المواد. ورغم ذلك فان المحافظة تصنف ضمن المناطق المحرومة تاريخيا بسبب احتضانها لتيار الزعيم الوطني صالح بن يوسف الذي عارض بشدة خيارات الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
ولم تحظ الجهة بنصيبها من المشاريع التنموية، وهي تفتقر لوجود وحدات صناعية كبرى يمكن أن تمتص نسب البطالة العالية التي تبلغ نحو 43 في المائة، وخاصة بطالة أصحاب الشهادات العليا الذين تبلغ نسب البطالة في صفوفهم نحو 38 في المائة وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمعدل الوطني الذي لا يتجاوز وفق التقديرات الرسمية الـ 15 في المائة.
كما تفتقر الجهة إلى البنى التحتية الأساسية والى الاستثمارات خاصة في الصناعات التحويلية، وهو ما دفع ببنات الجهة إلى التحول للعمل بمناطق أخرى مع ما يترافق مع ذلك من مشاكل اجتماعية وأخلاقية.
هذا ما يحدث في تونس الخضراء ... حارقة الاكباد
منقول............
كانت الاحتجاجاتالتي انطلقت يوم الجمعة 17 ديسمبر الجاري بعد أن عمد شاب من الجهة يدعى محمد البوعزيزي إلى إحراق نفسه احتجاجا على تعرّضه للصفع من قبل احد أفراد شرطة البلدية الذي حاول منعه من بيع الخضروات والحبوب بأحد شوارع المدينة.
ويبلغ محمد البوعزيزي 26 عاما من العمر، وهو متحصل على شهادة عليا في الإعلامية لكنه لم يتمكن من إيجاد شغل فعمد إلى بيع الخضروات والحبوب في عربة متجولة. ويعيل البوعزيزي عائلة كبيرة العدد تتكون من تسعة أفراد، أحدهم معاق، وهو عائلهم الوحيد بعد وفاة والده.
وقال شهود عيان في اتصال مع "إسلام اون لاين": "استشاط الرجل غضبا بسبب الاعتداء الذي تعرض له وتحول إلى مقر المحافظة ليشتكي سوء حاله وسوء تصرف الأعوان معه، لكن المسؤولين رفضوا سماعه، وفي بعض الروايات التي لم تتأكد صحتها من مصادر مستقلة، قيل أن المحافظ نفسه رفض استقباله، وهو ما دفعه إلى سكب البنزين على جسده وإضرام النار في نفسه".
ونقل الشاب إلى مستشفى الحروق البليغة التخصصي القريب من العاصمة حيث يرقد إلى الآن وهو في حالة حرجة جدا بعد أن تبين أن الحروق التي أصيب بها هي حروق من الدرجة الثالثة.
وإثر انتشار الخبر تجمع أقارب البوعزيزي أمام المحافظة وانضمت إليهم أعداد كبيرة من المواطنين، وطالب المجتمعون بمقابلة المحافظ لإبلاغه احتجاجاتهم على ما جرى. وسرعان ما تحول هذا التجمع إلى حركة احتجاجية مدنية وسلمية دامت قرابة 7 ساعات رفع المواطنون خلالها شعارات تطالب بمعاقبة المتسببين في الحادثة، ورشق بعضهم الواجهة الأمامية للولاية بالموز والبرتقال الذي كان يبيعه البوعزيزي في عربته.
منعطف درامي
وفي اليوم الموالي الموافق لــ17ديسمبر الجاري وبعد أن شاع خبر يفيد بوفاة الشاب تجمعت أعداد كبيرة من الأهالي وفعاليات المجتمع المدني بشكل عفوي أمام المحافظة ورشقوها بالحجارة.
وبدل العمل على تخفيض حدة الغضب لدى المواطنين، قامت السلطة باستقدام تعزيزات أمنية أمعنت في استعمال العنف تجاه المحتجين، فتحول التجمع بفعل ذلك إلى مواجهات عنيفة شملت اغلب شوارع وأزقة وأحياء المدينة، حيث التجأ المتظاهرون للاحتماء من القنابل المسيلة للدموع. وتواصل هذا العنف إلى ساعة متأخرة من الليل ونتجت عنه عديد الإصابات والاختناقات والإيقافات في صفوف المواطنين، وكان هذا منطلقا لسلسلة من الاحتجاجات شملت عددا من المدن التابعة للمحافظة.
وعرفت الأحداث منعطفا دراميا في مدينة بوزيان التي شهدت أعنف المواجهات بين قوات الأمن وميليشيات الحزب الحاكم من جهة والشبان الغاضبين من أصحاب الشهائد العليا من جهة ثانية، بعد ان استعمل أعوان الأمن الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين وهو ما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل وعدد من الجرحى في صفوف الشبان المحتجين بعضهم في حالة خطرة.
وقالت السلطة التونسية إن لجوء أعوان الأمن إلى إطلاق النار على المحتجين يدخل "في نطاق الدفاع الشرعي عن النفس". وأضافت وزارة الداخلية في بيان صادر عنها أن مجموعات من الأفراد عمدت ظهر يوم الجمعة 24 ديسمبر الجاري إلى إحداث شغب في مدينة منزل بوزيان قامت خلالها بحرق قاطرة لأحد القطارات وأضرمت النار في ثلاث سيارات للحرس الوطني قبل أن تهاجم مركز الحرس بالمدينة.
وقد سعت قوات الحرس الوطني إلى صدهم عن ذلك بتوجيه عديد التحذيرات لهم وبإطلاق النار في الهواء، لكن هذه المجموعات واصلت محاولتها اقتحام المركز مستخدمة الزجاجات الحارقة مما اضطر بعض أفراد الحرس إلى استعمال السلاح. وقد أدى ذلك إلى مقتل احد المهاجمين وجرح اثنين آخرين فيما أصيب عدد من رجال الحرس الوطني بحروق من بينهم اثنان يوجدان في حالة غيبوبة، مثلما ذكر بيان الداخلية التونسية.
لكن لجنة المتابعة ودعم أهالي سيدي بوزيد التي تشكلت بعد انطلاق الأحداث شككت في هذه الرواية وقالت إن الشبان المحتجين كانوا يرفعون أيديهم في الهواء علامة على سلمية احتجاجاهم، وتلقوا الرصاص في صدورهم التي كانت عارية ولم يتسن التأكد من صحة الروايتين من طرف مستقل.
وفي إطار هذه السلسلة الجديدة من الاحتجاجات عمد الشاب حسين ناجي وهو من حاملي الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل إلى الانتحار بعد تسلقه عمودا كهربائيا احتجاجا على أوضاعه الاجتماعية السيئة وعلى القمع الذي سلطته القوى الأمنية على الأهالي.
ونقل شهود عيان عن هذا الشاب قوله في كلمة ألقاها قبل انتحاره "اذهبوا إلى منزلنا وانظروا إلى الحالة المزرية التي نعيشها ... نحن 3 إخوة ليس لدينا إلا سروالا واحدا نرتديه".
كما حاول شاب آخر ويدعا "الهاشمي علياني الانتحار يوم 23 ديسمبر الجاري بعد أن تسلق عمودا كهربائيا إلا أن الأهالي أنقذوه بعد أن قطعوا التيار الكهربائي عن المدينة، وهو ما دفع ببعض الرموز السياسية المعارضة إلى التحذير من تطور الأحداث واتساع الحريق على حد تعبيرهم.
منطقة "محرومة"
يذكر أن محافظة سيدي بوزيد تعد نحو 430 ألف ساكن وهي منطقة فلاحية وتعتبر خزان البلاد من الخضر والحبوب إذ تساهم بنسبة تقدر بنحو 43 في المائة من مجمل الإنتاج الوطني من هذه المواد. ورغم ذلك فان المحافظة تصنف ضمن المناطق المحرومة تاريخيا بسبب احتضانها لتيار الزعيم الوطني صالح بن يوسف الذي عارض بشدة خيارات الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
ولم تحظ الجهة بنصيبها من المشاريع التنموية، وهي تفتقر لوجود وحدات صناعية كبرى يمكن أن تمتص نسب البطالة العالية التي تبلغ نحو 43 في المائة، وخاصة بطالة أصحاب الشهادات العليا الذين تبلغ نسب البطالة في صفوفهم نحو 38 في المائة وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمعدل الوطني الذي لا يتجاوز وفق التقديرات الرسمية الـ 15 في المائة.
كما تفتقر الجهة إلى البنى التحتية الأساسية والى الاستثمارات خاصة في الصناعات التحويلية، وهو ما دفع ببنات الجهة إلى التحول للعمل بمناطق أخرى مع ما يترافق مع ذلك من مشاكل اجتماعية وأخلاقية.
هذا ما يحدث في تونس الخضراء ... حارقة الاكباد
منقول............