المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوقوف بعرفة و عروج إلى السماء ثم عودة لكسب في الأرض!


أنيسة
13-11-2010, 13:00
http://imagecache.te3p.com/imgcache/991bf26d47108a3d1e4226ca01546dad.jpg




في هذا اليوم الكريم، يوم عرَفَة.. يوم التلبية.. يوم المغفرة، نتأمل في هذا اليوم العظيم، لنقرأ رسالة الله لنا، ونتأمل في معنى "الحج عرفة"1, إن الوقوف بعرفة هو أحد الشعائر الرئيسية التي تميّز الحج، وفيه معانٍ كثيرة وأحاديث كثيرة، ولكن الناس كعادتهم في تجسيد كل حديث، جسدوا هذه المعاني أيضا، فظنوا أنهم بوقوفهم بأجسادهم ينطبق عليهم الحديث، الذي يَعِد بالمغفرة لمن وقف بعرفة.. ولمن صام عرفة، فظنوا أنهم بآدائهم لهذا الشكل بنطبق القول عليهم، وفي واقع الأمر، فإن القول ينطبق على من عرَف عرفة.. وقام عرفة.. وصام عرفة.. معرفة حقيقية.
إن عرفة ترمز الى الصعود.. ترمز الى العروج.. ترمز الى الإرتفاع.. ترمز الى المعرفة. في هذا اليوم بعد أن يكون الإنسان قد أحرَم وطاف وأعد نفسه لتلبية ربه، لأن يكون إنسانا أعلى، لأن يكون إنسانا أرقى، يبدأ في الرقي.. ويبدأ في التلبية.. ويبدأ في الصعود، وهذا هو أمل الإنسان الحقيقي على هذه الأرض، أن يُعِدّ نفسه ليكون أعلى، أن يرتقي ويترفع، ويرتفع عن كل ما هو أدنى، ويصعد الى كل ما هو أعلى، ملبيا ربه.. نداء ربه له، بقانونه الذي أحكم، القانون الذي يجعل هناك من هو أعلى وهناك من أدنى، فالذي يُعدّ نفسه لرحمة الله.. ولنعمة الله.. ولنفحات الله.. ولسر الله، يساعده الله ويأخذ بيده، ليرقى ويعلو، والذي ينسى وجوده.. وينسى رسالته.. وينسى إعداد نفسه، يكون في أدنى وأدنى،
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
(التين 95: 4-6)
وَالْعَصْر، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر، إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر
(العصر 103: 1-3)
هذا اليوم يعبّر عن هذه المعاني، يلبي الإنسان ربه، ويعلوا الى أعلى عليين، وهذا هو الهدف من الحج، أن تَعلو الى أعلى عليين، لتأخذ قوة.. ولتأخذ زادا، لذلك قيل "الحج عرفة"، بعد هذه القوة الروحية.. وبعد هذا الإرتفاع الروحي، تنزل مرة أخرى، تهبط الى الدنيا، وقد أصبحت أكثر قدرة على مجابهة الظلام فيك.. وعلى مجابهة الشيطان فيك، تعود بعد ذلك لترجم إبليس، رمزا على إدراكك لحقيقتك.. ومعرفتك لرسالتك.. بقوة روحية كسبتها، تبدأ رحلة العودة الى حياتك الطبيعية بعد ذلك، وقد كسبت قوة روحية هائلة، تمكّنك من مواصلة الحياة، وأنت على الصراط المستقيم.. وأنت في الطريق القويم.
هذا واقع تعيشه.. فإن لم يتحول الحج الى هذا الواقع الذي تعيشه، فما حججت بالمعنى الحقيقي، وإنما حججت بالمعنى الظاهري، لتبليغ رسالة، فكنت صورة تبلِّغ، ولكنك ما كسبت أنت شيئا.
وهكذا نتدبر أمرنا ونتأمل أحوالنا ونتفكر في ديننا، ونذكر أنفسنا وأن القضية ليست قضية صورا وأشكال، إنما قضية قيام، وأن تتحول هذه المعاني والرموز، الى واقع في حياتنا.. وفي سلوكنا.. وفي معاملاتنا، حتى ينطبق القول علينا.
الحج بقيامه الحقيقي هو الذي يغفر الذنوب.. وهو الذي يحرّم جسد الإنسان على النار، لأنه يتحول فعلا الى إنسان صالح.. الى وجود طاهر، ولكن أن نأخذ الحديث بكلماته وحروفه، ونجعل الشكل هو الذي ينطبق على القول، نكون بذلك غير صادقين.. وغير مدركين لمعنى الدين.. ولحديث الدين.. ولآيات الدين، فرُب إنسان لم يتمكن بجسده أن يقف بعرفة، فهو في كل يوم يقف بعرفة، ورُب حاجٍ يقف كل عام في عرفةٍ بجسده، وما وقف بعرفة.. وما عرف عرفة.. وما قام عرفة.
علينا أن ندرك ديننا.. وأن نُكبر ما فيه من معان.. وأن نكون من الذين يتأملون ويتدبرون ويتعمقون، لا من يأخذون الحروف والأشكال دون وعي ودون فهم.
نسأل الله أن نكون أهلا لدينه العظيم.. وأن نكون قد قرأنا قراءة في يوم عرفة، وأن نكون حقا في هذا المعنى قائمين، ولربنا ملبين، ولوجهه قاصدين، وفي رحمته طامعين ولمغفرته سائلين.
عباد الله..
تأملوا فيما جاء به دينكم.. وتدبروا مناسككم وشعائركم.. حتى تقرأوا ما فيها من رسائل الله لكم. ووقفة عرفة.. ويوم عرفة.. "والحج عرفة"، فيها رسائل كثيرة، فيها الإرتفاع.. وفيها التلبية.. وفيها العلو.. وفيها العروج.. وفيها المعرفة، وفيها المغفرة.. وفيها القوة الروحية التي يستمدها الإنسان من التلبية، إنها ترمز لمعانِ كثيرة.. تأملنا في بعضها اليوم، وهو قليل من كثير، لنتعلم أن عرفة هي قمة الحج.. ومقصود الحج الذي يريده الإنسان.. أن يأخذ قوة روحية كبيرة، تمكنه بعد أن يرجع الى حياته الطبيعية، أن يكون قد تغير الى الأفضل والى الأحسن والى الأقوم، فيكون بعد ذلك إنسانا آخر، وُلِد من جديد ليُكمل حياته الأرضية بروح جديدة.. وبمعنى جديد.. وبقيام جديد، يكسب فيه حياته.. ويؤدي رسالته.. ويحقق هدفه.
عباد الله..
إن هذا هو أملنا جميعا في قيامنا على أرضنا.. أن نصل الى هذا المقام، حتى تتغير حياتنا، فتكون كل أفعالنا كسبا في الله.. وإرتقاءا في الله.. وقربا من الله، إن هذا ممكن ونحن في حياتنا.. ونحن في معاملاتنا، إذا تمثَّلنا هذا المعنى، وجعلناه نُصْب أعيننا، وإتجهنا الى الله بصدق في هذا اليوم الكريم، أن يغير ما بنا وأن يعيننا على أنفسنا وأن نكون عبادا له صالحين وفي طريقه سالكين.

م/ن للأمانة

الخامس
13-11-2010, 15:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في هذا اليوم الكريم، يوم عرَفَة.. يوم التلبية.. يوم المغفرة، نتأمل في هذا اليوم العظيم، لنقرأ رسالة الله لنا، ونتأمل في معنى "الحج عرفة"1, إن الوقوف بعرفة هو أحد الشعائر الرئيسية التي تميّز الحج، وفيه معانٍ كثيرة وأحاديث كثيرة، ولكن الناس كعادتهم في تجسيد كل حديث، جسدوا هذه المعاني أيضا، فظنوا أنهم بوقوفهم بأجسادهم ينطبق عليهم الحديث، الذي يَعِد بالمغفرة لمن وقف بعرفة.. ولمن صام عرفة، فظنوا أنهم بآدائهم لهذا الشكل بنطبق القول عليهم، وفي واقع الأمر، فإن القول ينطبق على من عرَف عرفة.. وقام عرفة.. وصام عرفة.. معرفة حقيقية.

جزاك الله الجنة يا انيسة بهذا الطرح العظيم انه عرفه (الحج عرفة ).

في اليوم التاسع من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة النبوية، وقف نبي الهدى في بطن الوادي وهو على ناقته القصواء، وحوله أربعين ألفاً من الصحابة[1]، ما بين راكب وواقف حتى بلغوا مد البصر، وفيهم ربيعة بن أمية بن خلف[2] الذي كان يصرخ في الناس بقول رسول الله . فكانت هذه الخطبة البليغة التي افتتحها بقرب أجله :

أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بـهذا الموقف أبداً.

إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب،فإنه موضوع كله.

فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.

وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله.

وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.

فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس اللهم اشهد .. اللهم اشهد .. اللهم اشهد.

وبعد أن فرغ النبي من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى:

{اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة:3] .

وعندما سمعها عمر بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان[3].

بهذه الخطبة البليغة قرر رسول الله قواعد الإسلام، وهدم قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها، وهي الدماء والأموال والأعراض، ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه، وأوصاهم بالنساء خيراً، وبشر الأمة بأنها لن تضل أبداً ما دامت معتصمة بكتاب الله. ثم أخبرهم بأنه مسؤول عنهم عند ربهم، بل واستنطقهم فقالوا بلسان واحد: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت[4].

* * *

وخطب النبي يوم النحر -عاشر ذي الحجة- حين ارتفع الضحى، وهو على بغلة شهباء، والناس بين قائم وقاعد.

وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه أمس، ثم زاد عليها :

أيها الناس {إنما النسيء زيادة في الكفر يُضل به الذين كفروا يُحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيُحلوا ما حرم الله} [التوبة:37] .

الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.

كانت قبيلة مضر إحدى القبائل العربية التي تحافظ على حرمة شهر رجب أشد من سائر العرب، ولكن هذه المحافظة ليست لله وحده، وإنما هي عادة توارثوها عن آبائهم، فنالوا بذلك حظ الدنيا، حيث أُضيف لقبهم إلى شهر رجب، بينما القبائل الأخرى لا تستحله ولكنهم يتحايلون على توقيته.

واستمر الرسول في خطبته هذه قائلاً :

أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست البلدة؟ قلنا: بلى. فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا في شهركم هذا."وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض.

ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد. فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع[5].

الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7447
خلاصة الدرجة: [صحيح]


لقد اكتمل الدين وأتم الله الشريعة الخالدة. حتى الآداب التي تعلمها الصحابة من نبيهم قد بلغت قمتها، فقد كانوا قبل ذلك يقدموا بين يدي الله ورسوله حتى أنزل الله فيهم قرآناً {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات:1] فهاهم اليوم، يوم اكتمال الدين عندما سألهم نبيهم أي شهر هذا؟ لم يجب أحدٌ منهم وهم يعلمون أنه الشهر الحرام. بل أجابوا جميعاً إجابة التأدب مع نبيهم :

الله ورسوله أعلم.

ثم كرر عليهم السؤال للمرة الثانية والثالثة، ورغم معرفتهم بالإجابة إلا أنهم أجابوا جميعاً :

الله ورسوله أعلم.

حتى قال :

أليس ذا الحجة؟ .. أليست البلدة؟ .. أليس يوم النحر؟

قلنا: بلى .. بلى .. بلى.



--------------------------------------------------------------

[1] على أقل تقدير وقيل بلغوا مائة ألف.

[2] السيرة النبوية لابن هشام، 4/605.

[3] صحيح البخاري 5/148.

[4] زاد المعاد، 2/233.

[5] صحيح لبخاري، 5/148


م/ن للمعرفة

مع تحياتى

أنيسة
13-11-2010, 15:42
مشكور برشااا أخي الغالي الخامس أسعدني مرورك و حضورك الراقي
جزاك الله الجنة على الإضافة القيمة جعلها الله في موازين حسناتك

عفراء
04-12-2010, 11:57
بارك الله فيك غاليتي انيسه وجزاك كل خير
لاعدمنا جديدك وجدك ونشاطك وعطاؤك المتميز المبدع
دمت متالقة فعالة معطاءة راقية بكل ما تجودين به علينا
جزاك الله كل خير
ورضي الله عنك وارضاك

أنيسة
04-12-2010, 12:55
ما أروعك حبيبتي الغالية عفراء و ما أجمل مرورك و ردودك
يعيشك ربي يخليك و يسعدك
يا أرقى و أحلى أخت بالدنيا كلها
جزاك الله كل خير أختي الطيوبة