الخامس
31-10-2010, 13:30
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضحية عيد الأضحى
شُرعتْ الأضحية في السنة الثانية للهجرة ، وثبتت مشروعيتُها بالكتاب والسنة ، يقول الله تعالى : (فصلّ لربك وانحر) الكوثر وقال : (قُلْ إنَّصلاتي ونُسُكي ومحيَاي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أُمْرِتُ وأنا أول المسلمين) (الأنعام:261-361) ، النسك هنا يعني : الذبح .وقال تعالى : ( ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسمالله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلِموا ) سورة الحج /34 .
(والبدن جعاناها لكم من شعائر الله ) الحج 63 وفي الحديث : روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها ، وأنها أحب الأعمال إلى الله تعالى يوم النحر ، ومن ثم أيام التشريق.وهي لغتا هي اسمٌ لما يُذبح من الأنعام أيام عيد الأضحى، اصطلاحاً : هي ما يذبح من النَّعم تقرباً إلى الله تعالى في أيام النحر( الأضحى )
وقد عمدت الفرات للقاء الشيخ اياد النقشبندي مدير أوقاف ومفتي محافظة دير الزور الأسبق الذي قال: لما كانت الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة نتذكّر فيها توحيد الله ، ونعمه علينا ، وطاعة أبينا إبراهيم لربه ، ولما فيها خيروبركة كان لا بدّ للمسلم أن يهتم بأمرها ويعظّم شأنها ، فهي مطلوبة في وقتها ،من الإنسان المسلم الحي ، عن نفسه وأهل بيته – بشروطها وأحكامها – ذهب جمهور الفقهاء الشافعي ومالك وأحمد إلى أنها وأن تركها للقادر مكروه ،واستدل أصحاب هذا القول بما يلي :
1- عن أم سلمة : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره ) رواه الجماعة إلا البخاري ، في هذا الحديث تعليق ، والتعليق ينافي الوجوب 2- حديث جابر رضي الله عنه في سنن أبي داود حيث قال : ( صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عيد الأضحى فلما انصرف أتى بكبشين فذبحه فقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي ) سنن أبي داود 3- وحديث ابن عباس قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ثلاث هن علي فرائض ، وهن لكم تطوع ، الوتر والنحر وصلاة الضحى ) أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك ، 4- كما روى الترمذي أن رجلاً سأل ابن عمر (رضي الله عنه) عن الأضحية أهي واجبة ؟ فقال : ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون من بعده ، وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة وروى الترمذي أيضا أنه صلى الله عليه و سلم قال : (أمرت بالنحر وهو سنة لكم )أمّا عند أبي حنيفة وأصحابه ،فالأضحيةُ على المقيم والموسر مرة في كل عام ، وقد استدلوا بما يلي : 1- بقوله تعالى : ( فصل لربك وانحر ) الكوثر ، وهذا فعل أمر والأمر هنا يقتضي الوجوب ( كل أمر للوجوب وكل نهي للتحريم ) .
2- عن أبي هريرة ، قال صلى الله عليه و سلم: ( من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا ) رواه أحمد وابن ماجه ، ومثل هذا الوعيد لا يلحق بترك غير الواجب . 3- حديث جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله ) رواه مسلم ، لو لم تكن واجبة لما أمر بالذبح واحدة أخرى بدلا ‘ن الأولى وخلاصة القول ، أن لكل دليله ولعلّ الأدلة متساوية و متكافئة ، لذلك على المسلم أن يأخذ با لاحتياط ولا يدع فرصة الأضحية تفوته إن كان مقتدرا عليها لقوله تعالى : ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .
شرع الله تعالى الأضحية لتكون منسكا لنا وعبادة نتقرب بها إلى اليه سبحانه وتعالى ، كما شرعها لحكم وفوائد كثيرة تعم الفرد والأسرة والمجتمع والأمة ، إضافة إلى كونها تُذكرنا بمناسك الحج ، وأعمال ضيوف الرحمن وحكم أخرى كثيرة نذكر منها .
1- ذكرُ الله تعالى وتوحيده ، فالأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى ، والمضحي لا يقوم بأداء هذه الشعيرة إلا وقد دفعه حبُّهُ وذكرُهُ لله تعالى أن يتقرب إليه بهذا العمل ، فيذكرُ الله مكبرأ ومهللا على أضحيته عند ذبحها ، قال تعالى : (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام..) (الحج:82) وقوله : (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام:261).
2- هي باب من أبواب الشكر لله تعالى بتذكر نعمه علينا ، أن أبقانا من عام لعام ، وأن خلق لنا هذه الأنعام وسخرها لنا ركوبا ودفئا وطعاما ، ومتعنا بها حلالا طيبا ، قال تعالى : (كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) (الحج:63) .
3- فيها توسعة على الناس جميعا ، خاصة الفقراء والمساكين في هذه الأيام المباركة ، ليعم الفرح والسرور جميع الناس يقول الله تعالى : (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير ) (الحج:82) ويقول الله تعالى (فكلوا منها أطعموا القانع والمعتر) (الحج : 63) ، و في الحديث : (إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله )حيث يشارك الفقراء والمحتاجون الأغنياء والقادرين في أكل اللحم في هذه الأيام المباركة .
4- إحياء لذكرى نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل حيث فدى الله إسماعيل من الذبح بالكبش العظيم ، تذكرنا هذه القصة بطاعة ابراهيم عليه السلام لله تعزّ وجل ، فتشحذ هممنا ، وتُعيدنا إلى دائرة الطاعة للخالق بعد غفلة طويلة ،كما تذكرنا ببر اسماعيل عليه السلام لوالده ، ونحن في زمان أصبح فيه البر نادراً ، وكثر فيه العقوق – نسأل الله العافية _ (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) ، وهي شكر لله تعالى على هذا الفداء والتخفيف على نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل وعلى الأمة الإسلامية إلى قيام الساعة .
5- كما أن للأضحية دورُ كبيرٌ في توثيق عرى المودة والمحبة والوئام بين الناس ، فإذا ما عمّت المحبة بينهم ، أمنوا واطمأنوا فلا خوف ولا حزن ، إذ أن القلوب جُبلت على حب من أحسن إليها .
وقت ذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة وخطبة عيد الأضحى - وهو أفضل الأوقات - إلى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث البراء بن عازب : ( إنَّ أول ما نبدأ به في يومنا هذا : أن نصلي ثم نرجع ، فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ، ليس من النسك في شيء ) البخاري ومسلم وفي الحديث أيضا :( من كان ذبح قبل الصلاة فليُعد ) أخرجه البخاري ومسلم . ولقول علي رضي الله عنه : (أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده ) ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله *- أن يكون المضحي في وقتها : ( مسلما عاقلا بالغا حرا مقيما مستطيعا ) باتفاق الفقهاء في مسألة المسافر والصغير - لذلك لا تُطلب الأضحية من العاجز عنها أيام العيد ، وإنما تطلب ممن عنده القدرة ويستطيع عليها يوم العيد *- نية الأضحية ، لقوله صلى الله عليه و سلم: ( لا عمل لمن لا نية له ) ولحديث عمر بن الخطاب عنه صلى الله عليه و سلم : ( إنّما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى ) البخاري ومسلم .
لا تصح الأضحية إلا من النَّعم : الإبل ، والبقر ومنه الجاموس ، الغنم ومنه المعز ، ولا تصح بغيرها . يقول تعالى : ( ولكل أمّة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج 43 ، واختلفوا أي نوع أفضل ، أذكر قول ابن عباس فقط ، وذلك في تفسيره لقوله تعالى :( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) تعظيمها : أي استسمانها واستحسانها أي السمينة الطيبة ، وهذا باتفاق الفقهاء .
: أن تبلغ الأضحية( الحيوان المراد تتضحيته ) السن المطلوبة ذكرا كانت أم أنثى ، خصيا كان أم فحلا :
- الضأن ، أن يبلغ ستة أشهر على على أقل تقدير ، وأن يكون سمينا - المعز ، سنة وطعنت في الثانية .- البقر ، أن يبلغ سنتان ويطعن في الثانية . الإبل ، أن يبلغ خمس سنين ويطعن في السادسة .ثانياً : أن تكون سالمة من كل نقص ، فلا يجوز الأضحية بالمعيبة بأحد العيوب المتفق عليها وهي : العوراء (مفقوؤة العين ) ولا المريضة ( هزيلة من شدة المرض ) ولا العرجاء ( مكسورة الرجل ) ولاالعجفاء التي لا تُنقى ( أي ذهب مخها من شدة الهزال ) لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه البراء بن عازب : ( أربع لا تجوز في الأضاحي ،العوراء البيِّن عورها ،المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلَعها ، والكسير - أوالعجفاء - التي لا تنقي ) احمد وأصحاب السنن ، وتلحق بها بعض العيوب المانعة الأخرى ( على خلاف بين الفقهاء ) نذكر منها : العضباء (مقطوعة الأذن ، وليس مشقوقة الأذن ) والهتماء (التي ذهبت بعض أسنانها ،أو ثناياها من أصلها) ، والعمياء ، والتولاء (التي تدور في المرعى ولا ترعى اي المجنونة ) . والجرباء التي كثر جربها وغير ها .. فمثل هذه لا يجزىء التضحية بها ، وباختصار ( كل عيب ينقص اللحم لا يجزىء ، وكل ما لا ينقص اللحم يصح ) وهناك عيوب مختلف في أجزائها وعدمه ، و يكره ذبحها ، مثل مشقوقة الأذن ، والحولاء ، ومجزوزة الصوف ..... إلخ وأفضلها ما كان كامل الخلقة صحيحا سمينا ،طيبا ،لأن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً ،ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب على أن الشاة والمعز ، لا تجوز أضحيتهما إلا عن واحد ، وتجزىء البدنة أو البقرة عن سبعة أشخاص ، لحديث جابر : ( نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ) أخرجه الجماعة وفي لفظ مسلم : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة ) لذلك : يجزىء سبع البعير أو سبع البقر عما تجزىء عنه الواحدة من الغنم ، فلو ضحى الرجل بسبع بعير أو بقرة ، عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم جعل سبع البدنة والبقرة قائماً مقام الشاة في الهدي ، ولا تجزىء الواحدة من الغنم عن أكثر من شخص ، كما لا يجزىء أن يشترك ثمانية فأكثر في بعير أو بقرة ، لأن العبادات توقيفية لا يجوز فيها تعدي المحدود كمية وكيفية) .ن تكون الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين ، لحديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها: « يا عائشة هلمي المدية ، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله، اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ومن أمة محمد ثم ضحى به ). رواه مسلم ولحديث أبي أيوب رضي الله عنه : ( كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون ) رواه ابن ماجة والترمذي وصححه ، و عن أبي رافع رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يضحي بكبشين أحدهما عنه وعن آله، والاخر عن أمته جميعاً ) رواه أحمد.
وكذلك ، فإذا ضحى الرجل بالواحدة من الغنم الضأن أو المعز أو الإبل أوالبقر ، عنه وعن أهل بيته أجزأ عن كل من نواه من أهل بيته من حي وميت وإن زادوا عن سبعة ،واشترطوا أن يكون قريبا له و ينفق عليه ويسكن معه كما أن تضحية الواحد من أهل البيت تحصل به سنة الكفاية عن الجميع ، ولو بدون إذن منهم -يستحب ربط الأضحيةو تجهيزها قبل عدة أيام ، لإظهار استعداد المضحي وتقربه إلى الله تعالى .
يستحب لمن أراد التضحية ، أن لا يحلق شعراً ولا يقلم ظفراً ، بدأً من دخول العشر من ذي الحجة ( من أول يوم ) حتى يضحي أضحيته ، ويكره له فعل ذلك وعند البعض يحرم ، لحديث أم سلم ، قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة ، وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره ) رواه الجماعة إلا البخاري -يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه ، فقد ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثر من ستين بدنه ،بيده الشريفة ، و إن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج ، و لا خلاف بين أهل العلم في ذلك _ ويكره أن يكون الجزار كتابيا – يستحب أن يحضر المضحي ذبحها ، لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : ( قومي إلى أضحيتك فاشهديها ، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها .. ) الحاكم والبهقي ... -يستحب عند ذبحها أن يوجهها إلى القبلة ،وأن يضجهعا على جنبها الأيسر ، وأن يقول الذابح : ( وجهت وجهي للذي فطر السماواتِ و الأرضَ حنيفاً وما أنا من المشركين ، إن صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي للهِ ربِّ العالمين لا شريك له و بذلك أُمِرْتُ و أنا أول المسلمين ) .. و عندما يباشر الذبح يقول : بسم الله و الله أكبر ، اللهم هذا منك و إليك ، اللهم تقبلها مني كما تقبلتها من ابراهيم خليلك ..... -ويستحب أن تكون آلة الذبح حادة ، وأن يذبح برفق وأناة لقوله صلى الله عليه و سلم ( ... وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحدَّ أحدكم شفرته وليُرح ذبيحته .. ) -لا يجوز بيع شيء منها اطلاقاً ، نذرا كانت او تطوعا ، سواء في ذلك اللحم والشحم والجلد والقرن والصوف....... وغيره فقد روى البيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه و سلم: (من باع جلد اضحيته فلا اضحية له) الحاكم والبهقي واحمد. -لا يجوز إعطاء شيء منها اجرةً للجزار لما جاء في البخاري ومسلم أَّ علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن اقوم على بدنه ( ناقة أو بقرة ) و أن أتصدق بلحومها و جلودها و جِلالها ( مكوناتها ) وأمرني ان لا اعطي الجازر منها شيئا وقال: نحن نعطيه من عندنا ) متفق عليه أي نعطيه صدقة أو هدية ، لا أجراً. إذا كانت الاضحية منذورة أو واجبة ، فهي تخضع لأحكام النذر ، فلا يجوز أن يأكل المضحي شيئا منها .
- يستحب للمضحي أن يكون أول من يأكل منها إذا تيسر له ذلك لحديثه صلى الله عليه و سلم :( ليأكل كل رجل من أضحيته ) وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأكل من كبد أضحيته ) البهقي .
- يستحب أن تقسَّمها ثلاثاً ، لأهل بيته الثلث ، و يتصدق بثلث و يهدي لأصدقائه وأقاربه ثلثاً ، لقوله عز وجل: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ سورة الحج ءاية 36 ولقوله صلى الله عليه و سلم : (كلوا و ادخروا و تصدقوا ) ، و يجوز أن يتصدق بها كلها ، كما يجوز أن يدخرها ويأكلها كلها . بعض الناس يجتهدون من عند أنفسهم فيقولون التصدق بقيمة الأضحية وثمنها أفضل من ذبحها ، وأفضل من توزيع اللحم ، للتخلص من أتعاب الذبح والتوزيع و ... إلى غير ذلك المعروف والمتفق عليه عند عامة الفقهاء أن ( ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ) لأن الذبح من شعائر الله تعالى ، فهو عبادة ، والعدول عنه تعطيل لتلك الشعيرة
و لأن النبي صلى الله عليه وسلّم وصحابته والتابعين و المسلمين إلى يومنا هذا لا زالوا يعملونه ويتقربون بهذه الشعيرة إلى الله . في الحديث ، أصاب الناس مجاعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : ( من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة في بيته شيء ) فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : « كلوا واطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان في الناس جهد فأردت أن تعينوا فيها ». متفق عليه. قال الشافعية : لا يُضحى عن الميت إن لم يوص بها لقوله تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ) النجم 93 ، فإن كان الميت قد أوصى بها ،فليس للمضحي ولا لغيره من الأغنياء أن يأكلوا منها ، مع ملاحظة أحكام الوصية ، أما عند المالكية : فيكره فعلها للميت .وعند الحنفية والحنابلة : تصح الأضحية عن الميت ويفعل بها ما يفعل بغيرها ( من تصدق وأكل وغيره .. ) ما لم تكن وصية من الميت وبأمره ، فيحرم على المضحي الأكل منها ،
إنْ ترك الميت جنياً في بطن أمه أو ورثة قاصرين ، فهولاء لا يؤخذ من أموالهم شيء ، لا للأضحية ولا لغيرها من الصدقات ،ما لم تكن وصيةً أوصى بها الميت ، فتنفذ وفق أحكام الوصية ، والله أعلم .
وصلّى الله على سيدنا محمدصلى الله عليه و سلم ، والحمد لله رب العالمين .
م/ن للفائدة
مع تحياتى
أضحية عيد الأضحى
شُرعتْ الأضحية في السنة الثانية للهجرة ، وثبتت مشروعيتُها بالكتاب والسنة ، يقول الله تعالى : (فصلّ لربك وانحر) الكوثر وقال : (قُلْ إنَّصلاتي ونُسُكي ومحيَاي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أُمْرِتُ وأنا أول المسلمين) (الأنعام:261-361) ، النسك هنا يعني : الذبح .وقال تعالى : ( ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسمالله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلِموا ) سورة الحج /34 .
(والبدن جعاناها لكم من شعائر الله ) الحج 63 وفي الحديث : روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها ، وأنها أحب الأعمال إلى الله تعالى يوم النحر ، ومن ثم أيام التشريق.وهي لغتا هي اسمٌ لما يُذبح من الأنعام أيام عيد الأضحى، اصطلاحاً : هي ما يذبح من النَّعم تقرباً إلى الله تعالى في أيام النحر( الأضحى )
وقد عمدت الفرات للقاء الشيخ اياد النقشبندي مدير أوقاف ومفتي محافظة دير الزور الأسبق الذي قال: لما كانت الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة نتذكّر فيها توحيد الله ، ونعمه علينا ، وطاعة أبينا إبراهيم لربه ، ولما فيها خيروبركة كان لا بدّ للمسلم أن يهتم بأمرها ويعظّم شأنها ، فهي مطلوبة في وقتها ،من الإنسان المسلم الحي ، عن نفسه وأهل بيته – بشروطها وأحكامها – ذهب جمهور الفقهاء الشافعي ومالك وأحمد إلى أنها وأن تركها للقادر مكروه ،واستدل أصحاب هذا القول بما يلي :
1- عن أم سلمة : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره ) رواه الجماعة إلا البخاري ، في هذا الحديث تعليق ، والتعليق ينافي الوجوب 2- حديث جابر رضي الله عنه في سنن أبي داود حيث قال : ( صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عيد الأضحى فلما انصرف أتى بكبشين فذبحه فقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي ) سنن أبي داود 3- وحديث ابن عباس قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ثلاث هن علي فرائض ، وهن لكم تطوع ، الوتر والنحر وصلاة الضحى ) أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك ، 4- كما روى الترمذي أن رجلاً سأل ابن عمر (رضي الله عنه) عن الأضحية أهي واجبة ؟ فقال : ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون من بعده ، وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة وروى الترمذي أيضا أنه صلى الله عليه و سلم قال : (أمرت بالنحر وهو سنة لكم )أمّا عند أبي حنيفة وأصحابه ،فالأضحيةُ على المقيم والموسر مرة في كل عام ، وقد استدلوا بما يلي : 1- بقوله تعالى : ( فصل لربك وانحر ) الكوثر ، وهذا فعل أمر والأمر هنا يقتضي الوجوب ( كل أمر للوجوب وكل نهي للتحريم ) .
2- عن أبي هريرة ، قال صلى الله عليه و سلم: ( من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا ) رواه أحمد وابن ماجه ، ومثل هذا الوعيد لا يلحق بترك غير الواجب . 3- حديث جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله ) رواه مسلم ، لو لم تكن واجبة لما أمر بالذبح واحدة أخرى بدلا ‘ن الأولى وخلاصة القول ، أن لكل دليله ولعلّ الأدلة متساوية و متكافئة ، لذلك على المسلم أن يأخذ با لاحتياط ولا يدع فرصة الأضحية تفوته إن كان مقتدرا عليها لقوله تعالى : ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .
شرع الله تعالى الأضحية لتكون منسكا لنا وعبادة نتقرب بها إلى اليه سبحانه وتعالى ، كما شرعها لحكم وفوائد كثيرة تعم الفرد والأسرة والمجتمع والأمة ، إضافة إلى كونها تُذكرنا بمناسك الحج ، وأعمال ضيوف الرحمن وحكم أخرى كثيرة نذكر منها .
1- ذكرُ الله تعالى وتوحيده ، فالأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى ، والمضحي لا يقوم بأداء هذه الشعيرة إلا وقد دفعه حبُّهُ وذكرُهُ لله تعالى أن يتقرب إليه بهذا العمل ، فيذكرُ الله مكبرأ ومهللا على أضحيته عند ذبحها ، قال تعالى : (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام..) (الحج:82) وقوله : (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام:261).
2- هي باب من أبواب الشكر لله تعالى بتذكر نعمه علينا ، أن أبقانا من عام لعام ، وأن خلق لنا هذه الأنعام وسخرها لنا ركوبا ودفئا وطعاما ، ومتعنا بها حلالا طيبا ، قال تعالى : (كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) (الحج:63) .
3- فيها توسعة على الناس جميعا ، خاصة الفقراء والمساكين في هذه الأيام المباركة ، ليعم الفرح والسرور جميع الناس يقول الله تعالى : (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير ) (الحج:82) ويقول الله تعالى (فكلوا منها أطعموا القانع والمعتر) (الحج : 63) ، و في الحديث : (إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله )حيث يشارك الفقراء والمحتاجون الأغنياء والقادرين في أكل اللحم في هذه الأيام المباركة .
4- إحياء لذكرى نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل حيث فدى الله إسماعيل من الذبح بالكبش العظيم ، تذكرنا هذه القصة بطاعة ابراهيم عليه السلام لله تعزّ وجل ، فتشحذ هممنا ، وتُعيدنا إلى دائرة الطاعة للخالق بعد غفلة طويلة ،كما تذكرنا ببر اسماعيل عليه السلام لوالده ، ونحن في زمان أصبح فيه البر نادراً ، وكثر فيه العقوق – نسأل الله العافية _ (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) ، وهي شكر لله تعالى على هذا الفداء والتخفيف على نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل وعلى الأمة الإسلامية إلى قيام الساعة .
5- كما أن للأضحية دورُ كبيرٌ في توثيق عرى المودة والمحبة والوئام بين الناس ، فإذا ما عمّت المحبة بينهم ، أمنوا واطمأنوا فلا خوف ولا حزن ، إذ أن القلوب جُبلت على حب من أحسن إليها .
وقت ذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة وخطبة عيد الأضحى - وهو أفضل الأوقات - إلى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث البراء بن عازب : ( إنَّ أول ما نبدأ به في يومنا هذا : أن نصلي ثم نرجع ، فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ، ليس من النسك في شيء ) البخاري ومسلم وفي الحديث أيضا :( من كان ذبح قبل الصلاة فليُعد ) أخرجه البخاري ومسلم . ولقول علي رضي الله عنه : (أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده ) ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله *- أن يكون المضحي في وقتها : ( مسلما عاقلا بالغا حرا مقيما مستطيعا ) باتفاق الفقهاء في مسألة المسافر والصغير - لذلك لا تُطلب الأضحية من العاجز عنها أيام العيد ، وإنما تطلب ممن عنده القدرة ويستطيع عليها يوم العيد *- نية الأضحية ، لقوله صلى الله عليه و سلم: ( لا عمل لمن لا نية له ) ولحديث عمر بن الخطاب عنه صلى الله عليه و سلم : ( إنّما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى ) البخاري ومسلم .
لا تصح الأضحية إلا من النَّعم : الإبل ، والبقر ومنه الجاموس ، الغنم ومنه المعز ، ولا تصح بغيرها . يقول تعالى : ( ولكل أمّة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج 43 ، واختلفوا أي نوع أفضل ، أذكر قول ابن عباس فقط ، وذلك في تفسيره لقوله تعالى :( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) تعظيمها : أي استسمانها واستحسانها أي السمينة الطيبة ، وهذا باتفاق الفقهاء .
: أن تبلغ الأضحية( الحيوان المراد تتضحيته ) السن المطلوبة ذكرا كانت أم أنثى ، خصيا كان أم فحلا :
- الضأن ، أن يبلغ ستة أشهر على على أقل تقدير ، وأن يكون سمينا - المعز ، سنة وطعنت في الثانية .- البقر ، أن يبلغ سنتان ويطعن في الثانية . الإبل ، أن يبلغ خمس سنين ويطعن في السادسة .ثانياً : أن تكون سالمة من كل نقص ، فلا يجوز الأضحية بالمعيبة بأحد العيوب المتفق عليها وهي : العوراء (مفقوؤة العين ) ولا المريضة ( هزيلة من شدة المرض ) ولا العرجاء ( مكسورة الرجل ) ولاالعجفاء التي لا تُنقى ( أي ذهب مخها من شدة الهزال ) لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه البراء بن عازب : ( أربع لا تجوز في الأضاحي ،العوراء البيِّن عورها ،المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلَعها ، والكسير - أوالعجفاء - التي لا تنقي ) احمد وأصحاب السنن ، وتلحق بها بعض العيوب المانعة الأخرى ( على خلاف بين الفقهاء ) نذكر منها : العضباء (مقطوعة الأذن ، وليس مشقوقة الأذن ) والهتماء (التي ذهبت بعض أسنانها ،أو ثناياها من أصلها) ، والعمياء ، والتولاء (التي تدور في المرعى ولا ترعى اي المجنونة ) . والجرباء التي كثر جربها وغير ها .. فمثل هذه لا يجزىء التضحية بها ، وباختصار ( كل عيب ينقص اللحم لا يجزىء ، وكل ما لا ينقص اللحم يصح ) وهناك عيوب مختلف في أجزائها وعدمه ، و يكره ذبحها ، مثل مشقوقة الأذن ، والحولاء ، ومجزوزة الصوف ..... إلخ وأفضلها ما كان كامل الخلقة صحيحا سمينا ،طيبا ،لأن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً ،ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب على أن الشاة والمعز ، لا تجوز أضحيتهما إلا عن واحد ، وتجزىء البدنة أو البقرة عن سبعة أشخاص ، لحديث جابر : ( نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ) أخرجه الجماعة وفي لفظ مسلم : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة ) لذلك : يجزىء سبع البعير أو سبع البقر عما تجزىء عنه الواحدة من الغنم ، فلو ضحى الرجل بسبع بعير أو بقرة ، عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم جعل سبع البدنة والبقرة قائماً مقام الشاة في الهدي ، ولا تجزىء الواحدة من الغنم عن أكثر من شخص ، كما لا يجزىء أن يشترك ثمانية فأكثر في بعير أو بقرة ، لأن العبادات توقيفية لا يجوز فيها تعدي المحدود كمية وكيفية) .ن تكون الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين ، لحديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها: « يا عائشة هلمي المدية ، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله، اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ومن أمة محمد ثم ضحى به ). رواه مسلم ولحديث أبي أيوب رضي الله عنه : ( كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون ) رواه ابن ماجة والترمذي وصححه ، و عن أبي رافع رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يضحي بكبشين أحدهما عنه وعن آله، والاخر عن أمته جميعاً ) رواه أحمد.
وكذلك ، فإذا ضحى الرجل بالواحدة من الغنم الضأن أو المعز أو الإبل أوالبقر ، عنه وعن أهل بيته أجزأ عن كل من نواه من أهل بيته من حي وميت وإن زادوا عن سبعة ،واشترطوا أن يكون قريبا له و ينفق عليه ويسكن معه كما أن تضحية الواحد من أهل البيت تحصل به سنة الكفاية عن الجميع ، ولو بدون إذن منهم -يستحب ربط الأضحيةو تجهيزها قبل عدة أيام ، لإظهار استعداد المضحي وتقربه إلى الله تعالى .
يستحب لمن أراد التضحية ، أن لا يحلق شعراً ولا يقلم ظفراً ، بدأً من دخول العشر من ذي الحجة ( من أول يوم ) حتى يضحي أضحيته ، ويكره له فعل ذلك وعند البعض يحرم ، لحديث أم سلم ، قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة ، وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره ) رواه الجماعة إلا البخاري -يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه ، فقد ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثر من ستين بدنه ،بيده الشريفة ، و إن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج ، و لا خلاف بين أهل العلم في ذلك _ ويكره أن يكون الجزار كتابيا – يستحب أن يحضر المضحي ذبحها ، لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : ( قومي إلى أضحيتك فاشهديها ، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها .. ) الحاكم والبهقي ... -يستحب عند ذبحها أن يوجهها إلى القبلة ،وأن يضجهعا على جنبها الأيسر ، وأن يقول الذابح : ( وجهت وجهي للذي فطر السماواتِ و الأرضَ حنيفاً وما أنا من المشركين ، إن صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي للهِ ربِّ العالمين لا شريك له و بذلك أُمِرْتُ و أنا أول المسلمين ) .. و عندما يباشر الذبح يقول : بسم الله و الله أكبر ، اللهم هذا منك و إليك ، اللهم تقبلها مني كما تقبلتها من ابراهيم خليلك ..... -ويستحب أن تكون آلة الذبح حادة ، وأن يذبح برفق وأناة لقوله صلى الله عليه و سلم ( ... وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحدَّ أحدكم شفرته وليُرح ذبيحته .. ) -لا يجوز بيع شيء منها اطلاقاً ، نذرا كانت او تطوعا ، سواء في ذلك اللحم والشحم والجلد والقرن والصوف....... وغيره فقد روى البيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه و سلم: (من باع جلد اضحيته فلا اضحية له) الحاكم والبهقي واحمد. -لا يجوز إعطاء شيء منها اجرةً للجزار لما جاء في البخاري ومسلم أَّ علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن اقوم على بدنه ( ناقة أو بقرة ) و أن أتصدق بلحومها و جلودها و جِلالها ( مكوناتها ) وأمرني ان لا اعطي الجازر منها شيئا وقال: نحن نعطيه من عندنا ) متفق عليه أي نعطيه صدقة أو هدية ، لا أجراً. إذا كانت الاضحية منذورة أو واجبة ، فهي تخضع لأحكام النذر ، فلا يجوز أن يأكل المضحي شيئا منها .
- يستحب للمضحي أن يكون أول من يأكل منها إذا تيسر له ذلك لحديثه صلى الله عليه و سلم :( ليأكل كل رجل من أضحيته ) وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأكل من كبد أضحيته ) البهقي .
- يستحب أن تقسَّمها ثلاثاً ، لأهل بيته الثلث ، و يتصدق بثلث و يهدي لأصدقائه وأقاربه ثلثاً ، لقوله عز وجل: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ سورة الحج ءاية 36 ولقوله صلى الله عليه و سلم : (كلوا و ادخروا و تصدقوا ) ، و يجوز أن يتصدق بها كلها ، كما يجوز أن يدخرها ويأكلها كلها . بعض الناس يجتهدون من عند أنفسهم فيقولون التصدق بقيمة الأضحية وثمنها أفضل من ذبحها ، وأفضل من توزيع اللحم ، للتخلص من أتعاب الذبح والتوزيع و ... إلى غير ذلك المعروف والمتفق عليه عند عامة الفقهاء أن ( ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ) لأن الذبح من شعائر الله تعالى ، فهو عبادة ، والعدول عنه تعطيل لتلك الشعيرة
و لأن النبي صلى الله عليه وسلّم وصحابته والتابعين و المسلمين إلى يومنا هذا لا زالوا يعملونه ويتقربون بهذه الشعيرة إلى الله . في الحديث ، أصاب الناس مجاعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : ( من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة في بيته شيء ) فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : « كلوا واطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان في الناس جهد فأردت أن تعينوا فيها ». متفق عليه. قال الشافعية : لا يُضحى عن الميت إن لم يوص بها لقوله تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ) النجم 93 ، فإن كان الميت قد أوصى بها ،فليس للمضحي ولا لغيره من الأغنياء أن يأكلوا منها ، مع ملاحظة أحكام الوصية ، أما عند المالكية : فيكره فعلها للميت .وعند الحنفية والحنابلة : تصح الأضحية عن الميت ويفعل بها ما يفعل بغيرها ( من تصدق وأكل وغيره .. ) ما لم تكن وصية من الميت وبأمره ، فيحرم على المضحي الأكل منها ،
إنْ ترك الميت جنياً في بطن أمه أو ورثة قاصرين ، فهولاء لا يؤخذ من أموالهم شيء ، لا للأضحية ولا لغيرها من الصدقات ،ما لم تكن وصيةً أوصى بها الميت ، فتنفذ وفق أحكام الوصية ، والله أعلم .
وصلّى الله على سيدنا محمدصلى الله عليه و سلم ، والحمد لله رب العالمين .
م/ن للفائدة
مع تحياتى