المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمـــــــرة فــي رمضـــان ...


عفراء
30-08-2010, 07:59
صفة العمرة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فقد جاءت نصوص كثيرة جداً في فضل العمرة من ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))
وجاء في فضل المتابعة بين الحج والعمرة حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكثير خبث الحديد والذهب والفضة...))
وأفضل وقت للعمرة هو في رمضان، فإن للعمرة فيه مزية خاصة عن بقية شهور السنة فقد جاء في الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجته قال لأم سنان الأنصارية: ((ما منعك من الحج؟)) قالت: أبو فلان - تعني زوجها - له ناضحان - أي جملان -، حجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تقضي حجة معي))
فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - العمرة في رمضان تعدل حجة، وليس أي حجة بل حجة معه - عليه الصلاة والسلام -.
وإليك أخي - وفقني الله وإياك لطاعته - صفة العمرة على سبيل الإيجاز والاختصار:
أولاً: الإحرام من الميقات: ومواقيت الحج أو العمرة هي كالتالي:
1- ذو الحليفة وهو المسمى عند الناس اليوم أبيار علي، وهو ميقات أهل المدينة.
2 - الجحفة وهي ميقات أهل الشام، وهي قرية خراب تلي رابغ، ورابغ ميقات أهل مصر والشام، ومن يمرُّ عليها بعد ذهاب معالم الجحفة، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات؛ لأن رابغ قبلها بيسير.
3- قرن المنازل وهو المسمى اليوم السيل، وهو ميقات أهل نجد.
4- يلملم وهو ميقات أهل اليمن.
5- ذات عرق وهي ميقات أهل العراق
والأصل في تحديد المواقيت حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وقال: ((هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ))
وكذلك حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْق"
فيحرم كل من كان من أهل بلد من المكان الذي حدده النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم.
ويكون الإحرام بعد أن يغتسل - ويسنُّ الاغتسال قبل دخول مكة إن تيسر ذلك -، ثم يتطيِّب في بدنه ورأسه ولحيته، ولا يطيب لباس إحرامه؛ فإن أصابه طيب فليغسله، ويتجرد من المخيط، ويلبس رداءً وإزاراً أبيضين ونعلين؛ هذا بالنسبة للرجل، وأما المرأة فإنها تغتسل ولو كانت حائضاً، وتلبس ما شاءت بشرط أن يتوافر في اللباس جميع شروط الحجاب؛ فلا يظهر منها شيء، ولا تتبرج بزينة، ولا تتطيب، ولا تتشبه بالرجال.
فإن لم يتيسر أن يقف عند الميقات - كالمسافر بالطائرة - فليغتسل من بيته، فإذا حاذى الميقات فليحرم، وليقل: "لبيك عمرة"، وإن خاف ألا يتمكن من إكمال النسك لمرض أو نحوه فليقل: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"؛ لما جاء في حديث ضباعة بنت الزبير - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال: ((حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني))7، ثم ليبدأ بالتلبية حتى يصل مكة، والتلبية سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسنُّ للرجال رفع الصوت بها دون النساء، وصفة التلبية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
فإذا أحرم الإنسان من الميقات فإنه يحرم عليه أن يفعل الأمور التالية حتى يتحلل من إحرامه، وهي:
إزالة الشعر، وتقليم الأظافر، واستعمال الطيب، وقتل الصيد البري أما البحري فجائر، ولبس المخيط (على الرجال دون النساء)، وكذلك يحرم تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية، والغترة، والعمامة، والقبعة، وما شابه ذلك؛ ويجوز الاستظلال بالشمسية، والخيمة، والسيارة، ويجوز حمل المتاع على الرأس إذا لم يقصد به التغطية، ويحرم على المحرم عقد النكاح، ومن باب أولى الجماع ومقدماته كالمباشرة بشهوة، أو إنزال المني باستمناء.
ويحظر على المرأة لبس النقاب والقفازين، فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز؛ كسدل الخمار على الوجه، وإدخال اليدين في العباءة.
ثانياً: إذا وصل المعتمر إلى المسجد الحرام فليقدم رجله اليمنى

قائلاً: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم"، وهذا الدعاء يقال عند دخول سائر المساجد أيضاً.
ثالثاً: ثم يبدأ بالطواف من الحجر الأسود

؛ وذلك بأن يستقبل الحجر الأسود، ويقول: "الله أكبر"، ويستلمه بيمينه ويقبِّله إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر التقبيل فليستلمه بيده أو بغيرها، وليقبل ما استلمه به، فإن لم يتيسر له ذلك فلا يزاحم الناس، وإنما يشير إليه بيده مرة واحدة، ولا يقبل يده، ويفعل ذلك في بداية كل شوط من أشواط الطواف.
ثم يطوف سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يساره؛ يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي في الباقي (والرمل هو: سرعة المشي مع تقارب الخطى)، ويضطبع في جميع الأشواط (والاضطباع هو: أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر)، والرمل والاضطباع مختصان بالرجال، وكذلك مختصان بطواف العمرة أو بطواف القدوم للقارن والمفرد في الحج".
فإذا وصل إلى الركن اليماني فيستلمه بيده إن تيسر ذلك ولا يقبله، فإن لم يتيسر فلا يشير إليه، ويستحب أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبّنَآ ءَاتِنَا فِي الدُنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النّارِ}
وليس في الطواف ذكر مخصوص ثابت غير هذا، ويستحب: كثرة الذكر والدعاء، وإن قرأ شيئاً من القرآن فحسن.
رابعاً: إذا انتهى من الشوط السابع عند محاذاة الحجر الأسود فليغط كتفه الأيمن،
وليذهب إلى مقام إبراهيم إن تيسر، ويقرأ قوله - تعالى -: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}
، ويجعل المقام بينه وبين الكعبة إن تيسر، ثم يصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

خامساً: ثم يذهب إلى زمزم فيشرب من مائها،
ويدع الله، ويصُب على رأسه، ثم إن تيسر فيرجع إلى الحجر الأسود ويستلمه.
سادساً: ثم يتوجه إلى الصفا،
فإذا دنا منه قرأ قوله - تعالى -: {إن الصّفَا وَالمَروةَ مِن شَعَائِرِ اللّه}
ويقول: "نبدأ بما بدأ الله به"، ويصعد الصفا، ويستقبل الكعبة، ويكبّر ثلاثاً، ويقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، يكرر هذا الذكر ثلاث مرات، ويدع بين كل مرة وأخرى بما شاء من الدعاء.
سابعاً: ثم ينزل ليسعى بين الصفا والمروة،
وإذا كان بين العلمين الأخضرين فليسع بينهما سعياً شديداً، "والسعي الشديد خاص بالرجال دون النساء"، فإذا وصل إلى المروة فليصعد عليها، وليستقبل الكعبة، وليقل كما قال على الصفا، وهكذا يصنع في باقي الأشواط، الذهاب شوط والعودة شوط حتى يكمل سبعة أشواط؛ فيكون نهاية الشوط السابع بالمروة، وليس للسعي ذكر مخصوص، وإنما يكثر مما شاء من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن.
ثامناً: إذا انتهى من السعي فليحلق رأسه أو يقصره،
والحلق أفضل للمعتمر إلا أن يكون الحج قريباً فالتقصير أفضل؛ ليكون الحلق في الحج، ولا يكفي تقصير بعض الشعر من مقدمة الرأس ومؤخرته؛ كما يفعله بعض الناس، بل لا بد من تقصير جميع شعر الرأس أو أكثره، أما المرأة فتجمع شعرها، وتأخذ منه قدر الأنملة، وإذا كان شعرها مدرجاً "أي متفاوت الطول" فتأخذ من كل درجة.
وبهذا يكون المسلم أو المسلمة قد فرغ من أداء مناسك العمرة، فليسأل الله الإخلاص والقبول.
نسأل الله - تعالى - أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين أعمالهم، وأن يثيبنا وإياهم على ذلك الثواب الجزيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عفراء
30-08-2010, 08:01
رسالة إلى مُعتمر

أيها المعتمر .
يا واحداً من ضيوف الرحمن سبحانه .
يا من شددت الرحال إلى بلد الله الحرام .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فإن العمرة شعيرةٌ واجبةٌ ، يُقصد بها زيارة بيت الله الحرام للطواف والسعي . وقد جاء الترغيب في أدائها والحث على فعلها في كتاب الله بقوله جل في عُلاه } : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } ( البقرة : من الآية 196) .كما جاء في السنة المطهرة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما ) "رواه البخاري ، الحديث رقم 1773 ، ص 285 ) . ولهذا كان على كل مسلم أن يحرص على أدائها بقدر استطاعته، وأن لا يهملها أو يتقاعس عنها بدون عذر شرعي ، وهنا أوجه هذه الرسالة إلى كل معتمر لعله يجد فيها نفعاً أو فائدة .فأقول مستعيناً بالله وحده :

* يا من نويت أداء العمرة ،
عليك أن تقصد بعمرتك وجه الله سبحانه والدار الآخرة والتقرب إلى الله سبحانه بما يرضيه من الأقوال والأعمال في ذلك الموضع الشريف، وأن تحذر كل الحذر من أن تقصد بعمرتك أعراض الدنيا الفانية ، أو الرياء والسمعة ، والمفاخرة بين الناس . وهنا تذكّر أن عليك سؤال أهل العلم عن ما يُشكل عليك من أمورٍ ومسائل حتى تكون على بصيرةٍ ، وتكون عمرتك على الوجه الذي يرضي الله جل جلاله .

* يا من عزمت على السفر إلى بلد الله الحرام ،
اختر الرفقة الصالحة الطيبة التي تعينك على ذكر الله جل وعلا ، وتُذكِّرك إذا نسيت ، واحرص على صحبة أهل الطاعة والتقوى والصلاح ، وطلبة العلم المتفقهين في الدين ، وإياك وصحبة السفهاء و الفُسَّاق والأشرار . وأعلم أن مال العمرة لابد أن يكون حلالاً حتى يقبلها الله جل جلاله ،فلا يدخل فيه مالٌ مسروق أو مغصوب ، أو من مصدر حرامٍ كالربا أو الرشوة أو الغش ونحو ذلك.

* يا من توجهت إلى بلد الله الحرام لإتمام مناسك العُمرة ،
لا تتجاوز الميقات الذي تمر به في طريقك إلى مكة المكرمة حتى تحرم منه إن كان سفرك براً أو بحراً ، فإذا وصلت إلى الميقات فعليك التجرد من ثيابك والاغتسال كغُسل الجنابة ، ثم تلبس قطعتين من القماش الذي لا مخيط فيه ، أحدهما إزاراً يستر النصف الأسفل ، والثاني رداء ًيستر النصف الأعلى كاملاً ، والأفضل أن يكونا أبيضين للرجال ؛ أما المرأة فلها أن تلبس ما شاءت من ثيابٍ ، وأن تحذر التشبه بالرجال أو التبرج ، وأن لا تُخصص للعمرة لوناً معيناً فإن ذلك غير وارد . أما إذا كان سفرك جواً فعليك أن تحرم إذا حاذيت الميقات الذي تمر به ، ويفضل أن تلبس ثياب الإحرام قبل ذلك حتى إذا حاذيت الميقات نويت الإحرام في الحال بأن تقول : (( لبيك اللهم عمرةً )) ، فإنه لا يجوز تأخير الإحرام عن ذلك .

* يا من لبست ملابس الإحرام ،
لا تنس أن تتطيب عند الإحرام في رأسك ولحيتك لما جاء في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة ( رضي الله عنها ) أنها قالت : " كنت أُطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين يُـحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1539 ، ص 249 ) . وأعلم – جُزيت خيراً - أن لك أن تصلي ركعتين بنية سنة الوضوء ، ثم تنوي الإحرام بالعمرة وتجهر بها قائلاً : " لبيك عمرةً " أو " لبيك اللهم عمرة " . أما النساء فلا يجهرن بها ولا بالتلبية .

وهنا تذكر أن لك متى خفت من عائق يعوق إتمام نسكك أن تشترط عند الإحرام فتقول: ))إن حبسني حابسٌ فمحلي حيث حبستني )) . وعند ذلك تُشرع لك البدء في التلبية المشروعة الثابتة فقد ورد عن ابن عمرٍ - رضي الله عنهما - أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والمُلك ، لا شريك لك " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1549 ، ص ( 251وارفع صوتك بها واكثر منها حتى تبدأ الطواف بالبيت الحرام ، أما النساء فيلبين بصوتٍ منخفض .

* يا من أحرمت لله تعالى معتمراً تجنب جميع محظورات الإحرام ؛
فلا تأخذ من شعرك أو أظفارك شيئاً ولا تتطيب بعد الإحرام في بدنك أو إحرامك ، ولا تقتل الصيد ، ولا تُغط رأسك بملاصق ، ولا تقطع شجر الحرم ونباته الأخضر ، ولا تلتقط لقطته إلا لتعريفها ، ولا تباشر زوجك بشهوة سواءً كان ذلك باللمس أو التقبيل أو نحوهما ، ولا تلبس المخيط سواءً كان ذلك قميصاً أو ثوباً أو سروالاً ، أو عمامةً أو خفاً أو نحوها ، ولا تلبس المرأة النقاب أو البرقع أو نحوهما ؛ وعليها ألاَّ تلبس القُفازين في يديها لورود النهي عن ذلك ؛ إلا أن عليها متى كانت بحضرة رجالٍ أجانب أن تُغطي وجهها بالخمار ونحوه . وأعلم أنه لا بأس ( أخي المعتمر ) بلبس النعلين والخاتم غير المذهب وسماعة الأذن والنظارة والساعة والحزام ، ولا بأس بتغيـير ملابس الإحرام وغسلها وتنظيفها ، وغسل الرأس والبدن .

* لا تنس أخي المعتمر
أن عليك أن تبدأ الطواف من محاذاة الحجر الأسود الذي إن لم يتيسر لك استلامه فيكفيك التكبير مع الإشارة إليه باليد اليمنى لما ورد في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر ( رضي الله عنهما ) أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما انتـهى إلى البيت " استقبل الحجر فكبَّر " ( رواه ابن خُزيمة ، ج 4 ، الحديث رقم 2716 ، ص 214 ) . ولا تُقبِّل يداك بعد الإشارة بهما إليه ، وإياك ومزاحمة الناس أو إيذائهم بأي نوعٍ من الأذى القولي أو الفعلي . فإذا ما مررت بالحجر الأسود بعد ذلك فكبر فقط ، وقبِّله إن استطعت دونما مزاحمةٍ لما في الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا عمر ، لا تؤذ الضعيف . إذا أردت استلام الحجر فإن خلا لك فاستلمه ؛ وإلا فاستقبله وكبِّر " ( رواه البيهقي في السُنن الكبرى ، ج 5 ، الحديث رقم 9043 ، ص80 (

* إذا بلغت الركن اليماني
في طوافك وتيسّر لك استلامه فامسح عليه بيدك اليمنى ولا تُقبِّله ، ولا تزاحم الناس عليه ، فإن شق عليك استلامه فاتركه وامض في طوافك ؛ ولا تُشر إليه ، ولا تُكبِّر عند محاذاته . واعلم ( بارك الله فيك ) أنه ليس للطواف دعاءٌ مخصوص أو ذكرٌ معين ؛ و أن ما يسمى بأدعية الطواف والسعي التي تنتشر بين أيدي كثيرٍ من الحجاج والمعتمرين ليست ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن المشروع للمسلم في الطواف يتمثل في الإكثار من الذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم ، إلاّ في ختام كل شوط بين الركن اليماني والحجر الأسود فيستحب أن يقول الطائف بالكعبة : (( ربنا آتنا في الدنيا حسنةً ، وفي الآخرة حسنةً ، وقنا عذاب النار (( لما ورد عن عبد الله بن السائب عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركن اليماني والحجر : { ربنا آتنا في الدنيا حسنةً ، وفي الآخرة حسن ةً ، وقنا عذاب النار} ( رواه الحاكم ، ج 2 ، الحديث رقم 3098 ، ص 3042 ) . وهنا عليك أن تُراعي أنه لا ينبغي رفع الصوت بالدعاء حتى لا يكون هناك تشويش على بقية الطائفين والمصلين .

* لا تنس - أخي المعتمر
– أن مما يُشرع للرجال (( الاضطباع )) و (( الرَّمَل )) في الطواف فقط ؛ فأما الاضطباع فهو أن يجعل الرجل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على الكتف الأيسر, وبذلك يكون كتفه الأيمن مكشوفاً حتى إذا فرغ من الطواف غطاه وأعاد الرداء إلى حالته الأولى . أما الرَّمَل فهو إسراع المشي مع مقاربة الخطوات , ويكون ذلك في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف فقط إن تيسر له ذلك ، لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " سعى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشواطٍ ، ومشى أربعةً في الحج والعمرة " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1604 ، ص )260.

* لا تنس أن تصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم
عليه السلام بعد فراغك من الطواف بالبيت سبعة أشواط لقوله تعالى :{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } ( البقرة : من الآية 125) ؛ فإن لم يتيسر ذلك فصل في أي موضع من الحرم دون مزاحمةٍ أو مضايقةٍ للمصلين والطائفين ، واعلم أنه يُسَنُ في هاتين الركعتين قراءة (سورة الكافرون ) بعد الفاتحة في الأولى ، و ( سورة الإخلاص ) بعد الفاتحة في الثانية .

* توجّه بعد ذلك إلى المسعى واصعد على الصفا
تالياً قوله تعالى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } ( البقرة : 158 ) . ثم استقبل القبلة وارفع يديك حامداً الله سبحانه وتعالى وداعياً بما تشاء ، ثم انزل من الصفا متوجهاً إلى المروة ؛ فإذا بلغت العلم الأخضر فأسرع في سعيك بقدر ما تستطيع ولا تؤذ غيرك من الناس حتى تبلغ العلم الأخضر الثاني ، ولا تنس أن هذا الإسراع في المشي بين العلمين الأخضرين مشروع للرجال فقط أما النساء فلا يشرع لهن لأنهن عورة ، وإنما المشروع لهن المشي في السعي كله . ثم امش كالعادة إلى أن تصل إلى المروة فاصعد عليها واستقبل القبلة رافعاً يديك داعياً بما تشاء كما فعلت على الصفا . ثم انزل من المروة إلى الصفا ماشيا في موضع المشي ، وساعياً في موضع السعي حتى تكمل سبعة أشواط ، واعلم أن الذهاب من الصفا إلى المروة شوط ، والرجوع من المروة إلى الصفا شوط آخر . ولك ( أخي المعتمر ) أن تردد في سعيك ما شئت من ذكر الله سبحانه وتعالى ، والدعاء الصالح ، وتلاوة القرآن الكريم دون التقيد بذكرٍ معينٍ أو دعاءٍ خاصٍ لكل شوط .

* إذا أتممت سعيك سبعة أشواط فاحلق شعر رأسك أو قَصِّره
على أن يعم التقصير شعر الرأس كله ، ولا تكتف بأخذ بعض الشعر من يمين الرأس وشماله ووسطه فإن ذلك خطأ يقع فيه كثير من الناس ، إذ إن الحلق أو التقصير يجب أن يكون شاملاً لجميع شعر الرأس . واعلم أن الحلق أفضل من التقصير لما ورد عن يحيى بن الحُصين عن جدته أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع " دعـا للمحلِّقين ثلاثـاً وللمقصرين مرة " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3150 ، ص 548 ) . إلاّ أن يكون وقت الحج قريباً فإن التقصير أفضل . أما المرأة فتقص من كل ظفيرةٍ من ظفائرها قدر أنملة ، وبذلك تكون ـ أخي المعتمر ـ قد أتممت عمرتك ، ولك بعد ذلك أن تلبس ثيابك وأن تتطيب وأن تعود إلى ما كنت عليه قبل الإحرام .

* تذكّر أن عليك عدم تخطي الرقاب في الحرم ،
والحذر من إيذاء المصلين ، فإن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وإياك والنظر إلى النساء أو الصلاة بجوارهن فإن ذلك مما يجب على المسلم اجتنابه وبخاصة في بيت الله الحرام . وعليك أن تتلطف بمن حولك من إخوانك الحجاج والمعتمرين والمصلين أثناء الطواف والسعي وعند تقبيل الحجر الأسود فإن كثير من الناس قد يقع في المحظور ليأتي بسنةٍ من السنن - والعياذ بالله - .

* لا تُغلِق أبواب الحرم ومداخله وطرقاته بالصلاة فيها أو النوم أو الجلوس والافتراش ،
ولا تلوث الحرم بطعام أو شراب أو قذر ؛ فإن ذلك من العبث وعدم تعظيم شعائر الله . واعلم أنه لا يجوز ـ كما أفتى بذلك كثيرٌ من أهل العلم ـ تعطيل الطواف بالجلوس حول الكعبة أو الصلاة قربها أو الوقوف عند الحجر الأسود ، أو حِجر إسماعيل عليه السلام ، أو أمام باب الكعبة ، أو عند مقام إبراهيم عليه السلام ؛ وخاصةً عند الزحام لما في ذلك من الضرر بالمسلمين وإيذائهم . وأحذر من التمسح بجدران أو حِلق الكعبة أو ثوبها أو غير ذلك مما يفعله الجهلة بدين الله وشريعته السمحة .

** وختاماً
: لا تنس أن تحمد الله تعالى على توفيقه إياك لأداء هذه الشعيرة ، وتيسيره لك إتمام أعمال العمرة ، وعليك أن تحمده وأن تُكثر من شكره سبحانه وتعالى أن وفقك لزيارة المسجد الحرام والبيت العتيق ، وأن تسأله القبول والإخلاص في القول والعمل . والله أسأل لنا ولك عمرةً مقبولةً ، وسعياً مشكوراً ، وذنباً مغفوراً ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلّم تسليماً كثيراً .

عفراء
30-08-2010, 08:02
حجة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم

شهر رمضان شهر عظيم تكَّفر فيه السيئات، وتُرفَع الدرجات، وتُغفر الزلات، وتُقال العثرات، وتُسكب العبرات، وهو ميدان ينافس فيه المتنافسون، وإلى الخيرات يتسارعون، وإلى الطاعات يتسابقون؛ لأن أبواب الجنة قد فتحت، وأبواب جهنم أغلقت، ولأن الشياطين قد سلسلت، ونادى المنادي: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر".
وإن من أعظم ميادين المنافسة والمسابقة إلى الخيرات؛ قَصْدُ بيت الله الحرام لأداء العمرة لما في ذلك من الأجر العظيم، وتكفير الخطايا والسيئات قال - صلى الله عليه وسلم -: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما))1، وفي حديث آخر يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((تابعوا بين الحج والعمرة, فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة))2.
هذا في شأن العمرة خلال سائر أيام السنة، أما العمرة في شهر رمضان فإن لها مزية عظمى، ومنزلة كبرى؛ ومذاق خاص؛ تظهر مزيتها في كونها تعدل في الأجر والمثوبة أجر حجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ورد في الصحيحين واللفظ للبخاري: عن عطاء قال: سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يخبرنا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: ((ما منعك أن تحجين معنا؟))، قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه (لزوجها وابنها)، وترك ناضحاً ننضح عليه، قال: ((فإذا كان رمضان اعتمري فيه، فإن عمرة في رمضان حجة أو نحواً مما قال))3، وفي رواية: ((فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي))4.
وعلى هذا درج السلف الصالح فكان من هديهم الاعتمار في رمضان كما ثبت عن سعيد بن جبير، ومجاهد "أنهما كانا يعتمران في شهر رمضان من الجعرانة"، وروي عن عبد الملك بن أبي سليمان أنه قال: "خرجت أنا وعطاء في رمضان فأحرمنا من الجعرانة" وهذا ما يفسر لنا سر تنافس المسلمين في هذا الشهر الكريم على قصد بيت الله الحرام؛ لاسيما من استشعر أنه حاج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يسير معه حيث سار، ويقوم معه حيث قام، ويطوف معه حيث طاف، ويسعى معه إذ سعى، فيا لله أي فضل وأي مزية أعظم من حجك مع سيد الورى، وأكرم الخلق - صلى الله عليه وسلم -.
فبادر وبادر بدون انتظار إذا كنت أهلاً لخوض البحار
فإن الأجور العظيمة، والجوائز الكريمة، ومرافقة الحبيب - صلى الله عليه وسلم-؛ لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يعبر إليها إلا على جسر من التعب:
بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها تنال إلا على جسر من التعب
فاللهم وفقنا لأداء العمرة في رمضان لنحظى بحجة مع نبيك إنك ولي ذلك والقادر عليه، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

عفراء
30-08-2010, 08:02
رحلة جماعية لأداء فريضة العمرة

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
فقد شرع الله العبادات ونوعها، فمنها العبادات البدنية المحضة، كالصلاة، ومنها العبادات المالية المحضة؛ كالزكاة، ومنها العبادات المشتركة بين البدنية والمالية؛ كالحج والعمرة، فإن من أراد الحج أو العمرة فلابد أن يكون مستطيعاً لذلك استطاعة بدنية ومالية.
وللعمرة فضائل كثيرة فمن ذلك أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما من الذنوب؛ لما جاء في البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). والمراد بالذنوب الصغائر، وأما الكبائر فلابد لها من توبة خاصة بها، ومن التوبة الإكثار من نوافل الطاعات والقربات ومن هذه النوافل العمرة وخاصة المتابعة بين ذلك فإن لذلك أجراً عظيماً؛ كما في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب بالمغفرة كما ينفي الكير خبث الحديد)1.
وكما هو معلوم فإن ثواب العمل يضاعف ويزيد بحسب حال الشخص وزمان ومكان العمل، كما ثبت عن أم معقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة)2.
وبما أن العمرة لها عظيم الفضل، وكبير الأجر فإن على المسلم أن يحرص على ذلك، وأن يتابع بين الحج والعمرة، وخاصة إذا كان ميسوراً.
والله نسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وأن يجنبنا جميع ما يكرهه ويأباه.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

عفراء
30-08-2010, 08:04
العمرة : فضائل وأحكام

يقول الله - تعالى -: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة: 196]. أمر الله - تعالى - في هذه الآية الكريمة بإتمام العمرة له - سبحانه -، فالعمرة شعيرة من شعائر ديننا الحنيف.
والعمرة في لغة العرب: الزيارة، وهي في اصطلاح فقهائنا: زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة.
وقد أجمع العلماء على مشروعية العمرة، ولكنهم اختلفوا في حكمها، فقال بعضهم بوجوبها، والصحيح قول من قال باستحبابها. وأما قول الله - تعالى -: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} فلا يدل على وجوبها، بل غاية ما في الآية الكريمة الأمر بإتمامها لمن شرع فيها.
عباد الله، جاء في السنة النبوية المطهرة ما يدل على عظيم فضل هذه الشعيرة، فمن ذلك أنها تمحو الآثام وتكفر الذنوب، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) أخرجه الشيخان. وندب النبي إلى الإكثار منها فقال: ((تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب)) أخرجه الترمذي والنسائي. وامتدح المعتمرين بقوله: ((الحُجّاج والعُمّار وَفْد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم)) أخرجه ابن ماجه والبزار. فليستبشر من عزم على العمرة بهذه النصوص.
أيها المؤمنون، ليس للعمرة وقت معين، بل توقع في أي وقت ما عدا أيام الحج. وأفضل أوقاتها في رمضان لقول نبينا: ((عمرة في رمضان تعدل حجة معي)) أخرجه الشيخان. فإن لم يتمكن المسلم من ذلك فليحاول القيام بها في أشهر الحج؛ لأن النبي اعتمر أربع مرات جميعها في أشهر الحج.
ولا ينبغي لمسلم أن يعتقد أن للعمرة في رجب ميزة معينة، فهذا مما لا دليل عليه، فقد دلت الأحاديث على أن النبي لم يعتمر في رجب، قال مجاهد: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة - رضي الله عنها -، فسئل: كم اعتمر رسول الله؟ قال: أربعًا إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه، فقال عروة: يا أماه، يا أم المؤمنين، ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟! قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب.، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد ـ أي: حاضر معه ـ، وما اعتمر في رجب قط. أخرجه الشيخان. وجاء عند مسلم: وابن عمر يسمع فما قال: لا ولا نعم. قال النووي: "قال العلماء: هذا يدل على أنه ـ أي: ابن عمر ـ اشتبه عليه أو نسي أو شك. ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة"[1].
وأما الوقت الذي ينبغي أن يكون بين العمرة والعمرة فقد قال الإمام أحمد لما سئل: كم بين العمرتين؟ قال: "ينتظر حتى يُحَمَّمُ رأسه. أي: يسودّ بنبات الشعر عليه".
معشر المؤمنين، من عزم على أداء هذه العبادة العظيمة فعليه أن يتنبه لهذه الأمور:
أن يخلص في عبادته؛ لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، وأن لا يريد بعمله الدنيا وحُطَامها، قال - تعالى -: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16]، وقال: {من كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} [الإسراء: 18].
ومنها أن يقف على أحكامها ويتعلم هدي النبي فيها؛ لأن الله لا يقبل العمل إذا خالف هدي النبي، ولذا قال النبي لأصحابه يوم حجة الوادع: ((لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) أخرجه مسلم.
ومنها التوبة ورد المظالم، قال النبي: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه أُخِذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثم طُرِح في النار)) أخرجه مسلم.
ومنها أن يتزود لعمرته لئلا يريق ماء وجهه بسؤال الناس، قال النبي: ((من تكفَّل لي أن لا يسأل شيئًا وأتكفّل له بالجنة؟)) فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. أخرجه أحمد.
ومنها أن يعتمر بمال حلال؛ فإن الله طيب ولا يقبل إلا طيبًا، ومن اعتمر بمال سُحْت فإنما أتعب نفسه.
عباد الله، صفة العمرة أن يحرم المعتمر فيتجرّد من لباسه، ويلبس الإزار والرداء، وله أن يتطيب في بدنه، فإن بقي أَثَرُ الطيب وفاحت رائحته بعد الإحرام فلا حرج عليه في ذلك. وينبغي أن يختار البياض من الثياب. ولا يحل له أن يلبس الخُفّ إلا إذا لم يجد غيره. وليس للمرأة ثياب معينة لإحرامها، بل حجابها الشرعي هو إحرامها، لكنها لا تَنْتَقِب ولا تلبس القفّازين؛ لقول النبي: ((لا تَنْتَقِب المحرمة، ولا تلبس القفّازين)) أخرجه البخاري. وإذا مر الرجال بها سترت وجهها بلا نقاب.
ثم يشرع المعتمر في التلبية بعد أن يقول: لبيك عمرة، يلبي قائلاً: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. يجهر بها في الطرقات، وهذا هو هدي النبي، فإذا بدأ في الطواف قطع التلبية.
ويبدأ الطواف بمجرد دخوله للمسجد الحرام، والبداية والنهاية تكون عند الحجر الأسود، فإن استطاع أن يستلمه استلمه وقبّله وكبّر وبدأ طوافه، وإلا استلمه بعصا ونحوها وقبّل ما استلم به، وإن لم يتيسر له شيء من ذلك أشار إليه، ولا يقبّل يديه، وكبّر وبدأ الطواف.
وفي الطواف سنتان: الرَّمَل وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، ويكون في الأشواط الثلاثة الأولى. والاضْطِبَاع وهو أن يجعل طرفي ردائه على كتفه الأيسر، ويبدي الكتف الأيمن، ويكون هكذا في الطواف كله. فإذا فرغ من طوافه أعاد ثيابه فوق كتفه، ولا يصلي ركعتي الطواف مُضْطَبِعًا.
فإذا جاء إلى الركن اليماني ـ وهو الركن السابق للحجر الأسود ـ استلمه بلا تقبيل، ويقول بينه وبين الحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. ويكون طوافه بالبيت على طهارة.
والمرأة إذا أحرمت ثم حاضت بقيت على إحرامها حتى تطهر، ولا تطوف بحيضتها.
وإذا شك الطائف في عدد الأشواط بنى على الأقل. وإذا أقيمت الصلاة صلى وأكمل طوافه ولم يستأنف من جديد. ولا يطوف داخل الحِجْر الذي يسمى بحِجْر إسماعيل، وإسماعيل - عليه السلام - لا علاقة له به؛ فالحِجْر جزء من الكعبة.
فإذا فرغ من الطواف قصد المقام وقرأ:{وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وصلّى خلفه ركعتين إن تيسر له ذلك، وإلا ففي أي مكان من المسجد، ويقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسورة الكافرون، وفي الثانية بالفاتحة والإخلاص. ثم يشرب من ماء زمزم، ويستلم الحَجَر الأسود إن تيسر له ذلك.
ثم يذهب إلى جبل الصفا، ويقرأ قبيل الوصول إليه:{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]، ويقول: أبدأ بما بدأ الله به. ثم يرقى الصفا حتى يعاين الكعبة، فيرفع يديه ويقول: الله أكبر ـ ثلاثًا ـ لا إله إلا وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بخيري الدنيا والآخرة، ثم يقول الذكر، ثم يدعو، ثم يكرر الذكر، ثم ينصرف، فإذا وصل إلى العلم الأخضر ركض بين العلمين من غير أن يؤذي أحدًا، فإن لم يتمكن من ذلك إلا بأذية بعض المسلمين فلا يركض؛ لأن ترك الأذية واجب، والركض مستحب، والواجب مقدم على المستحب.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمؤمنين، فيا فوز المستغفرين.

عفراء
30-08-2010, 08:04
فإذا فرغ المعتمر من السعي حلق أو قصر، والحلق أفضل؛ لأن النبي دعا للمحلقين ثلاث مرات، وللمقصرين مرة واحدة. والواجب أن يعم المعتمر كل شعر رأسه بالحلق أو التقصير، أما تقصير بعض الشعر من بعض أجزاء الرأس فهذا ليس من هدي النبي في شيء. وليس على المرأة حلق، وإنما تأخذ من شعرها قَدْر أنملة من كل ضَفِيرة فيه. عباد الله، إن من الأخطاء الشنيعة في ديننا أن تخرج المرأة للعمرة أو الحج بلا زوج أو محرم، فعن ابن عباس قال: قال النبي: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم))، فقال رجل: يا رسول الله، إني اكتُتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة، فقال: ((ارجع فحجَّ مع امرأتك)) أخرجه الشيخان. مع أن الصحابة ما كان ولا يكون مثلهم في الطهر والنقاء والعفة أرجعه النبي من جهاد وغزو ليحج مع زوجه.
واعلموا ـ وفقكم الله ـ أن زيارة المسجد النبوي سنة نُدِبنا إليها، ولكن لا علاقة لذلك بمناسك الحج أو العمرة، فمن اعتمر أو حج ولم يزر المسجد النبوي فلا إثم عليه ولا حرج. وإن آثر الإنسان الزيارة فهو أفضل، ولكنه ينوي بها زيارة المسجد لا القبر؛ لقول النبي: ((لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) أخرجه الشيخان.
ومن بدع هذه الزيارة أن الناس يُحَمّلون المعتمر السلام، ويقولون: قل للنبي: فلان يسلم عليك. وهؤلاء ينبغي أن يُوجَّهوا بحديث النبي: ((إن لله ملائكة سيّاحين يبلغوني عن أمتي السلام)) أخرجه أحمد.
نسأل الله - تعالى -أن يبصرنا بديننا...