كامل السوالقة
13-05-2008, 20:35
في الأردن حرب معلنة على الطرقات، ضحاياها خلال السنوات العشر الماضية تجاوزوا سبعة آلاف ، بمعنى ان ما فقده المجتمع الأردني خلال آخر ثلاث سنوات أكثر مما فقده جيش الاحتلال الأميركي وقوات التحالف الدولي في حربها في العراق خلال الفترة نفسها، فمن بين أكثر نقاط الضعف في التعامل مع هذه الظاهرة غياب الوضوح والشفافية والاعتراف بأن ما يحدث مصدر تهديد فعلي وحرب دائمة، فهو بالتالي مصدر تهديد حقيقي للأمن الوطني ومصدر تهديد للتنمية، وبهذه الصيغة، ومن هذا المنظور يجب ان ينظر لهذه الظاهرة وليس لمجرد أبعادها الكارثية الآنية.
منذ سنوات يتقدم الأردن على مستوى العالم في مؤشرات الحوادث المرورية وفق أعداد الضحايا بالمقارنة مع عدد السكان، وفي أعداد الحوادث وفي الخسائر المادية أيضا، بينما اكتفت إدارة التعامل مع هذه الظاهرة وما يرتبط بها من مصادر تهديد بالمنطق الكارثي؛ أي منطق المصيبة التي تبدأ كبيرة تثير انتباه الكبير والصغير وسخطهم، ومشاعر الجميع وانزعاجهم، لكن سرعان ما تتراجع أولوية التعامل مع هذه الظاهرة وأهميتها حتى نعود ونفجع بمصيبة جديدة، وهكذا من دون جدوى؛ هذا المنطق نافع وايجابي لمن يفجعوا بالمصائب على المستوى الشخصي والعائلي، أولئك الذين تولد المصيبة لديهم كبيرة وتتراجع أهميتها بفعل الزمن ونعمة النسيان لكي يتمكنوا من الاستمرار في الحياة، لكن هذا المنطق لا يصلح أبدا لإدارة مصادر التهديد والأمن الاجتماعي لمجتمع بأكمله، فالأوطان تدار بالمصالح لا بالعواطف.
الحكومة بعد الرسالة الملكية الأخيرة، أمامها فرصة وبيئة ملائمة لإحداث قطيعة مع الكثير من الأسباب والظروف التي خلقت هذه الظاهرة، وعليها ان تتعامل مع الأمر باعتبار ان حوادث السير تشكل بالفعل اكبر مصدر تهديد قائم ونافذ يهدد حياة الأردنيين، في هذا الوقت تتوفر إرادة سياسية عليا حازمة تنتظر إجابات شافية، وتتوفر إرادة مجتمعية قابلة لتمرير وتفهم أي إجراءات حازمة لا تتعلق بجيوب الناس وحسب، بل وبسلوكهم وبسلوك المؤسسات ومطبقي القانون وبالبنى التحتية والطرق ووسائل النقل، ولا يوجد أدنى شك في نوايا الجميع في هذا الشأن الذي لا يفرق ولا يستثني احدا.
وعلى هذه الخلفية لا يمكن التوصل لحلول ناجعة في هذا الملف الصعب من دون ردع وإجراءات وقائية ومكاشفة وشفافية عالية، فلا يوجد بعد كل هذه الخسائر ما يبرر غياب الشفافية والوضوح حول أسباب ما أوصلتنا اليه هذه الحرب المعلنة في بر الأردن ومدنه وقراه. فمنذ سنوات حفظنا الدرس عن ظهر قلب ونكرره دوما بأن أسباب حوادث المرور تختصر بالإنسان وفي وسيلة النقل وعلى الطريق، بينما تزداد الحوادث وتتراكم المآسي، ولا نتجرأ بالحديث عن الطرق ومشاكلها ولم نرصد حتى البؤر التي تتكرر فيها الحوادث والطرق الخطرة، وكذا الأمر بالنسبة لتطبيق القانون والثغرات التنفيذية والإجرائية والاجتماعية التي تحول دون ان نلمس تراجعا في معدلات الحوادث.
في بلاد الدنيا تدفع بعض الظواهر ذات درجات التهديد العالية لإعلان حالات طوارئ في قطاعات مؤسسية أو مجتمعية تركز الانتباه الرسمي والمؤسسي والمجتمعي على قضايا محددة وفي مسارات سريعة ومتوسطة وطويلة المدى، ربما نحن بأمس الحاجة الى خطة طوارئ وطنية في مجال السير والطرق في المسارات الثلاثة السابقة، لمدة ثلاث سنوات، تكفل إجراءات حازمة للوصول الى النتائج المستهدفة وخلاصتها خفض حوادث السير الى نصف المعدل الحالي.
نحن بأمس الحاجة لخطة الطوارئ الوطنية الى جانب الاستراتيجية المرورية وربما أكثر منها، فخطط الطوارئ معنية بمواجهة مصادر التهديد والحروب، بينما الاستراتيجيات يضعها أناس مرتاحون، ولن نصل الى تلك الخلاصة دون إجراءات حازمة، فالتشريعات والوعي والثقافة المرورية أهمها، ولكن ليس بها وحدها، خذ على سبيل المثال لا تحتاج طرق المملكة الخارجية من العقبة الى الرمثا أكثر من 40 دورية متحركة في امتداد متقابل طوله لا يتجاوز 30 كلم، لكي نضبط الطرق الخارجية، في حين ألا يمكن لقوة العرف والتقاليد الاجتماعية نفسها ان تخرج حوادث السير من قصة فنجان القهوة العتيد، دون ان نكتفي باستثمار هذا الواقع للغمز من بعض التقاليد الاجتماعية بهدف احتقارها لا أكثر، وليس تصحيحها أو توظيفها لمصلحة التنمية وحياة الناس.
معظم الحوادث الجماعية الفاجعة تقع على الطرق الخارجية؛ في بر الأردن، وما لم تكن هناك سياسات وإجراءات حازمة ورادعة سيبقى تعاملنا مع هذا التهديد وكأنه حرب في برية بعيدة، نتعاطف مع الضحايا عن بعد، ولا نقدم على فعل شيء يذكر للضحايا القادمين.
منذ سنوات يتقدم الأردن على مستوى العالم في مؤشرات الحوادث المرورية وفق أعداد الضحايا بالمقارنة مع عدد السكان، وفي أعداد الحوادث وفي الخسائر المادية أيضا، بينما اكتفت إدارة التعامل مع هذه الظاهرة وما يرتبط بها من مصادر تهديد بالمنطق الكارثي؛ أي منطق المصيبة التي تبدأ كبيرة تثير انتباه الكبير والصغير وسخطهم، ومشاعر الجميع وانزعاجهم، لكن سرعان ما تتراجع أولوية التعامل مع هذه الظاهرة وأهميتها حتى نعود ونفجع بمصيبة جديدة، وهكذا من دون جدوى؛ هذا المنطق نافع وايجابي لمن يفجعوا بالمصائب على المستوى الشخصي والعائلي، أولئك الذين تولد المصيبة لديهم كبيرة وتتراجع أهميتها بفعل الزمن ونعمة النسيان لكي يتمكنوا من الاستمرار في الحياة، لكن هذا المنطق لا يصلح أبدا لإدارة مصادر التهديد والأمن الاجتماعي لمجتمع بأكمله، فالأوطان تدار بالمصالح لا بالعواطف.
الحكومة بعد الرسالة الملكية الأخيرة، أمامها فرصة وبيئة ملائمة لإحداث قطيعة مع الكثير من الأسباب والظروف التي خلقت هذه الظاهرة، وعليها ان تتعامل مع الأمر باعتبار ان حوادث السير تشكل بالفعل اكبر مصدر تهديد قائم ونافذ يهدد حياة الأردنيين، في هذا الوقت تتوفر إرادة سياسية عليا حازمة تنتظر إجابات شافية، وتتوفر إرادة مجتمعية قابلة لتمرير وتفهم أي إجراءات حازمة لا تتعلق بجيوب الناس وحسب، بل وبسلوكهم وبسلوك المؤسسات ومطبقي القانون وبالبنى التحتية والطرق ووسائل النقل، ولا يوجد أدنى شك في نوايا الجميع في هذا الشأن الذي لا يفرق ولا يستثني احدا.
وعلى هذه الخلفية لا يمكن التوصل لحلول ناجعة في هذا الملف الصعب من دون ردع وإجراءات وقائية ومكاشفة وشفافية عالية، فلا يوجد بعد كل هذه الخسائر ما يبرر غياب الشفافية والوضوح حول أسباب ما أوصلتنا اليه هذه الحرب المعلنة في بر الأردن ومدنه وقراه. فمنذ سنوات حفظنا الدرس عن ظهر قلب ونكرره دوما بأن أسباب حوادث المرور تختصر بالإنسان وفي وسيلة النقل وعلى الطريق، بينما تزداد الحوادث وتتراكم المآسي، ولا نتجرأ بالحديث عن الطرق ومشاكلها ولم نرصد حتى البؤر التي تتكرر فيها الحوادث والطرق الخطرة، وكذا الأمر بالنسبة لتطبيق القانون والثغرات التنفيذية والإجرائية والاجتماعية التي تحول دون ان نلمس تراجعا في معدلات الحوادث.
في بلاد الدنيا تدفع بعض الظواهر ذات درجات التهديد العالية لإعلان حالات طوارئ في قطاعات مؤسسية أو مجتمعية تركز الانتباه الرسمي والمؤسسي والمجتمعي على قضايا محددة وفي مسارات سريعة ومتوسطة وطويلة المدى، ربما نحن بأمس الحاجة الى خطة طوارئ وطنية في مجال السير والطرق في المسارات الثلاثة السابقة، لمدة ثلاث سنوات، تكفل إجراءات حازمة للوصول الى النتائج المستهدفة وخلاصتها خفض حوادث السير الى نصف المعدل الحالي.
نحن بأمس الحاجة لخطة الطوارئ الوطنية الى جانب الاستراتيجية المرورية وربما أكثر منها، فخطط الطوارئ معنية بمواجهة مصادر التهديد والحروب، بينما الاستراتيجيات يضعها أناس مرتاحون، ولن نصل الى تلك الخلاصة دون إجراءات حازمة، فالتشريعات والوعي والثقافة المرورية أهمها، ولكن ليس بها وحدها، خذ على سبيل المثال لا تحتاج طرق المملكة الخارجية من العقبة الى الرمثا أكثر من 40 دورية متحركة في امتداد متقابل طوله لا يتجاوز 30 كلم، لكي نضبط الطرق الخارجية، في حين ألا يمكن لقوة العرف والتقاليد الاجتماعية نفسها ان تخرج حوادث السير من قصة فنجان القهوة العتيد، دون ان نكتفي باستثمار هذا الواقع للغمز من بعض التقاليد الاجتماعية بهدف احتقارها لا أكثر، وليس تصحيحها أو توظيفها لمصلحة التنمية وحياة الناس.
معظم الحوادث الجماعية الفاجعة تقع على الطرق الخارجية؛ في بر الأردن، وما لم تكن هناك سياسات وإجراءات حازمة ورادعة سيبقى تعاملنا مع هذا التهديد وكأنه حرب في برية بعيدة، نتعاطف مع الضحايا عن بعد، ولا نقدم على فعل شيء يذكر للضحايا القادمين.