حموووده
25-06-2010, 17:02
الصداقة والأصدقاء هكذا أنا!!
الآن، وفي كلِّ آن...
كان هناك امرأةٌ حكيمة، رأت أنَّ ابنها بلغَ مبلَغ من يحقُّ له أن يقول: لي صديق.ولأنها تعرف طباع ابنها، أحبت أن تُرشده إلى ما فيه خيره، وخير علاقاته، فقالت له:
ـ أي بُـنيَّ، أرى أنك قد بلغت من العمر ما يؤهلك لأن يكون لك أصدقاء..
ـ فقال الولد مقاطعاً: ولكن يا أمي أنا لي أصدقاء منذ زمن، وأنت تعرفيـنهم، فما معنى قولك أنني تأهلت للصداقة؟!
ـ قالت الأم المشفقة: أي بني، أي حَـبَّـة القلب، وهل من تختاره بوعي، كمن تلعب معه بالغريزة؟ وهل من تتركه خلفك يحمي ظهرك، كمن يُعاديك من أجل لعبته؟ شـتان شـتان يا بني.
قال الولد: فلم الآن يا أمي؟!
ـ ردت الحنونة: الآن؟ لأنك غدوتَ ذا عقلٍ واختيار، وعلامةُ العقل والاختيار أن يكون للإنسان أصدقاء. وأنا أحببتُ أن أرشدك لأمر، إن وضعته في صدرك ورعيته في نفسك، ونقشته في عقلك فلا يغيب عنك أبداً، نجحتَ في علاقاتك.
سأل الابن بلهفة: وما هو يا أمُّ؟ فقد شوقتِني، وكُلِّي آذانٌ صاغية.
أجابت الأم: لبيك وسعديك أي بني، فاستمع وأعرني انتباهك. اعلم ـ علمك الله كل خير ـ أنك كنتَ عندي تتصرف على سجيتك، وتتبذل في تصرفاتك، وتنادي بأعلى صوتك: هكذا أنا!
وكنتُ أنا أتقبلك كما أنت،
وأرضى بسجاياك،
وأضحك بيني وبين نفسي على قولك: هكذا أنا، بل وأقرأ عليك المعوذات تحويطاً لك من عين الحسود! وكنتُ أغضُّ الطرف عن أخطائك،
وأتجاوز عن عيوبك،
واستوعب سيئاتك.
وقد تسأل لماذا؟! وكيف استطعتُ؟!
بكل بساطة لأنني أمك... لأنَّ عاطفة الأمومة أقوى من كلِّ "قرف" الأولاد...
لأنَّ قلب الأم أوسع من المدى، وصبرها أقوى من الصبر...
لأنني مخلوقة لأتحمل،
فأنا أحمل كُرهاً،
وأضع كُرهاً،
بطني وعاء،
ونفسي فداء،
ثم لو قيل: أنت أو ولدك؟ لقلت بلا تردد: أفديه أن يشاك بشوكة،
وأنا جالسة بأمان!
فقال الولد: جميل ما قلتيه يا أمي، ولقد نبهتني إلى ما لم يكن يخطر لي على بال، ولكن ما علاقته بالصديق؟!
قالت الحكيمة: إياك يا بني أن تخرج إلى الناس،
فتظن أنهم أمك،
وأنَّ عليهم أن يتحملوك كما أنت،
فإن فعلت فلن يكون لك صديق.
لا يا بني،
لا يصلح مع الناس أن تقول: أيها الناس، هكذا أنا فاقبلوا أو دَعوا.
إنَّ أبناء الناس ليسوا كأمك،
وليس عليهم أن يُكيِّفوا أنفسهم وِفقاً لطباعك،
ولا أن يَرضوك على عِلاتك.
عليك أن تتعلم كيف تتكيف مع أصدقائك، ]
وأن تمتلك القدرة على التفاهم معهم،]
ومداراتهم، واللين في معاملتهم.]
اقرأ يا بني إن شئت قوله - تعالى -: "فبما رحمة من الله لنت لهم"،
ما هي هذه الرحمة التي أثمرت اللين؟ أليست هي القدرة على التكيف مع الناس،]
والرضى بأحوالهم،]
واستيعاب صفاتهم؟]
وهل يكون كلُّ هذا إلا بمخالفة ما اعتادت عليه النفسُ من طباع؟
وهل يكون هذا إلا بأن يراعي الإنسانُ الخلقَ على حساب نفسه في كثير من الأحيان؟ ولماذا كان المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم،
خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم، كما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
لأنَّ الذي يخالط الناس،
يمتلك القدرة على التكيف،
ويستطيع أن يتغير.
وهذا مع الناس دون استـثـناء،
فكيف بالصديق؟ إنَّك إن أردت أن تملك صديقك،
فعليك أن تملك نفسك،
وإياك أن تسترسل مع طبعها عبداً لها،
ثم تبغي بعد ذلك أصدقاء
أتطمعُ أن يُطيعك قلبُ سُـعدى *** وتـزعُم أنَّ قـلـبَـك قد عصاكا؟
إنَّ صديقك يتوقع منك كما تتوقعُ منه، ولستَ أولى منه بتقديم توقعاتك على توقعاته.
إنَّ الصداقة يا بني: فنُّ التغير والتكيف.
وإلا فاجلس في بيت أمك، ولا تقل لي صديق!
دمتم سالمين
مما راق لي واعجبني
الآن، وفي كلِّ آن...
كان هناك امرأةٌ حكيمة، رأت أنَّ ابنها بلغَ مبلَغ من يحقُّ له أن يقول: لي صديق.ولأنها تعرف طباع ابنها، أحبت أن تُرشده إلى ما فيه خيره، وخير علاقاته، فقالت له:
ـ أي بُـنيَّ، أرى أنك قد بلغت من العمر ما يؤهلك لأن يكون لك أصدقاء..
ـ فقال الولد مقاطعاً: ولكن يا أمي أنا لي أصدقاء منذ زمن، وأنت تعرفيـنهم، فما معنى قولك أنني تأهلت للصداقة؟!
ـ قالت الأم المشفقة: أي بني، أي حَـبَّـة القلب، وهل من تختاره بوعي، كمن تلعب معه بالغريزة؟ وهل من تتركه خلفك يحمي ظهرك، كمن يُعاديك من أجل لعبته؟ شـتان شـتان يا بني.
قال الولد: فلم الآن يا أمي؟!
ـ ردت الحنونة: الآن؟ لأنك غدوتَ ذا عقلٍ واختيار، وعلامةُ العقل والاختيار أن يكون للإنسان أصدقاء. وأنا أحببتُ أن أرشدك لأمر، إن وضعته في صدرك ورعيته في نفسك، ونقشته في عقلك فلا يغيب عنك أبداً، نجحتَ في علاقاتك.
سأل الابن بلهفة: وما هو يا أمُّ؟ فقد شوقتِني، وكُلِّي آذانٌ صاغية.
أجابت الأم: لبيك وسعديك أي بني، فاستمع وأعرني انتباهك. اعلم ـ علمك الله كل خير ـ أنك كنتَ عندي تتصرف على سجيتك، وتتبذل في تصرفاتك، وتنادي بأعلى صوتك: هكذا أنا!
وكنتُ أنا أتقبلك كما أنت،
وأرضى بسجاياك،
وأضحك بيني وبين نفسي على قولك: هكذا أنا، بل وأقرأ عليك المعوذات تحويطاً لك من عين الحسود! وكنتُ أغضُّ الطرف عن أخطائك،
وأتجاوز عن عيوبك،
واستوعب سيئاتك.
وقد تسأل لماذا؟! وكيف استطعتُ؟!
بكل بساطة لأنني أمك... لأنَّ عاطفة الأمومة أقوى من كلِّ "قرف" الأولاد...
لأنَّ قلب الأم أوسع من المدى، وصبرها أقوى من الصبر...
لأنني مخلوقة لأتحمل،
فأنا أحمل كُرهاً،
وأضع كُرهاً،
بطني وعاء،
ونفسي فداء،
ثم لو قيل: أنت أو ولدك؟ لقلت بلا تردد: أفديه أن يشاك بشوكة،
وأنا جالسة بأمان!
فقال الولد: جميل ما قلتيه يا أمي، ولقد نبهتني إلى ما لم يكن يخطر لي على بال، ولكن ما علاقته بالصديق؟!
قالت الحكيمة: إياك يا بني أن تخرج إلى الناس،
فتظن أنهم أمك،
وأنَّ عليهم أن يتحملوك كما أنت،
فإن فعلت فلن يكون لك صديق.
لا يا بني،
لا يصلح مع الناس أن تقول: أيها الناس، هكذا أنا فاقبلوا أو دَعوا.
إنَّ أبناء الناس ليسوا كأمك،
وليس عليهم أن يُكيِّفوا أنفسهم وِفقاً لطباعك،
ولا أن يَرضوك على عِلاتك.
عليك أن تتعلم كيف تتكيف مع أصدقائك، ]
وأن تمتلك القدرة على التفاهم معهم،]
ومداراتهم، واللين في معاملتهم.]
اقرأ يا بني إن شئت قوله - تعالى -: "فبما رحمة من الله لنت لهم"،
ما هي هذه الرحمة التي أثمرت اللين؟ أليست هي القدرة على التكيف مع الناس،]
والرضى بأحوالهم،]
واستيعاب صفاتهم؟]
وهل يكون كلُّ هذا إلا بمخالفة ما اعتادت عليه النفسُ من طباع؟
وهل يكون هذا إلا بأن يراعي الإنسانُ الخلقَ على حساب نفسه في كثير من الأحيان؟ ولماذا كان المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم،
خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم، كما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
لأنَّ الذي يخالط الناس،
يمتلك القدرة على التكيف،
ويستطيع أن يتغير.
وهذا مع الناس دون استـثـناء،
فكيف بالصديق؟ إنَّك إن أردت أن تملك صديقك،
فعليك أن تملك نفسك،
وإياك أن تسترسل مع طبعها عبداً لها،
ثم تبغي بعد ذلك أصدقاء
أتطمعُ أن يُطيعك قلبُ سُـعدى *** وتـزعُم أنَّ قـلـبَـك قد عصاكا؟
إنَّ صديقك يتوقع منك كما تتوقعُ منه، ولستَ أولى منه بتقديم توقعاتك على توقعاته.
إنَّ الصداقة يا بني: فنُّ التغير والتكيف.
وإلا فاجلس في بيت أمك، ولا تقل لي صديق!
دمتم سالمين
مما راق لي واعجبني