المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تذوق حلاوة الأيمان 1/2 ..احمد الزرقان


م.محمود الحجاج
05-06-2010, 09:46
تذوق حلاوة الأيمان 1/2 ..احمد الزرقان
http://www.albosala.net/Portals/Files/General/%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B 1%D9%82%D8%A7%D9%86.JPG
الأنسان مخلوق مركب من روح وجسد والنفس تضم الاثنين, ولكل جزء في الانسان حاجاته وغذائه واهتماماته, وكل شيء في الحياة له طعم ومذاق ونكهة, واللسان آلة التذوق للمطعومات والمشروبات والتلذذ بهم او النفور منهم سواء أكانت حلوة او مرة او حامضة, مالحة اوعذبة, حارة او باردة, فالانسان يتلذذ بأكل اللحم المشوي وله في فمه طعم ومذاق جميل, ويتلذذ بأكل الحلويات وللكنافة تحت أسنانه لذة خاصة, ويتلذذ بشرب الماء البارد في اليوم الصائف وله في جوفه لذة ورواء مما يعطيه شعورا بالبِشرِ ونوعا من السعادة والراحة.
فكما ان المريض لا يشتهي الطعام والشراب ولا يجد لذة فيهما ولا طعم, فكذلك مريض القلب لا يجد ولا يعرف حلاوة الايمان..
ومن يكن ذا فم مر مريض ****** يجد مراً به الماء الزلالا
والجسد كجزء من النفس آلة التذوق للراحة اوالتعب, للجوع اوالشبع, للعطش اوالري, للقلق اوالأطمئنان, للشقاء اوالسعادة, للبسمة اوالعبوس, للخُلق اوالسفاقة, للأدب اوالسفاهة, للجمال اوالقبح, للشعر اوالنثر, للعبير الفواح اوالريح الفاسد ...., وتذوق حلاوة الايمان أمر متعلق بالروح والقلب ولذلك فان لذة الأيمان لذة قلبية روحية يعقبها بشرى عاجلة سكينة في النفس وراحة في البال وطمأنينة في الفؤاد وهداية في القلب ومعيشة رضية وتسليم لأمر الله ورضا بقدره وقضاءه, وبشرى آجلة جنة ونعيم وخلود, وظروف الحياة وابتلاءاتها لا تكدر له صفاء ولا تزعزع له صبرا ( عجبا لأمر المؤمن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له , وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له , ولا يكون ذلك إلا للمؤمن ), أما العاصي يتمتع بالحرام لذة شهوانية جسدية يعقبها شعور بالألم والحسرة والندم والقلق, وأما طعم الكفر والجحود والأنكار علقم مر تغص به الروح ويشقى به القلب ويتعب به الجسد ويعقبه شقاء وتعاسة ونكد وشهوات مستعرة وحرص لا ينتهي ورغبات لا تشبع, وأمراض نفسية, وإضطرابات إجتماعية, وتفكك أسري, وجريمة منظمه, وفكر سقيم, ثم يفزعون للخلاص من كل ذلك الى المخدرات والمهدئات والعيادات النفسية (ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى ) ]124 طه[ , (ومن ُيرد أن ُيضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصَعد في السماء ) ]125 الأنعام[ .
لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ذاق طعم الأيمان من رضي بالله ربا وبالأسلام دينا وبمحمد رسولا ) ]رواه مسلم[ , وقال الأمام النووي في شرحه " معنى حلاوة الأيمان الاستلذاذ بالطاعات وتحمل المشاق في رضى الله ورسوله وإثبات ذلك على عرض الدنيا التافهة ونعيمها الزائل " فمن هنا للايمان حلاوة في القلب غامرة, ومشاعر في النفس فياضة تغمر الجوانح, ونداوة في الروح تسمو بصاحبها الى مقامات عالية وأفاق رحيبة مما يجعل الأنسان يضحي بالغالي والنفيس في سبيل دينه ومن أجل آخرته ثمرة لأيمانه الذي يصنع منه بطلا وقد يحوله الى أسطورة , وهذا الذوق ليس مجرد كلام او أماني أو أحلام بل هو قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح وطمأنينة بالنفس وصدق وإخلاص وتجرد لله.
وحلاوة الأيمان لها ثمن غال وعظيم ونتائج جمة وباهرة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان , ان يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله , وأن يكره أن يعود الى الكفر كما يكره أن يقذف بالنار ) ]متفق عليه[ . وحب الله ورسوله غاية نفيسة ومعنى عظيم ومطلب سامي و رفيع , فقل لي بالله عليك هل يحب الله ورسوله من يقدم حب الدنيا الفانية على الاخرة الباقية ؟! ومن يقدم مصلحته الذاتية على مصلحة دينه ؟! ومن يقدم هواه على الشرع ؟! ومن يقدم النظام والقانون الوضعي على الكتاب والسنة ؟! ومن يقدم حب الذات على الجماعة ؟! ومن يقدم الانتصار للنفس على الانتصار للحق ؟! ومن يقدم حب العائلة والعشيرة على الأمة ؟! ومن يقدم حب الرئاسة والزعامة على السمع والطاعة ؟! ومن يحب الله ورسوله حق المحبة تهون عليه الدنيا ويتساوى عنده التبر والتراب , والعذاب في الله من أجل الحق والراحة في الطاعة .
" وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله " وهذا ليس إدعاء كاذب ولا مظاهر فارغة ولا كلمات جوفاء وإطراءآت معسولة يعقبها طعن في الظهر , ولا نفاق وتزلف , في وجهك كلام جميل ومدح وابتسامات ومن خلفك قول قبيح وشكاة وتبرم , ان يحب المرء لا يحبه إلا لله يعني ان يقدم المسلم أخوه المؤمن في الله على شقيقه العادي من الدم والنسب , وان يقدم الطائع على العاصي , وان يقدم الصادق على الكاذب , وان يقدم الحريص على أكل الحلال على آكل الربا والحرام , وأن يقدم المجاهد المتفاني على القاعد الكسول , وأن يقدم القوي في الحق على الضعيف المهادن المداهن , وأن يقدم الكريم المنفق في سبيل الله على الشحيح المقتر , وأن يقدم الفقير المتعفف على الغني المتجبر , وأن يوالي المؤمنين الصادقين ويكره العصاة المذنبين , وأن يوالي أهل الحق ويكره أهل الباطل .
" وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره ان يلقى في النار " فمن علامات ضعف الايمان أن الانسان يعبد الله ما دام حاله على خير وعطاء وراحة ونماء فاذا أصابه مكروه او سقم او فقر او خسارة او فتنة إنقلب على وجهه فخسر الدنيا والاخرة , فالدنيا دار إبتلاء و إختبار وفناء , والآخرة دار جزاء وحساب وخلود , فما قيمة الدنيا مع الآخرة إلا كما يضع أحدكم المخيط في البحر فلينظر بما يرجع , فالخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لو ان الدنيا من أولها الى اخرها أوتيها رجل ثم جاءه الموت لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسره ثم استيقظ فاذا ليس في يده شيء " , فلا بد أن تكون حياة المرء المسلم المعدودة والمحدودة كلها لله في جميع أحواله وأوضاعه ويكيفها وييسرها لطاعة الله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) ]163 الأنعام[ , والنفس جبلت على الخطأ والتقصير والوقوع في الذنب ولكن المهم ان يفيء المسلم ويرجع الى ربه بنفس ذليلة منكسرة أوابة , معلنا التوبة الصادقة والندم على ما فرط ومقرعا النفس ان لا تعود الى الذنب بعد التوبة ( فلا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ).

أنيسة
05-06-2010, 11:55
بارك الله فيك أخي الغالي أبو معمر طرح مميز و رائع
جزاك الله الجنة و جعله في موازين حسناتك

عفراء
05-06-2010, 11:57
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ذاق طعم الأيمان من رضي بالله ربا وبالأسلام دينا وبمحمد رسولا
فلا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار
اللهم اذقنا برد الايمان وحلاوة الايمان واجعلنا من جنود نبيك محمد عليه الصلاة والسلام وكل من سار على دربه
جزى الله الكاتب والناشر كل خير
وبارك الله فيكم