المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدنيا مزرعة الآخرة


أنيسة
22-05-2010, 20:03
بسم الله الرحمن الرحيم

الدنيا مزرعة الآخرة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الزاهدين وإمام العابدين، أما بعد..

فإن الدنيا دار سفر لا دار إقامة، ومنزل عبور لا موطن حبور..
فينبغي للمؤمن أن يكون فيها على جناح سفر، يهيئ زاده ومتاعه للرحيل المحتوم.


فالسعيد من اتخذ لهذا السفر زاداً يبلغه إلى رضوان الله تعالى والفوز بالجنة والنجاة من النار.


إنما الدنيا إلى الجنة والنــار طريق
** والليالي متجر الإنسان والأيام سوق


تعريف الزهد في الدنيا..
تعددت عبارات السلف في تعريف الزهد في الدنيا وكلها تدور على عدم الرغبة فيها وخلو القلب من التعلق بها.


~ قال الإمام أحمد: الزهد في الدنيا, قصر الأمل.

~ وقال عبدالواحد بن زيد: الزهد في الدينار والدرهم.

~ وسئل الجنيد عن الزهد فقال: استصغار الدنيا، ومحو آثارها من القلب.

~ وقال أبو سليمان الداراني: الزهد ترك ما يشغل عن الله.

~ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة، واستحسنه ابن القيم جداً.

- قال ابن القيم: والذي أجمع عليه العارفون: أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا، وأخذ في منازل الآخرة !!.


فأين المسافرون بقلوبهم إلى الله؟

أين المشمرون إلى المنازل الرفيعة والدرجات العالية؟

أين عشاق الجنـان وطلاب الآخرة؟


الزهد في القــــرآن..
قال الإمام ابن القيم: والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا، والإخبار بخستها قلتها، وانقطاعها وسرعة فنائها، والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها.


ومن الآيات التي حثت على التزهيد في الدنيا:
1ـ قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) الحديد20.

2ـ وقوله سبحانه: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) آل عمران14.

3ـ وقوله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) الشورى20.

4ـ وقوله تعالى: (قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)النساء77.

5ـ وقوله تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا *وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) الأعلى17،16.



أحاديث الزهد في الدنيا ..
أحاديث النبي التي رغبت في الزهد في الدنيا والتقلل منها والعزوف عنها كثيرة منها:
1ـ قول النبي لابن عمر رضي الله عنهما: {كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل} رواه البخاري.
وزاد الترمذي في روايته: {وعد نفسك من أصحاب القبور}.

2ـ وقال النبي: {الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر} رواه مسلم.

3ـ وقال مبيناً حقارة الدنيا: {ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع} رواه مسلم.

4ـ وقال: {مالي وللدنيا،إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ في ظل شجرة، في يوم صائف، ثم راح وتركها} صحيح رواه الترمذي وأحمد.

5ـ وقال: {لوكانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماء} رواه الترمذي وصححه الألباني.

6ـ وقال: {ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس} رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

7ـ وقال: {اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً، ولا يزدادون من الله إلا بعداً} رواه الحاكم وحسنه الألباني.


حقيقة الزهد في الدنيا:
< الزهد في الدنيا هو ما كان عليه رسول الله وأصحابه، فهو ليس بتحريم الطيبات وتضييع الأموال، ولا بلبس المرقع من الثياب، ولا بالجلوس في البيوت وانتظار الصدقات، فإن العمل الحلال والكسب الحلال والنفقة الحلال عبادة يتقرب بها العبد إلى الله ، بشرط أن تكون الدنيا في الأيدي، ولا تكون في القلوب، وإذا كانت الدنيا في يد العبد لا في قلبه، استوى في عينه إقبالها وإدبارها ، فلم يفرح بإقبالها، ولم يحزن على إدبارها.


قال ابن القيم في وصف حقيقة الزهد: وليس المراد من الزهد -رفضها- أي الدنيا من الملك، فقد كان سليمان وداود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما، ولهما من المال والملك والنساء مالهما.

http://forum.hawahome.com/nupload/275_1253549450.gif وكان نبينا من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة.

وكان علي بن أبي طالب، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير وعثمان رضي الله عنهم من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال.

~ ومن أحسن ما قيل في الزهد كلام الحسن أو غيره: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك.


جاء رجل إلى الحسن فقال: إن لي جاراً لا يأكل الفالوذج، فقال الحسن: ولم؟ قال: يقول: لا أؤدي شكره، فقال الحسن: إن جارك جاهل ، وهل يؤدي شكر الماء البارد؟.



أهميـة الزهـــد
إن الزهد في الدنيا ليس من نافلة القول، بل هو أمر لازم لكل من أراد رضوان الله تعالى والفوز بجنته، ويكفي في فضيلته أنه اختيار نبينا محمد وأصحابه..

قال ابن القيم رحمه الله: لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا، فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد في الإيمان، وإما من فساد في العقل، أو منهما معاً.

ولذا نبذها رسول الله وراء ظهره هو وأصحابه، وصرفوا عنها قلوبهم، وهجروها ولم يميلوا إليها، عدوها سجناً لا جنة، فزهدوا فيها حقيقة الزهد، ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب، ولوصلوا منها إلى كل مرغوب، ولكنهم علموا أنها دار عبور لا دار سرور، وأنها سحابة صيف ينقشع عن قليل، وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى أذن بالرحيل.



أقسام الزهــد
قال ابن القيم رحمه الله الزهد أقسام:
1ـ زهد في الحرام وهو فرض عين.

2ـ وزهد في الشبهات، وهو بحسب مراتب الشبهة، فإن قويت التحق بالواجب، وإن ضعفت كان مستحباً.

3ـ وزهد في الفضول، وهو زهد فيما لا يعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء وغيره.

4ـ و زهــد في النــــاس.

5ـ وزهد في النفس، بحيث تهون عليه نفسه في الله.

6ـ وزهد جامع لذلك كله، وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما يشغلك عنه.

وأفضل الزهد إخفاء الزهد..

والقلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد ولا ورع.


http://www.hawahome.com/vb/nupload/275_1194182859.gif أقوال السلف في الزهد
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل، (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)البقرة197.


وقال عيسى بن مريم عليه السلام: اعبروها و لا تعمروها.

وقال: من ذا الذي يبني على موج البحر داراَ؟! تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا.


وقال عبدالله بن عون: إن من كان قبلنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم.

قلت: هذا كان في زمان عبدالله بن عون، أما اليوم فإن أكثر الناس قد زهدوا في الآخرة حتى بالفضلة !!



http://www.7oob.net/vb/images/smilies/01/mf_bookread.gif الأسباب المعينة على الزهد في الدنيا:
1ـ النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها ومافي المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد.

2ـ النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات.

3ـ الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة.

4ـ تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الآباء والإخوان وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئاً من الدنيا ولم يستفيدوا غير العمل الصالح.

5ـ التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن.

6ـ إيثار المصالح الدينية على المصالح الدنيوية.

7ـ البذل والإنفاق وكثرة الصدقات.

8ـ ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة.

9ـ الإقلال من الطعام والشراب والنوم والضحك والمزاح.

10ـ مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصة سيرة النبي وأصحابه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
م/ن للأمانة

عفراء
25-05-2010, 14:08
بارك الله فيك غاليتي انيسه
جوزيت خيرا
سلمت ودمت

أنيسة
25-05-2010, 16:43
مشكورة برشااا حبيبتي التحفونة عفراء مرورك أسعدني ربي يخليك و يسعدك
تسلمي يا غالية