م.محمود الحجاج
27-04-2010, 22:32
حزني عليها يشبه الى حد كبير لهفتي والمي لضياع ايام كثيرة غابت ولن تعود ابدا الى عمري. ما اثار شجوني انه ومنذ يومين استضاف التلفزيون الاردني (مشكورا)، الدكتور محمد المسفر، للحديث عن مناهج التعليم العربية المستوردة، وفي معرض حديثه، تطرق المسفر الى اللغة العربية وسبل الحفاظ عليها (او ما بقي منها) ان صح التعبير. لقد لمست شغاف الوجع يا مسفر حتى وصل النخاع مني، فانا اضم قلقي الى قلقك، خاصة انني ممن يعانون مما يمكن تسميته بـ ضياع العربية "فوبيا" لدى الاجيال القادمة.
كيف سنتغنى ببلاد العرب ان لم نتحدث اللغة العربية، وبات الكثير منا واخص بالذكر ابناؤنا والاجيال الجديدة تجهل لغتها، بل ان كثيرا من الكلمات ذهبت بلا عودة وربما ازيلت من القواميس حتى انني اخاف يوما نبحث فيه عن مراكز لتعليم اللغة العربية الفصحى ولا نجدها.
اذكر اننا في الصغر، كنا نركن الى مصدرين في تعلم اللغة العربية الفصحى وبشكل متقن، المناهج المدرسية وما كانت تحويها من معلقات وعروض وكنوز كثيرة ساهمت الى حد كبير في تنشأة اجيال تتحدث اللغة العربية الفصحى او على الاقل تفهمها وبشكل لا بأس به. اما المصدر الثاني فهو ما كنا نتابعه من مسلسلات تاريخية وافلام الرسوم او الدمى المتحركة تحديدا. انا ادرك جيدا ان مواصفات الاجيال قد تغيرت وبان زمن العولمة يحتم علينا تحديث امور كثيرة منها تقوية اللغات الاجنبية والانجليزية بالذات وذلك لدورها المهم في جعل اندماجنا مع العالم والتواصل مع الاخر ممكنا للرقي بابناء يعرب الى مصافي المراكز التي يتربع عليها العالم المتحضر .
وفي نفس السياق، لا يخفى على احد ان للتلفزيون اثر بالغ على النمو اللغوي لدى الاطفال حيث انهم ذوي قابلة اكبرعلى التأثر والتشكل ما يحدد مسار نموهم العقلي والجسمي واللغوي والوجداني، وفي ظل انتشار القنوات الفضائية وارتفاع نسبة المشاهدة من قبل الكبار والاطفال على السواء، اصبح هذا الموضوع يؤدي غالبا إلي تشويه اللغة العربية التي تدخل اليها مصطلحات غريبة عن اللغة العربية الفصحى.
فقد سعدت وحزنت في آن حين سمعت ابنتي ذات الخمسة اعوام تلعب وهي تتحدث بالفصحى، فقد كانت تستخدم كلمات تعتقد انها عربية فصحى، مثل كلمة (روش بكسر الراء والواو) ومعناها الشاب الذي يلبس ويتصرف بطريقة حديثة، ويا خبر بدلا من قول (يا الهي او يا للهول) وغيرها الكثير فضلا عن طريقة لفظ الكلمات التي هي اقرب الى اللهجة المصرية. بالنسبة لي انا اجد ان ادخال كلمات كهذه لمخاطبة الكبار امر طريف، الا انها حين توجه للصغار ممن لا زالوا يتعلمون العربية الفصحى، تعتبر اخطاء فادحة تؤثر على معرفة النشء باللغة العربية مع تعاظم استخدام البرامج للغة العامية بشكل يخشي منه علي لغتنا وللاسف فان هذه المشكلة تتفاقم في ظل انشغالنا نحن الاباء عن الابناء حيث ان التلفزيون شئنا ام ابينا دخل بوتقة المربين اضافة الى الوالدين والمدرسة واصبحنا نري الجهل باللغة في جميع المراحل العمرية حتي الجامعية التي تنتشر بها الاخطاء الاملائية بشكل واضح.
ان دور المؤسسات الاعلامية والفنية هنا عظيم حيث عليهم تقديم أعمال درامية قادرة علي الاحتفاظ بالتراث اللغوي العربي لخلق أجيال جديدة حريصة علي لغتنا وعلي التعامل بها في حياتنا اليومية بالاضافة إلي السعي للارتقاء بلغة الاغاني والكلمة المقدمة من خلالها. ويجب ان تبدء حملات حقيقية مضادة كما هو الحال في حملات تعليم اللغة الانجليزية ويجب ان يكون هناك دورات تقوية الزامية للاعلاميين والمعنيين بانتاج برامج الكبار والصغار على حد سواء. كما يجب ان تكون هناك دائرة او مرجعية خاصة من المدققين اللغويين المؤهلين بشكل عال لغرض متابعة نشرات الاخبار والبرامج والاعمال المترجمة من أجل تصويب ما يرد فيها من اخطاء ولكي يتم لفت انظار المسئولين عنها خاصة ان الاعلام يسهم اسهامات جادة في التوعية والتنوير والارتقاء باذواق الجمهور لذا يجب ان يتبني الاعلام ايضاً اللغة الفصيحة الميسرة في برامجه وخاصة ما يبث للأطفال والشباب.
لن انسى ان اشيد هنا بالمسلسلات التاريخية السورية والاردنية والتي تستخدم اللغة العربية الفصحى من خلال جمال اللغة المقدمة من ادراكهم بان الافكار والاعمال الدرامية قادرة علي حماية اللغة والحفاظ عليها خاصة ان لها شعبية كبيرة وتحظي بمشاهدة المفكر والمتعلم وحتي المشاهد الأمي.
اخيرا اقول انه يجب النهوض باللغة الفصحي باعتبارها المكون الاساسي والرئيسي للهوية العربية، قبل ان يغني لسان حالها ويقول "غريب الدار عليا جار زماني".
بقلم : هديل الحليسي
كيف سنتغنى ببلاد العرب ان لم نتحدث اللغة العربية، وبات الكثير منا واخص بالذكر ابناؤنا والاجيال الجديدة تجهل لغتها، بل ان كثيرا من الكلمات ذهبت بلا عودة وربما ازيلت من القواميس حتى انني اخاف يوما نبحث فيه عن مراكز لتعليم اللغة العربية الفصحى ولا نجدها.
اذكر اننا في الصغر، كنا نركن الى مصدرين في تعلم اللغة العربية الفصحى وبشكل متقن، المناهج المدرسية وما كانت تحويها من معلقات وعروض وكنوز كثيرة ساهمت الى حد كبير في تنشأة اجيال تتحدث اللغة العربية الفصحى او على الاقل تفهمها وبشكل لا بأس به. اما المصدر الثاني فهو ما كنا نتابعه من مسلسلات تاريخية وافلام الرسوم او الدمى المتحركة تحديدا. انا ادرك جيدا ان مواصفات الاجيال قد تغيرت وبان زمن العولمة يحتم علينا تحديث امور كثيرة منها تقوية اللغات الاجنبية والانجليزية بالذات وذلك لدورها المهم في جعل اندماجنا مع العالم والتواصل مع الاخر ممكنا للرقي بابناء يعرب الى مصافي المراكز التي يتربع عليها العالم المتحضر .
وفي نفس السياق، لا يخفى على احد ان للتلفزيون اثر بالغ على النمو اللغوي لدى الاطفال حيث انهم ذوي قابلة اكبرعلى التأثر والتشكل ما يحدد مسار نموهم العقلي والجسمي واللغوي والوجداني، وفي ظل انتشار القنوات الفضائية وارتفاع نسبة المشاهدة من قبل الكبار والاطفال على السواء، اصبح هذا الموضوع يؤدي غالبا إلي تشويه اللغة العربية التي تدخل اليها مصطلحات غريبة عن اللغة العربية الفصحى.
فقد سعدت وحزنت في آن حين سمعت ابنتي ذات الخمسة اعوام تلعب وهي تتحدث بالفصحى، فقد كانت تستخدم كلمات تعتقد انها عربية فصحى، مثل كلمة (روش بكسر الراء والواو) ومعناها الشاب الذي يلبس ويتصرف بطريقة حديثة، ويا خبر بدلا من قول (يا الهي او يا للهول) وغيرها الكثير فضلا عن طريقة لفظ الكلمات التي هي اقرب الى اللهجة المصرية. بالنسبة لي انا اجد ان ادخال كلمات كهذه لمخاطبة الكبار امر طريف، الا انها حين توجه للصغار ممن لا زالوا يتعلمون العربية الفصحى، تعتبر اخطاء فادحة تؤثر على معرفة النشء باللغة العربية مع تعاظم استخدام البرامج للغة العامية بشكل يخشي منه علي لغتنا وللاسف فان هذه المشكلة تتفاقم في ظل انشغالنا نحن الاباء عن الابناء حيث ان التلفزيون شئنا ام ابينا دخل بوتقة المربين اضافة الى الوالدين والمدرسة واصبحنا نري الجهل باللغة في جميع المراحل العمرية حتي الجامعية التي تنتشر بها الاخطاء الاملائية بشكل واضح.
ان دور المؤسسات الاعلامية والفنية هنا عظيم حيث عليهم تقديم أعمال درامية قادرة علي الاحتفاظ بالتراث اللغوي العربي لخلق أجيال جديدة حريصة علي لغتنا وعلي التعامل بها في حياتنا اليومية بالاضافة إلي السعي للارتقاء بلغة الاغاني والكلمة المقدمة من خلالها. ويجب ان تبدء حملات حقيقية مضادة كما هو الحال في حملات تعليم اللغة الانجليزية ويجب ان يكون هناك دورات تقوية الزامية للاعلاميين والمعنيين بانتاج برامج الكبار والصغار على حد سواء. كما يجب ان تكون هناك دائرة او مرجعية خاصة من المدققين اللغويين المؤهلين بشكل عال لغرض متابعة نشرات الاخبار والبرامج والاعمال المترجمة من أجل تصويب ما يرد فيها من اخطاء ولكي يتم لفت انظار المسئولين عنها خاصة ان الاعلام يسهم اسهامات جادة في التوعية والتنوير والارتقاء باذواق الجمهور لذا يجب ان يتبني الاعلام ايضاً اللغة الفصيحة الميسرة في برامجه وخاصة ما يبث للأطفال والشباب.
لن انسى ان اشيد هنا بالمسلسلات التاريخية السورية والاردنية والتي تستخدم اللغة العربية الفصحى من خلال جمال اللغة المقدمة من ادراكهم بان الافكار والاعمال الدرامية قادرة علي حماية اللغة والحفاظ عليها خاصة ان لها شعبية كبيرة وتحظي بمشاهدة المفكر والمتعلم وحتي المشاهد الأمي.
اخيرا اقول انه يجب النهوض باللغة الفصحي باعتبارها المكون الاساسي والرئيسي للهوية العربية، قبل ان يغني لسان حالها ويقول "غريب الدار عليا جار زماني".
بقلم : هديل الحليسي