عفراء
14-03-2010, 18:38
جرير بن عبد الله بن جابر البجلي
هو جرير بن عبد الله بن جابر البجلي سيد قبيلة بجيلة، وكنيته أبو عمرو.
إسلامه:
عن جرير بن عبد الله البجلي قال: لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي فحللت عيبتي ولبست حلتي وانتهيت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسلمت عليه وعلى المسلمين فقلت لجليسي هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمري نعم ذكرك بأحسن الذكر فبينما هو يخطب إذ عرض له في خطبته فقال يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك قال فحمدت الله على ما أبلاني.
وقد قدم جرير بن عبد الله رضي الله عنه سنة عشر المدينة ومعه من قومه مائة وخمسون رجلا فأسلموا وبايعوا قال جرير: فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعني وقال على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتنصح المسلم وتطيع الوالي وإن كان عبدا حبشيا فقال نعم فبايعه...
قال أبو عمر: رحمه الله كان إسلامه في العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال جرير أسلمت قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري.
عن زياد بن علاقة قال شهدت جرير بن عبد الله البجلي لما هلك المغيرة بن شعبة فسمعت جريرا يخطب فقال: اشفعوا لأميركم فإنه كان يحب العافية واسمعوا وأطيعوا حتى يأتيكم أميرا ما بعد فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام واشترط علي النصح لكل مسلم ورب هذا المسجد إني لكم ناصح.
من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
في البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.
وروى مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصة" - وكان بيتا يعبد في الجاهلية يقال له الكعبة اليمانية - قال فنفرت في خمسين ومائة فارس وكنت لا أثبت على الخيل فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب يده في صدري فقال: "اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا" قال فانطلق فحرقها بالنار ثم بعث جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يبشره يكنى أبا أرطاة منا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب فبرّك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات.
وعن جرير بن عبد الله: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك.
عن جرير بن عبد الله البجلي انه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت مدحوس من الناس فقام بالباب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا فلم ير موضعا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم رداءه فلفه ثم رمى به إليه فقال اجلس عليه فأخذه جرير فضمه وقبله ثم رده على النبي صلى الله عليه وسلم وقال أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
في البخاري عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع استنصت الناس فقال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".
من مواقفه مع الصحابة في البخاري بسنده عن جرير قال كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ذو عمرو لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك لقد مر على أجله منذ ثلاث وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألناهم فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر والناس صالحون فقالا أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله ورجعا إلى اليمن فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال أفلا جئت بهم فلما كان بعد قال لي ذو عمرو يا جرير إن بك علي كرامة وإني مخبرك خبرا إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك.
وقدم جرير بن عبد الله على عمر بن الخطاب من عند سعد بن أبي وقاص فقال له كيف تركت سعدا في ولايته فقال تركته أكرم الناس مقدرة وأحسنهم معذرة هو لهم كالأم البرة يجمع لهم كما تجمع الذرة مع أنه ميمون الأثر مرزوق الظفر أشد الناس عند البأس وأحب قريش إلى الناس.
قال فأخبرني عن حال الناس قال هم كسهام الجعبة منها القائم الرائش ومنها العضل الطائش وابن أبي وقاص ثقافها يغمز عضلها ويقيم ميلها والله أعلم بالسرائر يا عمر.
قال أخبرني عن إسلامهم قال يقيمون الصلاة لأوقاتها ويؤتون الطاعة لولاتها.
فقال عمر الحمد الله إذا كانت الصلاة أوتيت الزكاة، وإذا كانت الطاعة كانت الجماعة...
أخرج الطبراني عن أبي البختري قال: جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان فقالا: جئناك من عند أخيك أبي الدرداء، قال: فأين هديته التي أرسلها معكما؟ فالا: ما أرسل معنا بهدية قال: اتقيا الله وأديا الأمانة ما جاءني أحد من عنده إلا جاء معه بهدية قالا: والله ما بعث معنا شيئا إلا أنه قال: أقرؤوه مني السلام قال: فأي هدية كنت أريد منكما غير هذه؟ وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة.
وقدم جرير بن عبد الله البجلي على خالد بن الوليد وهو بالحيرة بعد الوقعات المتعددة والغنائم الكثيرة ولم يحضر شيئا منها وذلك لأنه كان قد بعثه الصديق مع خالد بن سعيد بن العاص إلى الشام فاستأذن خالد بن سعيد في الرجوع إلى الصديق ليجمع له قومه من بجيلة فيكونوا معه فلما قدم على الصديق فسأله ذلك غضب الصديق وقال أتيتني لتشغلني عما هو أرضى لله من الذي تدعوني إليه ثم سيره الصديق إلى خالد بن الوليد بالعراق...
وشهد الأشعث جنازة وفيها جرير بن عبد الله البجلي فقدم الأشعث جريرًا وقال: إن هذا لم يرتد عن الإسلام وإني ارتددت...
ويحسن التصرف رضي الله عنه:
عن عمر رضي الله عنه أنه صلى صلاة الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه فقال: عزمت على من أحدث أن يتوضأ و يعيد صلاته فلم يقم أحد فقال جرير بن عبد الله البجلي: يا أمير المؤمنين أرأيت لو توضأنا جميعا و أعدنا الصلاة فاستحسن ذلك عمر رضي الله عنه وقال له: كنت سيدا في الجاهلية فقيها في الإسلام فقاموا و أعادوا الوضوء و الصلاة.
وروى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر فكان يخدمني فقلت له لا تفعل فقال إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا آليت أن لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته... وكان جرير أكبر من أنس.
من ملامح شخصيته ثباته على عقيدته:
لقد ثبت جرير على عقيدته بالرغم من ارتداد معظم قومه بجيلة فكان ثباته ذا أثر كبير على إعادة بجيلة للإسلام ومن العوامل المهمة لانتصار المسلمين الحاسم على المرتدين من أهل اليمن.
جهاده وشجاعته:
بعث سعد بن أبي وقاص جريرًا بن عبد الله البجلي إلى حلوان فافتتحها عنوة، وشهد مع المسلمين يوم المدائن وله فيه أخبار مأثورة وشهد غيره من فتوحات العراق والعجم وكان على الميمنة يوم القادسية...
تجرده وإخلاصه:
قال ابن سعد: قال يزيد بن جرير عن أبيه أن عمر قال له والناس يتحامون العراق وقتال الأعاجم: "سر بقومك فما غلبت عليه فلك ربعه" فلما جمعت الغنائم غنائم جلولاء ادعى جرير أن له ربع ذلك كله، فكتب سعد الى عمربن الخطاب رضي الله عنه بذلك، فكتب عمر: صدق جرير قد قلت ذلك له، قال فإن شاء أن يكون قاتل على جعل فأعطوه جعله وان يكن إنما قاتل لله ولدينه وجنته، فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، فلماقدم الكتاب على سعد أخبر جريرًا بذلك قال جرير: صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي بذلك، أنا رجل من المسلمين.
صبره عند البلاء:
قاتل أهل همذان غند فتحها وأصيبت عينه بسهم فقال أحتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ونور لي ما شاء ثم سلبنيها في سبيله.
علمه:
كان رضي الله عنه ذكيا محدثا عالما بأمور دينه، روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم،كما عده العلماء من أهل الفتيا البارزين...
أثره في الآخرين وبعث جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع الحميري وذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرير عندهم...
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب قال إسماعيل افعلوا لا تفوتنكم.
وروى البخاري أيضًا بسنده عن زيد بن وهب قال سمعت جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لا يرحم لا يرحم"
وفي سنن أبي داود عن جرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله".
من كلماته:
"الخرس خير من الخلابة، والبكم خير من البذاء"
ما قيل عنه:
قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل وافدا عليه: " يطلع عليكم خير ذي يمن كان على وجهه مسحة ملك"
وفيه قال الشاعر:
لولا جرير هلكت بجيلة... نعم الفتى وبئست القبيلة
فقال عمر بن الخطاب ما مدحه من هجى قومه وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: جرير بن عبد الله بن يوسف هذه الأمة يعني في حسنه.
وفاته:
مات رضي الله عنه وأرضاه بقرقيسيا بين الحيرة والشام سنة إحدى وخمسين من الهجرة.
هو جرير بن عبد الله بن جابر البجلي سيد قبيلة بجيلة، وكنيته أبو عمرو.
إسلامه:
عن جرير بن عبد الله البجلي قال: لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي فحللت عيبتي ولبست حلتي وانتهيت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسلمت عليه وعلى المسلمين فقلت لجليسي هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمري نعم ذكرك بأحسن الذكر فبينما هو يخطب إذ عرض له في خطبته فقال يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك قال فحمدت الله على ما أبلاني.
وقد قدم جرير بن عبد الله رضي الله عنه سنة عشر المدينة ومعه من قومه مائة وخمسون رجلا فأسلموا وبايعوا قال جرير: فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعني وقال على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتنصح المسلم وتطيع الوالي وإن كان عبدا حبشيا فقال نعم فبايعه...
قال أبو عمر: رحمه الله كان إسلامه في العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال جرير أسلمت قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري.
عن زياد بن علاقة قال شهدت جرير بن عبد الله البجلي لما هلك المغيرة بن شعبة فسمعت جريرا يخطب فقال: اشفعوا لأميركم فإنه كان يحب العافية واسمعوا وأطيعوا حتى يأتيكم أميرا ما بعد فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام واشترط علي النصح لكل مسلم ورب هذا المسجد إني لكم ناصح.
من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
في البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.
وروى مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جرير ألا تريحني من ذي الخلصة" - وكان بيتا يعبد في الجاهلية يقال له الكعبة اليمانية - قال فنفرت في خمسين ومائة فارس وكنت لا أثبت على الخيل فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب يده في صدري فقال: "اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا" قال فانطلق فحرقها بالنار ثم بعث جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يبشره يكنى أبا أرطاة منا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب فبرّك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات.
وعن جرير بن عبد الله: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك.
عن جرير بن عبد الله البجلي انه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت مدحوس من الناس فقام بالباب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا فلم ير موضعا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم رداءه فلفه ثم رمى به إليه فقال اجلس عليه فأخذه جرير فضمه وقبله ثم رده على النبي صلى الله عليه وسلم وقال أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
في البخاري عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع استنصت الناس فقال: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".
من مواقفه مع الصحابة في البخاري بسنده عن جرير قال كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ذو عمرو لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك لقد مر على أجله منذ ثلاث وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألناهم فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر والناس صالحون فقالا أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله ورجعا إلى اليمن فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال أفلا جئت بهم فلما كان بعد قال لي ذو عمرو يا جرير إن بك علي كرامة وإني مخبرك خبرا إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك.
وقدم جرير بن عبد الله على عمر بن الخطاب من عند سعد بن أبي وقاص فقال له كيف تركت سعدا في ولايته فقال تركته أكرم الناس مقدرة وأحسنهم معذرة هو لهم كالأم البرة يجمع لهم كما تجمع الذرة مع أنه ميمون الأثر مرزوق الظفر أشد الناس عند البأس وأحب قريش إلى الناس.
قال فأخبرني عن حال الناس قال هم كسهام الجعبة منها القائم الرائش ومنها العضل الطائش وابن أبي وقاص ثقافها يغمز عضلها ويقيم ميلها والله أعلم بالسرائر يا عمر.
قال أخبرني عن إسلامهم قال يقيمون الصلاة لأوقاتها ويؤتون الطاعة لولاتها.
فقال عمر الحمد الله إذا كانت الصلاة أوتيت الزكاة، وإذا كانت الطاعة كانت الجماعة...
أخرج الطبراني عن أبي البختري قال: جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان فقالا: جئناك من عند أخيك أبي الدرداء، قال: فأين هديته التي أرسلها معكما؟ فالا: ما أرسل معنا بهدية قال: اتقيا الله وأديا الأمانة ما جاءني أحد من عنده إلا جاء معه بهدية قالا: والله ما بعث معنا شيئا إلا أنه قال: أقرؤوه مني السلام قال: فأي هدية كنت أريد منكما غير هذه؟ وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة.
وقدم جرير بن عبد الله البجلي على خالد بن الوليد وهو بالحيرة بعد الوقعات المتعددة والغنائم الكثيرة ولم يحضر شيئا منها وذلك لأنه كان قد بعثه الصديق مع خالد بن سعيد بن العاص إلى الشام فاستأذن خالد بن سعيد في الرجوع إلى الصديق ليجمع له قومه من بجيلة فيكونوا معه فلما قدم على الصديق فسأله ذلك غضب الصديق وقال أتيتني لتشغلني عما هو أرضى لله من الذي تدعوني إليه ثم سيره الصديق إلى خالد بن الوليد بالعراق...
وشهد الأشعث جنازة وفيها جرير بن عبد الله البجلي فقدم الأشعث جريرًا وقال: إن هذا لم يرتد عن الإسلام وإني ارتددت...
ويحسن التصرف رضي الله عنه:
عن عمر رضي الله عنه أنه صلى صلاة الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه فقال: عزمت على من أحدث أن يتوضأ و يعيد صلاته فلم يقم أحد فقال جرير بن عبد الله البجلي: يا أمير المؤمنين أرأيت لو توضأنا جميعا و أعدنا الصلاة فاستحسن ذلك عمر رضي الله عنه وقال له: كنت سيدا في الجاهلية فقيها في الإسلام فقاموا و أعادوا الوضوء و الصلاة.
وروى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر فكان يخدمني فقلت له لا تفعل فقال إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا آليت أن لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته... وكان جرير أكبر من أنس.
من ملامح شخصيته ثباته على عقيدته:
لقد ثبت جرير على عقيدته بالرغم من ارتداد معظم قومه بجيلة فكان ثباته ذا أثر كبير على إعادة بجيلة للإسلام ومن العوامل المهمة لانتصار المسلمين الحاسم على المرتدين من أهل اليمن.
جهاده وشجاعته:
بعث سعد بن أبي وقاص جريرًا بن عبد الله البجلي إلى حلوان فافتتحها عنوة، وشهد مع المسلمين يوم المدائن وله فيه أخبار مأثورة وشهد غيره من فتوحات العراق والعجم وكان على الميمنة يوم القادسية...
تجرده وإخلاصه:
قال ابن سعد: قال يزيد بن جرير عن أبيه أن عمر قال له والناس يتحامون العراق وقتال الأعاجم: "سر بقومك فما غلبت عليه فلك ربعه" فلما جمعت الغنائم غنائم جلولاء ادعى جرير أن له ربع ذلك كله، فكتب سعد الى عمربن الخطاب رضي الله عنه بذلك، فكتب عمر: صدق جرير قد قلت ذلك له، قال فإن شاء أن يكون قاتل على جعل فأعطوه جعله وان يكن إنما قاتل لله ولدينه وجنته، فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، فلماقدم الكتاب على سعد أخبر جريرًا بذلك قال جرير: صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي بذلك، أنا رجل من المسلمين.
صبره عند البلاء:
قاتل أهل همذان غند فتحها وأصيبت عينه بسهم فقال أحتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ونور لي ما شاء ثم سلبنيها في سبيله.
علمه:
كان رضي الله عنه ذكيا محدثا عالما بأمور دينه، روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم،كما عده العلماء من أهل الفتيا البارزين...
أثره في الآخرين وبعث جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع الحميري وذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرير عندهم...
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
روى البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب قال إسماعيل افعلوا لا تفوتنكم.
وروى البخاري أيضًا بسنده عن زيد بن وهب قال سمعت جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لا يرحم لا يرحم"
وفي سنن أبي داود عن جرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله".
من كلماته:
"الخرس خير من الخلابة، والبكم خير من البذاء"
ما قيل عنه:
قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل وافدا عليه: " يطلع عليكم خير ذي يمن كان على وجهه مسحة ملك"
وفيه قال الشاعر:
لولا جرير هلكت بجيلة... نعم الفتى وبئست القبيلة
فقال عمر بن الخطاب ما مدحه من هجى قومه وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: جرير بن عبد الله بن يوسف هذه الأمة يعني في حسنه.
وفاته:
مات رضي الله عنه وأرضاه بقرقيسيا بين الحيرة والشام سنة إحدى وخمسين من الهجرة.