عفراء
05-03-2010, 04:57
http://www.quran-radio.com/leftpointviolet.gif http://www.quran-radio.com/persones.jpg
أبو زهرة.. عالم جريء جهر بالحق وندد بالباطل
كان الإمام "محمد أبو زهرة" ـ رحمه الله ـ أحد أفذاذ العلماء في عصره، وكان صاحب حضور قوي وكلمة مسموعة ورأي سديد، يلاحق الزيف ويسعى لقطع دابره، ينير للمسلمين طريقهم، وظل هكذا حتى نهاية حياته، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
من هو
إنه "محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد" المعروف بـ "أبي زهرة" المولود في المحلة الكبرى التابعة لمحافظة الغربية بمصر في6 من ذي القعدة 1315هـ الموافق 29 من مارس 1898م، ونشأ في أسرة كريمة تحرص على العلم والتدين.التحق الشيخ بأحد الكتاتيب التي كانت منتشرة في أنحاء مصر تعلم الأطفال وتحفظهم القرآن الكريم، وقد حفظ القرآن الكريم، وأجاد تعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى الجامع الأحمدي بمدينة طنطا، وكان إحدى منارات العلم في مصر تمتلئ ساحاته بحلق العلم التي يتصدرها فحول العلماء، وكان يطلق عليه الأزهر الثاني ؛ لمكانته الرفيعة.
وقد سيطرت على الطالب النجيب أبي زهرة روح الاعتزاز بالنفس واحترام الحرية والتفكير وكره السيطرة والاستبداد.. وقد عبر أبو زهرة عن هذا الشعور المبكر في حياته بقوله: "ولما أخذت أشدو في طلب العلم وأنا في سن المراهقة.. كنت أفكر: لماذا يوجد الملوك؟ وبأي حق يستعبد الملوك الناس؟ فكان كبر العلماء عندي بمقدار عدم خضوعهم لسيطرة الخديوي الذي كان أمير مصر في ذلك الوقت".
وبعد ثلاث سنوات من الدراسة بالجامع الأحمدي انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي سنة 1916م بعد اجتيازه اختباراً دقيقاً كان هو أول المتقدمين فيه على الذي أدوا الاختبار مثله بالرغم من صغر سنه وقصر المدة التي قضاها في الدراسة والتعليم، وكانت المدرسة التي أنشأها "محمد عاطف بركات" تعد خريجها لتولي مناصب القضاء الشرعي في المحاكم المصرية. ومكث أبو زهرة في المدرسة ثماني سنوات يواصل حياته الدراسية في جد واجتهاد حتى تخرج فيها سنة 1924م، حاصلا على عالمية القضاء الشرعي، ثم اتجه إلى دار العلوم لينال معادلتها سنة 1927م فاجتمع له تخصصان قويان لا بد منهما لمن يريد التمكن من علوم الإسلام.
الخروج للحياة العملية
وبعد تخرجه عمل في ميدان التعليم ودرّس العربية في المدارس الثانوية، ثم اختير سنة 1933م للتدريس في كلية أصول الدين، وكلف بتدريس مادة الخطابة والجدل؛ فألقى محاضرات ممتازة في أصول الخطابة، وتحدث عن الخطباء في الجاهلية والإسلام، ثم كتب مؤلفاً عد الأول من نوعه في اللغة العربية، حيث لم تُفرد الخطابة قبله بكتاب مستقل.
ولما ذاع فضل المدرس الشاب وبراعته في مادته اختارته كلية الحقوق المصرية لتدريس مادة الخطابة بها، وكانت تُعنى بها عناية فائقة وتمرن طلابها على المرافعة البليغة الدقيقة.
وبعد مدة وجيزة عهدت إليه الكلية بتدريس مادة الشريعة الإسلامية، وكان أبو زهرة أهلا لهذه الثقة الكبيرة، فزامل في قسم الشريعة عدداً من أساطين العلماء، مثل: الشيخ "أحمد إبراهيم"، والشيخ "أحمد أبي الفتح"، والشيخ "علي قراعة"، والشخ "فرج السنهوري"، وكان وجود مثل هؤلاء معه يزيد المدرس الشاب دأبا وجدة في الدرس والبحث حتى يرتقي إلى صفوفهم ومكانتهم الرفيعة، وكانت فيه عزيمة وإصرار وميل إلى حياة الجد التي لا هزل فيها.
تدرج أبو زهرة في كلية الحقوق التي شهدت أخصب حياته الفكرية حتى ترأس قسم الشريعة، وشغل منصب الوكالة فيها، وأحيل إلى التقاعد سنة 1958م، وبعد صدور قانون تطوير الأزهر اختير الشيخ أبو زهرة عضواً في مجمع البحوث الإسلامية سنة 1962م، وهو المجمع الذي أنشئ بديلا عن هيئة كبار العلماء، وإلى جانب هذا كان الشيخ الجليل من مؤسسي معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، وكان يلقي فيه محاضراته في الشريعة الإسلامية احتساباًلله دون أجر، وكان هذا المعهد قد أنشئ لمن فاتته الدراسة في الكليات التي تُعنى بالدراسات العربية والشرعية، فالتحق به عدد كبير من خريجي الجامعات الراغبين في مثل هذه الدراسات.
رجل الواقع.. عالم شجاع
لم يكن أبو زهرة من الذين ينشغلون بالتأليف عن متابعة الواقع ومتابعة ما تحتاجه الدعوة إلى الله، فقد قرن الكلمة المكتوبة بالقول المسموع والعلم الغزير بالعمل الواضح، وكان هذا سر قوته وتلهف الناس إلى سماع كلمته؛ فهو العالم الجريء الذي يجهر بالحق ويندد بالباطل ويكشف عوراته غير هياب أو وجل، وكانت صراحته في مواجهة الظالمين واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وقد حورب من أجلها فما تخاذل أو استكان، وقاطعته الصحف ووسائل الإعلام الأخرى وآذته بالقول وشهّرت به؛ فما زاده ذلك إلا تمسكًا بالحق وإصراراً عليه.
وعندما دعي إلى مؤتمر إسلامي مع جماعة من كبار علماء في العالم الإسلامي، وكان رئيس الدولة الداعية من ذوي البطش والاستبداد؛ فافتتح المؤتمر بكلمة يعلن فيها ما يسميه اشتراكية الإسلام، ودعا الحاضرين من العلماء إلى تأييد ما يراه والدعوة له. وبعد انتهاء الكلمة ساد قاعة الاحتفال صمت رهيب قطعه صوت الشيخ أبو زهرة طالبا الكلمة، فلما اعتلى المنبر قال في شجاعة: إننا نحن علماء الإسلام الذين نعرف حكم الله في قضايا الدولة ومشكلات الناس، وقد جئنا إلى هنا لنصدع بما نعرف، وإن على رؤساء الدول أن يعرفوا قدرهم ويتركوا الحديث في العلم إلى أهله، ثم اتجه إلى رئيس الدولة الداعية قائلا: إنك تفضلت بدعوة العلماء لتسمع أقوالهم لا لتعلن رأياً لا يجدونه صوابا مهما هتف به رئيس؛ فلتتق الله في شرع الله. فغضب الرئيس وغادر القاعة!
كان أبو زهرة من أعلى الأصوات التي تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة، وكان له أمام قضية "الربا" موقف حاسم، وأعلن عن رفضه له ومحاربته بكل قوة، وكشف بأدلة علمية فساد نظرية الربا وعدم الحاجة إليها، وأن الإسلام حرّم الربا حمايةً للمسلمين ولمجتمعهم، وانتهى إلى أن الربا لا مصلحة فيه ولا ضرورة تدعو إليه.
ورأى بعض من لا علم لهم بالشريعة يكتبون في الصحف بأن من الصحابة من كان يترك العمل بالنص إلى رأيه الخاص الذي اجتهد فيه إذا اقتضت المصلحة ذلك، واستشهدوا على ذلك بوقائع لـ "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، حين أبطل العمل بحد السرقة في عام الرمادة؛ فقام الشيخ بجلاء هذا الموقف، وبيّن أن المصلحة تعتمد على النص وترجع إليه، وأن القول دونما نص أو قاعدة كلية إنما هو قول بالهوى؛ فأصول الفقه تستند إلى أدلة قطعية، وأنه لا يجوز أن يعتمد على العقل في إثبات حكم شرعي، وأن المعول عليه في إثبات الأحكام الشرعية هو النصوص النقلية، وأن العقل معين له، وأبان الشيخ أن عمر بن الخطاب وأمثاله من مجتهدي الصحابة لم يتركوا العمل بالنص، وإنما فهموه فهماً دقيقاً دون أن يبتعدوا عنه.
وظريف أيضاً!
لم يكن الشيخ أبو زهرة صاحب نادرة وطرفة فقط، بل كان محباً للنادرة، ومحتفياً بها، ففي إحدى محاضراته في الجامعة، وبينما الشيخ مستغرق في الشرح والطلاب مستغرقون في الإنصات.. إذا بطالب يدخل المحاضرة ويسير وسط القاعة معجباً بنفسه، ولاحظ الشيخ أبو زهرة أنه يضع على صدره وردة، فناداه الشيخ مداعباً: أهلاً أبو وردة. فضج مدرج القاعة بالضحك؛ فرد الطالب على الفور: أهلاً أبو زهرة. فأعجب الشيخ بفطنة الطالب وذكائه، وقام من مكانه ونزل إلى الطالب وحياه مقبلاً إياه.
وفاته
وبعد حياة حافلة بالجد والجهاد من أجل تعريف الناس بدين الله تعالى والتصدي للهجمات الشرسة على الإسلام وأهله، رحل الشيخ أبو زهرة عام 1974م مخلفاً وراءه تراثاً نافعاً ومؤلفات ينتفع بها المسلمون، منها:
- تاريخ المذاهب الإسلامية.
- العقوبة في الفقه الإسلامي.
- الجريمة في الفقه الإسلامي.
- علم أصول الفقه.
- محاضرات في النصرانية.
- زهرة التفاسير، وقد نشر بعد وفاته.
- مقارنات الأديان.
أبو زهرة.. عالم جريء جهر بالحق وندد بالباطل
كان الإمام "محمد أبو زهرة" ـ رحمه الله ـ أحد أفذاذ العلماء في عصره، وكان صاحب حضور قوي وكلمة مسموعة ورأي سديد، يلاحق الزيف ويسعى لقطع دابره، ينير للمسلمين طريقهم، وظل هكذا حتى نهاية حياته، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
من هو
إنه "محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد" المعروف بـ "أبي زهرة" المولود في المحلة الكبرى التابعة لمحافظة الغربية بمصر في6 من ذي القعدة 1315هـ الموافق 29 من مارس 1898م، ونشأ في أسرة كريمة تحرص على العلم والتدين.التحق الشيخ بأحد الكتاتيب التي كانت منتشرة في أنحاء مصر تعلم الأطفال وتحفظهم القرآن الكريم، وقد حفظ القرآن الكريم، وأجاد تعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى الجامع الأحمدي بمدينة طنطا، وكان إحدى منارات العلم في مصر تمتلئ ساحاته بحلق العلم التي يتصدرها فحول العلماء، وكان يطلق عليه الأزهر الثاني ؛ لمكانته الرفيعة.
وقد سيطرت على الطالب النجيب أبي زهرة روح الاعتزاز بالنفس واحترام الحرية والتفكير وكره السيطرة والاستبداد.. وقد عبر أبو زهرة عن هذا الشعور المبكر في حياته بقوله: "ولما أخذت أشدو في طلب العلم وأنا في سن المراهقة.. كنت أفكر: لماذا يوجد الملوك؟ وبأي حق يستعبد الملوك الناس؟ فكان كبر العلماء عندي بمقدار عدم خضوعهم لسيطرة الخديوي الذي كان أمير مصر في ذلك الوقت".
وبعد ثلاث سنوات من الدراسة بالجامع الأحمدي انتقل إلى مدرسة القضاء الشرعي سنة 1916م بعد اجتيازه اختباراً دقيقاً كان هو أول المتقدمين فيه على الذي أدوا الاختبار مثله بالرغم من صغر سنه وقصر المدة التي قضاها في الدراسة والتعليم، وكانت المدرسة التي أنشأها "محمد عاطف بركات" تعد خريجها لتولي مناصب القضاء الشرعي في المحاكم المصرية. ومكث أبو زهرة في المدرسة ثماني سنوات يواصل حياته الدراسية في جد واجتهاد حتى تخرج فيها سنة 1924م، حاصلا على عالمية القضاء الشرعي، ثم اتجه إلى دار العلوم لينال معادلتها سنة 1927م فاجتمع له تخصصان قويان لا بد منهما لمن يريد التمكن من علوم الإسلام.
الخروج للحياة العملية
وبعد تخرجه عمل في ميدان التعليم ودرّس العربية في المدارس الثانوية، ثم اختير سنة 1933م للتدريس في كلية أصول الدين، وكلف بتدريس مادة الخطابة والجدل؛ فألقى محاضرات ممتازة في أصول الخطابة، وتحدث عن الخطباء في الجاهلية والإسلام، ثم كتب مؤلفاً عد الأول من نوعه في اللغة العربية، حيث لم تُفرد الخطابة قبله بكتاب مستقل.
ولما ذاع فضل المدرس الشاب وبراعته في مادته اختارته كلية الحقوق المصرية لتدريس مادة الخطابة بها، وكانت تُعنى بها عناية فائقة وتمرن طلابها على المرافعة البليغة الدقيقة.
وبعد مدة وجيزة عهدت إليه الكلية بتدريس مادة الشريعة الإسلامية، وكان أبو زهرة أهلا لهذه الثقة الكبيرة، فزامل في قسم الشريعة عدداً من أساطين العلماء، مثل: الشيخ "أحمد إبراهيم"، والشيخ "أحمد أبي الفتح"، والشيخ "علي قراعة"، والشخ "فرج السنهوري"، وكان وجود مثل هؤلاء معه يزيد المدرس الشاب دأبا وجدة في الدرس والبحث حتى يرتقي إلى صفوفهم ومكانتهم الرفيعة، وكانت فيه عزيمة وإصرار وميل إلى حياة الجد التي لا هزل فيها.
تدرج أبو زهرة في كلية الحقوق التي شهدت أخصب حياته الفكرية حتى ترأس قسم الشريعة، وشغل منصب الوكالة فيها، وأحيل إلى التقاعد سنة 1958م، وبعد صدور قانون تطوير الأزهر اختير الشيخ أبو زهرة عضواً في مجمع البحوث الإسلامية سنة 1962م، وهو المجمع الذي أنشئ بديلا عن هيئة كبار العلماء، وإلى جانب هذا كان الشيخ الجليل من مؤسسي معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، وكان يلقي فيه محاضراته في الشريعة الإسلامية احتساباًلله دون أجر، وكان هذا المعهد قد أنشئ لمن فاتته الدراسة في الكليات التي تُعنى بالدراسات العربية والشرعية، فالتحق به عدد كبير من خريجي الجامعات الراغبين في مثل هذه الدراسات.
رجل الواقع.. عالم شجاع
لم يكن أبو زهرة من الذين ينشغلون بالتأليف عن متابعة الواقع ومتابعة ما تحتاجه الدعوة إلى الله، فقد قرن الكلمة المكتوبة بالقول المسموع والعلم الغزير بالعمل الواضح، وكان هذا سر قوته وتلهف الناس إلى سماع كلمته؛ فهو العالم الجريء الذي يجهر بالحق ويندد بالباطل ويكشف عوراته غير هياب أو وجل، وكانت صراحته في مواجهة الظالمين واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وقد حورب من أجلها فما تخاذل أو استكان، وقاطعته الصحف ووسائل الإعلام الأخرى وآذته بالقول وشهّرت به؛ فما زاده ذلك إلا تمسكًا بالحق وإصراراً عليه.
وعندما دعي إلى مؤتمر إسلامي مع جماعة من كبار علماء في العالم الإسلامي، وكان رئيس الدولة الداعية من ذوي البطش والاستبداد؛ فافتتح المؤتمر بكلمة يعلن فيها ما يسميه اشتراكية الإسلام، ودعا الحاضرين من العلماء إلى تأييد ما يراه والدعوة له. وبعد انتهاء الكلمة ساد قاعة الاحتفال صمت رهيب قطعه صوت الشيخ أبو زهرة طالبا الكلمة، فلما اعتلى المنبر قال في شجاعة: إننا نحن علماء الإسلام الذين نعرف حكم الله في قضايا الدولة ومشكلات الناس، وقد جئنا إلى هنا لنصدع بما نعرف، وإن على رؤساء الدول أن يعرفوا قدرهم ويتركوا الحديث في العلم إلى أهله، ثم اتجه إلى رئيس الدولة الداعية قائلا: إنك تفضلت بدعوة العلماء لتسمع أقوالهم لا لتعلن رأياً لا يجدونه صوابا مهما هتف به رئيس؛ فلتتق الله في شرع الله. فغضب الرئيس وغادر القاعة!
كان أبو زهرة من أعلى الأصوات التي تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة، وكان له أمام قضية "الربا" موقف حاسم، وأعلن عن رفضه له ومحاربته بكل قوة، وكشف بأدلة علمية فساد نظرية الربا وعدم الحاجة إليها، وأن الإسلام حرّم الربا حمايةً للمسلمين ولمجتمعهم، وانتهى إلى أن الربا لا مصلحة فيه ولا ضرورة تدعو إليه.
ورأى بعض من لا علم لهم بالشريعة يكتبون في الصحف بأن من الصحابة من كان يترك العمل بالنص إلى رأيه الخاص الذي اجتهد فيه إذا اقتضت المصلحة ذلك، واستشهدوا على ذلك بوقائع لـ "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، حين أبطل العمل بحد السرقة في عام الرمادة؛ فقام الشيخ بجلاء هذا الموقف، وبيّن أن المصلحة تعتمد على النص وترجع إليه، وأن القول دونما نص أو قاعدة كلية إنما هو قول بالهوى؛ فأصول الفقه تستند إلى أدلة قطعية، وأنه لا يجوز أن يعتمد على العقل في إثبات حكم شرعي، وأن المعول عليه في إثبات الأحكام الشرعية هو النصوص النقلية، وأن العقل معين له، وأبان الشيخ أن عمر بن الخطاب وأمثاله من مجتهدي الصحابة لم يتركوا العمل بالنص، وإنما فهموه فهماً دقيقاً دون أن يبتعدوا عنه.
وظريف أيضاً!
لم يكن الشيخ أبو زهرة صاحب نادرة وطرفة فقط، بل كان محباً للنادرة، ومحتفياً بها، ففي إحدى محاضراته في الجامعة، وبينما الشيخ مستغرق في الشرح والطلاب مستغرقون في الإنصات.. إذا بطالب يدخل المحاضرة ويسير وسط القاعة معجباً بنفسه، ولاحظ الشيخ أبو زهرة أنه يضع على صدره وردة، فناداه الشيخ مداعباً: أهلاً أبو وردة. فضج مدرج القاعة بالضحك؛ فرد الطالب على الفور: أهلاً أبو زهرة. فأعجب الشيخ بفطنة الطالب وذكائه، وقام من مكانه ونزل إلى الطالب وحياه مقبلاً إياه.
وفاته
وبعد حياة حافلة بالجد والجهاد من أجل تعريف الناس بدين الله تعالى والتصدي للهجمات الشرسة على الإسلام وأهله، رحل الشيخ أبو زهرة عام 1974م مخلفاً وراءه تراثاً نافعاً ومؤلفات ينتفع بها المسلمون، منها:
- تاريخ المذاهب الإسلامية.
- العقوبة في الفقه الإسلامي.
- الجريمة في الفقه الإسلامي.
- علم أصول الفقه.
- محاضرات في النصرانية.
- زهرة التفاسير، وقد نشر بعد وفاته.
- مقارنات الأديان.