عفراء
04-03-2010, 19:21
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ؛ الآية التسعون بعد المئة من سورة آل عمران وهي قوله تعالى :
http://www.quran-radio.com/tafseer_nabulsi/15.files/image001.gif
مَنْ هم (أولي الألباب) ؟ قال المفسرون : هم أصحاب العقول ، وقد شبه الله العقل في الإنسان كاللب في الثمرة ، فما قيمة قشرة الثمرة ، بكم تشتري قشور الثمار ؟ بلا شيء ، لكن بكم تشتري الثمار ؟ بكل شيء ، لأن فيها لبًّا ، فالعقل في الإنسان كاللب في الثمرة ، والعقل كما ورد : أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً ، ورأس الحكمة مخافة الله ، فعقلك يظهر بقدر خوفك من الله وحبك له ، فإذا قلَّ الخوف ضعف العقل ، وإذا قلَّت المحبة ضعف العقل ، يقول الله عز وجل : " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآياتٍ لأولي الألباب" ، فأنت بحاجة إلى شيئين ؛ بحاجةٍ إلى أن تعرف الله ، وبحاجةٍ إلى أن تعبده ، كي تحقق سر وجودك ، فبالكون تعرفه ، وبالشرع تعبده ، الأمر والنهي ، نعرفه من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أردت أن تعبده عليك أن تعرف أمره ونهيه ، أما إذا أردت أن تعرفه ، عليك بقول الله عز وجل ، وأنْ تتدبَّر قوله :" إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار للآياتٍ لأولي الألباب" .
السموات والأرض كما قلت من قبل ، تعبير قرآني عن الكون ، فخلق السموات والأرض يدل على وجود الله ، وعلى كماله وعلى وحدانيته ، فالأرض مثلاً تدور حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو مترًا بالثانية ، هذا الدرس المتواضع الذي لا يزيد عن عشر دقائق ، تقطع فيه الأرض ثمانية عشر ألف كيلو متر ، لأن الأرض تسير ثلاثين كيلومترًا بالثانية ، بالدقيقة : 6x 3 = ثمانية عشر ، عشر ، وصفرين ، ألف وثمانمئة ، بعشر دقائق ثمانية عشر ألف كيلومترًا خلال درس التفسير الذي لا يزيد عن عشر دقائق .
الأرض إذًا أيها الإخوة تدور حول الشمس ، قال : "إن في خلق السماوات والأرض" المسار إهليلجي ، هناك قطر طويل وقطر قصير ، وعند القطر الصغير الأصغري ، تزيد سرعتها ، لتنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، وعند القطر الأعظمي ، تقل سرعتها ، لتبقى مرتبطة بالشمس .
إذاً حركة الأرض حول الشمس بسرعةٍ متفاوتة ، تزيد سرعتها وتقل سرعتها ، لتبقى في مسارها الإهليلجي ، شيئاً آخر : "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار" .
تتابع الليل والنهار ما سببه ؟ الشمس هنا ، يعني في جانب ، هي منبع الضوء ، والأرض هنا ، يعني في جانب آخر ، فلو أن الأرض توقفت عن الدوران ، لما كان ليلٌ ولا نهارٌ ، ولو أن الأرض دارت حول الشمس ، ودارت على محور موازٍ لمستوى دوارنها حول الشمس ، ودارت هكذا ، والشمس من هنا ، مع أنها تدور لا ليل ولا نهار ، الليل ثابت إلى الأبد ، والنهار ثابت إلى الأبد ، ولو أن الليل ثبت إلى الأبد ، لكانت حرارة الأرض في الليل دون المئتين والسبعين تحت الصفر ، وهو الصفر المطلق ، إذًا تنتهي الحياة ، ولو أن الوجه المقابل للشمس ثابت ، لكانت الحرارة ثلاثمئة وخمسين درجة فوق الصفر واحترق كلُّ شيء ، إذاً لو أنّ الأرض توقفت لأُلغي الليل والنهار ، ولو دارت هكذا بالعكس ، والشمس من هنا ، فالوجه المقابل للشمس ، في حرارة درجتها ثلاثمئة وخمسون فوق الصفر ، والوجه الآخر يكون بدرجة مئتين وسبعين تحت الصفر ، ولانعدمت الحياة ، لكن الأرض تدور هكذا ، و الشمس هنا تدور هكذا ، إذًا " اختلاف الليل والنهار " ، لكن في الآية معنى آخر ، الليل والنهار يختلفان فيأتي الأول بعد الثاني ، والثاني بعد الأول ، وهكذا ، أمّا المعنى الثاني، أن اختلاف الليل والنهار ، يعني أن طول النهار وطول الليل يختلفان ، من سبع عشرة ساعة ونصف إلى عشر ساعات أحياناً ، فما سر هذا الاختلاف ؟ فلو أن الشمس هنا والأرض هنا تدور الأرض حول محور عمودي على مستوى الدوران هكذا ، لانعدمت الفصول ، بالمنطقة الاستوائية صيف دائم إلى الأبد ، وبالمناطق القطبية شتاء دائم إلى الأبد ، والتغت الفصول ، لكن هذا المحور مائل قليلاً ، مع ميل المحور تأتي الشمس عموديةً على القطب الشمالي ، فإذا أصبحت الأرض هاهنا جاءت الشمس عموديةً على القطب الجنوبي ، وصار في السنة اختلاف فصول ، من صيف ، وشتاء، وربيع ، وخريف ، إذاً هذه الحكمة البالغة ، أن الأرض تدور حول محورٍ مائلٍ على مستوى الدوران ، "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " .
دورة الأرض حول نفسها ، تتناسب مع طاقة الإنسان ، لو كان الليل ساعة واحدة ، والنهار ساعة ، تنام وتستيقظ، ولا بد لك ثماني ساعات ، ثمانية أيام نوم وثماني ليال ، لكن لو كان النهار أو الليل مئة ساعة ، أيضاً لصارت الحياة صعبة ، أما الليل والنهار فيتوافقان مع طاقة الإنسان ، لوجود تصميم وتناسق رائع ، إذًا الإنسانُ إن لم يفكر في هذه الآيات التي بثَّها الله في الكون ، فكأنه عطل عقله ، أو كأنه لم يستخدمه ، أما إذا استخدمه فيما لم يخلق له ، فقد أساء إساءةً بالغة ، إذاً دقق في هذه الآية : "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب" .
الألباب أصحاب العقول ، وإنسان من دون عقل كالثمرة من دون لب .
يعني أنت بكم تشتري قشر كيلو الموز ، أتأخذه بمئة ليرة ، أعوذ بالله ، لن تأخذه ولو بقرش ، أما كيلو الموز فثمنه مئة ليرة ، وفيه اللبُّ ، واللبُّ مغذٍ ، والإنسان من دون عقل ثمرة من دون لب ، والعقل يقتضي أن تُعمله في الكون كي تعرفه ، إن أعملت عقلك في الأمر والنهي فمن أجل أن تعبده ، وإن أعملت عقلك في الكون فمن أجل أن تعرفه ، فأنت تعرف الله بالكون ، وتعبده بالكتاب والسنة ، فمعرفة الكتاب والسنة من دون معرفة الله نقص كبير ، ومعرفة الله عز وجل من دون أن تعرف أمره نقص كبير ، فلابد من التناسق بين معرفة الله ومعرفة أمره .
لذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول بصدد هذه الآية : الويل لمن لم يفكر بهذه الآية ، كان كلما استيقظ في الليل يتلو هذه الآية ، وكأن الإنسان مكلف أن يجول فكره في خلق السموات والأرض حتى يعرفه ، فإذا عرفه عَبَدَه من خلال الكتاب والسنة .
فالإنسان لا يمر على الآيات مرورًا سريعًا ، فكأس الماء الذي تشربه و، كأس الحليب الذي تشربه ، ورغيف الخبز الذي تأكله ، وهذه الفاكهة التي تأكلها ، وهذه الأمطار التي تهطل ، وهذه البحار التي تزخر بما فيها من أسماك ، ولآلئ ومرجان ، هذه كلها بين يديك من أجل أن تعرفه ، وكلما ازدادت معرفتك بالله عز وجل ازدادت خشيتك له.
" إنما يخشى الله من عباده العلماء "
(سورة فاطر : 28)
و(إنما) تفيد القصر ، أي أن العلماء وحدهم ، ولا أحد سواهم يخشى الله عز وجل .
فتبدُّل الليل والنهار ، وتعاقبهما ، والصيف وما فيه من خصائص ، والربيع ، والشتاء ، والخريف ، هذه الأرض بدورانها حول الشمس ، ولا تنسوا هذا الرقم البسيط ، نحن خلال هذا الدرس كم قطعنا من مسافةٍ حول الشمس ؟ ثمانية عشر ألف كيلو متر ، الآن مرَّت بنا عشر دقائق ، فقطعنا ثمانية عشر ألف كيلو متر في مسيرنا حول الشمس .
فكم هي عظمة هذا الكون ؟ والمؤمن كما قلت قبل أيام ، بالكون والنظر في عظمته يعبُر المؤمن إلى المكوِّن ، ومن النظام للمنظم ، ومن التسيير للمسيِّر، ومن الخلق للخالق ، ومن التربية للمربي ، ومن التصوير للمصور، فما لم تعبر من هذه الحقيقة الكبرى إلى حقيقةٍ أكبر فأنت لا تعرفه .
الغربيون وقفوا عند الكون ، أما المسلمون فتجاوزوه إلى المكوِّن ، والمؤمن ينتقل من النعمة إلى المنعِم .
والحمد لله رب العالمين.
تفسير القرآن الكريم
لفضيلة الدكتور العلامة محمد راتب النابلسي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ؛ الآية التسعون بعد المئة من سورة آل عمران وهي قوله تعالى :
http://www.quran-radio.com/tafseer_nabulsi/15.files/image001.gif
مَنْ هم (أولي الألباب) ؟ قال المفسرون : هم أصحاب العقول ، وقد شبه الله العقل في الإنسان كاللب في الثمرة ، فما قيمة قشرة الثمرة ، بكم تشتري قشور الثمار ؟ بلا شيء ، لكن بكم تشتري الثمار ؟ بكل شيء ، لأن فيها لبًّا ، فالعقل في الإنسان كاللب في الثمرة ، والعقل كما ورد : أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً ، ورأس الحكمة مخافة الله ، فعقلك يظهر بقدر خوفك من الله وحبك له ، فإذا قلَّ الخوف ضعف العقل ، وإذا قلَّت المحبة ضعف العقل ، يقول الله عز وجل : " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآياتٍ لأولي الألباب" ، فأنت بحاجة إلى شيئين ؛ بحاجةٍ إلى أن تعرف الله ، وبحاجةٍ إلى أن تعبده ، كي تحقق سر وجودك ، فبالكون تعرفه ، وبالشرع تعبده ، الأمر والنهي ، نعرفه من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أردت أن تعبده عليك أن تعرف أمره ونهيه ، أما إذا أردت أن تعرفه ، عليك بقول الله عز وجل ، وأنْ تتدبَّر قوله :" إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار للآياتٍ لأولي الألباب" .
السموات والأرض كما قلت من قبل ، تعبير قرآني عن الكون ، فخلق السموات والأرض يدل على وجود الله ، وعلى كماله وعلى وحدانيته ، فالأرض مثلاً تدور حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو مترًا بالثانية ، هذا الدرس المتواضع الذي لا يزيد عن عشر دقائق ، تقطع فيه الأرض ثمانية عشر ألف كيلو متر ، لأن الأرض تسير ثلاثين كيلومترًا بالثانية ، بالدقيقة : 6x 3 = ثمانية عشر ، عشر ، وصفرين ، ألف وثمانمئة ، بعشر دقائق ثمانية عشر ألف كيلومترًا خلال درس التفسير الذي لا يزيد عن عشر دقائق .
الأرض إذًا أيها الإخوة تدور حول الشمس ، قال : "إن في خلق السماوات والأرض" المسار إهليلجي ، هناك قطر طويل وقطر قصير ، وعند القطر الصغير الأصغري ، تزيد سرعتها ، لتنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، وعند القطر الأعظمي ، تقل سرعتها ، لتبقى مرتبطة بالشمس .
إذاً حركة الأرض حول الشمس بسرعةٍ متفاوتة ، تزيد سرعتها وتقل سرعتها ، لتبقى في مسارها الإهليلجي ، شيئاً آخر : "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار" .
تتابع الليل والنهار ما سببه ؟ الشمس هنا ، يعني في جانب ، هي منبع الضوء ، والأرض هنا ، يعني في جانب آخر ، فلو أن الأرض توقفت عن الدوران ، لما كان ليلٌ ولا نهارٌ ، ولو أن الأرض دارت حول الشمس ، ودارت على محور موازٍ لمستوى دوارنها حول الشمس ، ودارت هكذا ، والشمس من هنا ، مع أنها تدور لا ليل ولا نهار ، الليل ثابت إلى الأبد ، والنهار ثابت إلى الأبد ، ولو أن الليل ثبت إلى الأبد ، لكانت حرارة الأرض في الليل دون المئتين والسبعين تحت الصفر ، وهو الصفر المطلق ، إذًا تنتهي الحياة ، ولو أن الوجه المقابل للشمس ثابت ، لكانت الحرارة ثلاثمئة وخمسين درجة فوق الصفر واحترق كلُّ شيء ، إذاً لو أنّ الأرض توقفت لأُلغي الليل والنهار ، ولو دارت هكذا بالعكس ، والشمس من هنا ، فالوجه المقابل للشمس ، في حرارة درجتها ثلاثمئة وخمسون فوق الصفر ، والوجه الآخر يكون بدرجة مئتين وسبعين تحت الصفر ، ولانعدمت الحياة ، لكن الأرض تدور هكذا ، و الشمس هنا تدور هكذا ، إذًا " اختلاف الليل والنهار " ، لكن في الآية معنى آخر ، الليل والنهار يختلفان فيأتي الأول بعد الثاني ، والثاني بعد الأول ، وهكذا ، أمّا المعنى الثاني، أن اختلاف الليل والنهار ، يعني أن طول النهار وطول الليل يختلفان ، من سبع عشرة ساعة ونصف إلى عشر ساعات أحياناً ، فما سر هذا الاختلاف ؟ فلو أن الشمس هنا والأرض هنا تدور الأرض حول محور عمودي على مستوى الدوران هكذا ، لانعدمت الفصول ، بالمنطقة الاستوائية صيف دائم إلى الأبد ، وبالمناطق القطبية شتاء دائم إلى الأبد ، والتغت الفصول ، لكن هذا المحور مائل قليلاً ، مع ميل المحور تأتي الشمس عموديةً على القطب الشمالي ، فإذا أصبحت الأرض هاهنا جاءت الشمس عموديةً على القطب الجنوبي ، وصار في السنة اختلاف فصول ، من صيف ، وشتاء، وربيع ، وخريف ، إذاً هذه الحكمة البالغة ، أن الأرض تدور حول محورٍ مائلٍ على مستوى الدوران ، "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " .
دورة الأرض حول نفسها ، تتناسب مع طاقة الإنسان ، لو كان الليل ساعة واحدة ، والنهار ساعة ، تنام وتستيقظ، ولا بد لك ثماني ساعات ، ثمانية أيام نوم وثماني ليال ، لكن لو كان النهار أو الليل مئة ساعة ، أيضاً لصارت الحياة صعبة ، أما الليل والنهار فيتوافقان مع طاقة الإنسان ، لوجود تصميم وتناسق رائع ، إذًا الإنسانُ إن لم يفكر في هذه الآيات التي بثَّها الله في الكون ، فكأنه عطل عقله ، أو كأنه لم يستخدمه ، أما إذا استخدمه فيما لم يخلق له ، فقد أساء إساءةً بالغة ، إذاً دقق في هذه الآية : "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب" .
الألباب أصحاب العقول ، وإنسان من دون عقل كالثمرة من دون لب .
يعني أنت بكم تشتري قشر كيلو الموز ، أتأخذه بمئة ليرة ، أعوذ بالله ، لن تأخذه ولو بقرش ، أما كيلو الموز فثمنه مئة ليرة ، وفيه اللبُّ ، واللبُّ مغذٍ ، والإنسان من دون عقل ثمرة من دون لب ، والعقل يقتضي أن تُعمله في الكون كي تعرفه ، إن أعملت عقلك في الأمر والنهي فمن أجل أن تعبده ، وإن أعملت عقلك في الكون فمن أجل أن تعرفه ، فأنت تعرف الله بالكون ، وتعبده بالكتاب والسنة ، فمعرفة الكتاب والسنة من دون معرفة الله نقص كبير ، ومعرفة الله عز وجل من دون أن تعرف أمره نقص كبير ، فلابد من التناسق بين معرفة الله ومعرفة أمره .
لذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول بصدد هذه الآية : الويل لمن لم يفكر بهذه الآية ، كان كلما استيقظ في الليل يتلو هذه الآية ، وكأن الإنسان مكلف أن يجول فكره في خلق السموات والأرض حتى يعرفه ، فإذا عرفه عَبَدَه من خلال الكتاب والسنة .
فالإنسان لا يمر على الآيات مرورًا سريعًا ، فكأس الماء الذي تشربه و، كأس الحليب الذي تشربه ، ورغيف الخبز الذي تأكله ، وهذه الفاكهة التي تأكلها ، وهذه الأمطار التي تهطل ، وهذه البحار التي تزخر بما فيها من أسماك ، ولآلئ ومرجان ، هذه كلها بين يديك من أجل أن تعرفه ، وكلما ازدادت معرفتك بالله عز وجل ازدادت خشيتك له.
" إنما يخشى الله من عباده العلماء "
(سورة فاطر : 28)
و(إنما) تفيد القصر ، أي أن العلماء وحدهم ، ولا أحد سواهم يخشى الله عز وجل .
فتبدُّل الليل والنهار ، وتعاقبهما ، والصيف وما فيه من خصائص ، والربيع ، والشتاء ، والخريف ، هذه الأرض بدورانها حول الشمس ، ولا تنسوا هذا الرقم البسيط ، نحن خلال هذا الدرس كم قطعنا من مسافةٍ حول الشمس ؟ ثمانية عشر ألف كيلو متر ، الآن مرَّت بنا عشر دقائق ، فقطعنا ثمانية عشر ألف كيلو متر في مسيرنا حول الشمس .
فكم هي عظمة هذا الكون ؟ والمؤمن كما قلت قبل أيام ، بالكون والنظر في عظمته يعبُر المؤمن إلى المكوِّن ، ومن النظام للمنظم ، ومن التسيير للمسيِّر، ومن الخلق للخالق ، ومن التربية للمربي ، ومن التصوير للمصور، فما لم تعبر من هذه الحقيقة الكبرى إلى حقيقةٍ أكبر فأنت لا تعرفه .
الغربيون وقفوا عند الكون ، أما المسلمون فتجاوزوه إلى المكوِّن ، والمؤمن ينتقل من النعمة إلى المنعِم .
والحمد لله رب العالمين.
تفسير القرآن الكريم
لفضيلة الدكتور العلامة محمد راتب النابلسي