مشاهدة النسخة كاملة : " لا (خالد بن الوليد ) ولا (صلاح الدين) ينفعنا !!! "
" لا (خالد بن الوليد ) ولا (صلاح الدين) ينفعنا !!! "
http://www.awda-dawa.com/photos/palassstinn.jpg
ظل العالم الإسلامي بأسره مئات الأعوام وهو متجانسٌ متماسك، يشد بعضه أزر بعض، ويأرِز إلى عقيدته الجامعة كلما هدد كيانه خطر، أو أدلهم عليه خطبٌ.
منذ فقدان الأندلس، ومن ثَم ضعف وسقوط الخلافة العثمانية أخذت أرض الإسلام تنتقص من أطرافها، ففُقِدت أقطار وأمم، وانتهكت محارم ومقدساتها، ودارت رحى الحرب على المسلمين، وتداعت عليهم الأمم والشعوب،
وصدق صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنت يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)) [أخرجه أحمد وأبو داود].
الوهن هو سر الضعف الأصيل حين يعيش الناس عبيداً لدنياهمـ عشاقاً لأوضاعهم الرتيبة، تحركهم الشهوات وتموج بهم وتسيرهم الرغائب المادية،
إنه الوهن حين يكره المسلمون الموت، ويؤثرون حياة ذليلة على موت كريم، ويؤثرون حياة يموتون معها كل يوم موتات، على موت يحيون بعده حياة عزيزة سرمدية،
جبن في النفوس والقلوب، وانفعالية في الإرادة والتصرفات، وغرامٌ بالمتع الرخيصة في أدق الساعات وأحلك الأيام، وافتتان بالملاهي والرياضة والمعازف،
وجبن عن المغامرة والإقدام، وشرع الحكم الإسلامي بالتراجع ومرتكزاته العلمية بالتداعي،
فحلت البدع محل الإبداع، والتقليد محل التجديد، وزاحمت ظلمات الخرافة بدور التوحيد، وقامت رايات القومية العربية أو الاشتراكية أو الناصرية أو البعثية،
تلكم باختصار إخوتي وصف لحال أمتنا العربية الإسلامية التي تبلّد حسّها بالرغم من كثرة مصائبها التي طالت شعوبها وأراضيها، بل وحتى مقدساتها، وتغيّب الأمة عن قضاياها لتفقد الخلق والإرادة، وتباع الأمة وحقها بمنافع شخصية سلطوية، وتزعزع روح التدين والأخلاق، فكيف كانت النتيجة؟
لقد أصبحت الشعوب العربية والإسلامية غثاءً وركاماً لا يملكون حولاً ولا طولاً ولا قوة في مواجهة أعدائه، هذا إن عرف عدوّه حق المعرفة،
ترى ما أسباب تبلد الشعور العربي، أحداث مأساوية، ودماء وأشلاء، أطفال تقتل في مهدها، ونساءٌ تنتهك حرماتها، وبيوت تهدم ليلاً فوق أهلها، أشجار الزيتون تقتلع من أرضها،
بل أعظم من كل ذلك مقدسات على وشك الهدم بل دُنست، وأما سبيل المقاومة أمام المدرعة والدبابة والجند المدججين فهو الحجر، نعم لم يملك المسلمون سوى الحجر،
من مسلمة فلسطينية إلى أمة خير البرية
أنا لا أريد طعامكم وشرابكم ***فدمي هنا يامسلمون يراق
قدسي تهود أين شيمتكم *** أما فيكم أبي قلبه خفاق
إنها فلسطين حيث صور الدمار والدماء والجثث التي لا تملك وأنت تطالعها أو تسمع عنها إلا أن تتساءل ترى أين غابت نخوة المسلمين؟! أو نخوة العرب؟! أين غابت الثروات؟! هل تبلد الشعور في نفوسنا؟! ترى هل أمتنا غير تلك الأمة التي نطالع مجدها ونقرأ تاريخها الحامل بالانتصارات؟! إنها أسئلة بلا إجابة.
أمتـي هل لـك بين الأمـم ***منبـرٌ للسـيف أو للقلـم.
كيف أغضيت على الذل ***ولم تنفضـي عنك غبار التهم.
رب وامعتصمـاه انطـلقت ***ملـئ أفواه الصبايـا اليتم.
لامسـت أسـماعهـم لكنها ***لم تلامس نخوة المعتصم.
أمتـي كـم صـنم مجدتـه*** لم يكن يعرف طهر الصنم.
لا يُلام الذئب فـي عدوانـه*** إن يك الراعـي عدو الغنم.
نكبة النكبات
إنها نكبة النكبات، إنها فلسطين في زمن التخاذلات، فلسطين، التي يدمى جرحها كل يوم
فماذا فعلنا لها، ماذا قدمنا من تضحيات؟ وماذا فعلنا وحققنا بالتنازلات ؟ حتى عواطفنا تجاه إخواننا هناك ما لبثت أن انكمشت كنار سعفةٍ شبت ثم انطفأت،
بضع وخمسون سنة من تاريخ صراعنا مع اليهود مع نكبة فلسطين،
بضع وخمسون سنة وفلسطين ومقدساتها تحت نير احتلال الصهاينة اليهود،
بضع وخمسون سنة وأمتنا العربية من نكبة إلى نكسة إلى تشرذم إلى خلافات،
بضع وخمسون سنة وأمتنا الإسلامية تنهش من أطرافها وأوساطها ويستغيث بنا المسلمون ولا مجيب.
بضع وخمسون سنة وإعلامنا العربي منشغل عن قضاياه المصيرية بالفن والرياضة ومسلسلات العهر والفجور، والاستهزاء بمسلمات ديننا الإسلامي،
بضع وخمسون سنة وكل راية رفعت إلا راية الإسلام والجهاد في سبيل الله، بضع وخمسون سنة وأبناء فلسطين في رباط دائم،
بضع وخمسون عاماً وبلدٌ إسلامي في الأرض المباركة [فلسطين] يعيش آلاماً وجراحاً، يعيش نكبات لم ينكب مثلها المسلمون منذ قرون، يعيش طرداً وحشياً لشعب آمن في أرضه وعمرانه، يعيش جريمة دولية تسمح لعصابات يهود أن تمارس القتل والتشريد بلا تمييز،
بضع وخمسون سنة تعرت فيها الفدائيات المهترئة والمنظمات المتخاذلة وانكشفت فيها أكذوبة السلام وخداع أوسلو ومدريد، وكل اللقاءات والمؤتمرات واللجان والمبعوثين ورعاة السلام المزعومين،
بضع وخمسون عاماً والحكاية ما تزال في بدايتها، غربٌ متآمر جوارٌ متخاذل، وأموال تتدفق على المعتدي الصهيوني.
بضع وخمسون عاماً والبرابرة اليهود مع الخونة، والمتخاذلين من أعوانهم ينفذون نكبات جديدة من دير ياسين إلى دير البلح، وكفر قاسم وإحراق المسجد الأقصى ومذبحة صبرا وشاتيلا إنه حاضرٌ يرتد إلى الماضي فكيف بدأت القصة؟!
قصة النكبة
كان عدد اليهود في بدايته قليلاً وكان مشروعهم صغيراً، بإمكان المسلمين حينذاك القضاء عليه في مهده لو انتبهوا له وما انشغلوا عنه، لكن المشروع توسّع
ولعله من قدر الله جل وعلا أن يضع هذه المنطقة في أتون الصراع لتجاهد في سبيل الله وتخرج العدو من الأراضي المباركة،
لقد استنجد أهل فلسطين في بدايات صراعهم مع اليهود بإخوانهم العرب والمسلمين وقامت التجارب الجهادية لأمة لا زال فيها عرق ينبض ورجال لا يقبلون الضيم،
واشترك علماء وشباب ضحوا بأنفسهم في سبيل الله لمقاومة دولة يهودية، ودفاعاً عن المقدسات لكنها أُجهضت وحوربت من القريب قبل البعيد، وكان مسلمو فلسطين يصرخون
وضعفت المقاومة تجاه اليهود بل أصبحت الشعوب العربية ممنوعة حتى من الهتاف ضد إسرائيل، وتقمع لذلك. ذلكم هو تاريخ القضية التي ما زالت تتنقل من نكبةٍ إلى نكبة
عباس وراء المتراس
يقظ منتبه حساس
منذ سنين الفتح يلمع سيفه
ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه
بلع السارق ضفة
قلب عباس القرطاس
ضرب الأخماس بأسداس
بقيت ضفة
لملم عباس ذخيرته والمتراس
ومضى يصقل سيفه
عبر اللص إليه، وحل ببيته
أصبح ضيفه
قدم عباس له القهوة،ومضى يصقل سيفه
صرخت زوجة عباس" :أبناؤك قتلى، عباس
ضيفك راودني،عباس
قم أنقذني يا عباس"
عباس - اليقظ الحساس - منتبه لم يسمع شيئا
زوجته تغتاب الناس
صرخت زوجته " :عباس، الضيف سيسرق نعجتنا"
قلب عباس القرطاس، ضرب الأخماس بأسداس
أرسل برقية تهديد
فلمن تصقل سيفك يا عباس؟
لوقت الشدة
إذن، اصقل سيفك ياعباس!!
http://www14.0zz0.com/2010/01/01/12/386750190.jpg
حيوا رئيسنا .,.
يا شعبي حيوه.,.
وبالحذاء ارجموه (,",)
إنها دعوة للتأمل ودراسة الحال بحثاً عن العلاج
فإن المتأمل في مسيرة هذا الصراع تصدمه حقائق كبيرة يراد تصغيرها، ومعالم خطيرة يراد تحقيرها،
منها أن الكيان الصهيوني الذي جعل الدين ركيزته ينطلق منها سياسته، ظل يتنقل خلال مراحل الصراع من إنجازٍ إلى إنجازٍ ومن قوةٍ وانتشار، إلى مزيد من القوة والانتشار،
في الوقت الذي ظلت فيه أكثر الكيانات العلمانية التي تصدرت للمعركة تتخبط في سيرها متنقلة من فشلٍ إلى فشل، ومن تنازل وخسارة إلى مزيد من التنازل والخسارة.
إن اليهود رفعوا منذ بدأت معركتهم رايةً واحدة هي راية التوراة،
واندفعوا وراء غاية واحدة، هي أرض الميعاد، فأسموا دولتهم باسم نبي هو يعقوب عليه السلام أو [إسرائيل]،
وجعلوا دستور دولتهم التوراة،
وخاضوا معاركهم خلف الأحبار والحاخامات،
وجعلوا لدولتهم بكل توجهاتها شعاراً واحداً هو نجمة داود وقبلتهم هيكل سليمان الذي يريدون بناءه مكان المسجد الأقصى كما يزعمون،
إنها بضع وخمسون عاماً على قيام دولة يهودية أثبتت كل الشواهد خلالها الفشل الذريع، والهزائم المنكرة، والتراجع المذهل للاتجاه العلماني
بأثوابه المتعددة من اشتراكيةٍ وقومية وتقدمية أو بعثية أو رافضية،
إنّ الذي هُزم وتراجع أمام اليهودية ليس هو الإسلام، بل مسميات أخرى بعيدة عنه مشوّهة له،
والذي ألقى السلاح وطلب الاستسلام ليس هو الإسلام بل العلمانية، الإسلام الذي لم يمكّن حتى الآن من التصدي لتلك المعركة العقائدية مع اليهود.
قالوا : فهل لك قدوة تمشي علــى***آثارها من عالم أو قـــــاري.
قلت : النبي محمد وصحابــــه***بجهادهم سادوا على الأمصـــار.
أنا قدوتي ابن الوليد ومصعـــب***وابن الزبير وسائر الأنصــــار.
قالوا : فدربك بالمكاره موحــشٌ***فعلام تبغي العيش في الأخطــار.
قلت : المكاره وصف درب جنانـنا***أماالنعيم فوصف درب النـــار.
مواجهتهم بالإسلام
إننا لا نستطيع مواجهتهم إلا بالإسلام، وبالإسلام وحده ننتصر بإذن الله، وبالإسلام يتصحّح الخلل وتستمد أسباب النصر، ومقومات الصمود،
فليس الصراع مع اليهود صراعاً موسمياً، بل بدأ صراعنا معهم مذ نبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وجاهر بها أسلافهم بعد ذلك من بني قريظة وقينقاع وبني النضير وعبد الله بن سبأ وميمون بن ديصان القداح.
رباه بعناك النفوس بجنة***فاسكب إلهي في الجهاد دمائيه.
فلقدأحاطتني الذنوب وما لها***إلا الشهادة كي تكفر ما بيه.
رباه رباه الشهادةأبتغي***فأجب بفضلك ياكريم دعائيه.
إن قضية فلسطين قضية إسلامية بالدرجة الأولى، وإن الصراع سيستمر، وهو صراع بين الإسلام والتحالف الغربي الصهيوني،
ويجب أن يعلم المسلمون ألا ثقة بوعود الغرب وأمريكا راعية السلام المزعومة، وأنه من السذاجة وهزال الرؤية أن نستجدي الغرب ليساعدنا عند اليهود أو يوقفهم عن ارتكاب المجازر في حق شعب يعتبرونه [همجياً أو إرهابياً]
وإن نكبة مثل فلسطين لا تسترد بالحلول السهلة أو بالمؤتمرات والخبط فقط أو بالجلوس مع يهود في مفاوضات سلامٍ لا تبحث إلا عن رضاء يهود ومصالح يهود، وإن البحث عن حل لهذا الواقع المتردّي هو أول الوسائل للنصر.
لقد تبين لكل ذي لب أن النزاع مع هؤلاء الصهاينة نزاع هوية ومصير، وعقيدة ودين، وإن حقوق الأمة لن تنال بمثل هذا الخور، لقد أوضحت الانتفاضة كما أوضحت أفغانستان والبوسنة والشيشان، أن الجهاد في سبيل الله هو السبيل الأقوم والطريق الأمثل لأخذ الحق والاعتراف به، وأيقن المسلمون أن راية الدين إذا ارتفعت تصاغرت أمامها كل راية.
تعدو الذئاب على مَن لا كِلاب له ***ويتّـقين صولة المستأسد الضاري.
إن حقاً على أهل الإسلام أن تربيهم التجارب والوقائع، وتصقلهم الابتلاءات والمحن،
وإن بلوى نكبة فلسطين وتكرار ذكرها ينبغي أن يكون دافعاً لنا لا محبطاً محركاً للجهود لا جالباً لليأس من عدم النصر فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
ومن الابتلاء ما جلب عزاً، وخلّد ذكراً، وكتب أجراً، وحفظ حقاً، كيف تحلوا الحياة لمن يضيّع دياره،
وإذا ضاع الحِمى فهل بعد ذلك من خسارة؟! ولتعلموا أن الكفاح في طريق مملوء بالعقبات الكئود عند أصحاب الحق والكرامة والصرامة ألذ وأجمل من القعود والتخلف من أجل راحة ذليلة وحياة حقيرة، لا تليق بهمم الرجال،
وإن صاحب الحق لابد له من المدافعة عن حقه وتهيئة كل أسباب القوة لانتزاع حقه من أيدي الغاصبين، والانتصار لا يتحقق للضعفاء فلا حل إلا بالجهاد ولابد من الإعداد،
وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُم مّن قُوَّةٍ وَمِن رّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ[الأنفال:60].
. إذا الحـرب شـبت نـارها بالصـوارم ***وشـر سـلاح المـرء دمـع يـفـيـضـه
اعلموا أن الشدائد والنوازل التي أصيب بها المسلمون خلال بضع وخمسين عاماً بل أكثر في فلسطين تستجيش مكنون القوى وكوامن الطاقات،
وعندما تدلهم الخطوب والأحداث يتميز الغبش من الصفاء، والهلع من الصبر، والثقة من القنوط،
وإن التساؤلات التي تفرض نفسها في حال فلسطين ونكبتها لتبين لنا كيف جبنت الهمم، وضعفت العزائم، وخارت القوى عن تقديم أبسط وسائل النصرة لشعب فلسطين الذي يقصف صباح مساء على أيدي الصهاينة اليهود،
والعرب لا يتكلمون بل علّقوا آمالهم على سلام مهترئ يسمى زوراً وبهتاناً سلام الشجعان، ، فأي سلام هذا الذي يهدم البيوت ويزرع المستوطنات، ويشرد من الديار ويحاصر الشعوب، ويقتل الآلاف وينتهك المقدسات،
سلامٌ يلغي الكرامة ويولي مجرمي الحرب رؤساء ومفاوضين، إنها صورٌ مأساوية للبغي على شعب فلسطين يراها العالم بكل فئاته فلا يحرك ساكناً،
حتى الحس العربي تبلّد فما أصبح له أثر، "محمد الدرة" "أمل الخطيب" وغيرهم في فلسطين هل تعلمون من هم؟ إنهم الإرهابيون المتوحشون كما يزعم شارون حين يقصفهم وجنوده في منازلهم وفي طرقاتهم وعلى أسرتهم بدعوى مقاومة الإرهاب، وإنما هم أطفال لم يحركوا ساكناً، والعالم صامت..!
كُثُرٌ لكنْ عديدٌ لا اعتدادَ بِهِ *** جمعٌ لكنْ بديدٌ غيرُ متَّسِقِ .
خَبِّرُونِي أين حِسِّكُمُ ** * لأزْيَدِ الوَخْزِ بالإبرِ.
إيمان حجو
ذات الأربعة أشهر يقصفها اليهود بقذيفة تشق صدرها بدعوى مقاومة الإرهاب في فلسطين بأي ذنب قتلت.
وهي بطفولتها البريئة في مهد جنازتها إنما ترينا جبننا وخورنا عن نصرة قضية فلسطين ونحن صامتون، إنها أسماء أطفال لم تحارب، حتى الحجر لم تقذفه بل ماتت بالسلاح الصهيوني الذي لا زال حتى الآن يهدم البيوت ويقصف الآمنين ونحن عابثون لا هون عن نصرتهم.
إن الله سائلنا ولا شك عما قدمناه من نصرة لهؤلاء الضعفاء الذين خذلهم القريب قبل البعيد، أين أبسط أدوار المناصرة التي نقدمها إلى فلسطين؟!
إنه ليس من عذرٍ لأحد اليوم يرى مقدساته تنتهك، ويرى أطفالاً أبرياء يقتلون في أسرتهم، ويهود متسلطون، ثم لا يدعم إخوانه هناك، ولا يتأثر لمصابهم، بل قد يتلهى عنهم بالنزهات والأباطيل
فأين أخوة الإسلام؟! بل أين نخوة عرب مصر وعدنان؟ ألم ترووا جنائز الشهداء؟ وتسمعوا بكاء النساء؟ إنه لا عذر لأحد اليومّّ، إنه لا عذر لأحد اليوم.
وفي المحيا سؤال حـائر قلـق*** أين الفـداء وأين الحب في الديـن.
أين الرجولة والأحداث داميـة*** أين الفتـوح على أيدي الميـامين.
ألا نفوس إلى العليـاء نافـرة*** تواقـة لجنـان الحـور والعيـن.
يا غيرتي أين أنت أين معذرتي*** ما بال صوت المآسي ليس تشجيني.
إن أبسط أدوار المناصرة هي الدعاء و الدعم بالمال للمسلمين في فلسطين،
كذلك الشعور الدائم بالقضية عبر مقاطعة بضائع اليهود والنصارى التي تحمس لها المسلمون زمناً ثم تغافلوا عنها بالرغم من أثرها الكبير عليهم، ومع ذلك فقد نسيتها أكثر المسلمين،
إن أشد ما يواجهه إخواننا في فلسطين من قصف وقتل هو هذه الأيام فهم أشد ما يكونون حاجة إلى نصرة إخوانهم، حتى الدعاء في القنوت بخل به بعض الأئمة في مساجدهم، وتثاقله بعض الناس من المصلين،
فأين الشعور بالجسد الواحد؟ لقد طالعت قبل قليل بعض صور الدماء والقتلى فلم يستثنوا أحداً، لا طفلاً ولا امرأة ولا عجوزاً، ولا بيتاً، إنها صور مؤثرة تبكي، وعجز الإنسان عن النصرة يقتل أكثر من هذه الصور التي يناشدوننا فيها بالنصرة ولا من مجيب
إذا البغي يوماً طغى وانتشر*** فلابـد من قذفـه بالحجـر.
ولابـد للظلـم أن ينجلـي*** ولابـد للقهـر أن ينـدحـر.
أيرضـيك يا مبعث الأنبياء*** ومسرى الرسول الرحيم الأبر.
نطأطئ ذلاً من الظـالمين*** فمن ذلنـا لا نطـيق النظـر.
يعيـث اليهـود بأقـدارنا ***ومن يغـدرون عـدو أشـر.
طلب النصر من الأموات؟؟!!!
عجزنا عن الأحياء فرجعنا ننادي الأموات، يريد من خالد أن يقوم ليأجره سيفه المسلول الذي انتصر في المعارك الإسلامية. لماذا ؟ لأن أسيافنا قد أصبحت خشبا
المهم صلاح الدين، وخالد وغير خالد والأموات كلهم لا ينفعون الإنسان شيء، ولا يغنون عنه من الله شيء، ولا يجوز للإنسان أن يدعوهم أو يناديهم. هذه صورة تدلك على عدم شعورنا بالمسؤولية اتجاه هذه الأعمال.
مواكبُ الله سارَتْ لا يُزَعْزِعُهَا *** عاتٍ منَ البحرِ أو عالٍ من الأطم.
لا يهتفونَ لمخلوقٍ فقدْ علمُوا*** أنَّ الخلائقَ والدنيا إلَى العَدَمِ.
بلادة الحس مرة ثانية
لمّا دخل الصليبيون بلاد المسلمين، و عاثوا في الأرض فساداً من نهب و قتل، و قتلوا في بيت المقدس سبعين ألفاً في الحملات الصليبية الماضية،
و ذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى بغداد مستغيثين بالسلطان، منهم القاضي أبو السعد الهروي، لمّا سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك و تباكوا،
و نظم أبو سعد الهروي كلاماً قُرئ في الديوان و على المنابر فارتفع بكاء الناس،
و ندب الخليفة الفقهاء للخروج إلى البلاد ليحرضوا الناس على الجهاد، و منهم ابن عقيل خرج مع الفقهاء فساروا في الناس -الرواية تقول- فلم يفد شيئاً، (همم ساقطة، نفوس مغلقة)، قال: فساروا في الناس و لم يفد شيئاً، فإن لله و إنا إليه راجعون.
و يروي ابن تغري بردي أن قائلاً قال يستنهض الهمم و يصف الحال:
أحـل الـكـفـر بـالإسـلام ضـيـمـاً ***يـطـول علـيـه للدين النحـيبُ.
فــحــقٌ ضــائــعٌ و حــماٌ مــبــاحٌ*** و سـيـفٌ قـاطـعٌ و دمٌ صـبيبُ.
و كم من مسلمٍ أمسى سليباً*** و مسـلمـةٍ لـها حـرمٌ سـليبُ.
أمـــورٌ لــو تــأمــلــهـــن طــفــلٌ*** لطفّل في عوارضه المـشيبُ.
أتسـبى المسـلمات بـكـل ثـغـر*** و عيش المسلمين إذاً يطيب.
أما للـه والإسـلام حــق *** يدافع عنه شبان وشـيـب.
فـقل لذوي الـبصـائـر حيث كانوا*** أجـيـبـوا الله ويـحكـم أجـيـبـوا.
و يضيف ذلك المؤرخ المسلم أن شعراء و خطباء استمروا يستثيرون الهمم و لكن دون نتيجة، ثم علق على ذلك بقوله:
و المقصود أن القاضي و رفقته عادوا من بغداد إلى الشام بغير نجدة و لا حول و لا قوة إلا بالله.
و تُقدم لنا المصادر الإسلامية صوراً أقبح من تقاعس بعض أولئك الذين تولّوا مقاليد الأمور في تلك الفترة أمام الفظائع التي ارتكبها غزاة الصليبين في السواحل الشامية في القدس و غيرها،
و قد جمع أحد الوفود المستنجدة كيساً كبيراً (أنظر إلى أي درجة وصل تبلد الإحساس، مصيبة عظيمة) أحد الوفود المستنجدة من المسلمين جمع كيساً كبيراً مليئاً بقحف الجماجم (جماجم المسلمين جمعها و التقطها و وضعها في كيس) و شعور النساء و الأطفال، و نثروها بين أيدي بعض أولئك الرؤساء،
فكان جواب السلطان لوزيره: دعني، أنا في شيء أهم من هذا، حمامتي البلقاء لي ثلاثة أيام لم أرها. !!!
و قد كان يلهو بالحمام مولعاً به، و كان ذلك شائعاً بين الناس(مباريات)
من معانى النصر الغائبة
من معتقد أهل السنة والجماعة في معاني أسماء الله وصفاته أن الله لا يُخذل من توجّه إليه بصدق وتوكل واعتمد عليه .
فإنه لم يحصل في تاريخ البشرية منذ أن خلق الله هذه الأرض أن نبياً من الأنبياء أو عالماً أو داعيةً أو مجاهداً أو مجتمعاً أو دولةً أو غيرهم توكلوا على الله وصدقوا الله واعتمدوا على الله وتركوا جميع الناس من أجل الله ثم خذلهم الله ،
هذا لا يعرف في التاريخ أبداً ، بل من فهمنا لمعاني أسماء الله وصفاته أن كل من توكل على الله واعتمد عليه وترك من سواه من الخلق فإن الله لا يخذله بل سينصره
كما قال سبحانه : (وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) . فإن هذا من معاني أسمائه وصفاته .
فالله عز وجل بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلا كتب النصر والغلبة لأهل الحق من أوليائه الصالحين والمصلحين وكتب المهانة والذلة على أعدائه من الكافرين والمنافقين وهذه سنة لا تتخلف إلاّ إذا تخلفت أسبابها
(فَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَحْوِيلاً) .
للنصر صور عديدة
ليس النصر محصوراً في انتصار المعارك فحسب بل قد يقتل النبيّ أو يطرد العالم أو يسجن الداعية أو يموت المجاهد أو تسقط الدولة والمؤمنون منهم من يسام العذاب ومنهم من يلقى في الأخدود ومنهم من يَستشهد ومنهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد
ومع ذلك يكون كل هؤلاء قد انتصروا بل وحققوا نصراً مؤزراً وتحقق فيهم قول الله تعالى (وَكَانَ حَقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) . ومن قَصَرَ معنى النصر على صورة واحدة وهي الانتصار في المعارك فحسب لم يدرك معنى النصر في الإسلام
- 1 انتصار العقيدةوالإيمان
وهو أن يثبت المؤمنون على إيمانهم وأن يضحوا بأبدانهم حماية لأديانهم وأن يؤثروا أن تخرج أرواحهم ولا يخرج الإيمان من قلوبهم فهذا نصر للعقيدة وانتصار للإيمان .
فنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا عن الدعوة إليها أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة ؟
وما من شك في منطق العقيدة أنه كان في قمة النصر وهو يلقى في النار مع أن الذين ألقوه في النار يرون أنفسهم أنهم قد هزموه ،
كما أنه انتصر مرة أخرى وهو ينجو من النار . هذه صورة وتلك صورة وهما في الظاهر بعيد من بعيد فأما في الحقيقة فهما قريب من قريب !
وهذا خبر الغلام في قصة أصحاب الأخدود حين عجز الملك عن قتله فقال له :
إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به !!!
وانظر إلى عزة الإسلام وهو يقول للملك "ما آمرك به"
قال : ما هو ؟ قال : تجمعُ الناس في صعيد واحد وتصلُبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : باسم اللهِ ربِّ الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني،
فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس
ثم قال : باسم الله ربِّ الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدغه، فوضع يده في صُدغه في موضع السهم فمات .
فقال الناس : آمنا بربِّ الغلام، آمنا بربِّ الغلام، فأُتي الملك فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك قد آمن الناس .
فانظروا كيف ضحى هذا الغلام بحياته
من أجل الدعوة، وهذا ما يجب على الدعاة إلى الله عز وجل أن لا يبخلوا بشيء في سبيل نشر دعوتهم، ولو أنفقوا حياتهم ثمناً لإيمان الناس،
فقد مضى الغلام إلى ربه، إلى رحمته وجنته وآمن الناس بدعوته، عند ذلك أمر الملك بحفر الأخاديد في أفواه السكك وأضرم فيها النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق، وسجل الله عز وجل لنا في كتابه الخالد خاتمة القصة، وعاقبة الفريقين في الآخرة
فقال عز وجل (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) .
في النظرة القريبة قد يُظن أن هؤلاء قد انهزموا لكنهم في الحقيقة أنهم انتصروا وأيّ انتصار وإن كانت نهايتهم الحرق بالنار .
ما جفت الأرض من دماء الشهداء في عصر من العصور ولا خلت الأرض من مخلص يقدم للأمة نموذجاً فيموت هو وينتشر الخير بعده بسببه
فهذا صاحب الظلال رحمه الله كان قتله انتصاراً لمنهجه الذي عاش من أجله ومات في سبيله بذل حياته كلها من أجل أن يبين في وقته أن الحكم من أمور العقيدة والتحاكم إلى غير شرع الله والحكم بغير حكمه كفر بالله عز وجل (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)
وقال تعالى : (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وبعد أن حكم عليه بالإعدام وقبل أن ينفذ فيه الحكم الظالم كتب هذه الأبيات وكتب الله عز وجل لها الحياة وخرجت من وراء القضبان تقول للعالم .
أخي أنت حر وراء السدود ***أخي أنت حر بتـلك القيـود .
إذا كنت بالله مستعصــما*** فماذا يضيرك كيـد العبـيد.
أخي ستبيد جيوش الظـلام ***ويشرق في الكون فجر جديد .
أخي إن مت نلق أحبابــنا*** فروضات ربي أعـدت لـنا .
وأطيارها رفـرفت حـولنا ***فطوبى لنا في ديار الخلـود.
أخي إن ذرفت عليّ الدموع ***وبللت قبري بها في خشـوع.
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ***وسيروا بها نحو مجد تلــيد.
فرحمة الله على صاحب الظلال قال عنه أحد الشيوعيين وهو في سجنه : أتمنى أن أقتل كما قتل وينشر مبدئي وكتبي كما انتشرت كتبه .
نعم لقد وجدنا مطابع النصارى في لبنان تسارع إلى طباعة ونشر كتبه بعدما قتل من أجلها ،
وهذا ما قصده رحمه الله عندما قال : إن كلماتَنا وأقوالَنا تظل جثثاً هامدة حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بدمائنا عاشت وانتفضت بين الأحياء .
إنه نصر وأيّ نصر ،
وكم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام كما نصرها باستشهاده ويظن أعداؤه أنهم قد انتصروا عليه ، وما كان يملك أن يودع القلوب من المعاني الكبيرة ويحفز الألوف إلى الأعمال الكبيرة بخطبة مثل خطبته الأخيرة التي كتبها بدمه ، فتبقى حافزاً ومحركاً للأبناء والأحفاد وربما كانت حافزاً ومحركاً لخطى التاريخ كله مدى أجيال .
-2وهو أن يحمي الله عز وجل عبادهالمؤمنين من كيد الكافرين
وهل سمعتم عن يوم الرجيع ؟ هل تعرفون عاصم بن ثابت رضي الله عنه ؟ بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عيناً وأمّر عليهم عاصم بن ثابت فانطلقوا
حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذُكروا لحيّ من هذيل يقال لهم : بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رامٍ، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منـزلا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة،
فقالوا : هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتُهي إلى عاصم وأصحابه لجأوا إلى مكان مرتفع وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا لا نقتل منكم رجلا .
فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنّا نبيك،
فقاتَلوهم حتى قَتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه،
وكان عاصم قد قتل عظيماً من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء . وكان عاصم بن ثابت قد عاهد الله أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركاً أبدا،
فكان عمر يقول : لما بلغه خبره، يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما حفظه في حياته.
فكان عاصم رضي الله عنه مدافعاً أول النهار عن دين الله،
ودافع الله عز وجل عن جسده آخر النهار، فلم يمسه مشرك .
فإن قال قائل : لماذا لم يمنعهم الله عز وجل من قتله كما منعهم من الوصول إلى جسده بعد قتله ؟
فالجواب : أن الله عز وجل يحب أن يرى صدق الصادقين ويحب أن يرى عباده المؤمنين وهم يبذلون أنفسهم لله عز وجل فيبوؤهم منازل الكرامة، ويزيدُهم من فضله، فالله عز وجل أراد أن يشرّفه بدرجة الشهادة فلم يمنعهم من قتله ثم حمى الله عز وجل جسده من أن يمسه مشرك . فهذه صورة من صور النصر ولو انتهت بموت وقتل صاحبه .
- 3 وهو نصر الحجة
كما قال تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)
والرفع هو الانتصار ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" .
فهذا الظهور أدناه أنه ظهور حجة وبيان، وقد يكون معه ظهور دولة وسلطان .
هذه أنواع من النصر كلها تدخل في وعد الله سبحانه وتعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ولكن النصر الذي بشرنا الله عز وجل به، وبشرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم هو النصر الأول وهو نصر التمكين والظهور
قال الله تعالى(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل به الكفر"
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زُوي لي منها".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أوالشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود"
ونحن بانتظار الشمس أن تشرق وهذا الليل أن ينجلي وذلكم الصبح أن يتنفس ..
صبح تنفس بالضياء وأشرقــا*** وهذه الصحوة الكبرى تهز البيرقا .
وشبيبة الإسلام هذا فيلـــق ***فى ساحة الأمجاد يتبع فيلقـــا.
و قوافل الإيمان تتخـذ المـدى ضرباً*** و تصنع للمحيط الزورقـا.
وما أمر هذي الصحوة الكبـرى*** سوى وعد من الله الجليل تحققـا.
هـي نخلة طاب الثرى فنمــى لها ***جذع طويل فى التراب وأعذقا.
هي في رياض قلوبنا زيتونــة*** فى جذعها غصن الكرامة أورقـا .
فجر تدفق من سيحبِس نوره ؟!*** أرني يداً سدت علينا المشـرقـا .
إن الثقة بنصر الله ، وعونه ووعده الحق لمن جاهد في سبيله ، هي زاد الطريق ، ومفتاح الأمل ، ونور الأجيال الإسلامية التي تبصر بها آفاق الرحلة
وتبقى لحظة النصر وبشارة التمكين حية شاخصة في رؤى المجاهدين ومشاعرهم وإن من فقد هذه الثقة بالله ونصره ، فقد خسر خسراناً مبيناً ، ومن تشكك فيها لحظة ، فقد تأخر عليه النصر على قدرها
قال تعالى:(مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آياتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيد) .
من كان يشك في نصر الله لأوليائه فليقرأ قول الله تعالى :
(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)
من كان يشك في نصر الله لأوليائه فليقرأ قوله سبحانه
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنْ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)
إن نصر الله جل وعز متحقق لمن يستحقونه
الذين يثبتون حتى النهاية على البأساء والضراء ،
الذين يصمدون للزلزلة الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة ،
الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر الله ،
وعندما يشاء الله ،
وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها فهم يتطلعون فحسب إلى نصر الله لا إلى أي حل آخر
ومع ذلك فإن من سنن الله تعالى أن النصر قد يتأخر ولو كان أهله مسلمون وأعدائهم كفار
وذلك لأسباب :
1- منها : أن البنية للأمة لم تنضج بعد ولم يتم بعد تمامها ولم تُحشد بعد طاقاتها ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات فلو نالت النصر حينئذٍ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلا .
لأن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه وضياعه لأنه رخيص الثمن لم تُبذل فيه تضحيات عزيزة .
2- ومن الأسباب أيضاً : أنه قد يتأخر النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله وهي تعاني وتتألم وتتأذى وتبذل ولا تجد لها سنداً إلا الله ولا ملجأً إلا إليه ،
وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على المنهج الصحيح بعد النصر عندما يتأذن به الله ، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها الله به .
3- وقد يتأخر النصر أيضاً : لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته
فهي تقاتل لمغنم تحققه أو حمية لذاتها أو شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى مكانه فأيها في سبيل الله ؟ فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله
4- وقد يتأخر النصر أيضاً : لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً
فلو غلبه المؤمنون حينئذٍ فقد يجد الباطل له أنصاراً من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة فيشاء الله أن يبقى الباطل مدة من الزمن حتى يتكشف عارياً للناس وإذا ما ذهب فإنه يذهب غير مأسوف عليه .
من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله ولا نعلمه نحن قد يتأخر نصر الله فتتضاعف التضحيات وتتضاعف الآلام وتتضاعف معها الأجور
وفي كل ذلك خير مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ )
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024, TranZ by Almuhajir
diamond