المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا عين فلتذرفى دمعا ...


فلسطين
27-12-2009, 16:09
لي أصحاب مسافرين معي قد تجهزوا وما تجهزت معهم ،
لقد حملوا طيبات كثيرة وما حملت .... لا ،
بل لي حمل أثقل كاهلي ...

حمل يضر ولا ينفع ..
فليت شعري ما الذي جعلني أحمل ما يضر ولا ينفع ؟

ثم ليت شعري إنَّ صحبي حولي أراهم قد حملوا الطيبات فسعدوا وارتاحوا ...
أما نفوسهم فراضية مطمئنة ،
وأما نفسي فحزينة متألمة..

كم مرة ٍ راودتني نفسي أن أكون معهم ؟

لكن خطواتي ثقيلة لا تتقدم نحوهم !!

فقلت لها يا نفسي إن لم تتحركي من أجل ما ينفعك
فلا أقل من أن تتخلصي مما تحملين .

يا نفس لكم أثقلك ما تحملين ...
يا نفس لكم ضرك وما نفعك...
فلماذا تواصلين الحمل ؟

فلم تجبني..
فناديت :
يا عيني فلتذرفي الدموع .

قرب وقت السفر واشتد الجمع له ،
فمن حولي أمثال دوي خلية النحل من العمل والسعي الدءوب من أجل السفر .

نعم لأنه ليس سفرا ً مهما ً وفقط ،
بل أهم سفر سنسافره جميعا ً ...

إنه السفر للآخرة ،
وهل هناك سفر أهم منه ؟

لا وألف لا ...
إنه أهم سفر منذ ولدتنا أمهاتنا ...

سفر ٌ لا رجعة فيه ..

فحق له أن يكون أهم سفر في حياتنا .

ومع هذا فلم يحركني كل هذا ،
فناديت يا عيني فلتذرفي الدموع .

تقاربت الأيام ولكن اليوم ليس ككل يوم..
أحس ذلك ولكن لا أدري لماذا ؟

لكن هال عيني ما رأت من هذا ؟
من هؤلاء ؟

أحقا ً هي النهاية ؟

هل بدأ السفر ؟

ما بال أطرافي قد بردت ؟
لقد أيقنت أنها النهاية ... نعم بدأ السفر ،
ولكـن أين الزاد ؟
أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟
.... أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟

لكن أشغلني أمرٌ آخر ..
لقد وجدتني أحمل حملاً سيئا ...

إنه فرصة للتخلص منه ،
ولكن مالي لا أستطيع ؟
هل أنادي يا عيني فلتذرفي الدموع ؟
لكن حتى هذه لا أستطيع .

اللسان لا يتحرك ،
والجسد كله هامد ، فلا إله إلا الله .

{ كلا إذا بلغت الترقي وقيل من راق وظن أنه الفراق }
{ فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ ٍ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}
أفي هذه اللحظة توبة ؟
كلا وربي .

ما هذا ؟
وإلى أين ؟
إنه عالم جديد كل من يدخله يوزن بما معه من زاد .

لقد هالني ذلك عن النوم على التراب ،
ومفارقة الأحباب ،
لكن كل هذا يهون أمام الميزان ...
أين الزاد أين ؟ أين ؟

ولكن يا ويحي مما أحمل ..
أتراني سأضعه في الميزان أيضا ً ؟

ياعيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله أن تحق الحاقة وتقرع القارعة فإذ بالأرض قد زلزلت زلزالها ،
وأخرجت أثقالها ،
فقمت مع من قاموا حفاة عراة غرلا .

فيا لهول ما أرى ...
إن منهم من يغطي العرق نصفه ومنهم يلجمه العرق ،
ومنهم من يحمل أوزارا ً مثل الجبال ولكن أين؟؟
إنه يحملها على ظهره يسعى بها إلى الحشر .

ومنهم من يطوق أرضا ً ...
في رقبته ولكن أي أرض ؟

إن شبرا ً من أرض الدنيا يطوق اليوم في الرقبة إلى سبع أراضين .

وها أنا كم أحمل ...
فيا عيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله ـ بعد وقوف طويل ـ

أن يفصل بين الخلائق فتطايرت الصحف فآخذ ٌ باليمين وآخذ بالشمال ،
فإلى أين هؤلاء ؟
وإلى أين أولئك ؟

أهل اليمين في نعيم مقيم ...
فأطلق لخيالك العنان ليسبح في هذا النعيم حتى يصل إلى غايته ،
فهناك تعرف أنه أعلى من ذلك كيف لا ؟
وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

أما أهل الشمال فـ { في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم }...

ينادى على أحدهم { خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه }

فحدِّث ولا حرج ... تقرح العيون ، وتفطر القلوب ، وتهتك الجلود ، ولكن ... { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب }

فعفوك يا رب الأرباب .


أخي واختي .....
أرجوكم لا تنادون :
يا عيني فلتذرفي الدموع ؛
فأمامكم الفرصة بعد أن عدت من رحلتك تلك ـ إن شاء الله ـ بالعِبرة .

وإلى لقاء مع أهل اليمين أسأل الله أن يجمعنا هناك