ابو قنوة
05-11-2009, 19:33
<<< بيروت يا بيروت ****>
كان بوليس الإشارة يقف منتصبا تحت مظلته على تقاطع الشوارع , المطر ينهمر منذ ساعات الصباح , ودخان السيارات المارة هنا وهناك يخرج خجولا ليضيع في زحمة السير والمطر .
امتد يده المرتجفة إلى علبة التبغ يبحث عن شيء من دفء وعيونه تجوب المكان .
السيارات تتقاطر يمنه ويسرى والماء يسيل على إطراف الشارع الأسود .. كل سكون المدينة يمر بطيء أمام عينيه ..منذ ساعات الصباح الأولى وهو هنا ..
تمر عربة تحمل لكعك المستدير وصاحبها يجهد نفسه في البحث عن مكان .. حصانا يجر عربة أخرى يمر بذات الاتجاه.
الكل ذاهب إلى حيث لا مكان , الكل يبث عن اتجاه يذهب إليه .. حبات البرد الكبيرة بدأت بالتساقط الكثيف ..
تنقر زجاج السيارات , والمظلة المتهالكة تئن تحت أصوات قرع الحبيبات البيضاء الآتية من السماء
الجبل الأخضر كاد أن يختفي تحت سحب مثقلة بالإمطار .. ربما بعد قليل يبدأ الثلج بالتساقط .. وربما لن نرى الشمس لأيام طويلة ..
سيارات صغيرة تقف أمامه مباشرة , وصبية جميلة تفتح نافذتها .. (( دخيل البك.. كيف بدى أوصل مفرق ادما من هون ))
يقترب منها مؤشرا نحو اتجاه على طرف الساحة ( من هنيك عدي أول مفرق وبعدين شمال على شمال ودغري ) مرسي لعيونك .. قالت وهي تكمل سيرها.... اهلين .. قال لها وعاد إلى حيث مظلته مسرعا الخطى ..
الثلج بدء بالنزول كثيفا ومتواصلا .. وأصبحت أضواء السيارات أكثر لمعانا ..على صفحة الشارع .. بقايا عجلات ما زالت تسير بهدوء .. وقليل من المارة يعبرون هنا وهناك .. أبواب قليلة لم تزل مشرعة ..
عبر الشارع بسرعة باتجاه الكافتيريا الصغيرة المقابلة للمظلة .. كان يحس ببعض الجوع .. ربما فنجان من القهوة وشيء قليل أخر ..
جلس بجوار النافذة المطلة على الشارع .. كانت مظلته إمامة مباشرة .. طلب قهوته المعتادة .. وأشعل سيجارة أخرى .
امراءة وطفل صغير يدخلون إلى المكان . وهناك في الشارع المقابل ثلاث تلميذات صغيرات تحتمي تحت مظلته من الثلج .
لا بأس ساعات قليلة ويذهب إلى قريته الصغيرة في الجنوب .. حيث حقول التبغ .. ومواقد الحطب .. ومناجل الحصادين .
صحيفة قديمة وجدها على الطاولة المجاورة له .. مقال صغير ... اخذ يحدث نفسه وبقراءة لها :
ولكنها تبقى بيروت .... بيروت الثلج وأقواس قزح .. بيروت ثدي الوطن الكبير .. عذراء المدن وحاضنه الشعراء ..
بيروت الصمود والحصار .. والأرز الأخضر... بيروت الفرح والانتصار.. بيروت العيون الجميلة ..
بيروت الحانات والنبيذ الأحمر .. ولبنان الصغير.
لن يمروا أبدا ..
تأمل تاريخ الصحيفة .. انه منتصف عام اثنين وثمانين.. عام الحصار الطويل ..
طوى الصحيفة وخرج باتجاه موقف سيارات الجنوب ... وضع جسده المنهك على المقعد وانطلقت السيارة مسرعة ..
خرج اللحن هادئ من المذياع :
بيروت خيمتنا ............ بيروت نجمتنا ...
بيروت يا بيروت
بيروت تفاحة .............. والقلب لا يضحك
وحصارنا واحة ................ في عالم يهلك
سنرقص الساحة ................ ونزوج ألليلك
بيروت يا بيروت
لن نترك الخندق حتى يمر الليل
بيروت للمطلق وعيونها للرمل
في البدء لم نطلق في البدء كان القول
وألان في الخندق ظهرت سمات الحمل
بيروت يا بيروت
كان بوليس الإشارة يقف منتصبا تحت مظلته على تقاطع الشوارع , المطر ينهمر منذ ساعات الصباح , ودخان السيارات المارة هنا وهناك يخرج خجولا ليضيع في زحمة السير والمطر .
امتد يده المرتجفة إلى علبة التبغ يبحث عن شيء من دفء وعيونه تجوب المكان .
السيارات تتقاطر يمنه ويسرى والماء يسيل على إطراف الشارع الأسود .. كل سكون المدينة يمر بطيء أمام عينيه ..منذ ساعات الصباح الأولى وهو هنا ..
تمر عربة تحمل لكعك المستدير وصاحبها يجهد نفسه في البحث عن مكان .. حصانا يجر عربة أخرى يمر بذات الاتجاه.
الكل ذاهب إلى حيث لا مكان , الكل يبث عن اتجاه يذهب إليه .. حبات البرد الكبيرة بدأت بالتساقط الكثيف ..
تنقر زجاج السيارات , والمظلة المتهالكة تئن تحت أصوات قرع الحبيبات البيضاء الآتية من السماء
الجبل الأخضر كاد أن يختفي تحت سحب مثقلة بالإمطار .. ربما بعد قليل يبدأ الثلج بالتساقط .. وربما لن نرى الشمس لأيام طويلة ..
سيارات صغيرة تقف أمامه مباشرة , وصبية جميلة تفتح نافذتها .. (( دخيل البك.. كيف بدى أوصل مفرق ادما من هون ))
يقترب منها مؤشرا نحو اتجاه على طرف الساحة ( من هنيك عدي أول مفرق وبعدين شمال على شمال ودغري ) مرسي لعيونك .. قالت وهي تكمل سيرها.... اهلين .. قال لها وعاد إلى حيث مظلته مسرعا الخطى ..
الثلج بدء بالنزول كثيفا ومتواصلا .. وأصبحت أضواء السيارات أكثر لمعانا ..على صفحة الشارع .. بقايا عجلات ما زالت تسير بهدوء .. وقليل من المارة يعبرون هنا وهناك .. أبواب قليلة لم تزل مشرعة ..
عبر الشارع بسرعة باتجاه الكافتيريا الصغيرة المقابلة للمظلة .. كان يحس ببعض الجوع .. ربما فنجان من القهوة وشيء قليل أخر ..
جلس بجوار النافذة المطلة على الشارع .. كانت مظلته إمامة مباشرة .. طلب قهوته المعتادة .. وأشعل سيجارة أخرى .
امراءة وطفل صغير يدخلون إلى المكان . وهناك في الشارع المقابل ثلاث تلميذات صغيرات تحتمي تحت مظلته من الثلج .
لا بأس ساعات قليلة ويذهب إلى قريته الصغيرة في الجنوب .. حيث حقول التبغ .. ومواقد الحطب .. ومناجل الحصادين .
صحيفة قديمة وجدها على الطاولة المجاورة له .. مقال صغير ... اخذ يحدث نفسه وبقراءة لها :
ولكنها تبقى بيروت .... بيروت الثلج وأقواس قزح .. بيروت ثدي الوطن الكبير .. عذراء المدن وحاضنه الشعراء ..
بيروت الصمود والحصار .. والأرز الأخضر... بيروت الفرح والانتصار.. بيروت العيون الجميلة ..
بيروت الحانات والنبيذ الأحمر .. ولبنان الصغير.
لن يمروا أبدا ..
تأمل تاريخ الصحيفة .. انه منتصف عام اثنين وثمانين.. عام الحصار الطويل ..
طوى الصحيفة وخرج باتجاه موقف سيارات الجنوب ... وضع جسده المنهك على المقعد وانطلقت السيارة مسرعة ..
خرج اللحن هادئ من المذياع :
بيروت خيمتنا ............ بيروت نجمتنا ...
بيروت يا بيروت
بيروت تفاحة .............. والقلب لا يضحك
وحصارنا واحة ................ في عالم يهلك
سنرقص الساحة ................ ونزوج ألليلك
بيروت يا بيروت
لن نترك الخندق حتى يمر الليل
بيروت للمطلق وعيونها للرمل
في البدء لم نطلق في البدء كان القول
وألان في الخندق ظهرت سمات الحمل
بيروت يا بيروت