المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وهل يصوم القلب؟


براءة الحياة
07-09-2009, 23:22
وهل يصوم القلب ؟

سألته : ما الصيام عندك ؟

قال : كف البطن عن الطعام والشراب ، والفرج عن قضاء الشهوة .
قلت : هذا أهون الصيام عند السلف .

قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام .
قلت : ونسيت القلب ؟

قال : وهل يصوم القلب ؟
قلت : يصوم أعظم صيام .

قال : اشرح لي ذلك .
قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية ، وبكفه عما سوى الله بالكلية .

قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟
قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخرة ، وانشغال القلب بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة .

قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟
قلت : قولة تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ـ إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( الشعراء : 88 ، 89 ) فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب وإذا سلمت القلوب سلمت الجوارح ، واستقامت على طاعة الله ، واجتنبت معصيته ونواهي.

وقال النبي صلى الله علية وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد سائر الجسد ، ألا وهي القلب " ( متفق علية ) .

فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعة التي غفل عنها كثير من الناس .

قال أبو تراب النخشبي : ليس من العبادات شئ أنفع من إصلاح خواطر القلوب .

وقال أحمد بن خضروية : القلوب أوعية ، فإذا امتلأت من الحق , أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح ، وإذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .

" صــــفة القلــــب الصائــم "
والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها ، طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة .

قال رابعة : شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل ، ولو تركوها لجالت في الملكوت ، ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد .

والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة ، والقدوم على الله عز وجل .

قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة ، حينئذ تحدث الغفلة في القلب .

والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح ، ويحتمل أذى الناس وجهلهم .

وقد سئل إبراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال : " العزلة ،، والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب ، ويهب لمن ظلمة حقه " .

والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فيه شئ من الكبر والغرور والعلو في الأرض .

قال النبي صلى الله علية وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( رواة مسلم ) .

والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجه الله ، ولا يطلب إلا رضى الله ، ولا يلتذ بغير محبة الله وذكره وشكره وحسن عبادته .

قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر وإخراج ما سوى الله عز وجل من القلب .

وقال ضيعم : إن حبه تعالى شغل قلوب محبيه عن التلذذ بمحبة غيره فليس لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبته ، ولا يأملون في الآخرة من كرامة ، الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجه محبوبهم .

فأين أصحاب هذه القلوب النقية ؟
وأين أرباب تلك الهمم العليّة ؟
ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟

" عـــــــلاج القلــــــوب "
و إذا مرض القلب توجب علاجه ومداواته حتى يعود إلى حال الصحة والقوة وعلاج القلوب يكون بأمور منها :

1 ـ ترك الذنوب :
ففي الحديث قال رسول الله صلى الله علية وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب ، كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقُل قلبه ، و إن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابة ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " ( المطففين ) ( رواة الترمذي وقال حسن صحيح ) .

وقال يحيى بن معاذ سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها .
وترد الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عيانها .

2 ـ رحمة الخلق :
فقد شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال لة " امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين " ( رواة أحمد وحسنة الألباني )

وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم , وامسح رأسه و أطعمه من طعامك , يلن قلبك وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )

3 ـ ذكر الله :
قال تعالى : ( الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ) ( الحج : 35 ) .
وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي ! قال : أدْنِه من الذكر .

4 ـ الدعاء :
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواة مسلم )
وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواة الترمذي ) .

5 ـ علاجات متفرقة :
سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى وتشيع الجنائز وتوقع الموت .

وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال : أدمن الصيام ، فإن وجدت قسوة فأطل القيام ، فإن وجدت قسوة فأقل الطعام .

وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة .
وقال عبد الله بن خبيق : خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .

وقال ابراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ،،،، .

" أعيـــــاد الصائــــمين "
قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوي ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا ، فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته . كما قيل :

أهل الخصوص من الصوم صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب .
والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار والحجب .،،،،،، .

أنيسة
07-09-2009, 23:33
"اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك"
"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"
آمين يا رب العالمين
مشكورة براءة الغالية موضوعك رائع و قيّم
يعطيك الصحة و العافية
جزاك الله الجنّة

المشتاق
07-09-2009, 23:36
والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها ، طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة .

جزاك الله خيراً وجعله في موازين حسناتك

براءة الحياة
07-09-2009, 23:37
مشكورة أنيسة ...
دائما تتحفيني بردودك...

هبة الرحمن
08-09-2009, 11:03
جعله الله في موازين حسناتك براءة

براءة الحياة
08-09-2009, 21:38
شكرا للجميع على المرور..

شيماء الشام
08-09-2009, 23:58
اللهم تقبل منا يا كريم واجعل صيامنا مقبولاً يا أرحم الراحمين

جزاكِ الله كلّ خير أختي براءة

براءة الحياة
09-09-2009, 00:01
:h5:
شيماء على المرور..