أنيسة
04-09-2009, 14:29
http://d444d2.jeeran.com/abofiras3.gif
الكلمة الطيبة ..............الكلمة الطيبة
1- اللسان نعمة من نعم الله.
2- اللسان ميزان لصاحبه في الدنيا وأعمال الآخرة.
3- خطر إطلاق اللسان في غير مرضاة الله.
4- الغيبة والكذب والبذاءة . . نماذج من سوء استخدام اللسان.
5- الأمر بالكلمة الطيبة اللينة وعظم أجرها عند الله.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إليه .. إخوة الإيمان .. يقول الله تعالى: الرحمن علّم القرآن خلق الإنسان علمه البيان [الرحمن:1-4]. نعمة البيان من أجلٍّ النعم التي أسبغها الله على الإنسان واللسان من نعم الله العظيمة، ولطائف صنعه الغريبة، صغير جرمه، عظيم طاعته وجرمه .. لا يستبين الكفر والإيمان إلا بنطق اللسان وكل مجالات العلوم بيانها اللسان، وهو آلة البيان وطريق الخطاب، له في الخير مجال كبير، وله في الشر باعٌ طويل، فمن استعمله للحكمة والقول النافع وقضاء الحوائج وقيده بلجام الشرع، فقد أقر بالنعمة وهو بالنجاة جدير، ومن أطلق لسانه وأهمله، سلك به الشيطان كل طريق ولا يكبُّ الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
اللسان هو الميزان الذي توزن به الرجال، وتعرف به أقدارها، ما صلح منطق رجل إلا ظهر ذلك على سائر عمله، ولا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك من سائر عمله، قال رسول الله : ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه))، رواه أحمد في مسنده، والناس على مر الزمن ينظرون إلى المتكلم ويربطون بين حديثه ومطابقته للواقع وصدقه مع نفسه، وإنهم ليعرفون بثاقب نظرهم ويدركون بعميق خبرتهم الكاذب من الصادق، والمصلح من المفسد، والبَّر من الفاجر، ولذلك انقسمت أخبار الناس إلى صدق وكذب، وطيب وخبيث، وحق وباطل، يقول : ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يَصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود.
إن البعد عن اللغو من أركان الفلاح، وكره الإسلام اللغو، وبقدر تنزه المسلم عن اللغو تكون درجته عند الله، عن أنس بن مالك قال: ثوب رجل، فقال رجل آخر ورسول الله يسمع أبشر بالجنة، فقال رسول الله: ((أولا تدري فلعله تكلم فيما لا يعنيه أو بخل بما لا ينقصه)) أخرجه الترمذي، وصاحب اللغو يُرسل الكلام على عواهنه فربما قذف بكلمة سببت بواره ودمرت حياته، وقد قيل من كثر لغطه كثر غلطه.
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
قال : ((إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها المجلس، يهوي بها أبعد ما بين السماء والأرض، وإن المرء ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه)) رواه البيهقي. يقول الله عز وجل: ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء [إبراهيم:24-27].
إخوة الإيمان: إن صاحب الكلمة الخبيثة لا ينطق إلا بأقوال أثيمة، لسانه لماز، وبصره غمّاز، حديثه بذاء، وفعله عدوان، لا يذكر عظيم إلا استحقره، ولا يرى كريم إلا نال من عرضه فلا يتعمد الكذب إلا متملق منافق، فهو عنوان سفه العقل، وسقوط الهمة، وخبث الطوية، وجبن النفس، وقديما قال الحكماء: " لم يكذب أحد قط إلا لصغر قدر نفسه عنده "، ومن قلّ إيمانه بربه وخفّ من يوم الحساب خوفه، لا يبالي أن يلبس الحق بالباطل، ويصور الأشياء على غير الواقع، ويكيل التهم جزافا لأهل الحق، ومن اشتهر بالخير زورا وبهتانا وتملقا وعدوانا، سيما إن اتخذ من فهمه القاصر للدين دعما لذلك الزور والبهتان، إن الكلمة يشتد خبثها ويعظم وزر الكذب فيها إذا اتسع نطاق ضررها، فالصحفي الذي ينشر على الملأ خبرا باطلا، والسياسي الذي يخدع الناس في القضايا الكبرى، والمغرض الذي يسوق التهم في الكبراء والمصلحين، والمدّاح الذي يتخذ من المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر ويكيل الثناء للوجهاء، ويهرف بما لا يعرف، فيصف الجبان بالشجاعة، والظالم بالعدالة، والبخيل بالكرم، كل أولئك يرتكبون جرائم عظيمة، ويجرون على عواقب وخيمة، وفي خبر البخاري رحمه الله عن النبي فيما حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار فكان مما قال: ((أما الذي رأيته يشق شدقه في النار، فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ذلك إلى يوم القيامة)). إن أمتنا تعيش الآن أزمة عظمية في فقد الصدق الذي حل محله التناقض بين الأقوال والأعمال في كل شيء فانعكس ذلك على أحوالنا وتربيتنا وتعليم أولادنا، والله وحد المستعان، على ألسنة تصف، وقلوب تعرف، وأعمال تخالف، إن من لطخ لسانه برحى الكذب وخبيث الكلم، لا بد أن تبدو سريرته وينكشف أمره، فلا يلقى من الناس إلا الازدراء والمنقصة، أما أهل الحق والإيمان فيهديهم ربهم إلى الطيب من القول ويهديهم إلى صراط الحميد، نعم إخوة الدين والعقيدة، إذا منَّ الله على عبده بصدق اللهجة، وطيب الحديث، شرف قدره، وطابت حياته، وعرف بقوة الإرادة ورجحان العقل، وسلامة الطوية، والناس في معاملاتهم لا يطمئنون إلا إلى صدوق اللسان، فحكمه عندهم عدل، وشهادته بر، ومعاملته بركة، يأمنونه على أموالهم وأهليهم مؤتمن في الأحياء وفي الأموات، في الوصايا والأوقات في الودائع والأمانات، ولا يستقيم لأحد سؤدد أو يحرز في قلوب الناس منزلة إلا حين يهبه الله لسان صدق، فيصّدقونه الناس إذا تحدث ويفقدونه إذا غاب، يقول علي : " من كانت له عند الناس ثلاث، وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدثهم صدقهم، وإذا ائتمنوه لم يخنهم، وإذا وعدهم وفىّ لهم، وجب له عليهم أن تحبه قلوبُهم، وتنطلق بالثناء عليه ألسنتهم، وتظهر له معونتهم ". الطيب من القول أيها الإخوة دائرته واسعة إذا ما وفق له العبد، وسلك فيه مسالك الإسلام والتزم توجيهات القرآن وآداب السنة، يقول جل وعلا: وقولوا للناس حسناً ويقول موجها: ((الكلمة الطيبة صدقة)).
وما أجمل أن يعودّ الإنسان لسانه الجميل لين القول فإذا ما تكلم لم يقل إلا خيرا، والكلام الطيب العف يجمل مع الأصدقاء والأعداء جميعا وله ثماره الحلوة، فهو مع الأصدقاء يحفظ مودتهم، ويستديم صداقتهم، يمنع كيد الشيطان أن يوهي حبالهم ويفسد ذات بينهم: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً [الاسراء53] وحسن الحديث مع الأعداء يطفئ خصومتهم، ويكسر حدتهم، أو يوقف تطور الشر، واستطارة شرره: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم يقول: إنكم لن تَسَعُوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الُخُلق)) رواه البزار في مسنده، إن الحرمان مع الأدب خير من العطاء مع البذاذة، يقول الله جل وعلا : قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم [البقرة:263] يقول أبو عبد الله القرطبي في تفسيره : " ينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينا، ووجهه منبسطا مع البر والفاجر من غير مداهنة، لأن الله قال لموسى وهارون: فقولا له قولاً ليناً .. . فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما ربهما باللين معه "، وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء : إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فّي حدّة فأقول لهم بعض القول الغليظ فقال : لا تفعل ،يقول الله تعالى: وقولوا للناس حسناً [البقرة:83]. قال عطاء: " فدخل في هذا اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي "، وقال شريك بن سنان لسعيد بن جبير رحمه الله : " المجوسي يوليني من نفسه ويسلَّم علي أفأرد عليه، فقال سعيد: سألت ابن عباس ما عن نحو ذلك، فقال : لو قال لي فرعون خيرا لرددت عليه ".
فأين من جعلوا خلافهم سببا للهجران والقطيعة، ولم يمسكوا زمام ألسنتهم عن الشتم والسب، وهذا الصنف إذا سلط ذلاقته على شؤون الناس ونياتهم أساء وإذا سلطها على حقائق الدين شوه جمالها، وأضاع هيبتها، وحرف قصدها، قال رسول الله : ((إن أبغض الرجال إلى الله الألدَّ الخصم)) أخرجه النسائي.
معاشر الأحبة : إن الكلام اللين كما يقول بعض الحكماء : " يغسل الضغائن المستكينة في الجوارح "، فكل كلام لا يضر في دينك، ولا يسخط ربك، ويرضي به جليسك فلا تكن به بخيلا يعوضك الله به ثواب، ومن كلام وهب بن منبه: " ثلاث من ُكنَّ فيه أصاب البر، سخاوة النفس، والصبر على الأذى، وطيب الكلام " متفق عليه.
ومن حديث عدي بن حاتم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم يكن فبكلمة طيبة)) وعن أبي المقدام عن أبيه عن جده قال : قلت للنبي أخبرني بشيء يوجب الجنة، قال: ((عليك بحسن الكلام وبذل الطعام)) أخرجه البخاري والحاكم وابن حبان وصححه الألباني .
إخوة الإيمان: ذلكم هو صلاح المنطق وفساده، إما إخبار وبيان للواقع ومطابقة للمعتقد ومؤانسة للمجالس، وإما حديث بالباطل، وفحش في القول، وبذاء في الكلام، … فاتقوا الله رحمكم الله وألزموا الصدق والطيب من القول فإنما يصعد إلى ربكم الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا ًسديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [الأحزاب:70-71].
منقول للأمانة
الكلمة الطيبة ..............الكلمة الطيبة
1- اللسان نعمة من نعم الله.
2- اللسان ميزان لصاحبه في الدنيا وأعمال الآخرة.
3- خطر إطلاق اللسان في غير مرضاة الله.
4- الغيبة والكذب والبذاءة . . نماذج من سوء استخدام اللسان.
5- الأمر بالكلمة الطيبة اللينة وعظم أجرها عند الله.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إليه .. إخوة الإيمان .. يقول الله تعالى: الرحمن علّم القرآن خلق الإنسان علمه البيان [الرحمن:1-4]. نعمة البيان من أجلٍّ النعم التي أسبغها الله على الإنسان واللسان من نعم الله العظيمة، ولطائف صنعه الغريبة، صغير جرمه، عظيم طاعته وجرمه .. لا يستبين الكفر والإيمان إلا بنطق اللسان وكل مجالات العلوم بيانها اللسان، وهو آلة البيان وطريق الخطاب، له في الخير مجال كبير، وله في الشر باعٌ طويل، فمن استعمله للحكمة والقول النافع وقضاء الحوائج وقيده بلجام الشرع، فقد أقر بالنعمة وهو بالنجاة جدير، ومن أطلق لسانه وأهمله، سلك به الشيطان كل طريق ولا يكبُّ الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
اللسان هو الميزان الذي توزن به الرجال، وتعرف به أقدارها، ما صلح منطق رجل إلا ظهر ذلك على سائر عمله، ولا فسد منطق رجل إلا عرف ذلك من سائر عمله، قال رسول الله : ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه))، رواه أحمد في مسنده، والناس على مر الزمن ينظرون إلى المتكلم ويربطون بين حديثه ومطابقته للواقع وصدقه مع نفسه، وإنهم ليعرفون بثاقب نظرهم ويدركون بعميق خبرتهم الكاذب من الصادق، والمصلح من المفسد، والبَّر من الفاجر، ولذلك انقسمت أخبار الناس إلى صدق وكذب، وطيب وخبيث، وحق وباطل، يقول : ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يَصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود.
إن البعد عن اللغو من أركان الفلاح، وكره الإسلام اللغو، وبقدر تنزه المسلم عن اللغو تكون درجته عند الله، عن أنس بن مالك قال: ثوب رجل، فقال رجل آخر ورسول الله يسمع أبشر بالجنة، فقال رسول الله: ((أولا تدري فلعله تكلم فيما لا يعنيه أو بخل بما لا ينقصه)) أخرجه الترمذي، وصاحب اللغو يُرسل الكلام على عواهنه فربما قذف بكلمة سببت بواره ودمرت حياته، وقد قيل من كثر لغطه كثر غلطه.
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
قال : ((إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها المجلس، يهوي بها أبعد ما بين السماء والأرض، وإن المرء ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه)) رواه البيهقي. يقول الله عز وجل: ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء [إبراهيم:24-27].
إخوة الإيمان: إن صاحب الكلمة الخبيثة لا ينطق إلا بأقوال أثيمة، لسانه لماز، وبصره غمّاز، حديثه بذاء، وفعله عدوان، لا يذكر عظيم إلا استحقره، ولا يرى كريم إلا نال من عرضه فلا يتعمد الكذب إلا متملق منافق، فهو عنوان سفه العقل، وسقوط الهمة، وخبث الطوية، وجبن النفس، وقديما قال الحكماء: " لم يكذب أحد قط إلا لصغر قدر نفسه عنده "، ومن قلّ إيمانه بربه وخفّ من يوم الحساب خوفه، لا يبالي أن يلبس الحق بالباطل، ويصور الأشياء على غير الواقع، ويكيل التهم جزافا لأهل الحق، ومن اشتهر بالخير زورا وبهتانا وتملقا وعدوانا، سيما إن اتخذ من فهمه القاصر للدين دعما لذلك الزور والبهتان، إن الكلمة يشتد خبثها ويعظم وزر الكذب فيها إذا اتسع نطاق ضررها، فالصحفي الذي ينشر على الملأ خبرا باطلا، والسياسي الذي يخدع الناس في القضايا الكبرى، والمغرض الذي يسوق التهم في الكبراء والمصلحين، والمدّاح الذي يتخذ من المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر ويكيل الثناء للوجهاء، ويهرف بما لا يعرف، فيصف الجبان بالشجاعة، والظالم بالعدالة، والبخيل بالكرم، كل أولئك يرتكبون جرائم عظيمة، ويجرون على عواقب وخيمة، وفي خبر البخاري رحمه الله عن النبي فيما حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار فكان مما قال: ((أما الذي رأيته يشق شدقه في النار، فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ذلك إلى يوم القيامة)). إن أمتنا تعيش الآن أزمة عظمية في فقد الصدق الذي حل محله التناقض بين الأقوال والأعمال في كل شيء فانعكس ذلك على أحوالنا وتربيتنا وتعليم أولادنا، والله وحد المستعان، على ألسنة تصف، وقلوب تعرف، وأعمال تخالف، إن من لطخ لسانه برحى الكذب وخبيث الكلم، لا بد أن تبدو سريرته وينكشف أمره، فلا يلقى من الناس إلا الازدراء والمنقصة، أما أهل الحق والإيمان فيهديهم ربهم إلى الطيب من القول ويهديهم إلى صراط الحميد، نعم إخوة الدين والعقيدة، إذا منَّ الله على عبده بصدق اللهجة، وطيب الحديث، شرف قدره، وطابت حياته، وعرف بقوة الإرادة ورجحان العقل، وسلامة الطوية، والناس في معاملاتهم لا يطمئنون إلا إلى صدوق اللسان، فحكمه عندهم عدل، وشهادته بر، ومعاملته بركة، يأمنونه على أموالهم وأهليهم مؤتمن في الأحياء وفي الأموات، في الوصايا والأوقات في الودائع والأمانات، ولا يستقيم لأحد سؤدد أو يحرز في قلوب الناس منزلة إلا حين يهبه الله لسان صدق، فيصّدقونه الناس إذا تحدث ويفقدونه إذا غاب، يقول علي : " من كانت له عند الناس ثلاث، وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدثهم صدقهم، وإذا ائتمنوه لم يخنهم، وإذا وعدهم وفىّ لهم، وجب له عليهم أن تحبه قلوبُهم، وتنطلق بالثناء عليه ألسنتهم، وتظهر له معونتهم ". الطيب من القول أيها الإخوة دائرته واسعة إذا ما وفق له العبد، وسلك فيه مسالك الإسلام والتزم توجيهات القرآن وآداب السنة، يقول جل وعلا: وقولوا للناس حسناً ويقول موجها: ((الكلمة الطيبة صدقة)).
وما أجمل أن يعودّ الإنسان لسانه الجميل لين القول فإذا ما تكلم لم يقل إلا خيرا، والكلام الطيب العف يجمل مع الأصدقاء والأعداء جميعا وله ثماره الحلوة، فهو مع الأصدقاء يحفظ مودتهم، ويستديم صداقتهم، يمنع كيد الشيطان أن يوهي حبالهم ويفسد ذات بينهم: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً [الاسراء53] وحسن الحديث مع الأعداء يطفئ خصومتهم، ويكسر حدتهم، أو يوقف تطور الشر، واستطارة شرره: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم يقول: إنكم لن تَسَعُوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الُخُلق)) رواه البزار في مسنده، إن الحرمان مع الأدب خير من العطاء مع البذاذة، يقول الله جل وعلا : قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم [البقرة:263] يقول أبو عبد الله القرطبي في تفسيره : " ينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينا، ووجهه منبسطا مع البر والفاجر من غير مداهنة، لأن الله قال لموسى وهارون: فقولا له قولاً ليناً .. . فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما ربهما باللين معه "، وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء : إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فّي حدّة فأقول لهم بعض القول الغليظ فقال : لا تفعل ،يقول الله تعالى: وقولوا للناس حسناً [البقرة:83]. قال عطاء: " فدخل في هذا اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي "، وقال شريك بن سنان لسعيد بن جبير رحمه الله : " المجوسي يوليني من نفسه ويسلَّم علي أفأرد عليه، فقال سعيد: سألت ابن عباس ما عن نحو ذلك، فقال : لو قال لي فرعون خيرا لرددت عليه ".
فأين من جعلوا خلافهم سببا للهجران والقطيعة، ولم يمسكوا زمام ألسنتهم عن الشتم والسب، وهذا الصنف إذا سلط ذلاقته على شؤون الناس ونياتهم أساء وإذا سلطها على حقائق الدين شوه جمالها، وأضاع هيبتها، وحرف قصدها، قال رسول الله : ((إن أبغض الرجال إلى الله الألدَّ الخصم)) أخرجه النسائي.
معاشر الأحبة : إن الكلام اللين كما يقول بعض الحكماء : " يغسل الضغائن المستكينة في الجوارح "، فكل كلام لا يضر في دينك، ولا يسخط ربك، ويرضي به جليسك فلا تكن به بخيلا يعوضك الله به ثواب، ومن كلام وهب بن منبه: " ثلاث من ُكنَّ فيه أصاب البر، سخاوة النفس، والصبر على الأذى، وطيب الكلام " متفق عليه.
ومن حديث عدي بن حاتم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم يكن فبكلمة طيبة)) وعن أبي المقدام عن أبيه عن جده قال : قلت للنبي أخبرني بشيء يوجب الجنة، قال: ((عليك بحسن الكلام وبذل الطعام)) أخرجه البخاري والحاكم وابن حبان وصححه الألباني .
إخوة الإيمان: ذلكم هو صلاح المنطق وفساده، إما إخبار وبيان للواقع ومطابقة للمعتقد ومؤانسة للمجالس، وإما حديث بالباطل، وفحش في القول، وبذاء في الكلام، … فاتقوا الله رحمكم الله وألزموا الصدق والطيب من القول فإنما يصعد إلى ربكم الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا ًسديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [الأحزاب:70-71].
منقول للأمانة