المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعي طفلك يلعب - اللعب مهم لبناء شخصية الطفل


صدفة
26-08-2009, 02:16
كل المخلوقات الحية، من بشر وحيوانات وطيور، تحب اللعب، ومع أن اللعب يختلف من جنس إلى آخر، وبين ثقافة وأخرى وجيل وآخر، لكنه عالمي، بمعنى أنه مشترك بين البشر. ومع ذلك يعتقد العديد من الأهل في أيامنا هذه أن اللعب هو مضيعة للوقت. وبما أنهم يربون أطفالهم حتى يتمكنوا من دخول عالم المنافسة، حيث البقاء والنجاح من نصيب الأكثر ذكاءً ونشاطاً. لذا فإنهم يتساءلون عما إذا كان من الأفضل إستغلال الوقت الذي يمضيه الطفل في اللعب، في أمور أجدى.

بالنسبة إلى الطفل الصغير، ليس هناك ما هو أجدى من اللعب، لأن الفائدة التي يجنيها من اللعب تفوق ما يجنيه من دروس الحساب مثلاً. فاللعب يفسح في المجال أمام الطفل لأن يكون ذا سلطة مطلقة. فأثناء اللعب ينسى الأطفال أنهم صغار وبلا حيلة. ومن دون تدخل الكبار يستطيعون التصرف بشكل طبيعي.

واللعب يساعد الأطفال على التعرف إلى العالم الذي يحيط بهم. فمن خلال اللعب يستطيع الأطفال الاستقصاء والاكتشاف، مثل اختبار بعض النظريات، والتعرف إلى الأشكال والألوان، وإكتشاف، مثل أخبار بعض النظريات، والتعرف إلى الأشكال والألوان، وإكتشاف السبب والتأثير والعلاقات الاجتماعية والقيم العائلية. فالطفل أثناء اللعب يمكن أن يكون عالماً وأباً ومقاتلاً وعامل بناء وراقصاً وموسيقاراً، ومزارعاً. فاللعب فعلياً يغطي كل جوانب الحياة، لذا يمكن تعلم وإدراك كل شيء عن طريقه.
اللعب يبني الثقة بالنفس. فالأطفال يميلون إلى الاشتراك في لعب ما يبرعون فيه، وهو المجال الذي يوفر لهم الشعور بالنصر. ومن المسلَّم به أن الأطفال هم من يضعون قواعد اللعب، وهذا يزيد من فرصهم في الفوز. ومن دون تدخل الأهل يستطيع الأطفال أيضاً أن يجربوا ويفشلوا، ثم يعيدوا المحاولة مرة بعد أخرى، من دون الشعور بأي حرج أو بالنقص.

اللعب يبني المهارات الاجتماعية. إذ إنه يُكسب قبل أن يصبح اجتماعياً بوقت طويل. وبما أن رفاقهم في اللعب، في البداية، هم ألعاب لا تخيفهم ولا تشكل عليهم خطراً، مثل الدب الصغير، المصنوع من القماش، أو السيارة أو القطار.. إلخ، فهذه هي الأدوات المثالية التي يمارس من خلالها الأطفال مهارات التفاعل والتشارك مع الغير، ويتعرفون إلى حقوقهم وحقوق الآخرين. كما أن اللعب مع الأهل في ما بعد، يعزز المهارات الاجتماعية ويقويها.
اللعب يمنح الأطفال الفرصة للتغلب على انفعالاتهم من غضب وخوف وحزن وتردد. كما أنه يساعدهم على تطوير لغتهم. إذ إنه أثناء اللعب يستعمل الأطفال عدداً كبيراً من المفردات، يكررون معظمها مراراً أثناء ذلك، فيزيد عدد الكلمات التي يتعلمها الأطفال، ما يعزز قدرتهم على الكلام.
اللعب يوسع آفاق الطفل فيبدو أكبر من سنه. فكل ما لا يستطيع الطفل القيام به في الحياة الحقيقية، يمكن أن يعمله أثناء اللعب، مثل القيام بدور الأب، أو ضابط شرطة، أو الطبيب، أو قيادة سيارة أو طائرة، أو قراءة كتاب أو بناء أبراج عالية.. إلخ. فهذا النوع من القوة يرفع من معنويات الطفل الصغير، بل يزيد من ثقته بنفسه أيضاً. ويعرّفه إلى العالم ويساعده على التأقلم مع الآخرين.
اللعب يولّد الإبداع والخيال. فبناء قصر من الرمل أو منزل صغير من عُلب الأحذية، أو إرتداء ملابس الأم أو الأب.. إلخ، تساعد على توسيع حدود عالم الطفل واختبار السعادة، عند تحويل ما كان خيالاً إلى واقع.

اللعب يساعد على تطوير مهارات الطفل في استخدام يديه وأصابعه، كما يساعد على التناسق بين اليد والعين. فخلال اللعب يستخدم الطفل يديه في بناء برج أو وضع قطع معاً، لرسم الصورة المطلوبة أو يصنع ألعاباً من المعجون... إلخ.
بمعنى آخر، إن اللعب بالنسبة إلى الطفل، هو عمل، إذ إنه يمنح القوة والثقة بالنفس ويوسع من مداركه. فالوقت الذي يمضيه الطفل في اللعب هو وقت مستغَل جيداً، وليس وقتاً ضائعاً. لذا واجبك كأم أن تدعي طفلك يلعب.. دعيه يلعب.
أما إذا ثار الطفل غضباً عندما لا يفوز في مسابقة أثناء اللعب. أو انفجر بالبكاء لو اعتدى عليه طفل آخر ولم يستطع الرد عليه، فهذا بالتأكيد دليل على حبه للفوز، وهو أمر طبيعي كلياً. ففي عمر الرابعة يقفز الأطفال فرحاً كلما حققوا نجاحاًً أثناء اللعب. وبينما يستطيع الأطفال الاحتفال عند فوزهم بأي شيء، فإنهم يبدأون في التركيز على إنجازات الحياة الحقيقية عندما يصبحون في سن أكبر. وعندها يظهر للعلن حبهم للمنافسة.
ومع أن الفوز يمنح الأطفال الصغار الشعور بالفخر والسيطرة، ولكن يجب أن يتعلموا أيضاً منافع الهزيمة، لأن الخسارة تساعدهم في البدء على تطوير وتفهُّم إحساس الخاسر والتعاطف معه من جهة، والمثابرة للوصول إلى الفوز من جهة أخرى.
لذا، عندما يبدأ طفل في عمر الخامسة في البكاء، بسبب خسارته في لعبة الكراسي أو أي لعبة أخرى، ذلك لأنه يشعر وكأن مصيبة حلت به. ولكن غالباً ما يتغلب على هذا الشعور بسرعة. لذا، فبدلاً من تدليل طفل محبط بسبب خسارته، يجب السماح له بالإحساس بألم الهزيمة، ثم تركه ليتغلب على هذا الشعور.

"اللعب بالنسبة إلى الطفل، هو عمل. إذا إنه يمنحه القوة والثقة بالنفس ويوسع من مداركه ..ويساعد الأطفال على التعرف إلى العالم الذي يحيط بهم".
من الطبيعي أن يرغب الطفل في المشاركة في الألعاب المتأكد من فوزه بها، لكن واجب الأم أن تذكره بأنه إذا أراد الحفاظ على تقدمه في اللعب، فعليه أن يعرف طعم الفشل أيضاً، وإن المرء، حتى لو كان من الفائزين دائماً، يمكن أن يخسر أمام منافس اقوى منه. كما يجب التوضيح له أنه بدلاً من الاستسلام للهزيمة، عليه أن يثابر على الاستمرار في التدريب لتحسين أدائه، وزيادة مهارته، وعندما سيعود الطفل الذي كان يبكي بسبب خسارته، إلى اللعب ثانية وبحماسة أكبر.

إن الطفل الصغير، في عمر الخامسة، لا يحب المنافسة من أجل التحدي فقط، بل من أجل الفوز أيضاً، الذي يوّلد لديه الشعور بالتفوق. لذا على الأم ألا تمدح طفلها عندما يحقق نصراً فقط، بل عليها إبداء بعض الحماسة حتى لو خسر، وأن تهنئه على بعض الأمور المحددة، على أدائه مثلاً، أو على حُسن تعاونه مع أعضاء الفريق أثناء اللعب، لأنه كلما شعر الطفل بروح التعاون والمشاركة زاد حبه للمنافسة.
على الأم ألا تتجاهل الحديث عن الخسارة، ولا أن تركز في الحديث عليها، وبدلاً من ذلك، يمكنها أن توضحٍ للطفل الصغير أن الأمور لا تسير دائماً حسب رغبة المرء، وأن الجميع معرضون للخسارة. ثم عليها أن تذكره بأنه يستطيع تحقيق الفوز في مرات مقبلة فذلك يساعده على الخروج من الحالة التي يعيشها، ومنحه دافعاً قوياً إلى التطلع إلى الأمام.


وأثناء مراقبة الأم طفلها الصغير، وهو يلعب، عليها أن تبين له الأخطاء التي ارتكبها وتوجهه بطريقة لطيفة، حتى يتجنب ارتكاب الخطأ نفسه الذي ارتكبه في السابق. وبهذه الطريقة يشعر الطفل بأن الأم لم تنتقده فقط، بل إنها عملت على توجيه أيضاً.
في بعض الأحيان، يحاول الطفل الانساب من اللعب قبل الانتهاء لو شعر بأنه سيخسر، في هذه الحالة على الأم أن تشجعه على البقاء في اللعب حتى النهاية، كما عليها أن توضع له أن الخروج من الملعب أثناء اللعب، كالإخلال بوعد قطعه لصديق. وإذا انسحب مرة أخرى قد لا يرغب أصدقاءه في مشاركته اللعب مرة أخرى. ويمكنها أن تذكره بأن فرق كرة القدم وكرة السلة تستمر في اللعب حتى النهاية، مهما تكن النتيجة، وعلى الرغم من شعور اللاعبين بالإحباط عند الخسارة.

إن شرح كل هذه الأمور للطفل الصغير، يساعد على أن ينمو ليصبح مواطناً محباً وأكثر تعاطفاً مع الآخرين، وأكثر تفهماً لمشاعرهم، ويجعل منه صديقاً وفياً وأكثر تعاوناً مع المحيطين به.


من المدهش أن رد فعل الطفل تجاه الخسارة يمكن أن تكون له علاقة قوية بجنس المنافس. إذ تبين من دراسات أجريت في هذا الخصوص، أن ردَّ فعل الأطفال يكون قوياً لو خسروا أمام فريق من الجنس الآخر، لأن الأطفال في مثل هذه السن يعتقدون أن هناك ألعاباً خاصة بالأولاد وأخرى خاصة بالبنات. ولذلك قد يفقدون الحماسة في اللعب لو تفوق طفل من جنس آخر عليهم. وللتأكيد لطفلك، حتى لا يلجأ إلى هذه الذريعة عند الخسارة، يجب التوضيح له، أن السبب وراء فوز منافسه من الجنس الآخر هو الممارسة المتواصلة للعبة، وأنه لو مارس اللعب بالطريقة ذاتها، فإن سيحقق الفوز بالتأكيد، في المرات المقبلة، وأن الفوز والخسارة لا علاقة لهما بالجنس.