المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال سمو الأمير الحسن فصل السّياسيّ عن الشّخصيّ كيف نواجه الطائفيّة الهائجة


هشام القواسمة
17-08-2009, 06:41
قاتل نفسه حتى انطفأ دمه عندها فقط استحقّ شعبَه". (بابلو نيرودا ، الفائز بجائزة نوبل في الآداب عام 1971).

في عام 1969 علّق بابلو نيرودا أنه لم يرَ أبداً في حياته فصلاً بين الشعر والسياسة. وإذ كشفت قصائده التأملاتً الحميمةَ لروحه ، فقد كشفت أيضًا تماهيه القويّ مع السياسة السائدة في عصره. أما في عام 2009 ، فإن التماهي مع السياسة المعاصرة يعني الانتفاضات الطائفية والحروب الأهلية المرّوعة التي تدور: في حين يقف المجتمع العالمي عاجزًا إزاء كوارث انتهاك حقوقً الإنسان.

لقد كانت بضعَ سنوات مؤلمة للإنسانية. فلا يزال العنف المتطرّف يجتاح أجزاء من منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا: ولا يزال كمّ كبير من النزاعات الصغيرة متأجّجًا حول العالم. يوغوسلافيا وكوسوفو وأفغانستان والعراق جميعها غذّت نظريّات أولئك المثقّفين الذين يُجادلون بأنّ الدين والعداوة الدينية نهضا بدوْرْ أساسيّ ورجعيّ في هذه النزاعات وغيرها من نزاعات ما بعد الحرب الباردة. إن انحلالَ النظام ، ومعه "الهُويّة الوطنية" (أشير هنا إلى الأحداث الأخيرة في العراق) ، كشف عن توتّرات سياسية ودينية متجذّرة يُعبّر عنها من خلال أعمال العنف العشوائي التي ينتج عنها الموت الجماعي.

نعاني اليوم من نتائج الحرب على التّطرّف ، مَعَ أنّ العواقب قد لا تكون مقصودة. ليس الأمر لأننا أفقر الأمم في المعمورة: بل لدينا الأغنى والأفقر. وليس لأننا الأكثر سكانًا: فهنالك سكان في الهند أكثر من الشرق الأوسط. وليس لأننا مسلمون: فهنالك مسلمون في جنوب شرق آسيا أكثر من الوطن العربي. إنما يرجع الوضع الحالي إلى عاطفة إنسانية أساسية هي الخوف: وإلى جانبها الافتقار إلى الأمن الإنساني الضروري للانتظام من جديد وإعادة البناء. فحين يكون الناس هشّين من ناحية الأمن ، يصبحون هشّين من ناحية هُويتهم. وردّ الفعل الفطري على هذه التهديدات هو التمسك بأي شيء يوفّر الحماية: وإذا كان ذلك طائفة ذات مذهب عنيف: فليكنْ،.

كما ذَكرتُ في عام 2003 ، خلال اجتماعات في عمّان نظمها المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام ، فإن التعاون - ليس فقط بين المجموعات الدينية المختلًفة في العراق وإنما أيضاً بين مختلًف التقاليد والخلفيات - مهم جدًّا لمنع الانقسامات المُسَيَّسة على طول الخطوط العرقية أو الطائفية التي ستستثير النزاع و"البلقنة" الحتمية للعراق. يجب أن نكافح ضدّ التطرف باستحداث مؤسسات جديدة تُيسّر الحوار المفتوح والصريح ، وتساعد على تغيير الصورة النمطية "القبيحة" للمتطرّفين العرب والمسلمين. إن الزعماء بحاجة إلى الإدراك بأن تمسّك المرء بمذهبه الديني ونشره والدفاع عنه عن طريق الحوار الهادىء هو أمر مقبول. أما انتهاك حقوق الآخرين ومصالحهم ، والاندفاع الديني المفرط ، ونكران الآخر ، فهي أمور غير مقبولة ولعلها أسّ الهياج الطائفي. لا بدّ من إيجاد آليات للعمل المشترك بين أتباع الطوائف والأديان المختلًفة لمنع استمرار الرعب الطائفي. ألم يحن الوقت للوحدة الوطنية في العراق ، ولعودة المال العراقي "القديم" المجمّد في البنوك الأجنبية لتمويل إعادة بناء الكنائس والحسينيات ، وتطبيق نظامَي الأوقاف والزكاة من أجل المعذَّبين والفقراء؟.

ثمة حاجة إلى أن تُبطلَ السلطة الرسمية تطوير القيم الأخلاقية أو تمتنعَ عن ذلك. (لقد قامت الدولة سابقًا بمأسسة الدين وأصبح كثير من وزراء الداخلية مسؤولين عن الشؤون الدينية.) يجب أن تؤسّس استراتيجية الدولة على الرؤية والتعاطف اللذيْن كانا جزءًا من تركيبنا الوراثي لفترة أطول بكثير من فترات العنف. لذلك ، يجب أن نفكّر بحشد البُنى المُلزًمة قانونيًّا لتطوير ما يُعرف بالردع الأفقي أو الجانبي من خلال التمكين القانوني للفقراء.

نحتاج ليس فقط إلى الاجتماعات بين الجيش والأجهزة الأمنية في العالم (إذ إنّهم ليسوا الوحيدين الذين يواجهون التطرّف والمتطرّفين). فالسكان المدنيون يحتاجون إلى أن يُمنحوا متنفّسًا للحوار المستدام: للمُساعدة في تطوير المعايير الإقليمية ، حتى لا تستمر الدولة في تعزيز قدرتها على احتكار العنف المشروع ضمن حدودها. فبعد اندلاع العنف ، تصدر الحكومات البيان نفسه دائمًا بأنّها تشعر بالأسف تجاه الضحايا. لذلك ، فإن سؤالي لهم هو: لماذا تستمرون؟.

هنالك عجز في فهم تنامي العمل العسكري الفعّال على الأرض والحاجة إلى استراتيجية سياسية مُنسّقة وذكية. إن الفوضى المُنظَّمة ليست بديلاً لإشراك الناس في تقرير مستقبلهم. فمَع أنّنا - نحن العربَ - صريحون ولبقون على مستوى الأفراد ، فإنّ الطريقة الوحيدة لحفظ ماء الوجه هي العمل بشكل جماعي. إننا نُؤكّد هُويّتنا الفردية ، وليس هُويّتنا الجمعية. ليست هنالك مسؤولية جمعية في المناطقً المختلفة ضمن "إهليلج الأزمات". ولا توجد مجالس اقتصادية أو اجتماعية مستقلة في مًنطقتنا تعالج الموْضوعات فوق القطرية ، مثل المياه والطاقة المشتركة ، وتجتمع كلّ ثلاثة أشهر ، وتقدّم تقاريرها إلى الحكومات أو إلى هيئات الأمم المتّحدة المختلًفة.

هنالك الكثيرون في العالم الاسلامي ممن قد يصغون إذا كانوا مهتمين بفضاء ثالث من التمثيل الشخصي للحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وإحدى السمات المفيدة للفضاء الثالث هي أنّه يقلل من مخاوف الحكومات ، لأنه ينخرط في الحوار مع المواطنين. إذا انطلقنا من القول إنّه لا وجود للحوار بين المواطنين ، فإن الاستنتاج سيكون أنّ المواطنين ، على المستوى العالمي والوطني ، لا يتحدثون إلى بعضهم بعضًا إلا عن طريق المدوّنات الإلكترونية والإنترنت. لا أقترحُ هنا أن لا تُستعمل التكنولوجيّات الحديثة في التواصل: إنما أعني أنها لا تتفوق على الحوار وجهًا لوجه وعلى فنّ الإصغاء النبيل. تحتاج اتحادات العمال والمنظمات المهنية والجمعيات الخيرية ، إضافةً إلى المنظمات غير الحكومية ، إلى أنْ تُشعرهم الحكومات بالراحة عبر حوار مُنظَّم. ويجب أن لا تكون الحكومات خائفة من هذا الحوار: إذ إنّه ليس مفاوضات بالضرورة. فيُمكنُ أن يكونَ رؤية للمستقبل إذا توقّفنا عن الخوف من السلام: الخوف من الآخر: الخوف من الأهل في الوطن. إذا واصلنا الخوف ، فسوف ينتصر التطرّف.

إننا نشهد أجيالاً في العراق وفلسطين يكتنفهم العنف والمعاناة من دون أمل. شبابهم مُفعمون بالطاقة والرّنوّ إلى مستقبل أكثر إشراقًا: لكنهم محرومون من أيّ فرصة لتقرير مستقبلهم ، بسبب الحاكمية السيئة والنزاعات المستمرة. ونتيجة لذلك ، يُحرمون تدريجيًّا من ماضيهم. المستبدّون والشعبيّون من الخارج لا يستطيعون أن يقرّروا ، وسوف لن يقرّروا أو يُطوّروا ، ظروف الحكومات المتوافقة التي يُتوصّل إليها بوسائل سياسية واقتصادية واجتماعية. لقد شهد القرن العشرون بزوغ مجموعة من المعايير العالمية التي إذا طُبّقت فسوف تقطع شوطًا طويلاً في جعل الحرب غير ضرورية. لقد شهدنا تجاربَ مُلهمة وناجحة مستندة إلى اللاعنف الفاعل في الكفاح من أجل الاستقلال والحقوقً المدنية ، قادتها حركات شعبية غير مسلّحة. ورأينا إحلال الحاكميّة الديمقراطيّة محلّ الأشكال الاستبدادية للحكومات ، والدور المتزايد للمجتمع المدني في شؤون الإنسانية.

بروح الخامس من شعبان ، ذكرى مولد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه ، لا يمكننا أن نحتملَ فقدان الأمل في تَخَيُّل مستقبل نستطيع فيه - من خلال التعليم من أجل المواطنة - أن نصنع النهضة المنتظرة طويلاً للدول: حيث نسمّي مواطنينا "أصحاب دار" بدلاً من سكّان: حيث نُزيل التسميات التي تُولد الكراهية بسهولة وتُؤدّي إلى الانقسامات الدينية أو العًرقية (أو الإنسانية). ثمة حاجة إلى منع ما هو سياسي من التدخل في حياتنا الشخصية ، مَعَ أننا نسمح بهذا التدخل بسهولة. يجب أن نستعيد شرعية المعتقدات الدينية المتنوّعة من خلال الحكمة القديمة للعقلاء. إنّ الشرعية بين الناس تحتاج إلى استعادة الأمل. فالأمل هو الذي يُسندُ الشرعية: والشرعية هي التي تشجّع الحوار الملحّ في كركوك والموصل ومدينة الصدر.



الدستور

م.محمود الحجاج
17-08-2009, 06:56
لقد أثبتت التجارب فشل النظام الطائفي في إقامة دولة حديثة والسبب في ذلك يرجع إلى أن سيادة الدولة وحرية الفرد لا تنسجمان مع الولاء للطائفة , من هنا تكون الدعوة إلى أن يتحول الجميع بكل أديانهم ومذاهبهم وقومياتهم إلى مواطنين قبل كل شيء ,لان النظام الطائفي لا يحقق وحدة المجتمع والدولة وإنما الديمقراطية الحقيقية هي وحدها من تحقق ذاك لأنها تتجاوز على العصبيات الطائفية وتستطيع ان تحافظ على التنوع والتعدد والخصوصيات في إطار الحرية والقانون الذي يحفظ حقوق الجميع دون استثناء .
ماذا جنى العراق من الطائفية غير المحاصصة التي جلبت لهم الانقسام والتشرذم في كل مرافق الحياة ,فساد وسرقات وشهادات المزورة , وزراء سراق وقتلة ورتب في الجيش والشرطة لا تقرأ ولا تكتب، مدراء لا يصلحون ان يكونوا موظفي استعلامات و... و...و... ومأساة لها بداية وليست لها نهاية .