م.محمود الحجاج
08-08-2009, 10:38
بسـم الله الرحمـــن الرحـــيم
وهل يصوم القلب ؟
الحمد لله , الصلاة والسلام على رسول الله : أما بعد :
سألتة : ما الصيام عندك ؟
قال : كف البطن عن الطعام والشراب , والفرج عن قضاء الشهوة .
قلت : هذا أهون الصيام عند السلف .
قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام .
قلت : ونسيت القلب ؟
قال : وهل يصوم القلب ؟
قلت : يصوم أعظم صيام .
قال : اشرح لي ذلك .
قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية , وبكفه عما سوى الله بالكلية .
قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟
قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخرة , وانشغال القلب بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة .
قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟
قلت : قولة تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ـ إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( الشعراء : 88 , 89 ) فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب و إذا سلمت القلوب سلمت الجوارح , واستقامت على طاعة الله , واجتنبت معصيتة ونواهي.
وقال النبي صلى الله علية وسلم : ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد , وإذا فسدت فسد سائر الجسد , ألا وهي القلب " ( متفق علية ) .
فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعة التي غفل عنها كثير من الناس .
قال أبو تراب النخشبي : ليس من العبادات شئ أنفع من إصلاح خواطر القلوب .
وقال أحمد بن خضروية : القلوب أوعية , فإذا امتلأت من الحق , أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح , و إذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .
" صــــفة القلــــب الصائــم "
والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها , طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة .
قال رابعة : شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل , ولو تركوها لجالت في الملكوت , ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد .
والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة , والقدوم على الله عز وجل .
قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة , حينئذ تحدث الغفلة في القلب .
والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح , ويحتمل أذى الناس وجهلهم .
وقد سئل ابراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال : " العزلة ،، والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب , ويهب لمن ظلمة حقه " .
والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فيه شئ من الكبر والغرور والعلو في الأرض .
قال النبي صلى الله علية وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( رواة مسلم ) .
والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجه الله , ولا يطلب إلا رضى الله , ولا يلتذ بغير محبة الله وذكره وشكره وحسن عبادته .
قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر واخراج ما سوى الله عز وجل من القلب .
وقال ضيعم : إن حبه تعالى شغل قلوب محبيه عن التلذذ بمحبة غيره فليس لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبته , ولا يأملون في الآخرة من كرامة , الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجه محبوبهم .
فأين أصحاب هذه القلوب النقية ؟
و أين أرباب تلك الهمم العليّة ؟
ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟
" عـــــــلاج القلــــــوب "
و إذا مرض القلب توجب علاجه ومداوته حتى يعود إلى حال الصحة والقوة وعلاج القلوب يكون بأمور منها :
1 ـ ترك الذنوب :
ففي الحديث قال رسول الله صلى الله علية وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب , كانت نكتة سوداء في قلبة , فإن تاب ونزع واستغفر صقُل قلبه , و إن زاد زادت حتى تعلو قلبه , فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابة ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " ( المطففين ) ( رواة الترمذي وقال حسن صحيح ) .
وقال يحيى بن معاذ سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها .
وترد الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عيانها .
2 ـ رحمة الخلق :
فقد شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال لة " امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين " ( رواة أحمد وحسنة الألباني )
وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم , وامسح رأسه و أطعمه من طعامك , يلن قلبك وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )
3 ـ ذكر الله :
قال تعالى : ( الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ) ( الحج : 35 ) .
وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي ! قال : أدْنِه من الذكر .
4 ـ الدعاء : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواة مسلم )
وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواة الترمذي ) .
5 ـ علاجات متفرقة :
سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى وتشيع الجنائز وتوقع الموت .
وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال : أدمن الصيام , فإن وجدت قسوة فأطل القيام , فإن وجدت قسوة فأقل الطعام .
وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة .
وقال عبد الله بن خبيق : خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .
وقال ابراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ،،،، .
" أعيـــــاد الصائــــمين "
قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا , فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته . كما قيل :
أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب .
والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار والحجب .،،،،،، .
وهل يصوم القلب ؟
الحمد لله , الصلاة والسلام على رسول الله : أما بعد :
سألتة : ما الصيام عندك ؟
قال : كف البطن عن الطعام والشراب , والفرج عن قضاء الشهوة .
قلت : هذا أهون الصيام عند السلف .
قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام .
قلت : ونسيت القلب ؟
قال : وهل يصوم القلب ؟
قلت : يصوم أعظم صيام .
قال : اشرح لي ذلك .
قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية , وبكفه عما سوى الله بالكلية .
قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟
قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخرة , وانشغال القلب بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة .
قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟
قلت : قولة تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ـ إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( الشعراء : 88 , 89 ) فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب و إذا سلمت القلوب سلمت الجوارح , واستقامت على طاعة الله , واجتنبت معصيتة ونواهي.
وقال النبي صلى الله علية وسلم : ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد , وإذا فسدت فسد سائر الجسد , ألا وهي القلب " ( متفق علية ) .
فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعة التي غفل عنها كثير من الناس .
قال أبو تراب النخشبي : ليس من العبادات شئ أنفع من إصلاح خواطر القلوب .
وقال أحمد بن خضروية : القلوب أوعية , فإذا امتلأت من الحق , أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح , و إذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .
" صــــفة القلــــب الصائــم "
والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها , طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة .
قال رابعة : شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل , ولو تركوها لجالت في الملكوت , ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد .
والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة , والقدوم على الله عز وجل .
قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة , حينئذ تحدث الغفلة في القلب .
والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح , ويحتمل أذى الناس وجهلهم .
وقد سئل ابراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال : " العزلة ،، والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب , ويهب لمن ظلمة حقه " .
والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فيه شئ من الكبر والغرور والعلو في الأرض .
قال النبي صلى الله علية وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( رواة مسلم ) .
والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجه الله , ولا يطلب إلا رضى الله , ولا يلتذ بغير محبة الله وذكره وشكره وحسن عبادته .
قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر واخراج ما سوى الله عز وجل من القلب .
وقال ضيعم : إن حبه تعالى شغل قلوب محبيه عن التلذذ بمحبة غيره فليس لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبته , ولا يأملون في الآخرة من كرامة , الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجه محبوبهم .
فأين أصحاب هذه القلوب النقية ؟
و أين أرباب تلك الهمم العليّة ؟
ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟
" عـــــــلاج القلــــــوب "
و إذا مرض القلب توجب علاجه ومداوته حتى يعود إلى حال الصحة والقوة وعلاج القلوب يكون بأمور منها :
1 ـ ترك الذنوب :
ففي الحديث قال رسول الله صلى الله علية وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب , كانت نكتة سوداء في قلبة , فإن تاب ونزع واستغفر صقُل قلبه , و إن زاد زادت حتى تعلو قلبه , فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابة ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " ( المطففين ) ( رواة الترمذي وقال حسن صحيح ) .
وقال يحيى بن معاذ سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها .
وترد الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عيانها .
2 ـ رحمة الخلق :
فقد شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال لة " امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين " ( رواة أحمد وحسنة الألباني )
وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم , وامسح رأسه و أطعمه من طعامك , يلن قلبك وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )
3 ـ ذكر الله :
قال تعالى : ( الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ) ( الحج : 35 ) .
وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي ! قال : أدْنِه من الذكر .
4 ـ الدعاء : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواة مسلم )
وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواة الترمذي ) .
5 ـ علاجات متفرقة :
سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى وتشيع الجنائز وتوقع الموت .
وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال : أدمن الصيام , فإن وجدت قسوة فأطل القيام , فإن وجدت قسوة فأقل الطعام .
وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة .
وقال عبد الله بن خبيق : خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .
وقال ابراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ،،،، .
" أعيـــــاد الصائــــمين "
قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا , فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته . كما قيل :
أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب .
والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار والحجب .،،،،،، .