ابو قنوة
05-08-2009, 21:39
اليد الثقيلة
بدأ اليوم يقترب من نهايته, غاصت الشمس تكاد تلامس سفوح التلال . قطيع الأغنام العائدة من السهول المقفرة بالكاد وجدت القليل من إعشاب الخريف . الآخذ بالأفول هو الآخر. أجراس المرياع تتعالى والقطيع يقترب رويدا رويدا من البيت المتهالك الأوصال , والراعي المنهك يجر رسن حماره بتثاقل في حين انطلقت ثلاثة كلاب تتسابق عائدة إلى البيت .حيث رائحة الزبل المحترق تنبعث من الطوابين القريبة . ومع آخر شعاع للشمس خلف التلال البعيدة كان القطيع يتقاطر متجمعا بين جنبات الزريبة ..
قبل أن يكت عن جسده أثار تعب اليوم أسرع الراعي إلى وضع التبن وقليلا من الشعير في المعالف , مزودا مشارب الماء بالقليل منه . ربما تعويضا عن يوم رعي بائس..
ما كاد الراعي يلتهم عشائه المعتاد حتى رمى بنفسه على لجودل و غاص في سبات عميق .. فيما أكملت زوجته أم جاسم إنهاء بقية إعمال المنزل , وراحت هي الأخرى تسابق زوجها في غطيط النوم ..
ركب باص القرية الوحيد المنطلق نحو المدينة , عدل توازن المرير وأطاح بالقضاضة ناحية اليمين . اخرج من جيب الصاكو علبة الهيشي وراح يعمل بها تكويرا وتدويرا حتى اعتدلت كما يجب , راح ينفث سيجارته بنهم عجيب متأملا البسطار الذي سكنت به قدميه خمسة فصول متتالية, كان لا بد له من النزول إلى المدينة .. توقف الباص في المحطة .. وانهي أبو جاسم سيجارته ومعسها بأرضية الباص حسب الأصول , هبط إلى الأرض مع سربة من الفلاحين والرعيان القادمين لأسباب شتى ..
دلف صاحبنا إلى محلا كبير يبيع الأحذية والبساطير المستعملة ..تحسس جيبه ودراهمه القليلة ..
حسنا كان لا بد من بيع بعض الجديان للتزود بضروريات الشتاء القادم.. لعلي افعلها في مرة قادمة ..
انهي شراء الحذاء, وانطلق حيث يحب .كان لابد من شراء بعض المستلزمات الأخرى لام جاسم . ولكن قبل ذلك لا بد له من إشباع رغبته الدفينة , دخل منشكحا إلى محل يصنع الكنافة . الكنافة التي طالما حلم بها .والقطر المندلق على جنبات الصحن . طلب نصف رطل كامل وجلس على مقعدة بتألق وكبرياء الرعيان .. ووقعت عيناه على عصفورة من عصافير المدينة. جميلة تكاد الأرض تغرد تحت إقدامها .أجمل من كل نساء القرية .اجمل من كل نعاجه وسخلاته .. ابتسمت لراعينا المسكين بدلال زائد .. برم لها شنبة الكث المغموس بالقطر بقوة وابتسم .. دعته إليها .. ودون مقدمات جلس. وراحت تداعب يده الخشنة بكل رقة وحنان .. تأمل يدها . لا شك أنها أجمل الأيادي التي وقعت عليها عيونه .. تحسس أصابعها الناعمة .تعجب من صغرها . وتذكر أصابع أم جاسم التي ترفع الدلو من البئر بإصبع واحد .. تأمل قدمها الصغير وحذائها اللامع .. وتذكر بوط أم جاسم . لامس بيديه حقيبتها الصغيرة مستذكرا قايش أم جاسم الغليظ .. أبحر في نعومة صوتها . واسترجع جعير أم جاسم صباح مساء .. احتسب عند الله نصيبه .. وحوقل .. واسترجع .. شدته من ناصية الصاكو . وانطلق معها إلى حيث حديقة المدينة .. وملتقى العشاق القريب بعيد عن أعين رعيان القرية الآخرون .. وجلسا في ضلال شجرة الحور يتهامسان .
احتضنها.. وقبلها قبله طويلة.. وتقاطر العسل بين ثنايا الشفاه .. اخذ يقبل أخاديد الوجه والعنق واليدين وما تيسر .. حتى كاد ..
شعر بيدا ثقيلة .. ثقيلة جدا... تسحبه من مكانه وتنهره بقسوة ..
أبو جاسم قوم روح اسرح بالغنم!! ..
أفاق من حلمة الجميل .. فرك عيناه بشدة.. وتأمل وجه زوجته الحبيبة ؟؟. وتذكر وجه العصفورة التي رافقته في حلمة الليلي . بادر الزوجة بالقول مستفتحا ..
الله لا يصبحك بخير على هالخلقة ؟؟ ...
:155[1]:
بدأ اليوم يقترب من نهايته, غاصت الشمس تكاد تلامس سفوح التلال . قطيع الأغنام العائدة من السهول المقفرة بالكاد وجدت القليل من إعشاب الخريف . الآخذ بالأفول هو الآخر. أجراس المرياع تتعالى والقطيع يقترب رويدا رويدا من البيت المتهالك الأوصال , والراعي المنهك يجر رسن حماره بتثاقل في حين انطلقت ثلاثة كلاب تتسابق عائدة إلى البيت .حيث رائحة الزبل المحترق تنبعث من الطوابين القريبة . ومع آخر شعاع للشمس خلف التلال البعيدة كان القطيع يتقاطر متجمعا بين جنبات الزريبة ..
قبل أن يكت عن جسده أثار تعب اليوم أسرع الراعي إلى وضع التبن وقليلا من الشعير في المعالف , مزودا مشارب الماء بالقليل منه . ربما تعويضا عن يوم رعي بائس..
ما كاد الراعي يلتهم عشائه المعتاد حتى رمى بنفسه على لجودل و غاص في سبات عميق .. فيما أكملت زوجته أم جاسم إنهاء بقية إعمال المنزل , وراحت هي الأخرى تسابق زوجها في غطيط النوم ..
ركب باص القرية الوحيد المنطلق نحو المدينة , عدل توازن المرير وأطاح بالقضاضة ناحية اليمين . اخرج من جيب الصاكو علبة الهيشي وراح يعمل بها تكويرا وتدويرا حتى اعتدلت كما يجب , راح ينفث سيجارته بنهم عجيب متأملا البسطار الذي سكنت به قدميه خمسة فصول متتالية, كان لا بد له من النزول إلى المدينة .. توقف الباص في المحطة .. وانهي أبو جاسم سيجارته ومعسها بأرضية الباص حسب الأصول , هبط إلى الأرض مع سربة من الفلاحين والرعيان القادمين لأسباب شتى ..
دلف صاحبنا إلى محلا كبير يبيع الأحذية والبساطير المستعملة ..تحسس جيبه ودراهمه القليلة ..
حسنا كان لا بد من بيع بعض الجديان للتزود بضروريات الشتاء القادم.. لعلي افعلها في مرة قادمة ..
انهي شراء الحذاء, وانطلق حيث يحب .كان لابد من شراء بعض المستلزمات الأخرى لام جاسم . ولكن قبل ذلك لا بد له من إشباع رغبته الدفينة , دخل منشكحا إلى محل يصنع الكنافة . الكنافة التي طالما حلم بها .والقطر المندلق على جنبات الصحن . طلب نصف رطل كامل وجلس على مقعدة بتألق وكبرياء الرعيان .. ووقعت عيناه على عصفورة من عصافير المدينة. جميلة تكاد الأرض تغرد تحت إقدامها .أجمل من كل نساء القرية .اجمل من كل نعاجه وسخلاته .. ابتسمت لراعينا المسكين بدلال زائد .. برم لها شنبة الكث المغموس بالقطر بقوة وابتسم .. دعته إليها .. ودون مقدمات جلس. وراحت تداعب يده الخشنة بكل رقة وحنان .. تأمل يدها . لا شك أنها أجمل الأيادي التي وقعت عليها عيونه .. تحسس أصابعها الناعمة .تعجب من صغرها . وتذكر أصابع أم جاسم التي ترفع الدلو من البئر بإصبع واحد .. تأمل قدمها الصغير وحذائها اللامع .. وتذكر بوط أم جاسم . لامس بيديه حقيبتها الصغيرة مستذكرا قايش أم جاسم الغليظ .. أبحر في نعومة صوتها . واسترجع جعير أم جاسم صباح مساء .. احتسب عند الله نصيبه .. وحوقل .. واسترجع .. شدته من ناصية الصاكو . وانطلق معها إلى حيث حديقة المدينة .. وملتقى العشاق القريب بعيد عن أعين رعيان القرية الآخرون .. وجلسا في ضلال شجرة الحور يتهامسان .
احتضنها.. وقبلها قبله طويلة.. وتقاطر العسل بين ثنايا الشفاه .. اخذ يقبل أخاديد الوجه والعنق واليدين وما تيسر .. حتى كاد ..
شعر بيدا ثقيلة .. ثقيلة جدا... تسحبه من مكانه وتنهره بقسوة ..
أبو جاسم قوم روح اسرح بالغنم!! ..
أفاق من حلمة الجميل .. فرك عيناه بشدة.. وتأمل وجه زوجته الحبيبة ؟؟. وتذكر وجه العصفورة التي رافقته في حلمة الليلي . بادر الزوجة بالقول مستفتحا ..
الله لا يصبحك بخير على هالخلقة ؟؟ ...
:155[1]: