|
شبكة ومنتديات صدى الحجاج | ||
|
الرؤيا فى السنة بسم الله الرحمن الرحيم باب
قوله ( باب ) بالتنوين ( أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة ) كذا للنسفي والقابسي ولأبي ذر مثله إلا أنه سقط له عن غير المستملي لفظ " باب " ولغيرهم " باب التعبير وأول ما بدئ به " إلى آخره , وللإسماعيلي " كتاب التعبير " ولم يزد وثبتت البسملة أولا للجميع والتعبير خاص بتفسير الرؤيا وهو العبور من ظاهرها إلى باطنها وقيل النظر في الشيء فيعتبر بعضه ببعض حتى يحصل على فهمه حكاه الأزهري وبالأول جزم الراغب وقال أصله من العبر بفتح ثم سكون وهو التجاوز من حال إلى حال , وخصوا تجاوز الماء بسباحة أو في سفينة أو غيرها بلفظ العبور بضمتين وعبر القوم إذا ماتوا كأنهم جازوا القنطرة من الدنيا إلى الآخرة قال والاعتبار والعبرة الحالة التي يتوصل بها من معرفة الشاهد إلى ما ليس بمشاهد ويقال عبرت الرؤيا بالتخفيف إذا فسرتها وعبرتها بالتشديد للمبالغة في ذلك . وأما الرؤيا فهي ما يراه الشخص في منامه وهي بوزن فعلى وقد تسهل الهمزة , وقال الواحدي هي في الأصل مصدر كاليسرى , فلما جعلت اسما لما يتخيله النائم أجريت مجرى الأسماء . قال الراغب : والرؤية بالهاء إدراك المرء بحاسة البصر , وتطلق على ما يدرك بالتخيل نحو أرى أن زيدا مسافر , وعلى التفكر النظري نحو ( إني أرى ما لا ترون ) وعلى الرأي وهو اعتقاد أحد النقيضين على غلبة الظن انتهى . وقال القرطبي في " المفهم " : قال بعض العلماء قد تجيء
الرؤية بمعنى الرؤيا كقوله تعالى
وقال القاضي أبو بكر بن العربي الرؤيا إدراكات علقها الله تعالى في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان إما بأسمائها أي حقيقتها وإما بكناها أي بعبارتها وإما تخليط , ونظيرها في اليقظة الخواطر فإنها قد تأتي على نسق في قصة وقد تأتي مسترسلة غير محصلة , هذا حاصل قول الأستاذ أبي إسحاق , قال وذهب القاضي أبو بكر بن الطيب إلى إنها اعتقادات , واحتج بأن الرائي قد يرى نفسه بهيمة أو طائرا مثلا , وليس هذا إدراكا , فوجب أن يكون اعتقادا لأن الاعتقاد قد يكون على خلاف المعتقد , قال ابن العربي والأول أولى , والذي يكون من قبيل ما ذكره ابن الطيب من قبيل المثل , فالإدراك إنما يتعلق به لا بأصل الذات . انتهى ملخصا . وقال المازري كثر كلام الناس في حقيقة الرؤيا , وقال فيها غير الإسلاميين أقاويل كثيرة منكرة , لأنهم حاولوا الوقوف على حقائق لا تدرك بالعقل ولا يقوم عليها برهان , وهم لا يصدقون بالسمع فاضطربت أقوالهم فمن ينتمي إلى الطب ينسب جميع الرؤيا إلى الأخلاط فيقول من غلب عليه البلغم رأى أنه يسبح في الماء ونحو ذلك لمناسبة الماء طبيعة البلغم , ومن غلبت عليه الصفراء رأى النيران والصعود في الجو وهكذا إلى آخره , وهذا وإن جوزه العقل وجاز أن يجري الله العادة به لكنه لم يقم عليه دليل ولا اطردت به عادة , والقطع في موضع التجويز غلط . ومن ينتمي إلى الفلسفة يقول : إن صور ما يجري في الأرض هي في العالم العلوي كالنقوش فما حاذى بعض النقوش منها انتقش فيها , قال وهذا أشد فسادا من الأول لكونه تحكما لا برهان عليه والانتقاش من صفات الأجسام , وأكثر ما يجري في العالم العلوي الأعراض , والأعراض لا ينتقش فيها قال والصحيح ما عليه أهل السنة أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان فإذا خلقها فكأنه جعلها علما على أمور أخرى يخلقها في ثاني الحال , ومهما وقع منها على خلاف المعتقد فهو كما يقع لليقظان ونظيره أن الله خلق الغيم علامة على المطر وقد يتخلف , وتلك الاعتقادات تقع تارة بحضرة الملك فيقع بعدها ما يسر أو بحضرة الشيطان فيقع بعدها ما يضر والعلم عند الله تعالى . وقال القرطبي سبب تخليط غير الشرعيين إعراضهم عما جاءت به الأنبياء من الطريق المستقيم , وبيان ذلك أن الرؤيا إنما هي من إدراكات النفس وقد غيب عنا علم حقيقتها أي النفس , وإذا كان كذلك فالأولى أن لا نعلم علم إدراكاتها , بل كثير مما انكشف لنا من إدراكات السمع والبصر إنما نعلم منه أمورا جملية لا تفصيلية . ونقل القرطبي في " المفهم " عن بعض أهل العلم أن لله تعالى ملكا يعرض المرئيات على المحل المدرك من النائم فيمثل له صورة محسوسة , فتارة تكون أمثلة موافقة لما يقع في الوجود وتارة تكون أمثلة لمعان معقولة , وتكون في الحالين مبشرة ومنذرة , قال ويحتاج فيما نقله عن الملك إلى توقيف من الشرع وإلا فجائز أن يخلق الله تلك المثالات من غير ملك , قال وقيل إن الرؤيا إدراك أمثلة منضبطة في التخيل جعلها الله أعلاما على ما كان أو يكون . وقال القاضي عياض : اختلف في النائم المستغرق فقيل لا
تصح رؤياه ولا ضرب المثل له لأن هذا لا يدرك شيئا مع استغراق أجزاء قلبه لأن النوم
يخرج الحي عن صفات التمييز والظن والتخيل كما يخرجه عن صفة العلم , وقال آخرون بل
يصح للنائم مع استغراق أجزاء قلبه بالنوم أن يكون ظانا ومتخيلا , وأما العلم فلا
لأن النوم آفة تمنع حصول الاعتقادات الصحيحة , نعم إن كان بعض أجزاء قلبه لم يحل
فيه النوم فيصح وبه يضرب المثل وبه يرى ما يتخيله ولا تكليف عليه حينئذ لأن رؤياه
ليست على حقيقة وجود العلم ولا صحة الميز , وإنما بقيت فيه بقية يدرك بها ضرب المثل
. وأما الحديث الذي أخرجه الحاكم والعقيلي من رواية محمد
بن عجلان عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال " لقي عمر عليا فقال يا أبا الحسن
الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب : قال نعم سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول :
ثم ساق المصنف حديث عائشة في بدء الوحي وقد ذكره في أول
الصحيح وقد شرحته هناك ثم استدركت ما فات من شرحه في تفسير ( اقرأ باسم ربك )
وسأذكر هنا ما لم يتقدم ذكره في الموضعين غالبا مما يستفاد من شرحه , ومداره على
الزهري عن عروة عن عائشة , وقد ساقه في المواضع الثلاثة عن يحيى بن بكير عن الليث
عن عقيل عن الزهري ولكنه ساقه على لفظه في أول الكتاب , وقرنه في التفسير بيونس بن
يزيد وساقه على لفظه , ثم قرنه هنا بمعمر وساقه على لفظه , وقوله هنا " أنبأنا معمر
قال قال الزهري فأخبرني عروة " وقع عند مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق مثله
لكن فيه " وأخبرني " بالواو لا بالفاء وهذه الفاء معقبة لشيء محذوف وكذلك الواو
عاطفة عليه وقد بينه البيهقي في " الدلائل " حيث أخرج الحديث من وجه آخر عن الزهري
عن محمد بن النعمان بن بشير مرسلا فذكر قصة بدء الوحي مختصرة ونزول
قال الزهري فسمعت عروة بن الزبير يقول " قالت عائشة " فذكر الحديث مطولا . قوله ( الصالحة ) في رواية عقيل " الصادقة " وهما بمعنى
واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء . وقال الإمام نصر بن يعقوب الدينوري في التعبير القادري الرؤية الصادقة ما يقع بعينه أو ما يعبر في المنام أو يخبر به ما لا يكذب والصالحة ما يسر . |